بقلم: د.احمد قطيشات
مال واعمال _ الاردن في 19 يونيو 2021- وجود الدم في البول أو ما يعرف طبياً باسم البيلة الدموية هي حالة شائعة يعاني منها معظم مرضى عيادات المسالك البولية تعني وجود خلايا الدم الحمراء في البول.
هناك العديد من الأسباب لظهور الدم في البول، معظمها غير مقلق إلا أنّ الأمر يتطلب الرعاية والتقييم من قبل طبيب المسالك البولية للوقوف على سبب المشكلة ومنثمّ تحديد أفصل خيار علاجي ممكن.
وجود الدم في البول لا يكون دائماً مرئياً بالعين المجردة، وإنَما يتم اكتشافه مجهرياً عند إجراء فحص البول لأسباب مرضية أخرى.
هناك نوعان من البيلة الدموية:
- البيلة الدموية العيانيّة (المرئية): وهو النوع الذي يمكن رؤيته بسهولة، حيث يميل لون البول للظهور باللون الوردي، أو الأحمر، أو البني الداكن.
- البيلة الدموية المجهرية (غير المرئية): في هذا النوع يظهر البول بصورة طبيعية تماماً نظراً لعدم وجود دم كافٍ لإحداث تغيير في اللون.
على الرغم من أن وجود الدم في البول ليس دائماً عرضاً حتمياً للمرض، فقد يظهر بشكل دائم أو متقطع، وقد يرتبط أو لا يرتبط بأعراض أخرى، إلا أنه لا ينبغي تجاهله حتّى ولو حدث لمرة واحدة فقط، فقد يكون مؤشر أو علامة تحذيرية لوجود مشكلة صحية في مكان ما في الجهاز البولي التناسلي إما في المثانة، أو في الكلى، أو في الحالب (الأنبوب الذي يحمل البول إلى المثانة) أو الإحليل (الأنبوب المسؤول عن نقل البول إلى خارج الجسم)، أو في البروستات لدى الرجال مما يتطلب المزيد من الفحوصات والاختبارات التشخيصية.
ما هي أهم أسباب وجود الدم في البول؟
هناك العديد من الأسباب المحتملة والأكثر شيوعاً لوجود الدم في البول تشمل كل من:
- التهابات المسالك البولية؛ تعتبر التهابات المسالك البولية الناجمة عن عدوى في الكلى أو المثانة أو في مكان ما في المسالك البولية السبب الأكثر شيوعاً للبيلة الدموية المجهرية.
- حصوات الكلى والمثانة؛ تسبب هذه الحصوات المتشكّلة حدوث تآكل وتهيج في المسالك البولية يرتبط بوجود البيلة الدموية المجهرية والعيانيّة.
- أمراض البروستات بما في ذلك تضخم البروستات الحميد وسرطان البروستات.
- الإصابة الرضية (ناجمة عن حادث مروري أو إصابة رياضية) لأي من أجزاء القناة البولية (من الكلى إلى فتحة مجرى البول)، علماً بأنّ درجة أو نوع البيلة الدموية لا يعكس دائمًا شدة الإصابة، ومع ذلك تترافق الإصابات الأكثر شدة مع البيلة الدموية المجهرية في معظم الأحيان.
- أورام المسالك البولية، يمكن أن يتسبب سرطان المثانة أو الكلى أو البروستات في ظهور دم في البول يمكن رؤيته بالعين المجردة (بيلة دموية عيانيّة). وفقاً لما نراه بين مرضانا، يتم تشخيص حوالي 5% من المرضى الذين يعانون من البيلة الدموية المجهرية بسرطان المسالك البولية مقارنةً بحوالي 20% من المرضى الذين يعانون من البيلة الدموية العيانيّة. معظم هؤلاء المرضى يتم تشخيصهم بسرطان المثانة بالدرجة الأولى، يليه سرطان الكلى، بينما يظهر سرطان الحالب والبروستات بصورة أقل.
في الواقع، وجود الدم في البول غير مرتبط بالضرورة بأمراض المسالك البولية فحسب، وإنما تترافق البيلة الدموية مع العديد من الحالات الطبية الأخرى مثل الإصابة بأمراض الكلى بما في ذلك مرض الكلى المزمن، والتهاب الحويضة والكلية، وتناول العلاجات الدوائية لا سيما الأدوية المضادة للتخثر (مميعات الدم).
كما يجدر الإشارة إلى تسبّب بعض أنواع الأطعمة في تغيّر لون البول وظهوره باللون الأحمر؛ يتضمن ذلك تناول البنجر والتوت والراوند، وكذلك الأطعمة التي تحتوي على الكثير من الأصباغ.
ما هي الاختبارات والفحوصات التي تشخّص أسباب وجود الدم في البول؟
في البداية، سيقوم طبيبك بإجراء فحص لعينة من البول لتأكيد إصابتك بالبيلة الدموية. يعتمد التشخيص الأوّلي للبيلة الدموية على معرفة التاريخ الطبي المفصّل والفحص البدني للمريض، لذا سوف يتم توجيه بعض الأسئلة لك لمعرفة تاريخك المرضي وتاريخ عائلتك الطبي لا سيما وجود أيّ تاريخ من أمراض الكلى أو مشاكل المثانة أو اضطرابات النزيف.
أيضاً، سيتم سؤالك عن الأعراض التي تعاني منها في حال وجودها، فعادةً ما تشير الأعراض إلى سبب البيلة الدموية، مثلاً الإلحاح (الشعور بالحاجة الشديدة للتبول) والحاجة للتبول بشكل متكرر، وكذلك الشعور بالحرقة أو الألم عند التبول، ووجود الحمى أو القشعريرة ، جميعها اعراض تدل على الإصابة بعدوى المسالك البولية، في حال كنت تعاني من أي منها يوصي طبيبك بإجراء مزرعة بول لتحديد نوع البكتيريا المسببة للعدوى. أيضاً قد يشير ألم البطن أو الخاصرة، خاصةً إذا امتد إلى منطقة الأربية أو الأعضاء التناسلية، إلى وجود حصوات في الحالب أو الكلى.
يتم الأخذ بعين الاعتبار إي إصابات رضيّة حديثة تعرضت لها مؤخراً كسبب محتمل، ومراجعة جميع الأدوية والمكملات الغذائية التي تتناولها في الفترة الأخيرة.
كما يوصى بإجراء فحص منطقة الحوض لدى النساء وفحص البروستات لدى الرجال.
تشمل الاختبارات والفحوصات التشخيصية كل ما يلي:
- مزرعة البول لتأكيد وجود العدوى.
- فحص خلايا البول (Urine cytology) للبحث عن الخلايا غير الطبيعية (السرطانية) في البول، يتم إجراؤه غالباّ لدى المرضى الذين يعانون من البيلة الدموية العيانيّة.
- التصوير بواسطة الموجات فوق الصوتية للكشف عن البيلة الدموية المجهرية، بينما يُعتمد على التصوير المقطعي المحوسب (مع استخدام مادة تباين) لمنطقة البطن والحوض للكشف عن البيلة الدموية العيانيّة.
- تنظير المثانة، وهو إجراء بسيط، يتم تحت التخدير الموضعي، يمكّن الطبيب من الوصول إلى المثانة من خلال تمرير أنبوب رفيع مرن موصول مع كاميرا عبر الإحليل وصولاً إلى المثانة لفحص بطانة المثانة بحثاً عن علامات المرض. يعد تنظير المثانة ضرورياً في جميع الحالات حيث لا يمكن لأي تقنية تصوير أخرى تقييم البطانة الداخلية للمثانة (الغشاء المخاطي) بتلك الدقة التي يوفّرها منظار المثانة.
في معظم الأحيان، وحتى بعد إجراء كافة الفحوصات يبقى سبب البيلة الدموية غير معروف. حوالي ما يصل إلى 60% من المرضى الذين يعانون من وجود الدم من البول يكون السبب وراء ذلك غير مرتبط بأمراض الجهاز البولي التناسلي، مما يقتضي إجراء فحوصات إضافية للكشف عن وجود البروتين أو الجلوكوز أو الرواسب في البول لا سيما إذا كان المريض يعاني من أمراض مزمنة مثل السكري أو ارتفاع ضغط الدم، في مثل هذه الحالات غالباً ما يكون السبب وجود مرض في الكلى يتطلب المعاينة وتقييم وظائف الكلى.
كيف يتم العلاج؟
تختف طرق العلاج تبعاً لسبب وجود الدم في البول؛ فعلى سبيل المثال لا تتطلب البيلة الدموية الناجمة عن ممارسة التمارين الرياضية الشاقة تناول أي علاج سوى تعديل البرامج الرياضية المتبعة، بينما تتطلب البيلة الدموية المرتبطة بتناول أدوية معينة التوقف عن تناول الدواء أو تعديل الجرعات تبعاً للحالة ووضع المريض وما يراه الطبيب المشرف.
في حال كان وجود الدم في البول مرتبط بحالات مرضية تم تشخيصها يكون العلاج على النحو التالي اعتماداً على السبب:
عدوى المسالك البولية، تناول المضادات الحيوية.
حصوات الكلى والمثانة، يعتمد على حجم الحصى المتشكّلة، يتدّرج العلاج من تغيير نمط الغذائي والإكثار من شرب الماء، إلى استخدام الموجات الصادمة أو الليزر لتفتيت الحصى، أو اللجوء إلى جراحة منظار الحالب أو إجراء عملية جراحية لاستخراج الحصى كبيرة الحجم عن طريق الجلد.
أورام الكلى والمثانة، عادةً ما يكون الاستئصال هو الخيار العلاجي (مع الأخذ بعين الاعتبار نوع السرطان ومدى انتشاره) بهدف إجراء التحليل النسيجي ومعرفة ماهيته (ورم خبيث أم حميد)، يمكن القيام بإجراء التنظير الداخلي في غالبية أنواع سرطان المثانة، بينما نلجأ إلى منظار البطن أو الجراحة المفتوحة في حالات أورام الكلى سواء كانت الحالة استئصال كلّي للكلى أو استئصال جزئي بإزالة الورم من الكلى.
تضخم البروستات الحميد، يمكن إجراء جراحة البروستات التقليدية قطع البروستات عبر الإحليل (TURP)، أو استئصال البروستات بواسطة ليزر الهولميوم (HoLEP) والتي تعد من أحدث التقنيات المستخدمة في الآونة الأخيرة. يتم تحديد علاج سرطان البروستات اعتماداً على درجة المرض وانتشاره، إذ لا يحتاج مريض سرطان البروستات منخفض الدرجة أي تدخل علاجي وإنّما إبقائه تحت المتابعة الدقيقة فقط، بينما تتطلب الحالات المتقدمة الإجراء الجراحي أو العلاج الإشعاعي.
References: