انطلقت أعمال الدورة الثالثة من ملتقى الإمارات للتخطيط الاقتصادي والتي ستستمر يومين بصالة الشيخ خليفة للأفراح بالإمارة وبرعاية صاحب السمو الشيخ سعود بن راشد المعلا عضو المجلس الأعلى للاتحاد حاكم أم القيوين.
افتتح الملتقى الشيخ سيف بن راشد المعلا رئيس دائرة التنمية الاقتصادية في أم القيوين، بحضور منصور بن سلطان الخرجي مدير دائرة التنمية الاقتصادية وعدد من مديري الدوائر الحكومية والمحلية في الإمارة.
حيث أتى بتنظيم من دائرة التنمية الاقتصادية في أم القيوين وبدعم من وزارة الاقتصاد والذي تم من خلاله استعراض مفهوم الاستدامة ومدى أهميتها في القطاع الصناعي بالدولة إلى جانب التحديات الحالية والمستقبلية التي تواجه ذلك القطاع وسبل التغلب عليها.
ويمثل الملتقى منصة حوارية لكافة الجهات المعنية بعملية تطوير الاقتصاد الوطني على المستويين الاتحادي والمحلي، إضافة إلى أنه يهدف إلى تعزيز الشراكة والتعاون وتبادل الأفكار والخبرات والتجارب التنموية من خلال الجمع بين وزارة الاقتصاد ودوائر التنمية الاقتصادية بالدولة.
وأكد الشيخ سيف بن راشد المعلا أن الملتقى بدورته الثالثة يكمل مسيرة عطاء ونهج قيادة وطنية حكيمة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، ومتابعة وحرص إخوانه أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات.
وقال إننا نفخر بما وصلت إليه الدولة على مدار العقود الماضية وخلال مسيرة وطنية مليئة بالعطاء والوفاء للوطن مسيرة طويلة في طريقها نحو التطور والتقدم الحضاري مكنتها من ترسيخ مكانتها الدولية، وأكسبتها براعة التعامل مع المستجدات والمتغيرات الاقتصادية حتى أضحت اليوم مقصداً عالمياً لطرح القضايا الجوهرية على كافة الأصعدة.
وأوضح أن الملتقى الذي يشهد مشاركة 40 شركة ومصنعاً يتصدره مفهوم الاستدامة الصناعية ويأتي انسجاماً مع المساعي الكبيرة التي تبذلها الدولة بتعاون وثيق بين القطاعين الحكومي والخاص لدفع عجلة التطور الصناعي وتعظيم دور التصنيع في تحقيق قفزة نوعية في نمو الاقتصاد الوطني باعتباره أحد المحركات الرئيسية لمسيرة التنمية المستدامة وذلك تماشياً مع مقررات الأجندة الوطنية.
جلسة حوارية
وتخلل الملتقى الاقتصادي جلسة حوارية تناولت محورين الأول مفهوم الاستدامة الصناعية والثاني التحديات الحالية والمستقبلية للقطاع الصناعي شارك فيها خليفة جمعة الرميثي المدير التنفيذي للاستراتيجية والتطوير الصناعي من مكتب تنمية الصناعة بأبوظبي ومصطفى الهاشمي مدير إدارة التطوير ودعم المؤسسات وزارة الاقتصاد وحمدة محمد بن كلباء استشاري أول إدارة السياسيات الاستراتيجية للتنمية الاجتماعية والاقتصادية بالأمانة العامة للمجلس التنفيذي بدبي والدكتور محمد نزال أستاذ مشارك قسم الهندسة الميكانيكية بالجامعة الأميركية بالشارقة .
ومريم السويدي نائب مدير إدارة الشؤون الصناعية بدائرة التنمية الاقتصادية بالشارقة ومحمد عبدالرحيم باحث اقتصادي رئيسي بغرفة أبوظبي والدكتور طالب حسن خبير اقتصادي بمركز رأس الخيمة للإحصاء.
وأوضح مصطفى الهاشمي مدير إدارة التطوير ودعم المؤسسات بوزارة الاقتصاد أن الوزارة بصدد استحداث قاعدة بيانات وطنية للتصنيع الأخضر من خلال التنسيق الكامل مع الجهات الحكومية المختصة بهذا المجال لوضع تصور استراتيجي متكامل يأخذ بعين الاعتبار البعد الاقتصادي والبيئي ليخدم الاستدامة الصناعية وقطاع الصناعة بشكل ناجح خلال الأعوام القليلة المقبلة.
مبيناً أن وزارة الاقتصاد لا تمنح ترخيصاً لأي مصنع إلا بعد التأكد من عملية التقييم البيئي ومدى الأضرار التي يمكن أن تنتج عنها المخلفات الصناعية التابعة له ضمن دراسة شمولية من خلال فرق عمل مختصة وذات كفاءة عالية لضمان الحفاظ على البيئة وتعزيز مفهوم الاستدامة.
وقال إن الوزارة تؤكد على دعم خطة الاستدامة في الاقتصاد الأخضر واستحداث تصنيف السياسات القائمة على الابتكار ودعم المصانع التي تستخدم العمالة المواطنة، مبيناً أن 10% من ميزانية المصارف ستوجه لدعم الصناعات القائمة على الابتكار.
من جانبها عرضت حمدة محمد بن كلباء استشاري أول إدارة السياسيات الاستراتيجية للتنمية الاجتماعية والاقتصادية بالأمانة العامة للمجلس التنفيذي بدبي خطة استراتيجية دبي الصناعية 2021، مبينة أن الخطة أكدت ضرورة استهداف الصناعة كقطاع استراتيجي ليكون أحد أهم ركائز الاقتصاد المحلي والاستعداد لمرحلة ما بعد النفط.
حيث تم تشكيل فريق عمل مشترك برئاسة المنطقة الحرة بجبل علي «جافزا» ومجمع دبي الصناعي لإعداد الاستراتيجية الصناعية للإمارة بحيث تغطي مناطق دبي بما يشمل المناطق الحرة والتي تهدف إلى وجود سياسة صناعية بعيدة الأمد تعزز التنافسية والاستدامة للقطاع الصناعي في دبي ومناطقها الحرة، وتحديد القطاعات الصناعية الفرعية المستهدفة.
إضافة إلى العمل على تعزيز الترابط الصناعي وتكامل القطاعات الاقتصادية الأخرى، وربط القطاع الصناعي مع المؤسسات التعليمية والبحثية لتحفيز الابتكار، وخلق بيئة استثمارية جاذبة للصناعات الاستراتيجية المستهدفة من خلال حزمة من المبادرات والحوافز، مبينة أن قطاع الصناعة في دبي يساهم بـ 14% من اقتصاد الإمارة، وهو ثالث أكبر قطاع بعد قطاعي التجارة والخدمات.
وأضافت أنه تم تحديد 6 قطاعات صناعية مستهدفة وهي الطيران والسفن البحرية والمعادن المصنعة والصناعات الدوائية والمعدات الطبية والسلع الاستهلاكية سريعة التداول والآلات والمعدات.
لافتة إلى التأثير والمتطلبات للاستراتيجية الصناعية على اقتصاد دبي حتى 2030 ينتج عنه زيادة بحوالي 160 ملياراً في الناتج المحلي الإجمالي للإمارة، منها 18 مليار درهم زيادة في الناتج المحلي لقطاع الصناعة و16 مليار درهم زيادة في الصادرات و13% زيادة في عدد الوظائف المخصصة (27 ألف وظيفة)، و233 مليون قدم مربعة من الأراضي مطلوب تخصيصها و16% زيادة في الإنفاق على البحث والتطوير (700 مليون درهم).
ومن جانبها أكدت مريم السويدي نائب مدير إدارة الشؤون الصناعية بدائرة التنمية الاقتصادية بالشارقة حرص الدائرة على تحقيق أعلى معدلات النمو الصناعي بما يتطابق مع المعايير البيئية المعتمدة وتطبيق حزمة من الأنظمة والقوانين التي تحدد طبيعة ونشاط كل مصنع مع السعي إلى توفير بنية تحتية متكاملة تلبي مرتكزات العمل الوطني لرؤية القيادة الوطنية للمستقبل.
ومن جهته قال الدكتور محمد نزال أستاذ مشارك قسم الهندسة الميكانيكية بالجامعة الأميركية بالشارقة إنه لا بد أن تكون الصناعات صديقة للبيئة إضافة إلى التفكير في التصنيع الرشيق والتصنيع الأخضر، والتركيز نحو الابتكار في مجال الاستدامة واستخدام أحدث وسائل التكنولوجيا، منها تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد عن طريق الليزر.
والتي دخلت في صناعة محركات الطائرات والتي من شأنها أن تختصر الوقت والجهد وتوفر الطاقة، لافتاً إلى أنه يقع عبء على الجامعات في مواجهة التحديات التي تواجه الصناعة في الإمارات من خلال وضع أرضية صلبة للبحث والتطوير ونقل المعرفة ونقل التكنولوجيا الحديثة.
وقال محمد عبدالرحيم باحث اقتصادي رئيسي بغرفة أبوظبي إن غرفة أبوظبي قد بادرت لتعزيز التعاون مع القطاع الخاص في عدد من المحاور من خلال إعداد الدراسات البحثية التي تعين أصحاب المصانع على إنجاح مشاريعهم الصناعية.
مبيناً أن أبرز التحديات التي تواجه قطاع الصناعة في الإمارات إغراق السوق بالمنتجات المستوردة ما يسبب خسائر مادية لأصحاب المصانع الوطنية، كما أن عملية الإغراق علاجها صعب يتطلب تضافر كافة الجهات للحد منها، كما أن التحديات كيفية النفاذ إلى الأسواق العالمية والذي يتطلب تجويد الصناعة المحلية وبأسعار مناسبة.
قال الدكتور طالب حسن خبير اقتصادي بمركز رأس الخيمة للإحصاء إن هناك جملة من التحديات التي تواجه الصناعة في الدولة منها أعباء الكلفة التشغيلية للمصانع وارتفاع التكاليف.
إضافة إلى عملية إغراق السوق ببضائع رخيصة وذات جودة متدنية ما يشكل نوعاً من المخاطر على أصحاب المصانع التي تتعامل مع تلك البضائع خاصة أصحاب المصانع المتوسطة ما يعرضها لفقدان هامش الربح وبالتالي لا تستطيع المنافسة والخروج من السوق المحلي.
كما أن من أبرز التحديات محدودية التمويل، حيث لا توجد جهة متخصصة لإعطاء القروض للمنشآت الصناعية المواطنة، الأمر الذي يدفعهم إلى التوجه إلى البنوك التجارية ذات الفائدة المرتفعة إضافة إلى سوء الإدارة وارتفاع قيمة الأراضي الصناعية، كما أن معظم المواد الخام تستورد من الخارج ما يشكل ضغطاً على ميزانية وأرباح أصحاب المصانع.
روبوتات
أكد خليفة جمعة الرميثي المدير التنفيذي للاستراتيجية والتطوير الصناعي من مكتب تنمية الصناعة بأبوظبي أن العديد من الدول المتقدمة أطلقت تجارب متقدمة في مجال الصناعات المستقبلية، حيث توجد صناعات الروبوتات الخاصة بالمصانع والتي تدار بالعقل الإلكتروني، منها في ألمانيا حوالي 282 روبوتاً، لكل 10 آلاف عامل صناعي.
وفي الصين 14 روبوتاً لكل 10 آلاف عامل ويتوقع أن تصل إلى روبوت مقابل كل ألف عامل خلال السنوات الخمس المقبلة، والرقم في تزايد حيث الأتمتة مرتفعة.
تحديات عديدة أمام دخول المواطنين النشاط الصناعي
كشف خليفة جمعة الرميثي المدير التنفيذي للاستراتيجية والتطوير الصناعي بمكتب تنمية الصناعة بأبوظبي، عن أنه هناك 57 تحدياً لدخول وتشجيع المواطن للعمل بالقطاع الخاص وخاصة بالنشاط الصناعي بهدف تعزيز التواجد والمساهمة بالتميز والابتكار والنجاح بهذا القطاع.
وأن مكتب التنمية الاقتصادية كان قد وضع أجندة عمل وطنية لتحقيق رؤية أبوظبي 2030 من أولوياتها تنويع القاعدة .الإنتاجية لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة من خلال تطوير وتدعيم دور القطاع الصناعي من خلال إنشاء صناعات حديثة ذات قدرات تكنولوجية عالية وتطوير الصناعات القائمة وتنويعها،.
مبيناً أنه لا بد من تفعيل وتنمية دور القطاع الصناعي في تنمية وجودة استراتيجية واضحة المعالم تحدد السياسات والآليات والمبادرات الكفيلة بتحقيق تنمية صناعية شاملة تعمل على تنويع البنية الاقتصادية لإمارة أبوظبي المعتمدة بشكل كبير على قطاع الطاقة.
وقال الرميثي من أهم التحديات الراهنة التي تواجه الصناعة هو عدم وجود مؤسسات صناعية متخصصة بكل منطقة على مستوى مناطق الدولة وأن تأثيراتها تؤدي إلى ضعف التمكين الصناعي للمستثمرين في بعض المناطق.
وكذلك عدم وجود جهات محددة وعدم وجود أفضلية للمنتجات الوطنية في العقود التي تبرمها الأجهزة الحكومية المحلية والاتحادية لتنفيذ مشاريعها قد تؤثر على طبيعة العمل، لافتاً إلى ضرورة إيجاد مؤسسات متخصصة تعنى بعمل خطط استراتيجية وممكنات صناعية والإشراف على تنفيذ المشاريع التي تعنى بقطاع الصناعة.
المصدر : https://wp.me/p70vFa-gjq