تواصل مصر طريقها نحو مستقبل واعد، وفي سبيل ذلك تسعى جاهدة جميع مؤسساتها، إلى بذل الجهود للمضي قدماً نحو تحقيق نقلة نوعية في مختلف قطاعات الدولة، ولهيئة تنشيط السياحة ووزارة السياحة المصرية في بلد الحضارة والتاريخ دور مهم ورائد في تعزيز الجهود من أجل استقطاب السياح العرب والأجانب، وتعزيز دور السياحة في دعم الاقتصاد الوطني للدولة، وفي هذا الصدد استضافت الهيئة أخيراً، عدداً من الوفود الإعلامية العربية التي أتت من أجل التعرف إلى مستجدات التطور السياحي في مصر.
وأكد مسؤولون مصريون أن دول الخليج تمثل ركيزة من الركائز الأساسية في دعم السياحة المصرية، حيث إن دولة الإمارات حققت نمواً في عدد السائحين القادمين إلى مصر يقدر بنحو 50 % خلال الربع الأول من العام الجاري، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، وأشاروا إلى أن مصر تمضي قدماً في تطبيق استراتيجية متكاملة لتطوير السياحة تستهدف استقبال 20 مليون سائح بحلول العام 2020.
البداية
وبدأت الرحلة التي تم ضمت ممثلين عن وسائل الإعلام من عدة دول عربية وخليجية، بجولة بأحد المراكب النيلية للاستمتاع بفقرات من التراث المصري الأصيل، ثم انطلقت بنا الحافلة في اليوم الثاني إلى العراقة والأصالة إلى الأهرامات أرض الأجداد التي تعد من أشهر معالم مصر الفرعونية على الإطلاق، وتقع مباشرة خارج حدود القاهرة في مكان يُعرف باسم هضبة الجيزة.
وحرص العاملون في منطقة أهرامات الجيزة وبأسلوب مصري أصيل على تعريف الوفود العربية، بالأهرامات، وكيف كان الأجداد يحملون فيها الأحجار على أكتافهم حجراً حجر إلى أن شيدوها، فخوفو وخفرع ومنقرع، ليست أحجاراً صماء، ولكن وراء كل منها قصة، فالهرم الأكبر خوفو يشغل مساحة 13 ألف فدان تقريباً، واستغرق بناؤه ما يقرب من 20 عاماً، والممرات والأجزاء السفلية منه نحو 10 سنوات، أما هرم خفرع والذي بناه الملك خفرع ابن الملك خوفو، فارتفاعه 143 متراً، وسقفه من الجرانيت، ثم يأتي الهرم منقرع الذي بناه ابن الملك خفرع، وارتفاعه 65 متراً، وقد بني من الحجر الجيري، وسقفه من الجرانيت، وفي نهايته دهليز مبطن بالحجر.
وعلى مقربة منها، في هضبة الجيزة أيضاً، سترى «أبو الهول» العظيم ومتحف مركب الشمس، وهو الموقع الذي تقام فيه أيضاً عروض الصوت والضوء الشهيرة، حيث يختبر كل من يزور مصر متعة وإثارة ركوب الجمال للمرة الأولى.
استراتيجية السياحة
كنا على موعد في فترة الظهيرة مع لقاء ساده الود والاحترام والتقدير مع وزير السياحة المصري خالد رامي الذي حرص على الترحيب بالوفد الإعلامي العربي المشارك فرداً فرداً، وقام بتقديم ملامح عامة عن تطور السياحة المصرية في الفترة الأخيرة ودور الدول العربية ودول الخليج على وجه التحديد في تعزيزها.
وقال معالي الوزير إن مصر وعقب انتهاء المؤتمر الاقتصادي في شرم الشيخ بدأت العمل وفق استراتيجية واضحة لتعزيز قطاع السياحة، من خلال التركيز على الحملات الدعائية العالمية والعربية والخليجية، ومن أبرزها حملة «مصر قريبة»، والتي من شأنها أن تسهم بشكل كبير في تنشيط السياحة المصرية التي شهدت نمواً خلال العام الجاري.
واستعرض وزير السياحة المصرية بعض الإحصاءات عن تطور السياحة المصرية أخيراً، حيث قال: «يبلغ إجمالي عدد الغرف الفندقية الموجودة حالياً في مصر نحو 198 ألف غرفة وهناك 154 ألف غرفة تحت الإنشاء، ومع حلول العام 2020 والانتهاء من هذه الغرف، سيكون لدى مصر طاقة إيوائية تكفي 34 مليون سائح في حال كانت نسبة الإشغال 100%.
وتابع: «هدفنا الأساسي بحلول العام 2020 تحقيق 20 مليون سائح سنوياً وهي نسبة نعمل على تحقيقها، مضيفاً إلى أنه خلال العام الماضي تم تحقيق 9.9 ملايين سائح، وخلال الأربعة أشهر الأولى تم تحقيق زيادة 7 %، وخلال فترة الشتاء هناك زيادة من 20 % إلى 25 % من السياحة الأوروبية»، مضيفاً: حققنا أرقاماً لافتة على صعيد السياحة الأوروبية، فخلال العام الماضي تم تحقيق رقم سياحي في أعداد السياح الروس وصل إلى 3.1 ملايين سائح، وهناك إقبال كبير وحجوزات مرتفعة في فصل الشتاء مع عدة دول أوروبية مثل ألمانيا وإنجلترا.
وتحدث رامي عن السياحة الخليجية، وقال إن هناك نمواً في السياحة الخليجية تم تحقيقه خلال الربع الأول من العام الجاري، وبلغ 50 % من الإمارات العربية المتحدة و70 % من المملكة العربية السعودية، و37 % من الكويت، وهي أرقام مبشرة للغاية، مقارنة مع ما تم تحقيقها خلال العام الماضي 2014، واقترب من الوصول إلى معدلات عام 2010 وهي سنة الذروة.
وأكد أن الجهود مستمرة من أجل تنفيذ العديد من المشروعات السياحية الجديدة في الدولة، فعلى صعيد عملية بناء المتحف المصري الجديد، شدد وزير السياحة المصري على أهمية هذا المشروع، فهذا المتحف سيجلب زواراً من مختلف دول العالم؛ كونه شيد على طرز حديثة، ويتيح للزائر أن يرى عدداً كبيراً من الآثار، مضيفاً: «لدى مصر مقومات سياحية كثيرة قادرة على جذب السياح من كل دول العالم». وحول السياحة الداخلية، أوضح وزير السياحة أن هناك اهتماماً كبيراً بالسياحة الداخلية، حيث تهتم الوزارة بوضع لائحة تشمل تخفيضات كبيرة للمصريين لزيارة المناطق الأثرية والمدن السياحية الكبرى.
خان الخليلي
وانطلقنا من لقاء وزير السياحة المصرية، ولدينا قناعة أن مصر مقبلة على مستقبل مشرق في قطاع السياحة، بفضل ما تمتلكه من أبناء مخلصين لا يدخرون جهداً في سبيل نهضتها وتقدمها.
وتوجهت بنا الحافلة بعد ذلك في جولة سياحية في شارع المعز وخان الخليلي، حيث اشتم الجميع رائحة التاريخ، فأمام مقام سيدنا الحسين، تصاعدت أدخنة البخور المعطر بالمسك والعنبر، وقد كانت المطاعم مكتظة بالسياح الأجانب والأشقاء العرب.
وخان الخليلي، سوق مصرية تزدهي بالبضاعة التي حيكت على الطريقة الفرعونية، واللافت أن البائعين كانوا يتجاذبون أطراف الحديث مع الزوار بلغة الترغيب في المنتوجات المعروضة، وكانت السوق تضج بحركة غير اعتيادية، فهي مزدحمة دائماً وروادها من جميع الأجناس، وهو ما يضع خان الخليلي محطة مهمة للسياحية المصرية، وفي أثناء وجود وفود الدول الخليجية داخل السوق أثارتهم هذه الأشكال المتنوعة من المعروضات التي تعبر عن تاريخ الدولة الفرعونية، فقرر كثير منهم حمل الهدايا التذكارية من هذه السوق التي لا تزال تحتفظ بتوهجها وقدرتها على اجتذاب السائح الأجنبي.
وتوجهنا بعد ذلك من اجل الاستمتاع بالغداء في مطعم ومقهى نجيب محفوظ، وهو المكان الذي كان يجلس فيه الأديب الراحل الذي حصل على جائزة نوبل العالمية في الرواية، والمكان الذي كان يجلس فيه به مقعدان خاليان غير مسموح بالجلوس عليهما، وأعلاهما كانت تتوزع صور الأديب الراحل بشكل متناسق، والمقهى والمطعم يأخذان شكلاً تراثياً جميلاً.
حيث في الباحة الرئيسة كانت يستقر المقهى الذي لا يزال يستقبل الأدباء والسياح والزوار الأجانب، والقسم الثاني منه كان يتمثل في المطعم الذي يقدم الأطعمة المصرية الشهيرة التي لها حضور خاص على المائدة في كل محافظات مصر.
وفي نهاية لقائنا بمدينة شرم الشيخ توجهنا للقاء محافظ جنوب سيناء اللواء أركان حرب خالد فودة، حيث تحدث عن النشاط السياحي في شرم الشيخ والطفرة التي وصلت إليها المدينة من الناحية التكنولوجية والأمنية، وعبر عن سعادته لكون شرم الشيخ أصبحت قبلة المؤتمرات العالمية.
إذ يسعى حالياً إلى توسيعها ليتم استضافة عديد من المؤتمرات العالمية المهمة وفي نهاية اللقاء أجاب المحافظ عن جميع الأسئلة التي وجهت إليه من قبل الوفود الإعلامية الخليجية، وبمنتهى الشفافية نوه إلى ضرورة زيارة جميع معالم المدينة لكون الرحلة كانت قصيرة ولم تتسع للتعرف إلى مناطق جمالية أخرى.
شرم الشيخ أيقونة البحر الأحمر
في اليوم الأخير من الرحلة القصيرة الممتعة، توجهنا إلى أيقونة البحر الأحمر مدينة شرم الشيخ التي تشتهر بشمسها المشرقة ومياهها الدافئة، فخلال وجودك فيها يمكنك الاستمتاع بالشمس والغطس لمشاهدة الشعاب المرجانية الرائعة والاستفادة من بحرها الجميل للحصول على قسط من الراحة والاسترخاء.
وتتميز شرم الشيخ بالعديد من الأنشطة الترفيهية والرياضات المائية المثيرة، فإضافة إلى رياضة الغطس على أنواعها والإبحار وركوب الأمواج والتزلج على الماء، يمكنك أيضاً الاستمتاع برياضة القفز المظلي أو الهبوط بالمظلات من طائرة الهليكوبتر.
كما يمكنك الاستمتاع برحلات السفاري إلى صحراء سيناء المجاورة واكتشاف روعة دير سانت كاترين أو جبال سيناء الشاهقة، وإذا أردت الحصول على قسط من الراحة والاسترخاء، ستجد في المدينة أفضل المنتجعات الصحية في مصر وأكثرها شهرة واحترافاً.
ويمكنك، خلال وجودك في شرم الشيخ الواقعة على خليج العقبة، والتي تبعد نحو 300 كلم عن السويس، و19 كلم عن محمية رأس محمد الوطنية، أن تزور خليج نعمة، وهو مركز الحياة فيها، إضافة إلى المدينة القديمة حيث يمكنك التسوق وشراء الهدايا التذكارية، أما إذا كنت من محبي الهدوء، فما عليك سوى زيارة الهضبة الواقعة بالقرب من رأس أم سيد.
حيث تجد العديد من الفنادق والمنتجعات الهادئة، هذا إضافة إلى زيارة محمية رأس محمد الوطنية ومحمية نبق، أو ممارسة مختلف أنواع الغطس في الرحلات المتوجهة إلى الميناء أو أحد المراسي الموجودة في المدينة.
محمية رأس محمد وجهة مثالية للغوص
الرحلة إلى محمية رأس محمد تعد تجربة فريدة لعشاق الغوص وهي محمية تتميز بجمالها وتأسر القلوب خصوصا مع وجود المراكب البحرية تتصدرها بأحجامها وأشكالها المختلفة، والناس تجلس تحت هياكل خشبية متجاورة فرادى وجمعات وعائلات ومجموعات سياحية يرنون جميعاً إلى رحلة غطس، ومن ثم الاستمتاع بالمياه الرائعة الزرقاء، كل ذلك كان يجري بشكل تلقائي وفي حالة من المرح المنقطع النظير،.
هناك يمكن للزائر وللسياح من جنسيات مختلفة التمتع بالجمال الذي يسكن هذه المدينة الجميلة، وبمجرد الصعود على متن المركب التي كانت تسمى «سارا أماني» جلس كل فرد في حالة من التأمل، حيث المساحات الواسعة على جنبات بالماء تحيط بها الجبال من الخلف، والتي تطل من البحر إلى هذه الأطواد الشامخة، لكن معظم الحضور كان لديه شغف لارتداء الزي المخصص للغطس.
حيث استمعوا إلى محاضرة من مدرب الغطس الذي ألمح إلى أن رأس محمد اكتشفها رجل بدوي من إحدى القبائل التي كانت مقيمة في شرم الشيخ، وسميت بالرأس لأنها في نهاية المطاف تشبه الرأس، وهي تقع بين خليجي السويس والعقبة، ومساحتها تقريباً 829 كيلومتراً في عرض البحر.
وتشمل جزيرة تيران التي تعد ثاني محمية عالمية، على مستوى العالم بعد محمية أستراليا.
المصدر : https://wp.me/p70vFa-7oS