مجلة مال واعمال

%5 معدل النمو السنوي ولا نخشى المنافسة

-

يحقق قطاع الخدمات المصرفية للأفراد نمواً معتدلاً خلال العام الحالي، بنسبة تراوح بين 3 و5% سنوياً، مقارنةً بـ10 و12% قبل بضع سنوات، حسب رؤساء الخدمات المصرفية للأفراد في بنوك محلية، أكدوا أن تراجع حجم الإقراض في ظل اعتماد تقارير شركة الاتحاد للمعلومات الائتمانية، والتحديات العالمية والتحديات على مستوى الاقتصاد الكليّ، وانخفاض أسعار النفط، كانت من الأسباب الرئيسة لانخفاض نسبة النمو المتوقعة للقطاع.
وأشاروا إلى أن قطاع خدمات الأفراد سيستمر في لعب دور متنام في استراتيجية نمو أي بنك، حيث إن العملاء (في قطاع الخدمات المصرفية للشركات) يفضلون التعامل مع شريك واحد، لتلبية احتياجاتهم المصرفية المهنية والشخصية.
واستبعد هؤلاء، تأثر قطاع الخدمات المصرفية للأفراد بالمنافسة مع شركات التكنولوجيا المالية وكذا بالمنافسة مع مشغلي الاتصالات رغم تقديمهم خدمات مثيلة لبعض خدمات البنوك، مثل إتمام المدفوعات وإدارة الثروات والإقراض وغيرها، منبهين إلى أن البنوك لا تشعر بالقلق حيال تلك الجهات التي يمكن اتخاذها شريكاً، وتالياً إيجاد فرص للبنوك تتجاوز بكثير ما تطرحه المنافسة من تهديدات.

عوامل نمو
وقال سوبروتو سوم، نائب الرئيس التنفيذي ورئيس مجموعة الخدمات المصرفية للأفراد في «بنك المشرق»، إن سوق الخدمات المصرفية للأفراد شهد تحدياتٍ متنامية على المستوى العالمي منذ عام 2016 لأسباب عديدة أهمها، تباطؤ التجارة العالمية، وانخفاض أسعار النفط.
وأضاف أنه على المستوى المحلي أقرت شركة الاتحاد للمعلومات الائتمانية في دولة الإمارات تدابير سمحت للبنوك بمعرفة فئات القروض التي يحصل عليها الأشخاص الذين تلقوا تمويلات تفوق قدراتهم المالية، وهو ما أدى وقتها إلى انخفاض حاد في حجم الإقراض، ولكنه أصبح حالياً أقل في الوقت الراهن، ولكن أكثر استدامة، مشيراً إلى أن تلك العوامل انعكست على معدلات نمو الخدمات المصرفية للأفراد الذي يناهز حالياً 3-5% سنوياً، مقارنةً بـ10-12% قبل بضع سنوات.
وعزا سوم، النمو الذي حققه قطاع الخدمات المصرفية للأفراد، خاصةً خلال الأشهر الـ18 المنصرمة، بالأساس إلى ثلاثة عوامل، أولها اجتذاب عملاء جدد في قطاع الخدمات المصرفية للأفراد، ما يعني دوماً المزيد من النمو، رغم أن ذلك استلزم جهداً كبيراً.
وقال إن ثاني العوامل تمثل في نمو قطاع المدفوعات والتجارة الإلكترونية وتداول العملات، حيث إن كثيراً من سكان الدولة أجانب، ويحتاجون لتحويل الأموال بانتظام، مؤكداً أن ثالث العوامل وراء النمو المحقق تمثل في نمو قطاع القروض العقارية والقروض الشخصية.
وعن تأثر أداء القطاع بالمنافسة مع شركات التكنولوجيا المالية (فينتك)، وكذلك مع مشغلي الاتصالات، أجاب سوم، بأن شركات التكنولوجيا المالية تنشط عالمياً في قطاع الخدمات المصرفية للأفراد بالأساس، بدءاً بالمدفوعات، مروراً بإدارة الثروات والإقراض، وأخيراً تحديد هوية العملاء وخدمات «اعرف عميلك»، وهذا هو سبب وجود الكثير من الاهتمام في هذا الصدد.
وقال إن البنوك تعمل مع الكثير من تلك الشركات، ولا تدخر جهداً لضمان امتلاكها منصات تقنية مفتوحة المصدر وواجهات مفتوحة لبرمجة التطبيقات حتى تتمكن من دمج تقنيات مختلفة بسهولة أكبر، منبهاً إلى أن «المشرق» يعمل حالياً مع شركات محلية متخصصة في التكنولوجيا المالية إضافة إلى خمس شركات ‏عالمية على الأقل تتوزع مقراتها بين لندن وسنغافورة، وهذا العدد مرشح بالتأكيد للزيادة.
وذكر سوم، أن بنك «المشرق» لم يستثمر حتى الآن في أي من شركات التكنولوجيا المالية، لكنه يدرك تماماً أن بنوكاً أخرى حول العالم تقوم بذلك، وربما نقرر استكشاف ذلك المجال مستقبلاً.
وأكد أن البنك منفتح على تلك الشركات، ولا يكاد يمضي أسبوع دون أن يدخل في محادثات مع شركة تعمل في مجال التكنولوجيا المالية بشأن ما يمكنهم تقديمه وكيف يمكن العمل معهم، لافتاً إلى أن «المشرق» لديه في الوقت الحالي فريق تقني داخلي قوي، يتخذ من مدينة «بنغالور» الهندية مقراً له، ويتولى تصميم وتنفيذ الكثير من الخدمات والتنسيق مع شركات التكنولوجيا المالية.
وفي ما يخص قدرة البنوك على المحافظة على مكانتها في ظل التنافس المحتدم بينها وبين شركات أخرى، مثل مشغلي الاتصالات، أفاد سوم، بأن البنوك التي تقدم الخدمات المصرفية للأفراد طالما حافظت على ريادتها التقنية وابتكارها في مجال التكنولوجيا، وستواصل إعادة تطوير قدراتها، وستحتفظ دوماً بأهميتها في أعين شركائها وعملائها على حدٍ سواء.
وقال، «لا نشعر بالقلق حيال أي من شركات التكنولوجيا المالية أو شركات الاتصالات، فنحن شريك مثالي لهم، وهذه الشراكة أكثر أهمية من التنافس، مبيناً أنه لضمان فعالية مثل تلك الشراكة، لابد أن تمتلك البنوك منصة وبنية تقنية حديثة وروح عملٍ متجددة، وريادة تكنولوجية، وللحفاظ على مكانتها، يجب أن تتأقلم البنوك وتتطور لتواكب اختيارات العملاء وتوقعاتهم في هذا الصدد».
واختتم سوم، بالتأكيد على أن الخدمات التي يقدمها القطاع المصرفي أساسية، معرباً عن اعتقاده أن كل مؤسسة بإمكانها أن تجد لنفسها دوراً تحت مظلة هذا النظام الحيوي، خاصة أن هذه الملابسات تنطوي على فرصٍ تتجاوز بكثير ما تطرحه من تهديدات.

شريك واحد
من جهتها، قالت فايزة الشامسي، رئيس الخدمات المصرفية للأفراد، منطقة أبوظبي، في بنك الفجيرة الوطني، إن الخدمات المصرفية للأفراد تلعب دوراً متنامياً في استراتيجية نمو أي بنك، حيث إن العملاء (من الشركات) يفضلون التعامل مع شريك واحد، لتلبية احتياجاتهم المصرفية المهنية والشخصية.
وأوضحت أن بنك الفجيرة الوطني يركز على توفير خدمات مصرفية متميزة للشركات، ولذا تبقى الخدمات المصرفية للشركات حالياً المحفّز الأساسي لأعمال بنك، مؤكدة أنه على الرغم من ذلك، فإن فريق عمل الخدمات المصرفية للأفراد يؤدي دوراً محورياً في مساعدة فريق الخدمات المصرفية للشركات على فهم متطلبات العملاء وتقديم خدمات لهم متوافقة مع احتياجاتهم المحددة.
وعن توقعات نمو قطاع الخدمات المصرفية للأفراد، أفادت الشامسي، بأنه نظراً إلى تحديات الاقتصاد الكليّ، قد تشهد الخدمات المصرفية للأفراد نمواً بسيطاً نسبياً.
وأضافت أن بنك الفجيرة الوطني يتوقع زخماً قوياً في نمو قطاع الخدمات المصرفية للأفراد، إذ إن نموذج عمل البنك يتيح له الاستفادة من العلاقات مع الشركات وتلبية احتياجات العملاء من خلال تزويدهم بمجموعة منتجات وخدمات مصرفية لافتة للأفراد، منوهة إلى أن توفّر عدد كبير من مديري العلاقات مع العملاء يضمن حصول العميل على خدمات شخصية متوافقة مع احتياجاته الفردية.
وفي ما يخص شكاوى عملاء البنوك بشكل عام من مغالاتها في رسوم الخدمات المصرفية، وأنها مصدر الربح الأول للبنوك، وأن البنك يمكنه تغيير تلك الرسوم في أي وقت بشرط إخطار العملاء، أجابت الشامسي، بأن القطاع المصرفي في الإمارات يخضع لإطار تنظيمي متين، ويجيز مصرف الإمارات المركزي فرض رسم أقصى على معظم العمليات المصرفية الخاصة بالأفراد، لافتة إلى أنه على الرغم من أن بنوك الإمارات (مثلها مثل الكثير من البنوك في أسواق أخرى حول العالم) يمكنها تعديل رسومها المفروضة على منتجات محددة من أجل زيادة الحصة في السوق، إلا أن بنك الفجيرة الوطني يقدّم تخفيضات في الرسوم من أجل استقطاب عملاء جدد، واطلاعهم على الخدمات التي يوفرها، والمتوافقة مع احتياجاتهم الشخصية.

محفزات إيجابية
من جانبه، يتوقع أمجد نصر، الخبير المصرفي، أن يحقق قطاع الخدمات المصرفية للأفراد نمواً معتدلاً خلال الفترة المقبلة مدفوعاً بعدد من العوامل والمحفزات الإيجابية أهمها اقتراب موعد استضافة «إكسبو 2020» وما يتبع ذلك من زيادة في وتيرة المشاريع المنفذة وحجمها، وكذا زيادة نشاط القطاعات السياحية والعقارية والاستثمارية، مرجحاً أن يكون تركيز العملاء الأفراد للبنوك على اتجاهين محددين هما منتجات التوفير وعمليات التمويل العقاري في ظل جاذبية الأسعار الحالية ووجود المزيد من الفرص الاستثمارية.
وأكد نصر، أن دخول شركات التكنولوجيا المالية ومشغلي الاتصالات لتقديم خدمات شبيهه بالخدمات التي تقدمها البنوك للأفراد، لا يمكن أن يؤثر على أداء القطاع المصرفي، خاصة أن تطور البنية التحتية للاتصالات يعطي دفعة للعمل المصرفي الرقمي ما يفيد البنوك في النهاية، منوهاً أنه يمكن للبنوك وشركات «فينتك» ومشغلي الاتصالات تحقيق التكامل لإيجاد مزيد من الفرص، حيث يمكن لشركات الاتصالات القيام بدور فعال في إتمام المدفوعات في المناطق الجغرافية التي لا تغطيها البنوك وأيضاً للفئات التي لا يمكنها التعامل مع البنوك، مثل فئة العمال والفئات الأقل دخلاً.