بالنظر إلى حالة التطور التكنولوجي السريعة جداً التي تشهدها معظم قطاعات المال والأعمال في العديد من دول العالم المتقدمة يظن الكثير من رجال هذا العالم أن مسألة الاعتماد على الذكاء الاصطناعي وبرامجه وأجهزته المختلف أصبحت مسألة وقت وتحقيقها بشكل كامل أصبح قاب قوسين أو أدنى .
فكل المؤشرات والاحصائيات الاقتصادية منذ عام 2014 تشير إلى اهتمام المستثمرين بضخ المليارات في مجال الذكاء الاصطناعي والطلب المتزايد من قبل المستهلكين لأي جهاز يعتمد في تشغيله على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي بالإضافة إلى نمو أرباح الشركات الناشئة العاملة في هذا الحقل من نحو 3.2 مليار دولار وصولاً إلى 9,5 مليار دولار في عام 2017 ودخول تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في العديد من المجالات مثل الصحة والزراعة كل تلك الحقائق والأرقام جعلت العديد من المهتمين يعتقدون أن الاعتماد الكلي على تلك التكنولوجيا في قطاعات الأعمال سيصبح أمر واقع عما قريب ولكن للأسف الأمور لا تبدو بهذه السلاسة .
فتطبيق الذكاء الاصطناعي في قطاعات الأعمال المختلفة بشكل خاص ومجالات الحياة بشكل عام تقف في وجهه العديد من العقبات والصعوبات ومن أهمها :-
1- المرونة سلاح ذو حدين !
على الرغم من أن الشركات الناشئة والصغيرة في مجال صناعة تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي تتميز بالمرونة في تحويل خططها ومشاريعها إلا أن الشركات الكبرى والقوية لا تتمتع بهذا القدر من المرونة التي يسمح لها بتغيير خططها ومشاريعها في منتصف الطريق وبشكل مفاجئ فالأمر معقد للغاية وهو ما يفقد الشركات الكبيرة قدرتها على التكيف مع الظروف الجديدة والمتغيرات المستمرة لتكنولوجيا صناعة الذكاء الاصطناعي .
ولكن في الحقيقة أن المرونة التي تتمتع بها الشركات الناشئة ليست ميزة دائماً فقد تتحول إلى سلاح ضار ومميت لتلك الشركات لأن التغيير المفاجئ والغير مدروس قد يدخلها في دوامات ومتاهات غير معروفة النتائج وصعبة الحل فتلك المرونة قد تتسبب بالتأثير المباشر على مستقبل الشركة وأرباحها المالية وقد تجبر الشركة على التأخر في إنتاج مشارعيها وفق الجدول الزمني الذي تم وضعه من قبل وهو ما يزيد من حالة الارتباك.
2- نقص المواهب
عدد البشر الذين يتمتعون بقدرات عالية وخلفية كبيرة وثقافة واسعة عن المجال الاصطناعي حول العالم يكاد يُعد على أصابع اليدين فنقص الكوادر البشرية المحترفة والتي تتمتع بالكفاءة يؤثر بشدة على وتيرة تنمية وتعميم استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي .
وحتى وإن افترضنا تواجد العديد من المواهب والكفاءات فإن توظيف الشركات الناشئة في هذا المجال للمحترفين والمطورين يتطلب ميزانية ضخمة للغاية لأن تلك الكوادر البشرية تتقاضى أجور وهمية بالنسبة لأي شركة صغيرة ولهذا نناضل الشركات الصغيرة العاملة في هذا المجال لسد احتياجاتها من الأيدي البشرية العاملة في مجال الذكاء الاصطناعي .
3- المنافسة
على الرغم من أن المنافسة عادةً ما تكون في صالح المستهلكين إلا أنها تخلق العديد من الأزمات بالنسبة للشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي فبسبب رغبة كل شركة في الوصول سريعاً إلى المستهلكين والانتشار بشكل أسرع وهو يفتح الباب أمام تقديم الشركة لمنتجات منخفضة الجودة ومليئة بالأخطاء التقنية بسبب الافتقار إلى الدقة والتسرع .
4- عدم القدرة على التنبؤ بدورة مبيعات المنتجات
فعدد قليل فقط من منتجات الذكاء الاصطناعي التي يمكن التنبؤ بدورة مبيعاتها والتي تشمل تقديم السلعة في السوق لأول مرة ومرحلة نمو المنتج وانتشاره ووصول المنتج إلى مرحلة النضوج وحتى تحديد مرحلة تدهوره ولكن ولأن مجال الذكاء الاصطناعي يعد من قطاعات الأعمال الجديدة نسبياً فإن التنبؤ الجيد لمعظم منتجاته قد لا تتم بدقة أو بشكل صحيح وهو الأمر الذي يجعل استخدام تلك التكنولوجيا بطيئة نوعاً ما بسبب خوف الشركات من الخسارة وهذا أمر طبيعي .
5- صعوبة التعامل مع الآلات
برمجة أجهزة الذكاء الاصطناعي واستخدام التكنولوجيا المناسبة للتعامل معها من الأمور الصعبة التي تحتوي على نسبة كبيرة من التعقيد فعلى الرغم من أن تقنية الذكاء الاصطناعي تجعل الحياة أسهل بالنسبة للبشر في جميع المجالات إلا أن المهندسين والمبرمجين الذين يتعاملون مع هذه التكنولوجيا والمطالبين دائماً بالابتكار وتقديم الجديد دائماً يمرون بأوقات صعبة وعصيبة بكل تأكيد .
6- صعوبة توفير قوة المعالجة المناسبة
فتكنولوجيا بهذا الحجم وهذا التطور تحتاج إلى أجهزة حواسيب ذات وحدات معالجة خارقة لتتحمل الضغط التي تسببه تلك التكنولوجيا في أجزاء الحواسيب .
ويمكن تعريف وحدات المعالجة أو (Processors) بأنها أحد مكونات الحاسوب التي تقوم بتفسير التعليمات ومعالجة البيانات التي تتضمنها البرمجيات وتعد أهم مكونات الحواسيب الدقيقة وبالتأكيد توافر وحدات خارقة للمعالجة أمر يتطلب مبالغ مالية ليست بالقليلة وهنا تكمن المشكلة التقنية التي تعاني منها معظم الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي التي كلما تطورت وتقدمت كلما زادت احتياجاتها من وحدات المعالجة القوية والثمينة.