هبطت أسعار النفط وسط علامات على تأقلم منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة مع الأسعار المتدنية وتجدد مظاهر الضعف الاقتصادي في آسيا التي تقلص فيها شركات التكرير بالفعل استهلاكها من الخام.
وجرى تداول خام القياس العالمي مزيج برنت بسعر 46.43 دولار للبرميل بانخفاض 33 سنتا عن سعر التسوية السابقة.
وانخفض خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 30 سنتا إلى 45.11 دولار للبرميل.
وتتعرض الأسواق الحاضرة لضغوط أيضا، إذ يزيد إنتاج النفط الكندي عن السعة الاستيعابية لخطوط الأنابيب بما يمثل ضغطا على أسعار الخام الذي تنتجه البلاد. وقال تجار إن انخفاض الأسعار ناتج عن شروع شركات التكرير الآسيوية في تخفيض طلبيات الخام وكذلك التباطؤ الاقتصادي في المنطقة.
وفي الصين تكهن مسح أجرته “رويترز” وشمل 61 من خبراء الاقتصاد بتراجع النمو الاقتصادي إلى أدنى مستوى في سبع سنوات عند 6.6 في المائة في الربع الثاني.
وتوقع بنك الاستثمار الأمريكي جيفريز أن تتمتع سوق النفط بأساس قوي لارتفاع الأسعار في المستقبل متوقعا وصول الأسعار إلى 70 دولارا للبرميل بحلول أواخر 2017 أو أوائل 2018.
في الوقت ذاته، هناك مؤشرات على أن المنتجين في الولايات المتحدة باستطاعتهم التأقلم مع سعر النفط عند 45 دولارا للبرميل أو أكثر في الوقت الذي أضافت فيه شركات الإنتاج منصات حفر للأسبوع الخامس من بين ستة أسابيع وانحسرت حالات الإفلاس بين شركات النفط الأمريكية في حزيران (يونيو) وتراجعت المراهنات على ارتفاع النفط الأمريكي إلى أدنى مستوياتها في نحو أربعة أشهر.
واستهل النفط الخام تعاملات الأسبوع على تسجيل انخفاضات كبيرة بسبب استمرار تأثير عدد من العوامل السلبية القوية والضاغطة على مستوى الأسعار وفى مقدمتها صعود #الدولار الأمريكي وبيانات عن انتعاش النفط الصخري الأمريكي بعد استمرار تزايد الحفارات النفطية إضافة إلى بيانات ضعيفة عن النمو الاقتصاد في عدد من دول آسيا ومراكز الطلب العالمي.
وهبطت أسعار النفط إلى أدنى مستوى خلال شهرين بسبب ضعف الاستهلاك الموسمي فيما جاءت بيانات اقتصادية من الصين عن التوجه نحو تقليل الاستثمارات في مشروعات الفحم وتكرير النفط لتضيف المزيد من الأعباء على سعر النفط الخام خاصة مع وضع الصين سقف للطاقة التقليدية حتى 2020 وتقليل الاعتماد عليها في إنتاج الكهرباء.
كما تواجه اليابان حالة التباطؤ الاقتصادي، التي تؤثر على منظومة الطلب العالمية وهو ما دفع الحكومة الجديدة إلى تبني خطة لتحفيز الاقتصاد الوطني ومن المتوقع أن تؤدى إلى ثمار جيدة في تنشيط اقتصاد ثالث أكبر دولة مستهلكة للطاقة.
وقال أندرياس جيني مدير شركة ماكسويل كوانت للخدمات النفطية لـ”الاقتصادية” إن المخاوف الواسعة من التباطؤ الاقتصادي تسيطر على الأسواق خاصة عقب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وتتنامى توقعات بأن يقود ذلك إلى الضغط على معدلات النمو في دول الاتحاد التي تمثل جزءا محوريا في معادلة الطلب على الطاقة في العالم.
وأوضح أن السعودية تبذل جهودا طيبة في الدفع نحو تعافى الأسواق والتغلب على حالة القلق والمخاوف المتنامية في السوق، حيث أكد المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية السعودي ثقته الشديدة بتوازن الأسواق وهى رؤية موضوعية وتهدئ المخاوف على مستقبل الإمدادات وتعزز الحفاظ على الاستثمارات ولكن من الواضح أن تداعيات الخروج البريطاني ما زالت تلقي بظلال قوية على الأسواق وتتسبب في حالة عدم الاستقرار.
وأشار إلى أن العوامل السلبية قد تطغى بعض الوقت على السوق ولكن هذا لا يعكس وضع السوق على المدى الطويل وهناك في المقابل بعض العوامل الإيجابية التي تصب في اتجاه تعافي الأسعار ومنها تراجع المخزونات النفطية والمحاولات الدولية للمساعدة في تأمين الإمدادات وتحقيق الاستقرار في بعض الدول التي تشهد توترات مثل ليبيا ونيجيريا كما أن مؤشرات الطلب على المدى الطويل ما زالت إيجابية.
وقال دييجو بافيا مدير شركة “إينو إنرجي” للطاقة في هولندا لـ “الاقتصادية”: إن خطط التحول الاقتصادي في الصين نحو زيادة الاعتماد على موارد الطاقة المتجددة تسير على قدم وساق وهو ما سيؤثر دون شك على منظومة الطلب على الطاقة التقليدية مشيرا إلى أن تقليل الاعتماد على الفحم والنفط في توليد الكهرباء سيؤثر سلبا في الطلب على النفط، خاصة إذا نجحت التجربة في واحد من أكبر الاقتصادات في العالم المستهلكة للطاقة التقليدية.
وأشار إلى أن وضع حد أقصى لإنتاج الطاقة التقليدية عند خمسة مليارات طن من الفحم المكافئ سيقيد النمو الواسع للطلب في هذه السوق الكبيرة وسيصب في مصلحة الطاقة المتجددة وفى نفس سوق تزداد حدة المنافسة بين المنتجين حول الحصص السوقية في ظل حالة وفرة المعروض وتقييد الطلب.
وأضاف أن حالة وفرة المعروض ما زالت تضغط على السوق على الرغم من تراجع حدتها نسبيا وتقودها الآن إيران التي استعادت نحو 80 في المائة من طاقتها التصديرية للنفط الخام والتي كانت عليها قبل فرض العقوبات الاقتصادية واقترب إنتاجها الآن من أربعة ملايين برميل يوميا ورغم قيادتها لوفرة المعروض إلا أن المستويات شديدة الانخفاض للنفط الخام لن تعود مرة أخرى والسوق يسير نحو التوازن وإن كان بخطوات بطيئة.
وقال لويس ديل باريو المحلل بمجموعة “بوسطن” للاستشارات المالية في إسبانيا لـ”الاقتصادية”: إن منتجي النفط الصخري يركزون جهودهم منذ فترة على التأقلم مع مستويات منخفضة من أسعار النفط الخام في ضوء قناعتهم بأن عملية تعافي الأسواق تحتاج إلى كثير من الوقت.
وأشار إلى أن تزايد الحفارات النفطية من جديد يعد مؤشرا على نجاح عملية التأقلم مع الأسعار المنخفضة ما جدد المخاوف من عودة وفرة المعروض، التي جاءت متزامنة مع شكوك واسعة تحيط بمستقبل النمو الاقتصادي العالمي خاصة مع إشارات قوية عن تباطؤ ملحوظ في الاقتصادات الآسيوية، التي تقود الطلب على النفط الخام.
وأوضح أن استمرار تأرجح أسعار النفط يتطلب من الدول المنتجة عدم التخلي عن إعداد الميزانيات المنضبطة، التي تركز على ترشيد الإنفاق العام وتنويع الموارد وتحفيز برامج الخصخصة وتطوير التشريعات الضريبية وتنمية برامج كفاءة الطاقة.
وتتعرض الأسواق الحاضرة لضغوط، إذ يزيد إنتاج النفط الكندي على السعة الاستيعابية لخطوط الأنابيب ما يمثل ضغطا على أسعار الخام الذي تنتجه البلاد، الذي بات حاليا أقل بواقع 15 سنتا عن سعر خام غرب تكساس الوسيط.
وقال تجار: إن انخفاض الأسعار ناتج عن شروع شركات التكرير الآسيوية في تخفيض طلبيات الخام وأيضا التباطؤ الاقتصادي في المنطقة.
وقال بنك جولدمان ساكس إنه يتوقع “أن يظل خام غرب تكساس الوسيط في نطاق بين 45 و50 دولارا للبرميل على مدار الأشهر الـ 12 المقبلة”.
في الوقت ذاته، هناك إشارات على أن المنتجين في الولايات المتحدة باستطاعتهم التأقلم مع سعر النفط عند 45 دولارا للبرميل أو أكثر في الوقت الذي أضافت فيه شركات الإنتاج منصات للأسبوع الخامس من بين ستة أسابيع وانحسرت حالات الإفلاس بين شركات النفط الأمريكية في حزيران (يونيو) وتراجعت المراهنات على ارتفاع النفط الأمريكي قرب أدنى مستوى في أربعة أشهر.
غير أن الإشارات على التباطؤ الاقتصادي فرضت ضغوطا. ففي اليابان تقلصت الطلبيات الأساسية على الآلات على غير المتوقع بنسبة 1.4 في المائة في أيار (مايو) الماضي مقارنة بالشهر السابق مواصلة اتجاه التراجع للشهر الثاني على التوالي بحسب ما أظهرته بيانات حكومية.
المصدر : https://wp.me/p70vFa-dVZ