أكد طارق المدقة، المدير العام لشركة كالوتي للمجوهرات، أن الطلب على السبائك الذهبية في السوق المحلي خلال الأسبوعين الماضيين شهد زيادةً كبيرة تقدر بنحو 50% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، مشيراً إلى تراجع أسعار الذهب العالمي ووصوله إلى مستويات متدنية أغرت المستثمرين بشرائه.
واستطرد قائلاً: «إن الإقبال الكبير على شراء السبائك الذهبية من قبل المستثمرين في دبي استنفد جميع الكميات الموجودة لدينا مما اضطرنا لطلب واستيراد كميات كبيرة من الخام الخالص من سويسرا ولندن لتلبية المتطلبات المحلية».
خيار استراتيجي
واعتبر أن تراجعات أسعار المعدن الأصفر تأتي في مصلحة أسواق الذهب في الدولة وفي دبي بوجه خاص، حيث إن الطلب المتزايد على الذهب بعد وصوله لمستويات متدنية مؤخراً يؤكد مكانته المميزة لدى المستثمرين من مختلف الجنسيات بوصفه الخيار الاستراتيجي الأمثل للاستثمار.
وتفصيلاً، فسر المدقة أن الأنباء المتواترة في ما يخص تخفيض الصين لعملتها «اليوان» مؤخراً بمقدار 2% تقريباً أمام الدولار الأميركي بهدف تعزيز الميزة التنافسية لسلعها على المستوى العالمي في محاولة لدفع نموها الاقتصادي نحو الأمام قد ألقى بظلاله السلبية على الأوضاع الاقتصادية العالمية وتحديداً على أسواق العملات والأسهم بما أدى إلى صعود أسعار الذهب العالمية إلى مستويات تجاوزت 1110 دولارات للأوقية (بما يعادل 4,075 درهما).
ولفت إلى أن التصريحات الرسمية الأميركية خلال الشهر الماضي جذبت المستثمرين صوب التعاملات بالعملة الأميركية وتحقيق الدولار لارتفاعات قياسية متتالية بعد التأكيدات بشأن رفع أسعار الفائدة عليه من قبل مجلس الاحتياطي الاتحادي «الفيدرالي» جراء المؤشرات الإيجابية التي تدلل على تحسن أداء الاقتصاد القومي الأميركي، مما أدى إلى انخفاض الطلب العالمي على المعدن الأصفر وتراجع أسعاره في الفترة الأخيرة.
ملاذ آمن
ووصف المدقة الذهب بأنه على مر العصور وفي مختلف ألوان الظروف هو الملاذ الأكثر أماناً للمستثمرين ويصون أموالهم ويحفظ ثرواتهم لاسيما في أوقات الأزمات الاقتصادية والصعوبات المالية، لما يحظى به المعدن النفيس من ثقة وسمعة في جميع دول العالم، مشيراً إلى استقرار قيمته ذاتياً لأسباب استقلاليته عن السلطات والحكومات، فضلاً عن محدوديته مقارنةً بالمعادن النفيسة الأخرى حول العالم، موضحاً أن المستثمرين عادة ما يقبلون على شراء الذهب خلال الفترات التي تتسم بالغموض.
وأوضح أن المستثمرين بمختلف جنسياتهم ومشاربهم يقبلون على شراء الذهب الخالص عيار 24 قيراطا بنسب متفاوتة، مشيراً إلى أن زخم الطلبات بعد تراجع أسعار الذهب مؤخراً قد ارتفعت وتيرتها من محلات الذهب في السوق لتوفير المتطلبات التي يتقدم بها المستثمرون، وأوضح أن الطلبات المتزايدة على شراء الذهب لا تتم إلا في حالات وصول الذهب إلى مستويات مغرية للمستثمرين.
وأضاف بقوله: إن الجنسيات العربية تفضل عادةً شراء الذهب المشغول عيار 21 قيراطاً، وإن الجنسيات الآسيوية لا سيما الهندية منها تفضل الذهب المشغول عيار 22 قيراطاً، وإن الجنسيات الأجنبية من الزوار والسياح تختار دائماً الذهب المشغول عيار 18 قيراطاً، بيد أنه في الآونة الأخيرة ارتفعت الطلبات على الذهب الخالص خاصةً من قبل الجنسيات العربية والهندية لأسباب استثمارية وادخارية.
وتوقع المدقة بفعل الإقبال الكبير الذي يشهده سوق الذهب في دبي أن تحقق تجارة المعدن الأصفر في المدينة الذهبية مستويات قياسية خلال النصف الثاني من العام الجاري لما تشير إليه المؤشرات التي تدلل على سير تجارة الذهب الإجمالية في دبي نحو تحقيق نمو مقارنة بالعام الماضي يتراوح تقديرياً بين 10% إلى 15%.
خيارات
وفي حديثه عن تجارة الذهب في دبي قال المدقة: «إن مدينة دبي بأسواقها توفر خيارات عديدة من القطع الصفراء الثمينة والمتلألئة حيث إنها تعج بأعداد كبيرة من المحال التجارية التي تضفي تنوعاً على المعروض الذي تقدمه من الحلي والمجوهرات»، موضحاً أن مدينة الذهب تتمتع بمقومات قوية تجعلها قادرة على تحقيق النمو المستدام بفضل ما تزخر به من البدائل والخيارات التي تبعث فيها الحيوية والازدهار وتضعها في موقع المستفيد في لحظات الصعود السعري على المعدن الأصفر، لذا حريٌ أن تزيد الفائدة في الوقت الراهن الذي تسجل فيه أسعار الذهب تراجعات على المستوى العالمي.
ولفت إلى أنه بالرغم من أن المشغولات الذهبية تعتبر الأكثر رواجاً وإقبالاً من قبل المستثمرين على حساب السبائك والعملات الذهبية والمعروفة بمسيات «الليرات والجنيهات» إلا أن الأسبوعين الماضيين أثبتت لنا الطلبات من قبل محال البيع بالجملة على أن المتسوقين يفضلون شراء السبائك الذهبية على المشغولات الذهبية الأخرى على اختلاف أشكالها ومنقوشاتها الفنية التي ترضي مختلف الأذواق.
مواسم
وأشار المدقة إلى أن الإقبال على شراء الذهب يعتمد على المواسم خلال العام، حيث إن العملاء من مختلف الجنسيات العربية عادةً ما يقبلون على الشراء خلال فترات الصيف والإجازات التي تكثر فيها حفلات الزفاف والأعراس، في حين أن مشتريات الجنسيات الآسيوية تحقق ارتفاعات خلال مواسم الأفراح.
جدير بالذكر، تعد مجموعة الكالوتي للمجوهرات من أكبر مصانع الذهب الخالص الخالص عيار 24 قيراطا في دولة الإمارات والمختصة في صهر وصب السبائك الذهبية المعتمدة، حيث إنها تستحوذ على حصة سوقية تزيد عن نسبة 40% من تجارة السبائك الذهبية على مستوى إمارة دبي.
حماس المستثمرين
وفي السياق ذاته، قدر كريم ميرشانت الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لمجوهرات «بيور جولد» أن الأسعار التي سجلها الذهب أخيراً حول العالم زادت من حماس المستثمرين المحليين على الإقبال لشرائه، لما توفره هذه المستويات السعرية من فرصة جيدة للاستثمار في الذهب الأمر الذي دفع بمبيعات الذهب في السوق المحلي إلى تحقيق مستويات قياسية على الصعيدين الجملة والتجزئة.
وفي معرض إجابته عن تأثيرات الأوضاع الاقتصادية على احتمالية استمرار انخفاض أسعار الذهب لمستويات أدنى من التي وصلتها في الآونة الأخيرة خلال الفترة القليلة المقبلة، قال ميرشانت: «إن صعود أو هبوط أسعار الذهب حول العالم يعتمد على عوامل متعددة ومتشابكة منها قوة العملة الأميركية الدولار من خلال زيادة الفائدة المتوقعة من قبل الحكومة الأميركية»، مضيفاً: «إن انخفاض الطلب من الصين والهند يلعب دوراً جوهرياً في تحديد الاتجاهات السعرية للمعدن الأصفر»، مشيراً إلى أن الطلب الهندي والصيني على الذهب هو المحرك الرئيس لنمو مبيعات الذهب في مدينة دبي.
واعتبر ميرشانت الاستثمار في الذهب حصناً منيعاً وملاذا آمناً لجميع الاستثمارات موضحاً أن المعدن النفيس لا يفقد مكانته وقيمته مهما حصل، وأنه مرت عليه فترات سجل فيهاً هبوطاً ولكن سرعان ما ارتدت أسعاره وهذا ما شهدناه في السنوات الخمس الأخيرة.
ركائز
وأشار إلى أن أسواق الذهب المحلية تزخر بالتنوع الكبير في ألوان المستثمرين فيها من مختلف الجنسيات حول العالم حيث إنها تتميز بوجود قوى شرائية تلعب أدواراً جوهرية في حركة السوق وتعتبر ركائز محورية لديناميكيته وعمله منها الجنسيات العربية، والآسيوية المقيمة داخل الدولة، فضلاً عن الزوار والسياح الذين يمثلون ثقلا نوعيا في شراء المشغولات والسبائك الذهبية في مختلف فترات ومواسم العام المتعددة.
خبراء يتوقعون استمرار الطلب محلياً
يتوقع الخبراء أن يستمر زخم الطلبات على الذهب في السوق المحلي ضمن مستويات الأسعار الحالية، لما يحتله المعدن الأصفر من مكانة متميزة في نفوس المتسوقين والمستثمرين الذين يتحينون الفرص الذهبية لشرائه واقتنائه على نحوٍ يحقق لهم الرضا والقبول بأسعاره التنافسية.
وتحتوي أسواق الذهب المحلية ولا سيما في دبي تجارتي الجملة والتجزئة التي تحقق مستويات ممتازة من النمو المتواصل كل عام حيث إن المؤشرات الرسمية تدلل على تحقيقها بحسب الإحصائيات الأولية حجم نمو يزيد على 5% خلال النصف الأول من العام الجاري مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.
وكانت أسعار الذهب حول العالم قد تعرضت لضغوط كبيرة أدت إلى تراجعها لأدنى مستوى لها منذ أكثر من خمس سنوات من الارتفاعات وتحديداً منذ شهر مارس عام 2010 حيث سجلت الأسعار 1,088 دولارا للأوقية «ما يعادل 4,067 درهما».
وتشهد أسعار الذهب الحالية انتعاش الطلبات عليها وإقبالاً من جميع المستثمرين حول العالم حيث سجلت في تداولاتها الأخيرة مقدار 1,115 دولارا للأوقية «ما يساوي 4,125»، مما يؤكد وجهة نظر الخبراء أن المعدن الأصفر ملاذ آمن دائماً، «فكما تسجل أسعاره هبوطاً وتراجعات لأسباب متباينة، تحقق الأسعار نفسها اليوم ارتفاعات متزايدة تبعث في نفوس عشاقه وراصدي تحركاته الأمان والطمأنينة مهما استمرت وبقيت العناصر الضاغطة عليه».
ضغوط
لفت كريم ميرشانت إلى أن الذهب في الوقت الراهن يمر بمراحل متغيرة بعد الضغوط التي مارسها عدد كبير من المستثمرين المتحمسين لمكاسب الدولار من خلال تطلعاتهم إلى تحسين أداء الاقتصاد القومي الأميركي.
وكان ميرشانت قد أوضح في تصريحات سابقة أن «مبيعات الذهب المحلية تحقق مستويات نمو متتالية بما يؤكد صحة الأسواق المحلية وقدرتها الكبيرة على التعامل مع مختلف التحركات العالمية»، وهذا ما دللت عليه الطلبات المتزايدة خلال الأسبوعين الأخيرين.