استعرضت 36 جهة حكومية في دبي 163 فكرة مبتكرة في مبادرة «دبي 10x» خلال الأسبوع الجاري في مقر مؤسسة دبي المستقبل، أمام لجنة تقييم تضم خبراء مختصين على مستوى العالم بدراسة الأفكار المقدمة لمعرفة مدى قابليتها للتنفيذ، والوقوف على قدرتها في إحداث التغيير المنشود في إعادة صياغة مفهوم العمل الحكومي الحالي وفق توجهات استراتيجية الدولة، التي تهدف إلى تعزيز الابتكار في آلية العمل الحكومي، وتأسيس أجيال جديدة من الجهات الحكومية لديها المرونة والقدرة على مواكبة المتغيرات المستقبلية المتسارعة، بما يتسق مع ترجمة رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في الارتقاء بالخدمات المقدمة وتحقيق الرقم واحد بفارق 10 سنوات عن مدن العالم.
مدينة المستقبل
وقال عبدالله بن طوق، الرئيس التنفيذي بالإنابة لمؤسسة دبي للمستقبل لـ«البيان» إن المؤسسة تأسست لتحقق رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم لتصبح دبي مدينة للمستقبل، وتعمل المؤسسة من خلال أجندة دبي المستقبل والتي تتضمن ثلاثة محاور أساسية هي: الأفراد والمؤسسات والقطاعات، حيث تنضوي جميع مشاريع المؤسسة تحت هذه المحاور التي يتركز عملها على استشراف المستقبل وصناعته.
وأضاف: تركز المؤسسة على ترجمة توجيهات سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي، رئيس مجلس أمناء مؤسسة دبي للمستقبل في تغير منظومة العمل الحكومي والتفكير خارج الصندوق، لافتاً إلى أن مبادرة «دبي 10x»، سوف تسهم في ابتكار نماذج جديدة للعمل الحكومي، وستمكن أفكار الجهات الحكومية المشاركة في المبادرة، إمارة دبي من تطبيق ما ستطبقه مدن العالم الأخرى بعد عشر سنوات.
ريادة عالمية
من جانبه قال عامر العوضي مدير مشروع مبادرة «دبي 10x»، إن المبادرة تؤسس نماذج عمل جديدة تعيد صياغة مهام وأدوار الجهات والهيئات الحكومية وتعزيز دورها في خدمة المجتمع وتوجهات المستقبل، وذلك بما يتناسب وتوجهات الإمارة في تحقيق الريادة العالمية في كافة المجالات، وبما يدعم استراتيجيتها في صناعة المستقبل.
وتابع: تلقت المبادرة التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، 163 فكرة من الجهات المشاركة لتمكين دبي من تطبيق ما ستطبقه مدن العالم الأخرى بعد عشر سنوات.
وأوضح أن مبادرة «دبي 10x» تتضمن تأسيس فرق متخصصة في الجهات المشاركة لإعادة صياغة مهام وأدوار الجهات والهيئات الحكومية وتعزيز دورها في خدمة المجتمع وتوجهات المستقبل وتسعى إلى استحداث مختبرات تجريبية في الجهات الحكومية لتجربة نماذج حكومية مستقبلية وإيجاد الحلول للتحديات، وستعمل فرق العمل من خلال آليات عمل واضحة لتطبيق نماذج مستقبلية في بيئة يتوفر فيها كفاءات متميزة على دارسة سبل التطوير واختبار النماذج التجريبية لتحقيق الأهداف وإحداث التغيير المطلوب لإعادة صياغة وصناعة مفهوم وأساليب عمل الجهات الحكومية في خطوة ستسهم في جعل دبي مدينة المستقبل من خلال تقديم خدمات عالية الجودة للمتعاملين مع مؤسساتها الحكومية.
3 مراحل
وبين العوضي أنه بعد إطلاق المبادرة تم تشكل فرق العمل في الجهات الحكومية المشاركة وتم ترشيح رؤساء فرق العمل وزودتهم مؤسسة دبي المستقبل بخطة عمل تتضمن الجدول الزمني للسنة الأولى لتنفيذ المبادرة، مشيراً إلى أن خطة السنة الأولى شملت ثلاث مراحل، حيث تتمثل المرحلة الأولى في تأهيل وتثقيف وتدريب رؤساء فرق «10x» في 36 جهة حكومية وتم تنظيم دورة تدريبية لهم تضمنت خارطة طريقة حول كيفية إنشاء الفرق واختيار أعضاء بحيث لا تكون حكراً على إدارات الابتكار في الجهات الحكومية، ايمانا من مؤسسة دبي للمستقبل بأن الإبداع ليس له عنوان وكل موظف يستطيع أن يكون مبدعاً، وقامت المؤسسة بتزويدهم بدليل عمل الفرق في مارس الماضي، كما تم إطلاق الموقع الإلكتروني للمبادرة ووسائل التواصل الاجتماعية الخاصة بها.
وأضاف: كما أرسلت المؤسسة رؤساء فرق العمل إلى سان فرنسيسكو للتعرف على ثقافة التفكير خارج الصندوق وعلى مدار 5 أيام زاروا قادة الفرق أكثر من 28 شركة في أميركا، وحضر معالي محمد القرقاوي وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل رئيس مجلس «دبي 10x»، وهذا يدل على الدعم الكبير من القيادة، وطلبنا من الفرق وضع أفكار لمشاريع ومبادرات وطلبنا من كل جهة ترشيح 5 أفكار تكون قابلة للتطبيق وتنسجم مع معايير مبادرة «دبي 10x».
6 ورش
وقال العوضي: تم تدريب وتأهيل فرق العمل، من خلال تنظيم 6 ورش عمل بينها 4 ورش استهدفت رؤساء فرق«10x» وورشتان لجميع الفرق ومراجعة وتقييم الخطط الخاصة بها، استعداداً للمرحلة الثانية لتحويل الأفكار إلى نماذج أولية.
وأضاف العوضي: في المرحلة الثانية التي بدأت هذا الأسبوع تم استعراض الأفكار التي قدمتها الجهات الحكومية أمام لجنة تحكيم تضم 8 خبراء متخصصين لتقيم هذه الأفكار ومدى مطابقتها لمعايير المبادرة، وتم تقسيم اللجنة إلى قسمين بواقع 4 محكمين، بهدف تحديد الأفكار التي تحقق أهداف المبادرة ورفع التوصيات النهائية بشأنها للمؤسسة التي بدورها ستقوم برفعها إلى مجلس«دبي 10x»، وسيتم اختيار أفضل الابتكارات والحلول للعمل بها وعرضها خلال فعاليات الدورة المقبلة من القمة العالمية للحكومات.
وفيما يتعلق بالمرحلة الثالثة ستركز على تنفيذ الأفكار وستبدأ بعد إطلاق الأفكار المعتمدة في القمة العالمية للحكومة المقبلة، ومطلوب من كل جهة حكومية وضع خطة عمل للعام الأول من تطبيق المبادرة لتنفيذ الأفكار خلال 12 شهراً بعد إعلانها في القمة.
وذكر العوضي أن دور مؤسسة دبي للمستقبل سيكون إشرافياً على متابعة تنفيذ أفكار الجهات الحكومية وتذليل العقبات لتنفيذها على أكمل وجه.
لجنة تقييم
من جانبه قال الدكتور عيسى البستكي عضو لجنة التحكيم في مبادرة «دبي 10x» إن اللجنة تضم نخبة متميزة من أبرز الخبراء والمختصين في مجالات التكنولوجيا والابتكار ومسرعات المستقبل والمجالين الاقتصادي والتجاري، لافتاً إلى أنه تم التركيز في علمية التقييم على ضرورة أن يسعى العرض التقديمي للفكرة المشاركة إلى معالجة جملة من المعايير حتى يتم تأهلها للجولة التالية، بحيث تكون الفكرة فريدة من نوعها، ومسرعة للمستقبل تتوافق مع أهداف المبادرة وتكون محفزة تثير الاهتمام وقابلة للتطبيق عالمياً، وقدرة المؤسسة على تنفيذها أو حاجتها إلى شراكة مع مؤسسات أخرى في عملية التنفيذ.
وتابع: يجب أيضاً أن تحقق الفكرة تمكين دبي من تطبيق ما ستطبقه مدن العالم الأخرى بعد عشر سنوات «10x»، وأن تكون الفكرة ذات جدوى اقتصادية تتوافق مع توجهات حكومة دبي في استشراف المستقبل وتسهم في تعزيز الابتكار في العمل الحكومي، وتأسيس أجيال جديدة من الجهات الحكومية التي لديها المرونة والقدرة على مواكبة المتغيرات المستقبلية المتسارعة.
ولفت إلى أن معظم الجهات الحكومية المشاركة قدمت 5 أفكار وبينها من قدم 4 أو 3 أفكار، وبالمجمل العام كانت جميع الأفكار المقدمة متميزة وتحقق أهداف المؤسسة وتناولت قطاعات حيوية مختلفة، إلا أن بعضها لا يرتقي ليكون «10x» ولكن من الممكن أن تكون مشاريع ومبادرات فعالة للفترة المقبلة، وسيجتمع أعضاء لجنة التحكيم اليوم بعد انتهاء عمليات التقييم مع مؤسسة دبي المستقبل لمناقشة التوصيات حول الأفكار التي تم استعراضها.
رؤساء فرق: نستهدف قطاعات حيوية تعزز تنافسية دبي عالمياً
التقت «البيان» مع رؤساء فرق «10x» لتسليط الضوء على القطاعات التي تناولت الأفكار المشاركة ومدى الجدوى الاقتصادية منها، بهدف تعزيز تنافسية إمارة دبي عالمياً، وتحقيق رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، في استشراف وصناع المستقبل.
بداية قال الدكتور منصور العصيمي رئيس فريق «10x» في اللجنة العليا للتشريعات إن الأفكار التي تشارك فيها اللجنة تركز على الجمهور بصفة عام والقطاع التجاري بصفة خاصة، لافتاً إلى أن اللجنة تتوقع أن حكومة دبي ستخلق نظاماً قانونياً جديداً للاقتصاد في سن التشريعات الاقتصادية والمالية حول العالم. وأضاف: إن اللجنة تعمل على هذا الأمر ضمن الأفكار التي قدمتها لتطوير التشريعات المالية والاقتصادية والتي سيكون لها الأثر الإيجابي على الاقتصاد الوطني وأفراد المجتمع.
حياة أفضل
بدورها أكدت فاطمة بطي المهيري رئيس فريق «10x» في هيئة تنمية المجتمع في دبي، أن الهيئة مشاركة بثلاث أفكار رئيسية إحداها مبنية على الشراكة مع مركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي، حيث تخدم هذه الأفكار القطاع الاجتماعي من ناحية تمكين الأفراد وضمان حياة أفضل للمقيمين في دبي، وسيكون هناك عوائد اجتماعية ومالية متميزة لهذه الأفكار. وذكرت وضحة الغفلي رئيسة فريق «10x» في مركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي أن الفكرة المطروحة بالتعاون مع هيئة تنمية المجتمع ستمكن الأفراد مالياً وستسهم في تحسين أوضاعهم المعيشية وتخدم التخطيط المستقبلي بشكل أفضل بمجالي القطاع الاجتماعي وتنمية الاقتصاد الإسلامي في دبي وتعزيز الإمارة عاصمة عالمية للاقتصاد الإسلامي.
مبادرات ثقافية
من جانبها قالت موزة سويدان رئيسة فريق «10x» في هيئة دبي للثقافة والفنون: استهدفنا بالأفكار التي طرحناها مبادرات ثقافية وفنية تواجه تحديات المشكلات البيئية للمحافظة على التراث الإماراتي. وبينت أن هذه الأفكار تمس قطاع الفنون والتراث ولها جوانب مجتمعية وبيئية وتسهم في تنمية الاقتصاد الابداعي في إمارة دبي، ولها تأثير كبير على تنميته، حيث تركز الأفكار المقدمة على جعل مدينة دبي منصة تجذب المواهب العالمية والابتكارات في مجالات الفن والأدب والثقافة، فضلاً عن أن تنفيذ هذه الأفكار يسهم في تقليل التكلفة على الحكومة من خلال استخدام التكنولوجيا الحديثة.
تشريعات
قال عامر العوضي إن حاضنة الأعمال العالمية 1776 التي تتخذ من دبي مقراً إقليماً لها أطلقت بالتعاون مع مبادرة «دبي 10x» برنامج التشريعات التنظيمية الأول من نوعه، وذلك خلال ورشة عمل نظمتها في دبي بحضور رؤساء الفرق المشاركة في المبادرة. ويهدف البرنامج إلى تعزيز مكانة دبي الريادية على مستوى العالم في خلق مفاهيم الابتكار الحكومية الجديدة، وذلك من خلال العمل مع الشركات الناشئة على نظام يمكن من خلاله ضمان فعالية أكبر في الأداء والكفاءة والإنتاجية.
منظومة
منهجية عمل حكومي خارج الأطر التقليدية
قال عبدالله بن طوق الرئيس التنفيذي بالإنابة لمؤسسة دبي للمستقبل إن المبادرة تهدف إلى تغيير منهجية وطريقة عمل الجهات الحكومية وتجديد عملياتها بطريقة خارجة عن الأطر التقليدية للعمل الحكومي، حيث ستساعد المبادرة الجهات الحكومية بالتركيز والعمل في قطاعها واختصاصاتها وإيجاد نماذج عمل خارج الأطر التقليدية.
وأضاف: تعبر المبادرة نقلة نوعية في وضع أسس جديدة تبني عليها حكومة دبي منظومة المستقبل في العمل الحكومي، حيث ستعيد المبادرة صياغة المفهوم التقليدي للحكومات، وتفرز نموذجاً مرناً لديه القدرة على مواكبة المتغيرات والتأقلم مع آخر التطورات التكنولوجية العالمية في ظل الثورة الصناعية الرابعة، وكذلك ستؤسس المبادرة نموذجاً فريداً يعيد تعريف دور الحكومات في خدمة المجتمعات في تجربة فريدة ملهمة لكافة حكومات العالم، وستؤدي إلى تغيير جذري ليس في عمل الحكومات وحسب بل في أسلوب حياة الأفراد والمجتمعات.
فرق
تحسين جودة الخدمات وحلول مناسبة للتحديات
يقع الدور الرئيسي في مبادرة «دبي 10x»على عاتق الجهات الحكومية في إمارة دبي، وستقوم هذه الجهات بتشكيل فرق عمل خاصة بالمبادرة والتي ستقوم بدورها بتطوير مبادرات مرتبطة بمنظومة عمل الجهة الحكومية، وكذلك إدارة مختبرات «X» في كل جهة حكومية.
وستقوم المؤسسات بإعادة صياغة الهياكل التنظيمية لها والأنظمة والتقنيات التي تستخدمها، وفي المرحلة اللاحقة ستعمل على تعزيز الشراكة مع الجهات الأخرى لتسهيل تقديم الخدمات والتصدي للعقبات التنظيمية التي تواجهها.وتحظى هذه المبادرة باهتمام ومتابعة شخصية من سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، حيث لا تسعى المبادرة لتحسين جودة الخدمات وإيجاد الحلول للتحديات التي ستواجه مختلف القطاعات الحيوية وذات الأهمية الاستراتيجية في المستقبل فقط، بل تعمل لإعادة تعريف النماذج المتعارف عليها في العمل الحكومي بطريقة خارجة عن الأطر التقليدية بما يخدم توجهات المستقبل ويعيد صياغة دورها في المجتمع بالكامل، لتكون أكثر قدرة ومرونة في التعامل مع طبيعة المتغيرات والمتطلبات المستقبلية.