واصلت أسعار حديد التسليح انخفاضها في أبوظبي لتصل إلى 1680 درهماً للطن مقابل نحو 2300 درهماً، خلال شهر ديسمبر الماضي، وبنسبة تراجع وصلت إلى 26.9%، بحسب تجار مواد بناء ومقاولين وشركات مقاولات في أبوظبي.
وأكد التجار والمقاولون أن أسعار حديد التسليح مهيأة للتراجع خلال الأيام المقبلة، مشيرين إلى أن السبب في هذا التراجع الكبير يرجع لعوامل مجتمعة عدة ارتبطت مع بعضها البعض فجأة وكان تأثيرها قوياً على الأسواق العالمية والمحلية.
وأشاروا إلى أن أسباب التراجع تتمثل في استمرار تراجع وتذبذب العملة الصينية (اليوان وتباطؤ الاقتصاد الصيني والياباني بشكل بارز إضافة إلى الاستمرار في تراجع أسعار النفط لتسجل ما دون 43 دولاراً للبرميل، وكذلك قلة مشاريع البناء الحكومية والخاصة الجديدة وتركيز أغلبية المشاريع على البنية التحتية والمرافق. واستحوذ الأسبوع الماضي على النسبة الأكبر من تراجع أسعار الحديد خلال العام الجاري، حيث تراجع السعر يوم السبت 15 أغسطس من 1900 درهم إلى 1680 درهماً يوم الخميس 20 أغسطس وشمل التخفيض كل أنواع الحديد سواء التركي أو الإماراتي أو القطري من دون استثناء.
بيع المخزون
ويؤكد أحمد المزروعي رئيس جمعية المقاولين في أبوظبي رئيس شركة بولينج للمقاولات أن سوق دولة الإمارات بصفة عامة وسوق أبوظبي بصفة خاصة يتميز حالياً بوفرة كبيرة جداً في حديد التسليح بكل أنواعه، موضحاً أن التجار يحاولون اليوم بيع المحزون الوفير لديهم بأي ثمن حتى لا يتكبدوا المزيد من الخسائر خاصة مع وجود مؤشرات تؤكد أن تراجع الأسعار قد يستمر وذلك على الرغم من اعتقادي أننا وصلنا لمرحلة القاع مع أسعار الحديد.
ويشير إلى أن إقبال المقاولين وشركات المقاولات حالياً على الحديد ليس كبيراً، موضحاً أن أغلبية المشاريع الجديدة حالياً في الدولة وأبوظبي تركز على البنية التحتية والمرافق وهي مشاريع لا تستهلك كميات كبيرة من الحديد، بل تحتاج إلى كميات أكبر من الإسمنت ولذلك فإن مخزون الحديد يتزايد خاصة مع دخول شحنات جديدة من الحديد التركي والقطري تم التعاقد عليها سابقاً.
شروط تعاقدية
ونوه أحمد المزروعي بأن الوضع الحالي للسوق في أبوظبي يدفع التجار لخفض أسعار الحديد خاصة مع وجود منافسة قوية وحقيقية بين الحديد التركي والإماراتي والقطري في السوق، وهذا التنافس يستفيد منه المقاولون في الحصول على أسعار ممتازة أو فترات سداد أطول أو شروط تعاقدية أفضل. وأوضح أن تراجع أسعار الحديد لا يؤثر بشكل واضح على المشاريع الصغيرة من فيلات المواطنين لافتاً إلى أن أغلبية هذه المشاريع مرتبطة بعقود سابقة ولها مواعيد تنفيذ نهائية وإلا سيتعرض المقاولون للمخالفة.
اتجاه نزولي
ويؤكد الدكتور فؤاد الجمل رئيس شركة تراست للمقاولات أن أسعار الحديد مرشحة للتراجع محلياً لافتاً إلى أن سعر طن الحديد سجل في إحدى السنوات الماضية 900 درهماً وعلى الرغم أنه من الصعب حالياً التراجع لهذا السعر إلا أن سعر الطن تراجع خلال الفترة الماضية من 2300 درهم نهاية ديسمبر إلى 1680 درهماً نهاية الأسبوع الماضي ومن المتوقع أن يتواصل التراجع والاتجاه النزولي للأسعار بسبب الأوضاع الاقتصادية العالمية المتقبلة وعلى رأسها وضع الاقتصاد الصيني، إضافة إلى التراجع غير المسبوق والمعقول لأسعار النفط والتي سجلت أخيراً 42 دولاراً للبرميل.
ويشير الدكتور فؤاد الجمل إلى أن السوق المحلي في أبوظبي لم يشهد خلال الأشهر الثمانية الماضية مشاريع عقارية عملاقة كما كان سابقاً، وتراجعت المناقصات الكبيرة وبلا شك فإن الظاهرة المسيطرة اليوم على السوق هي تراجع كم وحجم المشاريع، وكنا سابقا نتنافس على عشرات المشاريع التي تصل قيمة الواحد منها 150 مليون دولار واليوم نتنافس على مشاريع قيمتها 50 مليون دولار علماً بأن عدد المشاريع الجديدة تراجع بشكل واضح خاصة خلال شهور الصيف.
ساعات العمل
وينوه بأن حجم الأعمال تراجع خلال أشهر الصيف بنحو 20% نتيجة انخفاض ساعات العمل، ما أدى إلى تراجع مبيعات مواد البناء بنسب لا تقل عن 15% والمشاريع التي يستمر العمل فيها حالياً في أبوظبي هي مشاريع الإسكان الخاصة بالمواطنين، التي تسهم في زيادة النشاط بقطاع المقاولات إلا أن ذلك لا ينعكس بصورة مباشرة على أسعار الحديد حيث مازالت هذه المشاريع محدودة مقارنة بالفترات السابقة التي سيطرت عليها المشاريع العقارية العملاقة مثل مشروع أبراج البوابة في جزيرة الريم لشركة الدار أو غيرها.
إعادة الهيكلة
وينوه الدكتور فؤاد الجمل بأن مشاريع المقاولات الكبرى في أبوظبي ومنطقة الخليج يتم إعادة هيكلة وبرمجة لها في الوقت الحالي خاصة مع استمرار تراجع أسعار النفط بشكل مقلق للغاية أدى إلى اتخاذ العديد من بلدان الإمارات لإجراءات وقرارات اقتصادية لتنويع مصادر دخلها، بما يؤدي إلى تقليص اعتمادها على النفط ولذلك خطت دول نحو رفع الدعم عن المحروقات، بينما تدرس دول أخرى تطبيق ضرائب جديدة تؤدي إلى زيادة مواردها.
تباطؤ نمو الصين يقلّص الطلب العالمي
قال خالد إدلبي المدير العام للشركة العربية لمواد البناء في أبوظبي إن أسعار حديد التسليح في أبوظبي سجلت مع بداية الأسبوع الماضي 1800 درهم لطن الحديد الإماراتي والتركي، بينما سجل الحديد القطري 1900 درهم للطن إلا أنه مع نهاية الأسبوع تراوحت الأسعار بين 1680 درهماً و1700 درهم ومن المتوقع ألا تستقر الأسعار وقد تنخفض علماً بأن أسعار الطن كانت تتراوح بين 2300 درهم و2500 درهم نهاية العام الماضي.
تباطؤ الصين
ونوه بأن أحد الأسباب الرئيسة وراء التراجع السريع في أسعار الحديد خلال الأسبوع الماضي هو تراجع سعر العملة الصينية (اليوان) إضافة إلى التباطؤ الكبير في نمو الاقتصاد الصيني والذي يستهلك كميات كبيرة من الحديد العالمي وتراجع الأسعار ظاهرة طفت على السطح بقوة خلال الأشهر الثلاثة الماضية وهي الفترة التي تزامنت مع شهور الصيف، حيث يتباطأ تنفيذ مشاريع المقاولات داخل الدولة، كما أن العديد من المقاولين والملاك اتخذوا قرارات بالتريث في تنفيذ المشاريع الجديدة إلى أن تستقر أسعار الحديد خاصة أن هناك توقعات كثيرة تشير إلى استمرار التراجع في الأسعار خلال الفترة المقبلة.
وأشار إدلبي إلى أن تراجع أسعار النفط إلى نحو 43 دولاراً للبرميل مقارنة بنحو 92 دولاراً للبرميل العام الماضي وأكثر من 105 دولارات للبرميل العام قبل الماضي كان له أثره الكبير في تراجع الطلب على الحديد أيضاً، وقد أثر تراجع أسعار النفط والمواد الأولية على التكلفة الإجمالية لعملية نقل الحديد من تركيا والصين إلى الإمارات، وأدى هذا الوضع مع تراجع الطلب محلياً إلى وفرة كبيرة في المعروض من الحديد وتراجع سعره.
إحصاءات
وفقاً لآخر تقرير لمركز الإحصاء في أبوظبي فقد انخفض متوسط أسعار الحديد خلال شهر يوليو الماضي 15.6% مقارنة مع يوليو 2014، كما تراجعت أسعار النفط لنحو 43 دولاراً وفقد الخام أكثر من نصف قيمته خلال عام بعد تسجيله 115 دولاراً للبرميل في يونيو 2014 وسجلت الأسعار أدنى مستوى في 6 سنوات لها خلال الأيام الماضية.
منافسة
قال خالد إدلبي ان انخفاض قيمة العملة التركية أدى لتراجع أسعار الحديد التركي بالأسواق المحلية لأن هذا التراجع أثر إيجابياً على تكلفة تصدير الحديد من تركيا للإمارات، فضلاً عن أن المنافسة القوية بين الحديد التركي والإماراتي والقطري لعبت دوراً مهماً في خفض الأسعار وحالياً فإن معظم المبيعات تتم بالبيع الأجل وليس النقدي وأن 10% من المبيعات فقط تتم عبر السداد الفوري.
وأشار إلى أن سوق الإمارات شبه خال من الحديد الصيني، مشيراً إلى أن أغلبية المقاولين وشركات المقاولات يفضلون الحديد الإماراتي والتركي بصفة خاصة، حيث يتم استخدامهما بشكل موسع في المشاريع الجديدة، بينما يفضل الملاك المواطنون استخدام الحديد القطري في بناء فيلاتهم.