الأمن الغذائي والأمن الوطني

mall2
fbmjo
mall224 ديسمبر 2022آخر تحديث : منذ سنتين
الأمن الغذائي والأمن الوطني
مدير عام المركز الوطني للبحوث الزراعية الدكتور نزار حداد

بقلم مدير عام المركز الوطني للبحوث الزراعية الدكتور نزار حداد

مجلة مال واعمال – النسخة الورقية – العدد 173 – يرتبط الأمن الغذائي ارتباطاً وثيقاً بالأمن الوطني، وهو ينطوي بشكل رئيس على درء مخاطر الجوع وسوء التغذية من خلال توفير ما يلزم لسد حاجات الناس من المواد الغذائية الأساسية من مصادر مأمونة على المدى البعيد من حيث الكميات والأنواع، وضمان الحد الأدنى منها بشكل منتظم.

ويستند الأمن الغذائي، في أبسط معانيه، إلى 4 أعمدة رئيسة هي:

– الوفرة؛ بشكل يضمن وجود المواد الغذائية لتأمين الاحتياجات الغذائية للمواطنين.
– الديمومة؛ من خلال استقرار عملية الإمداد بشكل مستمر.
– السهولة؛ وتعني أن تكون عملية الإمداد سهلةً وفي متناول المواطنين بأسعار مقبولة.
– سلامة الغذاء؛ وتفيد بأن يكون الغذاء المقدم يشتمل على محتوى غذائي يفي باحتياجات الجسم.

إن الخيار الاستراتيجي الأول لتحقيق الأمن الغذائي هو التنمية الزراعية المستدامة، وتتأثر الأخيرة بعدد من التحديات لعل أهمها محدودية الموارد وخاصةً المائية منها، التغير المناخي، النمو السكاني. إلا أن هذه التحديات لا تجعلها غير قابلة للتطبيق؛ فإن البحث العلمي الزراعي وتبني السياسات السليمة كفيلان باستقطاب الاستثمارات الزراعية، وبالتالي تحقيق التنمية الزراعية المستدامة.
تحقيق الأمن الغذائي لا يتحقق إلا بتلبية احتياجات القطاع الزراعي والمزارعين، مع التركيز على البحث العلمي ونقل التكنولوجيا، وتعزيز مفهوم البحوث التطبيقية لدى المزارعين، كما أن تبني خيارات بديلة غير تقليدية لتنمية المصادر المائية يسهم في تحقيق الأمن الغذائي.
من جهة أخرى، فإن المشاريع التنموية التي تستهدف المناطق الهامشية وجيوب الفقر وذوي الدخل المحدود، كمشاريع إدارة المياه وتطوير المحاصيل الحقلية ومشاريع تنمية الثروة الحيوانية تسهم في توفير مستوى معيشي وغذائي أفضل للمواطنين، إلا أنها بحاجة ماسة للدعم من قبل الدولة والصناديق التنموية، فلا بد من تذليل العقبات لدى المؤسسات الإقراضية والتنموية وتكامل أدوارها معاً.
المركز الوطني للبحوث الزراعية، وبعد جهود استمرت 15 عاماً من البحوث العلمية وبالتعاون مع مؤسسات دولية، توصل لاعتماد 6 أصناف جديدة من القمح والشعير، ثلاثة لكل منها، تميزت بتكيفها مع الظروف الأردنية ويجري العمل حالياً على إكثارها بشكل أوسع لدى المزارعين، ما يعزز دور المركز الأساسي في كونه المزود لبذار الأساس للمحاصيل الاستراتيجية من القمح والشعير في المملكة، ولكافة المزارعين في كافة المحافظات، في إطار جهوده الحثيثة لتعزيز الأمن الغذائي الوطني والمحافظة على ديمومة الإنتاج الزراعي.
وتعد المشاريع الرقمية بمثابة ثورة في كيفية تأمين وتحسين المجتمعات لسبل عيشها؛ حيث يمكنها أن تساعد العديد من المزارعين بتمكينهم من الوصول عن بُعد للمشورة والمدخلات والأسواق، والتسريع في تبني استراتيجية مجرّبة وفعّالة من حيث التكلفة وقابلة للتوسُّع لزيادة الإنتاج الزراعي طويل الأجل وتحسين سبل العيش. وقد عكف المركز على تبني سياسات الزراعة الذكيّة من خلال تعزيز العمل، وتبادل المعرفة والأفكار حول تكنولوجيا إنترنت الأشياء، وإدراج تكنولوجيا الاتصال والمعلومات كعامل أساسي للتنمية الزراعة المستدامة بالتعاون مع عدد من المنظمات والشركاء الدوليين.
وبالنظر إلى الأمن الغذائي العالمي، فإنه في الآونة الأخيرة، تأثر بشكل كبير في ضوء الأزمة الأوكرانية الروسية، حيث أن أوكرانيا تعد خامس أكبر مصدّر للقمح عالمياً، ما قد يؤثر بشكل سلبي على بعض الدول العربية، لكون صادرات بعض الدول العربية من القمح من منشأ أوكراني كاليمن ولبنان وليبيا. ومن أهم تداعيات هذه الأزمة، ارتفاع الأسعار العالمية، وضعف الدول المستوردة على تلبية احتياجاتها من الاستيراد بمعدلات الأسعار العالمية الاعتيادية، وتذبذب أسعار البيع الآجل، مما يهدد الأمن الغذائي العالمي ويؤثر على الاقتصاد الوطني وتكاليف استيراد المحاصيل الاستراتيجية.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.