أصبحت ملايين الوظائف في مهب الريح ومهددة بالتبخر والاختفاء من سوق العمل خلال السنوات القليلة المقبلة، وتحديداً فإن تقديرات المنتدى الاقتصادي العالمي تشير إلى أن أكثر من خمسة ملايين وظيفة سوف تتلاشى وتختفي وتتبخر بحلول العام 2020، أما السبب في ذلك فيعود إلى التطور التكنولوجي الهائل الذي يشهده العالم.
ويقول المنتدى في أحدث تقديراته التي اطلعت عليها “العربية نت” إن الإنسان الآلي (الروبوت) سوف يحل مكان البشر في هذه الملايين الخمسة من الوظائف خلال ثلاث سنوات فقط من الآن، وهو ما سيؤدي إلى ارتفاع في نسب البطالة وأعداد العاطلين عن العمل، على أن الوظائف المهددة بالإنسان الآلي ليست سوى وظائف متدنية لا تحتاج إلى كثير من الذكاء والإبداع والابتكار، ويمكن تكليف “الروبوت” بالقيام بها.
وبحسب التقديرات فإن ثورة التكنولوجيا التي يشهدها العالم والتطور الهائل في علم “الذكاء الصناعي” جعل من الممكن تكليف “الروبوت” بالقيام بالعديد من المهام المعقدة التي لم يكن في السابق من الممكن أن يقوم بها.
لكن تقديرات المنتدى الاقتصادي تشير إلى أن “الروبوت” لا يزال حتى اللحظة لا يشكل تهديداً للوظائف المتوسطة، كما يعتقد البعض، مثل المحاماة والمحاسبة والخدمات المالية والخدمات المحترفة، وإنما سيتم استخدام الذكاء الصناع للقيام بالأعمال والوظائف المملة والبيروقراطية وتلك التي يسميها الغرب (paper work)، أي أنها أعمال روتينية لا تحتاج لكثير من الذكاء والإبداع.
وينقل تقرير لموقع “بزنس إنسايدر” المتخصص بأخبار الاقتصاد عن شركة محاماة متخصصة قولها إنها بدأت تستخدم الذكاء الصناعي في عملية تنظيم ومراجعة الملفات الوثائق، حيث يقول المدير في الشركة روب سامروي إنه “في الماضي لو كان لديك ألف ورقة وتريد مراجعتها فانك كنت تحتاج إلى أسبوع على الأقل للقيام بذلك، أما الأن فانك تقوم بمراجعة 10 آلاف ورقة خلال يومين فقط”، لافتاً إلى أن “الذكاء الصناعي” بات يقلل من الوقت اللازم للمراجعة والبحث وهو ما يقلل من المخاطر التي يواجهها الزبون أو صاحب الدعوى القضائية.
وتُقدر سالي ووكس الشريكة في نفس شركة المحاماة والخدمات القانونية أن “الذكاء الصناعي” بات يوفر على المحامين اليوم 50% على الاقل من الوقت اللازم لهم من أجل أن يقوموا بعملهم.
يشار إلى أن تقريراً سابقاً صدر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (UNCTAD) كان قد حذر من تأثير انتعاش “الروبوت” على الوظائف التي لا تتطلب مهارات عالية في البلدان النامية ومن انتفاء الحاجة إلى العمالة الرخيصة، حيث قال إن “من الممكن الاستعاضة عن ثلثي مجموع فرص العمل في العالم النامي من خلال الاعتماد على النظم الاوتوماتيكية التي أصبحت أكثر انتشارا في مجال صنع السيارات والالكترونيات”.
وجاء في التقرير: “إن زيادة استخدام الروبوتات في البلدان المتقدمة قد تحد من الاعتماد على العمالة المنخفضة التكلفة الموجودة في البلدان النامية، وإذا اعتُبرت الروبوتات شكلا من أشكال رأس المال وبديلا موثوقا للعمال ذوي المهارات المتدنية، فسيؤدي الأمر إلى تقليل حصة العمالة البشرية في اجمالي تكاليف الإنتاج”.
وبالرغم من أن هذه الخطط افتراضية، فإن الصين التي تعمل بجهد كبير لكي تصبح واحدة من بين أكبر اقتصادين في العالم على خلفية وجود يد عاملة رخيصة لديها، ستنضم هي الأخرى إلى ثورة الروبوتات، حيث يقول التقرير: “تشتري الصين سنويا منذ عام 2013 المزيد من الروبوتات الصناعية أكثر من أي بلد آخر. وبحلول نهاية العام الحالي من المرجح أن تتفوق على اليابان كأكبر مشغل للروبوتات الصناعية في العالم”.