رجح وزير التخطيط والتعاون الدولي الدكتور جعفر حسان أن يشهد العام 2013 صعود المؤشرات الاقتصادية في ظل زيادة الإنفاق التنموي بشكل كبير نتيجة تدفق المنح ما يؤثر ايجابا على نسب النمو بشكل عام.
وقال حسان في مقابلة مع “الغد” إن التحسن المتوقع للمؤشرات الاقتصادية يأتي نتيجة تخفيض الاستدانة الداخلية والابتعاد عن مزاحمة القطاع الخاص في التمويل، والحصول على قروض الجهات المانحة بشروط ميسرة لتمويل العجز.
واضاف أن “الأردن اثبت للجميع قدرته على تجاوز أصعب الأزمات بحكمة قيادته واستقرار مؤسساته وطموحات شعبه”.
وربط حسان تفاؤله بشأن المؤشرات الاقتصادية بالتخفيض التدريجي للعجز من 7,6 % إلى 5,5 و3,5 % للأعوام 2015-2013، وتراجع النفقات الجارية وارتفاع تغطية الايرادات المحلية للنفقات الجارية من 75 % إلى 85 % العام 2013 وصولاً إلى 90,5 % مع انتهاء برنامج الاصلاح الاقتصادي والمالي بعد 3 أعوام.
كما يأتي في ظل بدء العمل الفعلي على تنفيذ مشاريع جديدة تسهم بشكل كبير في تجاوز تحديات الطاقة التي نعاني منها، ومن خلال استيراد الغاز الطبيعي بحرا من العقبة ومن مختلف المصادر المتوفرة وبناء خط للنفط من العراق والبدء بتنفيذ مشاريع للطاقة البديلة (الشمسية والرياح).
وأضاف أن “الاستقرار السياسي والأمني وتحسن الأداء المالي سيؤدي إلى ارتفاع في حجم الاستثمار، لاسيما أن هنالك مجموعة من مشاريع القوانين الاقتصادية بانتظار مجلس النواب والتي ستسهم بشكل كبير في توفير بيئة أفضل للقطاع الخاص”، مبينا أن ذلك يسهم في دفع المؤشرات الإيجابية كاحتياطي العملات الأجنبية وتحويلات المغتربين والاستثمار والسياحة.
وأكد حسان السعي لتطبيق الاعتماد على الذات على المدى المتوسط ضمن برنامج الاصلاح الاقتصادي، من حيث التخفيض التدريجي لنسبة المنح للناتج المحلي الاجمالي.
كما أوضح الوزير أن “كل ذلك لا يعني أننا لن نواجه تحديات، ابرزها الاستمرار بتمويل كلف الطاقة العالية، بالاضافة الى الظروف الاقليمية غير المستقرة، واستمرار الأزمة في سورية وأثرها على الأردن خاصة من حيث تدفق السوريين عبر الحدود وتدني مستويات الغاز المصري المصدر للأردن واسعار النفط المرتفعة أو أي أزمات أخرى طارئة في المنطقة، ونوه إلى أن المساعدات التي تصل الى الاردن لتخطي وضعه الاقتصادي الصعب لا تغطي حجم فجوة الإنفاق على الطاقة، وأن المساعدات في غالبيتها توجه نحو المشاريع وليست بشكل دعم نقدي مباشر للموازنة، بالإضافة إلى تفاقم الأزمة في سورية ولجوء مئات الآلاف من السوريين إلى الأردن مما يترتب عليه كلف كبيرة على الخزينة لتوفير الخدمات الضرورية، والتي قد تزيد على 500 مليون دولار ككلف مباشرة على الحكومة العام 2013.
وأضاف أن “التحسن النسبي المتوقع لا يعني تجاوز الأزمة ولا يعني التساهل في التعاطي مع حجم التحديات الماثلة، وأهمية العمل لإنجاح برامج الإصلاح الضرورية”.
المنحة الخليجية
وعن المنحة الخليجية التي قدمت من الصندوق الخليجي للتنمية والبالغة 5 مليار دولار على مدى 5 سنوات ابتداء من 2012 وحتى 2016، أوضح حسان أنّ “المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربي قرر في دورته 32 المنعقدة في كانون الاول (ديسمبر) 2011 تخصيص منحة بقيمة 5 مليار دولار وذلك لتمويل المشاريع التنموية في الأردن، حيث يقسم هذا المبلغ بين كل من (المملكة العربية السعودية، دولة الإمارات العربية المتحدة، دولة الكويت، دولة قطر) بمقدار (1.25) مليار دولار من كل دولة للفترة ما بين 2012-2016.
وأضاف أنه “عند اعداد قائمة المشاريع المقترحة للتمويل من خلال المنحة الخليجية طوال النصف الاول من العام 2012 تم الأخذ بعين الاعتبار ضرورة انعاش النمو وتخفيف عجز الموازنة، وقد قامت لجنة التنمية الاقتصادية الوزارية في مطلع 2012 بتكليف وزارة التخطيط والتعاون الدولي ووزارة المالية ودائرة الموازنة العامة بوضع تصور حول المشاريع المزمع تمويلها من المنحة الخليجية”.
واضافت “اللجنة قامت باختيار كافة المشاريع التنموية ذات الأولوية والمستمرة في الموازنة، والتي يمكن تقديمها للصناديق العربية للموافقة على تمويلها وتوفير المخصصات لها وذلك لتجنب المزيد من الاقتراض للإنفاق على هذه المشاريع الواردة في موازنة 2012 والمستمرة وتحميل الخزينة مزيداً من الأعباء المالية، وتم الاتفاق على مشاريع تنموية ذات أولوية في الموازنة يمكن للصناديق العربية اعتمادها”.
وتابع أنه تم رفع تلك المشاريع الى رئيس الوزراء بموجب كتاب مشترك من وزيري المالية والتخطيط، وتزويد مجلس الوزراء بقوائم المشاريع المنوي تقديمها للتمويل من المنحة الخليجية لإقرارها، وقد شكلت هذه المشاريع المستمرة في الموازنة حوالي 64 % من مجمل المنحة في حين كان المبلغ المتبقي موجهاً لمشاريع جديدة لها اولوية عاجلة وكانت في أغلبها ضمن البرنامج التنفيذي التنموي للحكومة ومعظمها في قطاع الطاقة.
يشار هنا إلى أنّ البرنامج التنفيذي التنموي يمثل خطة عمل الحكومة التنموية في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية على المدى المتوسط، وقد تم إعداده بنهج تشاركي من خلال 14 فريق عمل قطاعي على مستوى الأمناء والمديرين العامين لإعداد محاور البرنامج، استناداً إلى عدد من المرجعيات اهمها الأجندة الوطنية، وكتب التكليف السامي والاستراتيجيات القطاعية المختلفة، علماً بان البرنامج اعد وأقر العام 2010 وحدث العام 2011 حيث تم إقراره مجدداً في حينه.
ويتم إعداد البرنامج التنفيذي التنموي من خلال مرجعية واضحة مصدرها مجلس الوزراء واللجان الوزارية التي امضت اشهراً في بلورة الاولويات ودراستها قبل إقرارها، بالإضافة إلى أن كافة البرامج والمشاريع التي تمثل الأولويات اعتمدت من قبل الجهات المنفذة ذات العلاقة، واللجان الوزارية على أسس واضحة ومخرجات محددة من حيث التصميم والجدوى والقدرة على التغيير وضمن إطار السياسة المالية وإمكانات الدولة، علماً بأن تقييم هذه البرامج يتم من خلال اكثر من 600 مؤشر اداء تشمل مختلف القطاعات.
مشاريع ذات أولوية قصوى
وقال حسان إنه “تم إقرار عدد من المشاريع التنموية الجديدة ذات الأولوية القصوى لقطاع الطاقة من قبل مجلس الوزراء، شملت إنشاء ميناء للغاز الطبيعي والتخزين الاستراتيجي والطاقة البديلة لتجاوز أزمة الطاقة على المدى المتوسط وتعزيز أمن التزود بالطاقة، وبذلك تضمنت القائمة التي تم إعدادها والاتفاق عليها بين وزارة المالية ووزارة التخطيط والتعاون الدولي، والتي أقرها مجلس الوزراء اهم المشاريع التنموية الرأسمالية للحكومة التي قدمت لدول مجلس التعاون الخليجي لتمويلها”. وتشمل تلك المشاريع الموازنة العامة المستمرة، حيث تم إيلاء المشاريع الرأسمالية المدرجة ضمن موازنة الحكومة اولوية للاستفادة من المنحة الخليجية وذلك لتتمكن الحكومة من تنفيذ المشاريع الرأسمالية حسب برامجها الزمنية ولتقليل العجز المالي للموازنة، وعليه فقد تمت دراسة جميع المشاريع الواردة ضمن الموازنة للعام 2012.
واوضح انه تم اعداد قائمة بجميع المشاريع التي من الممكن ان يتم تقديمها للممولين، حيث بلغت القيمة الاجمالية لتنفيذ هذه المشاريع خلال الفترة (2012-2015) حوالي 3175 مليون دولار، وتشكل 63.5 % من اجمالي المنحة الخليجية للأعوام (2012-2016)، وشملت هذه المشاريع بناء مدارس جديدة وتجهيز مراكز صحية في المحافظات وتأهيل مستشفيات عديدة واستكمال مستشفيات في المحافظات وتخصيص تمويل لاستكمال ممر عمان التنموي وطريق المطار وصيانة الطرق في مختلف أنحاء المملكة، واستكمال مشاريع سدود وشبكات مياه في المحافظات ودعم صندوق الطالب والبحث العلمي وتعزيز بنية الجامعات الرسمية وإنشاء حاضنات الأعمال ودعم مؤسسة الإقراض الزراعي والمناطق التنموية في المحافظات وصندوق تنمية المحافظات وغيرها.
واشار الى أن المشاريع الجديدة في البرنامج التنموي تمثل أهم الأولويات وذات جدوى اقتصادية واجتماعية عالية، وأهمية استراتيجية، وتسهم في تطوير عدة قطاعات حيوية، وقد تم اعداد قائمة بأهم المشاريع ذات الاولوية بشكل مشترك مع وزارة المالية وعرضها على اللجنة الاقتصادية ومجلس الوزراء قبل اقرارها، حيث بلغت القيمة الاجمالية لتنفيذ هذه المشاريع حوالي 1825 مليون دولار، وتشكل 36.5 % من إجمالي المنحة الخليجية. ومن الجدير بالذكر انه قد تم ادراج هذه المشاريع كافة ضمن موازنة الوزارات المنفذة في قانون الموازنة للعام 2013.
قطاع الطاقة
وذكر الوزير أن هذه المشاريع توزعت على عدة قطاعات وهي قطاع الطاقة، حيث كان لمشاريع الطاقة المتجددة والتي تهدف إلى تقليل اعتماد المملكة على الطاقة المستوردة، وذلك بسبب ارتفاع أسعار المشتقات النفطية واستمرار أزمة توريد الغاز من مصر والمستخدم في توليد الطاقة الكهربائية، ولزيادة استخدام الطاقة المتجددة في خليط الطاقة الكلي حسب استراتيجية الطاقة، كما ان هذه المشاريع ستسهم بشكل كبير في زيادة القدرة التوليدية للطاقة في المملكة وستسهم في خلق فرص استثمارية تبلغ ثلاثة اضعاف قيمة التمويل المطلوب، الامر الذي سيوفر فرص عمل لآلاف المواطنين الاردنيين، وفتح قطاعات جديدة بتنافسية عالية، علماً بأن الدراسات الفنية أعدت لهذه الغاية حوالي مائة وخمسين ميجاواط.
كما كان هناك مشروع التخزين الاستراتيجي للمشتقات النفطية والذي يهدف إلى المحافظة على استمرارية تزويد المشتقات البترولية بشكل مستمر لمنع حدوث أزمات في التزويد في الأحوال غير العادية، ولتخفيف تأثير التقلبات الكبيرة على أسعار المشتقات والسعات التخزينية المطلوبة، وذلك بتوفير سعات تخزينية إضافية للمشتقات النفطية لرفع كمية التخزين لتصل إلى 60 يوما، وقد تم الانتهاء من اعداد الدراسات اللازمة للمشروع.
كما أن هناك مشروع ميناء للغاز المسال والذي يهدف الى توفير البنى الأساسية لاستيراد ومناولة الغاز الطبيعي المسال، بتأمين مخزون استراتيجي من الغاز الطبيعي للمملكة بقدرة تخزينية تصل إلى حوالي 1.6 مليار متر مكعب سنويا، ووقف الخسائر المالية من جراء انقطاع الغاز المصري، حيث يهدف المشروع الى تحقيق توازن اكبر في مصادر الطاقة للأردن وتعزيز امن التزويد بالطاقة.
مشاريع النقل
وبخصوص مشاريع قطاع النقل، قال حسان إن المنحة ستمول مشروع الشبكة الوطنية للسكك الحديدية الوطنية، حيث يهدف المشروع إلى ربط مدن المملكة ومراكز الإنتاج بشبكة سكك حديدية لنقل البضائع، بالإضافة إلى ربط الأردن بالدول المجاورة، حيث يأتي هذا المشروع ضمن مخطط الربط السككي بين 13 دولة عربية حيث يتيح المشروع تحقيق تكامل اقتصادي أوسع مع دول المنطقة، من خلال ربط مراكز الإنتاج فيما بينها وتيسيرحركة نقل التجارة على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، وبحيث يسهم في تعزيز الاقتصاد الوطني، حيث يتوقع أن تصل الإيرادات نتيجة تشغيل المشروع إلى حوالي 507 ملايين دولار بحلول العام 2020، على أن تتضاعف بحلول العام 2040 لتصل حوالي 1.04 مليار دولار وسيوفر المشروع عددا كبيرا من فرص العمل حيث سيحتاج إلى 1500 موظف سكك إضافة لآلاف الوظائف للمهن المساندة، علماً بأن جميع الدراسات الاقتصادية والبيئية والفنية جاهزة، ومن المتوقع أن يجذب المشروع حوالي 3 مليار دولار من الاستثمارات الخارجية المباشرة.
كما سيتم تمويل وصلة الشيدية/ احد مكونات المرحلة الأولى من شبكة السكك الحديدية الوطنية والذي يهدف الى توفير وسيلة لنقل الفوسفات الى ميناء العقبة الجديد والحفاظ على عمل 750 موظفا في مؤسسة سكة حديد العقبة والذين سيشكلون نواة شركة تشغيل السكك الحديدية الوطنية، علماً بأن جميع الدراسات الخاصة بالمشروع جاهزة، ويجري العمل حالياً على استكمال اجراءات طرح العطاءات، بحسب حسان.
وقال الوزير، سيتم تمويل مشروع الربط بين مدينتي عمان والزرقاء (الحافلات سريعة التردد) حيث يهدف المشروع الى تأمين وسيلة نقل جماعي مريحة ومنتظمة للركاب بين عمان والزرقاء في ضوء ازدياد عدد الركاب حيث يقدر عدد الركاب اليومي بحوالي 60 الف راكب، والتخفيف من الازدحام على الطرق وتقليل حوادث المرور، والتقليل من التلوث البيئي الكبير الناتج عن عوادم وسائط النقل المختلفة، بالإضافة إلى تقليل اعداد وسائط النقل والكلف التشغيلية واستهلاك الوقود.
قطاع المياه تضمن مشاريع لتحسين كفاءة محطات الضخ وانشاء وإعادة تأهيل شبكات المياه في محافظات عدة إضافة الى تنفيذ مشاريع مهمة لاستقبال مياه الديسي، وستسهم هذه المشاريع في رفع كفاءة التزويد المائي وزيادة حصة الفرد من المياه لتصل الى 180 لترا/فرد/يوميا من 157 لترا/فرد/يوميا حالياً، وتخفيض الفاقد من الشبكات ليصل إلى 28 % بحلول العام 2020 من 42 % حالياً، بالإضافة الى تخفيض استهلاك الطاقة بنسبة 25 %، كما سيسهم في رفع الكفاءة التشغيلية لمحطات ضخ المياه وخلق فرص استثمارية.
قطاع الصحة
وفي قطاع الصحة، قال حسان إن المشاريع تتضمن مشروع إعادة تأهيل مستشفى الملكة علياء، ومشروع إنشاء وتجهيز مستشفى الأميرة بسمة بحيث تسهم هذه المشاريع بتحسين وتطوير الخدمات الطبية المقدمة للمواطنين، بالإضافة الى مشروع تجهيز مركز العلاج بالخلايا الجذعية الذي سيؤدي الى الارتقاء بالمستوى العلمي والطبي في الأردن، وتوفير خدمات طبية جديدة ومتطورة وتدريب وتأهيل العلماء والفنيين وإعداد الأبحاث العلمية الطبية المتخصصة، بحيث يصبح الأردن الدولة الاولى اقليمياً في هذا المجال الطبي الجديد، مما سيسهم في زيادة عائدات القطاع وفرص العمل المتوفرة، علماً بأنه يجري العمل حالياً على تنفيذ الاعمال الانشائية للمشروع، وتحضير وثائق الاجهزة والمعدات الطبية.
التعليم العالي
كما سيتم تمويل مشاريع في قطاع التعليم العالي ويتضمن برنامج تطوير كليات المجتمع التقنية، والذي سيعمل على إيجاد بنية تشريعية وتنظيمية وإدارية مناسبة وتوفير برامج تعليم وتدريب وخطط دراسية تناسب حاجة سوق العمل، كما سيؤدي الى مضاعفة أعداد الطلبة الملتحقين بالبرامج التقنية مما سيزيد فرص الخريجين من هذه الكليات في إيجاد فرص عمل مناسبة وذلك من خلال المشاركة الواسعة لأرباب العمل والقطاع الخاص في التخطيط والتطوير والتقييم والمشاركة في تقديم البرامج.
مشاريع البرامج تنموية في المحافظات
وفي قطاع التنمية المحلية، اكد وزير التخطيط والتعاون الدولي وجود مشاريع البرامج تنموية في المحافظات، وقد تم اختيار هذه المشاريع من القوائم المتضمنة في البرامج التنموية للمحافظات، حيث ستعمل هذه المشاريع على تحفيز الاستثمار والاقتصاد المحلي للمحافظات لتوفير فرص عمل جديدة، كما سيساهم في تحقيق التوازن التنموي بين محافظات المملكة خاصة الأقل نمواً منها، بالإضافة الى إيجاد نموذج ريادي للتخطيط التنموي المحلي في المحافظات بما يمكن أبناء المجتمع المحلي في كل محافظة من تحديد احتياجاتهم وترتيب أولوياتهم وفق أفضل الأدوات التخطيطية التشاركية والنماذج العلمية والعالمية الأنسب مما يسهم في تحسين مستوى معيشة المواطنين، ويمكن مخططي السياسات وصانعي القرار من تقييم الأثر التنموي للمساهمات الحكومية في تنمية المحافظات.
وأكد أنّ الصناديق العربية تتبع أفضل الممارسات العالمية فيما يتعلق بآلية اختيار وتنفيذ ومتابعة المشاريع والتأكد من التزام الجهات المستفيدة بتنفيذها، وتتحرى هذه الصناديق من جانبها عند اختيار المشاريع التي توافق على تمويلها أن تكون ذات جدوى اقتصادية واجتماعية يلمس أثرها المواطن في مجتمعاته المحلية، كما لا بد من الاشارة الى أنه ولغاية تاريخه تم الاتفاق على هذه المشاريع مع ثلاث جهات مانحة (الصندوق السعودي، الصندوق الكويتي، وصندوق أبو ظبي) وتوقيع مجموعة من الاتفاقيات معها، تغطي معظم حصتها من مجمل منحة دول مجلس التعاون الخليجي، أما دولة قطر فقد تم توقيع اتفاقية اطارية ستقوم بموجبها دولة قطر بتمويل مشاريع تنموية للحكومة الأردنية ونأمل أن يتم تحديد المشاريع في أقرب وقت هذا العام.
وحول ما تمّ انجازه خلال العام الماضي في تنمية المحافظات، قال حسان إن الوزارة تحرص على أهمية تخطيط وتوجيه وتكامل جهود التنمية على المستويات المحلية من خلال عملية تشاركية في تحديد الاهداف والاولويات، لاسيما أن الهيئات المحلية هي الأقرب إلى تلمس الاحتياجات الفعلية والمباشرة للمواطنين، حيث قامت الوزارة من خلال الفريق الوطني والفرق المحلية في كل محافظة بإعداد برامج تنموية من خلال آلية مؤسسية على مدار عامين من الجهد الوطني التشاركي الموسع والمكثف وضمن إطار تخطيطي متوسط المدى للأعوام الثلاثة (2012-2014)، ومن خلال التنسيق والتعاون مع كافة الوزارات والمؤسسات المعنية وذات العلاقة على المستوى الوطني وامتدادات فروعها ودوائرها على مستوى المحافظات، وعلى المستوى المحلي مع الحكام الإداريين والمجالس الاستشارية والتنفيذية والبلدية ومؤسسات المجتمع المدني وفعاليات القطاع الخاص في المحافظات والألوية والأقضية والبلديات وممثلي مختلف المجتمعات المحلية وشريحة واسعة من المواطنين.
وتابع أن “العمل كان وفق منهجية وآلية عمل لامركزية تشاركية تم تطويرها لتخطيط التنمية المحلية في المحافظات بإشراف فريق وطني يضم 35 عضوا من الأمناء العامين للوزارات وعدد من المؤسسات الوطنية المعنية، ومن خلال تفعيل الدور التنموي للمحافظين كرؤساء لفرق العمل المحلية في المحافظات”.
واوضح ان هذه الفرق قامت بدراسة واقع وتحديات واحتياجات مختلف القطاعات وبلورة أولوياتها التنموية، وذلك بمشاركة أكثر من 1300 شخصية من أعضاء المجالس الاستشارية والتنفيذية والبلدية وممثلي مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص وشريحة واسعة من المواطنين وممثلي المجتمعات المحلية في المحافظات، ومن ثم تم مراجعة نتائج العمل على المستوى الوطني مع الوزارات والمؤسسات المعنية وذات العلاقة، وذلك من خلال أكثر من 70 ضابط ارتباط من جميع الوزارات والمؤسسات الحكومية وفريق فني من وزارة التخطيط والتعاون الدولي قبل أن يتم عرض هذه البرامج على مجلس الوزراء لبحثها وإقرارها والطلب من وزارة التخطيط والتعاون الدولي ووزارة المالية وضع التمويل المناسب للبرنامج التنموي لكل محافظة.
واضاف انه تم وضع الإطار العام لآلية تخصيص التمويل المتوفر لتلبية وتنفيذ مشاريع أولويات مطالب واحتياجات البرامج التنموية للمحافظات للأعوام الثلاثة المقبلة من قبل الفريق الوطني، بما يراعي عدالة التوزيع بين المحافظات والقطاعات وبالاستناد إلى أسس ومعايير فنية ومنهجية لاختيار المشاريع الجاهزة للتنفيذ وبما يضمن سرعة تلمس آثارها التنموية من قبل المواطنين. علما بأن البرنامج التنموي احتوى كذلك تحليل شامل لاقتصاديات المحافظات وميزاتها النسبية ونقاط القوى في جذب الاستثمار والاحتياجات الضرورية لإطلاق امكاناتها.
وأوضح حسان أنه تم تخصيص دعم ضمن مخصصات منحة دولة الكويت بقيمة 200 مليون دولار لتنفيذ المشاريع والاحتياجات التنموية التي حددتها فرق العمل المحلية في المحافظات وتمت مراجعتها من قبل جميع الوزارات والمؤسسات المعنية للتأكد من أهميتها وجاهزيتها للتنفيذ وفق الإطار الزمني المحدد للبرامج التنموية للمحافظات، حيث قامت وزارة التخطيط والتعاون الدولي مطلع أيلول (سبتمبر) الماضي بتوقيع الاتفاقية الإطارية مع الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية لاستغلال المنحة الخليجية المخصصة في تمويل المشاريع التنموية في المملكة، متضمنةً الموافقة على تخصيص ما قيمته 200 مليون دولار لتمويل المشاريع الجديدة في البرامج التنموية للمحافظات للأعوام الثلاثة، وقد عملت وزارة التخطيط والتعاون الدولي وفقاً لآلية العمل المعتمدة بالتعاون مع فرق العمل المحلية في المحافظات لمراجعة ترتيب أولويات مشاريع أولويات الاحتياجات الملحة في مختلف القطاعات والجاهزة للتنفيذ هذا العام بالانسجام مع شروط المنحة المخصصة. حيث تم اتخاذ الإجراءات اللازمة مع دائرة الموازنة العامة لرصد ما قيمته 65 مليون دولار ضمن موازنة العام 2013، و135 مليون دولار للعامين المقبلين 2014-2015 وتم إقرار هذه البرامج من قبل مجلس الوزراء.
وقال إن وزارة التخطيط والتعاون الدولي تواصل جهودها من خلال المباحثات مع الجهات الدولية الداعمة لتوفير التمويل اللازم للمساهمة في تنفيذ البرامج التنموية للمحافظات، وذلك لضمان تحفيز الاستثمار والاقتصاد المحلي للمحافظات وضمان التوازن في التنمية للمناطق الاقل نموا وتوسعة فرص العمل في المحافظات. حيث إنه في ضوء نجاح تجربة إعداد البرامج التنموية للمحافظات وفق نهج تشاركي مؤسسي على المستويين المحلي والوطني، توصلت وزارة التخطيط والتعاون الدولي إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي لتقديم برنامج دعم للبرامج التنموية للمحافظات بقيمة 35 مليون يورو خلال الأعوام الثلاثة المقبلة، حيث إن البرنامج سيشمل مكونين رئيسيين هما: دعم البرامج التنموية للمحافظات بقيمة 10 ملايين يورو، ومكون دعم الموازنة العامة بقيمة 25 مليون يورو في ضوء الإنجازات المتحققة في إصلاح وتطوير قطاع التمويل الميكروي في الأردن. كما أنه يجري عدد من التحضيرات حول تقديم الدعم والمساعدات اللازمة في هذا الصدد وضمن منظومة الجهود التي تشرف عليها وزارة التخطيط والتعاون الدولي في مجال التنمية المحلية الشاملة والمستدامة في الأردن وبالتركيز على مستوى المحافظات والبلديات ومؤسسات المجتمع المدني.
تعزيز الإنتاجية
وعن برنامج تعزيز الانتاجية قال حسان إن البرنامج يستهدف الفئات الأكثر حاجة وفي المناطق التي تواجه تحديات تنموية صعبة، وقد تطور البرنامج كثيراً خلال الأعوام السابقة ونحاول جاهدين تعزيز فعاليته باستمرار بالرغم من الانخفاض الكبير على حجم التمويل للبرنامج خلال السنوات الثلاث الأخيرة بسبب تخفيض الإنفاق.
وقد تم خلال 2012 تمويل ودعم (1407) مشاريع إنتاجية صغيرة ومتوسطة لهيئات المجتمع المحلي والأسر الفقيرة موزعة على انشطة ومكونات برنامج تعزيز الإنتاجية، وقد حققت هذه المشاريع ما يزيد على (2972) فرصة عمل في مختلف محافظات المملكة.
كما تم وضع خطة تنفيذية للبرنامج للعام 2013 لتنفيذ عدد من التدخلات والانشطة في مختلف محافظات المملكة مع التركيز على مناطق جيوب الفقر، تستهدف تحقيق 3 آلاف فرصة عمل واضافة دخل جديد للفئات المستهدفة من خلال مكونات البرنامج، وذلك على النحو التالي أولا المشاريع الانتاجية الموجهة لهيئات المجتمع المحلي بواقع 100 مشروع ستعمل على توفير 250 فرصة عمل. كما أشار إلى المشاريع الانتاجية لهيئات المجتمع المحلي والمشاريع الاسرية في مناطق جيوب الفقر والتي بلغت 800 مشروع ستعمل على توفير (900) فرصة عمل.
كما بين حسان أهمية القروض الدوارة والتي بلغت 700 قرض إنتاجي للأسر في مناطق جيوب الفقر وبتمويل يتراوح ما بين 500-1500 دينار ستعمل على توفير 450 فرصة عمل ودخل جديد للمستفيدين. والدعم الفني والاستشاري والمتابعة من خلال مراكز تعزيز الإنتاجية “إرادة” لإقامة 500 مشروع ستعمل على توفير 1400 فرصة عمل، سيستفيد عدد كبير منها من النافذة الاقراضية التي يوفرها صندوق التنمية والتشغيل لتمويل المشاريع الريادية، بالإضافة إلى تنفيذ برامج تدريبية وبناء قدرات تتعلق بالإنتاجية ومعالجة اسباب الفقر.
واضافة الى ما سبق أكد حسان ان الوزارة ستستمر بتنفيذ برنامج تعزيز الإنتاجية الاقتصادية والاجتماعية بالتركيز على الأنشطة والبرامج الموجهة بشكل مباشر نحو الفئات المستهدفة (الفقراء والمرأة والشباب) في مختلف المحافظات، وبما يسهم بشكل فاعل في تحسين الظروف المعيشة والاقتصادية لهذه الفئات، إضافة إلى الاستمرار في دعم وتمويل هيئات المجتمع المحلي والأفراد وإتاحة الفرصة لهم للاستثمار في المشاريع الميكروية والصغيرة ضمن آليات تضمن ديمومة هذه المشاريع وتحقيقها لفرص العمل.
وأضاف أن الوزارة ستقوم بمراجعة وتقييم البرامج بشكل مستمر حيث اعتمدت التقييم الذي تم في العام 2005 والعام 2008، بالإضافة الى تقييم ومراجعة شاملة لكافة المشاريع الخاصة بالبرنامج مع نهاية العام 2010، وذلك لتطوير عمل البرنامج وتحسين أدائه واثره والاستفادة من التجارب السابقة علماً بان الوزارة تقوم بمراجعة البرنامج سنوياً لغايات التطوير المستمر وليتناسب مع التطورات والمستجدات بصورة فاعلة.