بقلم: جمانة غنيمات
رئيس التحرير المسؤول في جريدة الغد
لم تصرح الحكومة بالكثير بشأن التطورات التي لحقت بملف زعم بيع أسهم بنك الإسكان المملوكة من قبل مؤسسة الضمان الاجتماعي لشركة قطرية. آخر التصريحات كانت قبل أيام، لرئيس صندوق استثمار أموال الضمان سليمان الحافظ، وأكد فيها أن مجريات التحكيم إيجابية بالنسبة للطرف الأردني.
المطّلعون على الملف، وعلى اختلاف خلفياتهم؛ قانونية ومالية، يتحفظون على تقديم أي معلومات مطمئنة، ربما التزاما باليمين التي قطعوها تحت هذا البند.
لكن ذلك لا ينفي أن كثيرا من المعلومات تتسرب بين حين وآخر حول القضية، بمضمون يشي بحكم مسبق على الموضوع، وبأن الرئيس السابق لصندوق استثمار أموال الضمان ياسر العدوان، قد وقّع صفقة البيع فعلاً، متخلياً بذلك عن استثمار سيادي!
حتى اللحظة، لم تتضح تفاصيل القصة؛ إذ ثمة أسئلة كثيرة تتعلق بها لم تجد إجابات وافية بعد. وكل المصادر المتابعة لملف أسهم “الإسكان” التي بدت صيدا ثمينا يلزم اقتناصه، لم تقدم تفسيرا لما حدث إن تمّ، وكيف؛ كما لم تُقدم الأدلة التي تنسف رواية الطرف الآخر، باستثناء الاتكاء على سمعة العدوان النظيفة.
كذلك، لم يتمّ الحسم بشأن أي الخيارات كان أقرب إلى تفسير القصة، لاسيما أن السيناريوهات التي طرحت وقتها في محاولة تفسير ما حدث، كانت أربعة.
ففي حينه، قيل أن القضية ملفقة من الشركة القطرية وحدها؛ أو إن هناك طرفاً محلياً مرتبطا بالعملية ساعد في تسريب توقيع العدوان؛ أو إن ثمة طرفا رابعا غامضا “حَبَكَ” القصة، ليتمكن في النهاية من فرض عملية البيع على “الضمان” بعد حالة الاستعصاء الطويلة التي مرت بها هذه العملية؛ أو إن العدوان وقّع فعلاً، وهو الأمر الذي ما يزال مستبعدا رغم أن كل المعلومات التي يجري تداولها تخدم هذا السيناريو.
ما تزال كلمات العدوان بمناسبة إعلان أنباء الصفقة (المزعومة) حاضرة؛ إذ قال حرفيا: “من يبيع أسهم الضمان في الإسكان يبيع الوطن، لأنه استثمار استراتيجي للأردن، وليس فقط للضمان ومشتركيه”. واصفا مساهمة الصندوق بأنها “وقف، وليست للبيع أو الرهن أو التنازل”.
كلمات العدوان ثقيلة وكبيرة، وهي مسؤولية في الآن نفسه. وهو يدرك معناها، كما يعلم أن ثبوت بيع أسهم “الإسكان” يؤكد أنه غير ما قال. ولا أظن أن أي شخص قادر على هذا العبء الكبير وهذه التركة الثقيلة اللتين سيحملهما ويورثهما، إلا إن كان إنسانا واثقا، يراهن على ثقته بما فعل، رغم كل التعقيدات والتأويلات التي قيلت وما تزال تقال.
النتيجة النهائية ستتضح نهاية العام، فيعلم الأردنيون الحقيقة كاملة. وكما يقال، فقد “مضى الكثير ولم يبقَ إلا القليل” لتتكشف الحقائق، ويصبح مصير الأسهم معروفا. كما سيتسنى معرفة ما إذا كانت مؤسسة الضمان الاجتماعي ستدفع ثمن الشرط الجزائي المقدر بمبلغ 93 مليون دينار.
التحفظ الحكومي يبقى مبررا إن تبين في النهاية أن الاتفاقية لم تكن إلا عملية نصب، ومحاولة لأخذ الأسهم بطريق ملتفة بعد ممانعة تنفيذها من قبل أكثر من مدير لصندوق أموال الضمان، منهم فارس شرف، ومدير عام “الضمان” الأسبق معن النسور، والعدوان ايضا، في الفترات التي أداروا فيها أموال المؤسسة.
معركة الأسهم، إن جاز التعبير، ستكون درسا لكل من يتسلم مسؤولية إدارة أموال “الضمان”، فيدرك أن الأمر حين يصل إلى أموال هذه المؤسسة، فإنه لن يجد متعاطفا معه في حال حاول استثمار الموقع، أو تهاون في إدارة وحفظ “تحويشة عمر” الأردنيين… منقول عن جريدة الغد الاردنية