مجلة مال واعمال

أسعار العقارات في دبي تتجه نحو الثبات بعد أعوام من التبدلات

-

x399644.jpg.pagespeed.ic.6_ITNAQFIl

تشهد أسعار العقارات في دبي منذ أكثر من عام، نسق انخفاض بطيء، بعد عشر سنين راوحت خلالها بين ارتفاع بلا ضوابط ساهم في تكوين ثروات ضخمة، وانخفاض حاد كبّد كثيرين خسائر فادحة.

وباتت إمارة دبي مقصداً عقارياً رئيسياً للأجانب بعدما أطلقت في العام 2002، مناطق تملّك حرة يتاح فيها لهم شراء العقارات.

وبلغت الأسعار أعلى مستوياتها في 2008 بدفع رئيسي من المضاربات الاستثمارية، إلا أنها انخفضت بشكل حاد بعد ذلك بسبب الأزمة المالية العالمية.

أدت الأزمة إلى فقدان القطاع العقاري زهاء نصف قيمته. إلا أن الطلب عاود الارتفاع بعدها، لتسجل أسعار العقارات والإيجارات مستويات قياسية بين 2012 و2014، مترافقة مع مخاوف من «فقاعة» عقارية جديدة.

وبعد عام 2014، عاودت الأسعار إلى الانخفاض وإن بوتيرة بطيئة وأقل حدة.

ويعكس محمد العبّار، رئيس مجلس إدارة شركة «إعمار» العقارية التي نفذت مشاريع ضخمة في دبي أبرزها برج خليفة، تفاؤلاً بتحسن السوق.

وقال لفرانس برس «لا بأس» بالانخفاض الراهن للأسعار، معتبراً أن سوق العقارات عمل بعيد المدى، وتفاوت الأسعار فيها أمر معتاد.

أضاف بعد إعلان عزم شركته تشييد مبنى أعلى من برج خليفة، أن التراجع الحالي في الأسعار «ليس بذلك السوء»، معتبراً أن عدم صعود الأسعار «بشكل جنوني» كالعام 2007 هو أمر جيد.

وتابع «الجميع يريد ارتفاع الأسعار، لكن أعتقد أن على هذه الأسعار أن تكون مقبولة (…) أعتقد أن التوازن بين العرض والطلب مشجع جداً».

هبوط ناعم

ويقدر كريغ بلامب، رئيس بحوث الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في «جونز لانغ لاسال» للاستشارات العقارية، أن أسعار العقارات في دبي تراجعت بنسبة 12 في المئة خلال العام 2015.

ويقول لوكالة فرانس برس «السوق تشهد نوعاً من الهبوط الناعم حالياً، لذا الأسعار تشهد تراجعاً منذ أكثر من عام… نعتقد أن السوق ستواصل التراجع بشكل إضافي، لكن ليس بقدر ما حصل حتى الآن».

يضيف : «أعتقد أننا شهدنا الجزء الأكبر من التراجع».

من جهتها، تقدر رئيسة قسم بحوث الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في «نايت فرانك» للعقارات دانا سلباق، انخفاض أسعار العقارات في دبي خلال 2015 بزهاء عشرة في المئة.

وتوضح ، «رأينا تباطؤاً في القطاع السكني. رأينا الأسعار تنخفض بنحو عشرة في المئة على مدى العام 2015»، مضيفة أن هذه الأسعار «لم تنخفض بشكل كبير» في الربع الأول من سنة 2016.

الطلب الخارجي

تراجع الطلب الخارجي ويشكل الطلب الخارجي المحرك الرئيسي للطلب على العقارات بدبي.

إلا أن هذا الطلب يشهد تراجعاً سببه بشكل رئيسي تراجع العملات إزاء الدولار الأمريكي الذي يرتبط به الدرهم، ما رفع قيمة العقارات في دبي بالنسبة للشراة الأجانب، بحسب بلامب.

وورد في تقرير «نايت فرانك» العام الماضي، أن «العقارات في دبي باتت أعلى كلفة للشراة الذين يتعاملون بعملات أخرى».

ويتربع الهنود على قائمة المستثمرين الأجانب في عقارات دبي. ففي عام 2015، انفقوا أكثر من 20 مليار درهم (5,4 مليار دولار)، من أصل 135 ملياراً (26 مليار دولار) هي قيمة مجمل التعاملات العقارية.

ويليهم المستثمرون البريطانيون (10,8 مليار درهم) والباكستانيون (8,4 مليار). أما الإيرانيون، فبلغ حجم استثماراتهم العقارية العام الماضي 4,6 مليار، مقابل 3,7 مليار للكنديين، و2,7 مليار للروس.

ارتفاع الدولار

النفط عامل ضغط غير مباشر وساهم تراجع الروبية الهندية واليورو والروبل الروسي بشكل كبير أمام الدولار، في تقليص قدرة مواطني هذه الدول على شراء العقارات في دبي.

ويشير بلامب إلى أن سوق العقارات تأثرت أيضاً بالتباطؤ الاقتصادي الذي يؤدي إلى انخفاض نمو الوظائف، ما يعني تراجع عدد القادمين الجدد للعمل، والذين يساهمون عادة في زيادة الطلب على العقارات.

وعلى رغم أن دبي تعتمد بشكل محدود على إيرادات النفط، مقارنة بإمارات أخرى ودول خليجية، إلا أن تراجع أسعار النفط وتأثير ذلك في إيرادات دول المنطقة، تسبب بضغط غير مباشر على سوق العقارات.

وتقول سلباق إن فقدان النفط لجزء كبير من قيمته والتباطؤ الاقتصادي «أثّرا في المستثمرين وإرادتهم وشهيتهم للاستثمار»، ودفعهم إلى اعتماد «مقاربة حذرة» في عملياتهم العقارية.

بداية التعافي

ويقول بلامب «لا نعتقد أن ثمة احتمالاً كبيراً لانهيار السوق نتوقع حصول تراجع إضافي، ما بين خمسة إلى عشرة في المئة، في 2016»، على أن تبدأ الأسعار بالتعافي في نهاية السنة الجارية.

وترى سلباق أن «الأسعار ستستقر عند المستويات الجديدة الحالية، وتلك إشارة جيدة (…) إلى أن السوق وصلت إلى أدنى مستوى قد تصل إليه»، قبل أن تنتعش السنة المقبلة.

وتعتبر أن تعهد حكومة دبي مواصلة زيادة الاستثمار في البنى التحتية يبعث برسائل إيجابية للسوق بأن الحكومة لا تزال ملتزمة بهذا القطاع.