تراجعت أسعار النفط الخام 1 في المائة مع ارتفاع الدولار بدعم بيانات قوية بشأن الوظائف في الولايات المتحدة، ليؤثر مجددا في السلع الأولية مع انتهاء موجة صعود دامت ليومين كانت بفعل تغطية المراكز المدينة وتصيد الصفقات الرخيصة، إضافة إلى وفرة المعروض النفطي في الأسواق العالمية.
ووفقا لـ “رويترز”، فقد انخفضت عقود خام برنت العالمي 53 سنتا أو 1.2 في المائة إلى 43.76 دولار بعدما انخفضت في وقت سابق إلى 43.64 دولار للبرميل، وتراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 13 سنتا أو 0.31 في المائة إلى 41.80 دولار للبرميل بعدما هوت في وقت سابق إلى 41.24 دولار.
وقفز الدولا 0.7 في المائة بعد صدور البيانات التي أظهرت زيادة أكبر من التوقعات في الوظائف في الولايات المتحدة في تموز (يوليو) وتحسن الأجور فيما عزز احتمال رفع الفائدة الأمريكية هذا العام، ويجعل ارتفاع الدولار السلع الأولية المقومة به أعلى تكلفة لحائزي العملات الأخرى فيما يقلص الطلب عادة على تلك السلع.
وقال المتعاملون “إن أسواق النفط تعرضت لضغوط متجددة من تخمة إنتاج الخام والمواد المكررة التي أترعت صهاريج التخزين البرية وأوقدت شرارة عمليات استئجار للناقلات لتخزين الوقود غير المبيع”، وعلى صعيد الطلب أفادت “بي.إم.آي” للأبحاث أن واردات الصين تضعف عن المستويات القياسية المسجلة في 2015 وهذا العام، مشيرة إلى أن واردات الخام الصينية في المدى القريب ستظل ضعيفة بسبب مزيج عوامل يشمل مخزونات الوقود التجارية الوفيرة وتباطؤ طلب شركات التكرير المستقلة والتدرج في زيادة المخزون الاستراتيجي.
واعتبر المتعاملون أن هذا التراجع أنهى موجة صعود منتصف الأسبوع التي كانت مدفوعة في جزء كبير منها بقيام أصحاب المراكز المدينة بجني الأرباح من تراجع أسعار النفط أكثر من 20 في المائة بين حزيران (يونيو) وأوائل آب (أغسطس).
وأظهرت بيانات لمكتب الإحصاء الأمريكي بشأن التجارة الخارجية أمس أن صادرات الولايات المتحدة من النفط الخام هوت بأكثر من 40 في المائة في حزيران (يونيو)، وانخفضت الصادرات الإجمالية إلى 383 ألف برميل يوميا من المستوى القياسي المسجل في أيار (مايو) البالغ 662 ألف برميل يوميا.
وبلغت الصادرات إلى كندا 280 ألف برميل يوميا مقارنة بـ 308 آلاف برميل يوميا في الشهر السابق، كما بلغت الصادرات إلى المملكة المتحدة 37 ألف برميل يوميا دون تغير تقريبا عنها في أيار (مايو) بينما انخفضت الصادرات إلى جزيرة كوراكاو إلى 17 ألف برميل يوميا من 67 ألفا في الشهر السابق.
وقالت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية “إن مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة ارتفعت الأسبوع الماضي مخالفة التوقعات للأسبوع الثاني كما زادت مخزونات المقطرات في حين تراجعت مخزونات البنزين أكثر من المتوقع”. وارتفعت مخزونات النفط الخام 1.4 مليون برميل في الأسبوع الماضي مقارنة بتوقعات المحللين بانخفاض قدره 1.4 مليون برميل، وأظهرت البيانات أن مخزونات الخام في مركز تسليم العقود الآجلة في كاشينج في أوكلاهوما انخفضت 1.12 مليون برميل.
وبحسب بيانات الإدارة زاد استهلاك المصافي 266 ألف برميل يوميا ليرتفع معدل التشغيل 0.9 نقطة مئوية، وهوت مخزونات البنزين بواقع 3.3 مليون برميل في حين كانت توقعات المحللين في استطلاع تشير إلى انخفاض بواقع 200 ألف برميل.
وأضافت الإدارة أن “مخزونات نواتج التقطير التي تشمل وقود الديزل وزيت التدفئة ارتفعت 1.2 مليون برميل مقابل توقعات بانخفاض قدره 500 ألف برميل، وارتفعت واردات الولايات المتحدة من النفط الخام في الأسبوع الماضي بمقدار 301 ألف برميل يوميا”.
من جهته، أعلن معهد البترول الأمريكي أن مخزونات النفط في الولايات المتحدة انخفضت بمقدار 1.3 مليون برميل خلال الأسبوع المنتهي في 29 تموز (يوليو)، وأظهر مسح أجرته “بلاتس” أن مخزونات الخام الأمريكية قد تراجعت الأسبوع الماضي بمقدار 1.9 مليون برميل في حين توقع مسح أجرته صحيفة “وول ستريت جورنال” انخفاضاً بمقدار 900 ألف برميل.
وكانت أسعار خام برنت و”لايت سويت” المرجعيين قد دخلت رسميا مرحلة تراجع نهاية الأسبوع الفائت بعد تدهور فاق 20 في المائة منذ بلوغهما القمة في 9 حزيران (يونيو)، وقد هبطت الأسعار دون عتبة 40 دولارا لأول مرة الاثنين منذ نيسان (أبريل) بسبب ضعف الطلب وتوقع زيادة الفائض في العرض.
وقال حسين سيد المحلل لدى “إف إكس تي إم”، “إن العوامل نفسها التي أغرقت الأسعار لأدنى مستوياتها في 13 عاما في كانون الثاني (يناير) عادت الى الساحة، فكل شيء يتمحور حول سوق تعاني الفائض”.
وفيما أجاز توقف الإنتاج في الربيع خصوصا في كندا ونيجيريا وليبيا إبعاد شبح الفائض وأتاح تجاوز الأسعار لفترة وجيزة عتبة 50 دولارا للبرميل شهد تموز (يوليو) عودة قاسية إلى الواقع مع تدهور للأسعار لأدنى مستوى خلال ثلاثة أشهر ونصف.
فإعادة التوازن بين العرض والطلب التي توقعت أغلبية المحللين قبل أشهر أن تجري في النصف الثاني من العام الجاري لم تعد متوقعة قبل بدء 2017، وذكر المحلل لدى “ناتيكسيس إبيشيك ديشباندي” أن أسعار النفط تحسنت في البدء نتيجة توقع نمو كبير للطلب وتراجع بارز للعرض، لكن السوق اضطرت إلى مراجعة توقعاته على هذين المستويين.
وأضاف سيد أن “الإنتاج المتوقف في عدة مناطق استؤنف، كما نتوقع زيادة عرض منظمة الدول المنتجة للنفط “أوبك” إلى مستويات قياسية، فيما تزداد أعداد آبار النفط العاملة في الولايات المتحدة، الأمر الذي يعتبره مراقبون مؤشرا مسبقا على الإنتاج”.
لكن وفيما واصل الإنتاج الأمريكي التراجع في النصف الأول من العام معطيا بارقة أمل للأسواق، بدأت تصدر عنه منذ أسابيع مؤشرات انتعاش تسهم إلى حد كبير في انهيار الأسعار، وأوضح كريستوفر دمبيك المحلل لدى “ساكسو بانك”، أن السوق تشعر بقلق متزايد إزاء ارتفاع الإنتاج الأمريكي للنفط الصخري في الأسابيع المقبلة، ففي غضون عامين فحسب أجازت تطورات تقنية مذهلة في الولايات المتحدة تحقيق ربحية في عدد من آبار داكوتا الجنوبية حتى في حدود 20-25 دولارا للبرميل”، مشيرا إلى أن هذا الأمر كفيل بإبقاء الخوف من إفراط في العرض ماثلا.
كما أن زيادة إنتاج “أوبك” في تموز (يوليو)، التي بلغت 100 ألف برميل في اليوم، لم تسهم في الحد من مخاوف المستثمرين، فمع 33.41 مليون برميل في اليوم، بلغ إنتاج الكارتيل النفطي حدا أقصى على مدى سنوات في ارتفاع يعزى خصوصا إلى نيجيريا والعراق، بحسب محللي “كومرز بنك”.
وإلى جانب هذه العوامل الرئيسية التي تفسر فائض الخام تضاف النتيجة المفاجئة للاستفتاء البريطاني للانفصال عن الاتحاد الأوروبي وعواقبه المحتملة على النمو العالمي التي خيبت الآمال بانتعاش دائم لأسعار النفط، ورغم ذلك ما زالت أغلبية المحللين تؤمن بإمكان عودة التوازن إلى السوق على المدى المتوسط، ولو أنها قد تستغرق وقتا أطول من المتوقع.
واعتبر حسين سيد المحلل لدى “إف إكس تي إم”، أن توازن العرض والطلب قد يتحقق في مطلع 2017، وليس في النصف الثاني من 2016 بحسب التوقعات الأولى خصوصا عندما ستقلص الشركات الكبرى استثماراتها، “ولهذا السبب قد نشهد ارتفاع الأسعار لاحقا هذا العام، بحيث قد تشجع عودة الأسعار إلى محيط 40 دولارا المستثمرين على الشراء بأسعار منخفضة، لرهانهم على انتعاشها في المستقبل”.
المصدر : https://wp.me/p70vFa-eum