منذ أن دخل الاقتصاد الصيني في أغسطس من العام الماضي حالة من الاضطراب والتراجع، والمشكلات والتحديات تتكالب عليه واحدة بعد أخرى، فتراجع معدلات النمو، دفع بعديد من المؤسسات الدولية، إلى أن تكون أكثر دقة في تقييمها الجوانب المختلفة للاقتصاد الصيني، وأن يتصف بحثها وتحليلها لثاني أكبر اقتصاد في العالم، بدرجة أعلى من النقد وعدم التساهل أو التسامح في فهم وقراءة مؤشراته.
وفي هذا الإطار تحتل مشكلة الديون المصرفية المعدومة في الصين أو المشكوك في سدادها اهتماما دوليا تجاوز حدود بكين إلى المجتمع الدولي والمؤسسات المالية العالمية. فالاقتصاد العالمي لم يشف بعد من تبعات الأزمة المالية التي اندلعت في عام 2008، وتحولت سريعا إلى أزمة اقتصادية شاملة، ويتشابه وضع المصارف الصينية حاليا فيما يتعلق بالديون المتعثرة أو المشكوك في القدرة على سدادها مع ملامح النظام المصرفي الأمريكي في الأشهر السابقة لاندلاع الأزمة المالية العالمية، وفقا لما نقلتة صحيفة ” الاقتصادية”.
ويتخوف المختصون من أن يؤدي وقوع الاقتصاد الصيني في براثن أزمة مالية في الوقت الحالي، إلى الإطاحة بكل الجهود الدولية لإصلاح الاقتصاد العالمي من أزمته، وأن يعود المشهد الاقتصادي إلى نقطة الصفر مرة أخرى، بل ويخشون أيضا من فقدان الثقة بقدرة المؤسسات الاقتصادية الدولية على طرح حلول حقيقية للخروج من الأزمة الاقتصادية، وهو ما سيدخل المنظومة الاقتصادية الدولية في حالة من التعثر، ويقود إلى فوضى اقتصادية شاملة، يصعب التنبؤ بنتائجها أو بالمدى الزمني للخروج منها.
وتتركز الأنظار الآن على القطاع المالي الصيني، وتحديدا تزايد معدلات الديون المعدومة لديه، فعديد من المختصين يعتقدون أن هذا القطاع الرائد في عملية التنمية الصينية خلال العقدين الماضين، يواجه الآن أوضاعا شديدة الصعوبة، دفعت البعض بالتشكك في قدرته على تجاوزها، بل ودفعت بعض الاقتصاديين إلى إعادة القراءة مجددا لأداء هذا القطاع خلال العقدين الماضيين.
وأشار توم كين الباحث الاقتصادي، إلى حالة التذبذب الراهن في قرارات السلطات الصينية بشأن سياسة الإقراض، وتباينها بشكل كبير من شهر إلى آخر، وهو ما يعكس من وجهة نظره نزاعا داخل البنك المركزي الصيني بشأن كيفية التعامل مع المشكلة في الوقت الذي يتراجع فيه معدل النمو الاقتصادي.
وأوضح أن المصارف الصينية منحت قروضا بقيمة 385.40 مليون دولار في يناير الماضي، وذلك أربعة أضعاف ما منحته في ديسمبر، ويعكس هذا نزاعا بين الداعين إلى التغلب على مشكلة انخفاض معدل النمو عبر تبني سياسات مالية توسعية، ومنح مزيد من القروض لزيادة الإنفاق، وبين المنادين بخفض الإنفاق لضبط السياسة المالية.
وأضاف كين أن “هذا بالطبع ينعكس على الديون المعدومة التي قفزت بنسبة 7% خلال الفترة من سبتمبر الماضي إلى ديسمبر 2015، التي زادت خلال الربع الأخير بنحو 196 مليار دولار، وهذا أعلى معدل منذ عام 2006”.