وجه سمو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم رئيس هيئة الطيران المدني في دبي، الرئيس الأعلى لـ «طيران الإمارات» والمجموعة، في تصريحات حصرية لوكالة بلومبيرغ، رسالة بسيطة إلى شركات الطيران التي تتهم الناقلة، التي تتخذ من دبي مقراً لها، بأخذ الركاب منها، قائلاً، «حسنوا عروضكم، وسيعودون إليكم».
ورداً على دعوة شركات طيران أميركية حكومتها إلى الحد من توسع الناقلات الخليجية المنافسة، بحجة استخفافها بالمنافسة، حينما وقعت اتفاقية خدمات جوية مع الإمارات في 1999، قال سموه: بدلاً من إعادة الزمن إلى الوراء، فإن على أمثال أميركان إيرلاينز جروب، ويونايتد كوننتال هولدنغز، ودلتا إير، التركيز على تقديم خدمة أفضل.
وأضاف سموه، في مقابلة مع الوكالة من مكتبه في مطار دبي الدولي، الذي تفوق على مطار هيثرو كأكثر المطارات ازدحاماً في العالم من حيث حركة المسافرين الدوليين العام الماضي، قائلاً «قدموا عروضاً أفضل، وسيسافر الناس معكم». فلا يضيرهم دفع مبالغ إضافية لقاء حصولهم على خدمات جيدة، فالأمر كله يتعلق بالخدمات في نهاية المطاف.
وقالت بلومبيرغ، إن الاتهام الأميركي يؤسس لجناح جديد في صناعة الطيران العالمية، أصبح محل استقطاب في السنوات الأخيرة ضد منطقة الخليج، حيث سجلت طيران الإمارات رقماً قياسياً في الطائرات عريضة البدن، وترسخت مكانة دبي كمفترق طرق للممرات الطيران العالمية، وبناء أكبر شركة طيران في العالم في أقل من ثلاثة عقود. وتعتزم طيران الإمارات توظيف 11 ألف شخص خلال العام القادم، وهي طموحات تتعارض مع القوة العاملة المتقلصة لأمثال دويتشه لوفتهانزا، وإير فرانس كي إل إم جروب. وكانت طيران الإمارات طلبت 140 طائرة إيه 380 سوبر جمبو، التي تعد أكبر عملية شراء لأكبر طائرة ركاب في العالم، ولديها طلبية بأكثر من 50 من ذات الطابقين العاملة في الخدمة حالياً.
وفي عام 2013، وهي الفترة الأخيرة التي أعلنت فيها أرقام إيرادات الإمارات لسنة كاملة، صنفت الشركة في مرتبة سادس كبرى شركات الطيران.
ويذكر أن طيران الإمارات تسير رحلاتها إلى تسع مدن أميركية، بما فيها بوسطن، وشيكاغو، ونقلت أكثر من 10 ملايين مسافر على الرحلات الأميركية منذ بدء تشغيلها في 2004. وخاطب سموه تلك الشركات قائلاً، «إن إيقاف هذه الرحلات أو محاولة تعقيدها، ستجعل كثيراً من الأميركيين أو الأوروبيين يفقدون أعمالهم، إذ ما الداعي للحصول على طائرات إذا ما تم حظرنا، أو محاولة حظرنا، من الطيران إلى مطاراتكم؟».
بنية تحتية قوية
قالت بلومبيرغ إن صعود طيران الإمارات كان مدعوماً ببنية تحتية ممتازة، مع توسعة دبي لوجهتها الثانية، مطار آل مكتوم الدولي، وهو مشروع تقدر كلفته بـ 32 مليار دولار، من شأنه تعزيز الطاقة الاستيعابية إلى 200 مليون مسافر سنوياً.
وقد ساهمت صناعة الطيران بـ 26.7 مليار دولار في اقتصاد دبي في 2013، موفرة 416.500 وظيفة، وفقاً لدراسة أجرتها أكسفورد إكونوميكس. إذ جعلت الإمارة من الطيران التجاري محور جهودها لإعادة توجيه الاقتصاد بعيداً عن النفط، ونحو الخدمات المالية والسياحة.
وقال سموه إن الأميركيين عندما وقعوا الاتفاقية، أصروا على إقرار سياسة الأجواء المفتوحة، في حين نظرت إلينا كثير من شركات الطيران آنذاك كما لو أنها عمالقة. فلم تكن تتوقع أن تخرج شركات طيران من هذا الجزء من العالم وتتحداها.
قرار راجع للحكومة
ولدى سؤاله عن الوقت الذي تفكر فيه دبي العالمية بطرح أولي عام لأصولها، وهل هناك جدول زمني تكون فيه طيران الإمارات شركة مدرجة، أو هل هناك طرح أولي للمطار، قال سموه إن هذا القرار راجع للحكومة. لكن، لو نظرنا إلى خمس سنوات، سنرى أن دبي تعافت تعافياً سريعاً في القطاع العقاري، وإن جميع الشركات العقارية، وتلك المرتبطة بها، تبلي بلاء حسناً. وهذا يبعث برسائل إيجابية من الإمارات إلى العالم، مثل رؤية دبي وخطة دبي 2021.
ورؤية الناس سعداء في هذا الجزء من العالم، ليس المواطنون فحسب، ولكن كل من يعيش هنا. مضيفاً أن ممارسة الأعمال سهلة وشفافة.
وعما إذا كان الطرح الأولي العام سيؤكد هذا التعافي، وأن مستقبلها واعد، قال سموه، سنرى يوماً كثيراً من الشركات ستلجأ إلى الطرح الأولي العام، سواء في المطار أو شركة الطيران. لكن هناك شركات كثيرة، وبعض الشركات العقارية التي تتبع الحكومة، طرحت للاكتتاب العام. إعمار أيضاً جزأت بعضاً من وحداتها التجارية، وهي في سوق الأسهم الآن.
وقد نرى ذلك في المستقبل القريب. وحول خياره بين طيران الإمارات والمطار بالنسبة للطرح الأولي العام، قال سموه إن شركة الطيران والمطار تجارتان رابحتان، قد تكون في السوق يوماً.
وعما إذا كان ذلك سيتم في غضون خمس سنوات، قال سموه، هل الغرض جمع السيولة أو التمويل للشركة. إن طيران الإمارات تبلي بلاء حسناً، وكذلك المطار يعمل بنشاط. وليست هناك مشكلة في تمويل طائراتنا، فنحن نشتري 25 طائرة في العام. ولو نظرنا إلى تاريخ الشركة، لم نشعر بالتزام تجاه أي بنك. وهذا أحد الأسباب التي تجعلنا لا نلجأ إلى الطرح الأولي العام.
وأضاف أنه ولو نظرنا إلى أداء الشركة، فهو أداء ممتاز. ولهذا السبب نرى كثيراً من شركات الطيران تتهمنا بالحصول على مساعدات من الحكومة. وليس هذا واقع الأمر.
اتهام الناقلة بتلقي المساعدات بلا أدلة فعلية
أشارت تقارير عالمية عدة، إلى أمثلة من الدعم الحكومي الأوروبي لشركات الطيران فيها، ومن بينها شركات كبرى ما زالت تتهم طيران الإمارات بتلقي الدعم الحكومي، وهي لوفتهانزا والخطوط الجوية الفرنسية، وكلتاهما تلقتا دعماً مالياً مباشراً، في أوقات عانت فيها الشركتان من مصاعب مالية، خصوصاً في فترة ما قبل الخصخصة.
وتسوق بعض شركات الطيران اتهامات لطيران الإمارات بأنها مدعومة من قبل الحكومة، وبشكل سري، رغم أنها لا تقدم أي دليل فعلي على هذه الاتهامات، وهي تتذرع بأن الشركة غير مدرجة، وبالتالي، فإن البيانات الخاصة بها غير معروفة.
ورغم أن طيران الإمارات شركة غير مدرجة، إلا أن تقاريرها المالية تنشر سنوياً، وتوضح جميع تفاصيل عملياتها ونفقاتها وأنشطتها، وهي تقارير ليست سرية، وتتوفر عبر جميع وسائل النشر المعروفة، والتقرير السنوي يتم وفقاً للمعايير العالمية للتقارير المالية المعروفة بـ «IFRS»، وهي معايير مستخدمة في أكثر من 100 دولة في العالم، وتنجز من قبل شركة برايس ووتر هاوس كوبر العالمية.
كما أن هناك تقارير نصف سنوية يجب على الناقلة نشرها وفقاً لمعايير الإفصاح، لأن جزءاً من تمويلها يأتي عن طريق السندات الدولية المدرجة في أسواق سنغافورة ولندن.
المصدر : https://wp.me/p70vFa-5Qg