مجلة مال واعمال

هونغ كونغ .. أسطورة الشرق الجديدة في العالم

-

حولت هونغ كونغ فكرة الصين الفريدة «دولة واحدة بنظامين « إلى واقع ملموس بكل نجاح من خلال الجهود المثمرة المبذولة من قبل هونغ كونغ والبر الرئيسي الصيني في الـ 15 عاما المنصرمة ، على الرغم من أن أغلب الدول الغربية كانت تطلق عليها «ألف ليلة وليلة جديدة مستحيلة « في الشرق .

يضحك أهالي منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة حاليا على ما كان المجتمع الدولي يتخذه من موقف حيال هذه الفكرة الفريدة في تاريخ الإنسان ، كما زعم العالم الأمريكي الشهير ميلتون فريدمان, وهو فائز بجائزة نوبل للاقتصاد , بشكل مؤكد أنه لن تكون عملتان لنظامين اقتصاديين مختلفين في دولة واحدة مهما كان مفهوم «دولة واحدة ونظامين» أو «دولة واحدة ونظم عديدة» أو غيرها .
أطلق الزعيم الأسبق الصيني دنغ شياو بينغ هذه الفكرة التي كانت تعد خطة لتسوية مسألة تايوان، مؤكدا أن هذه الخطة مناسبة أيضا لتسوية مسألة هونغ كونغ أيضا أثناء الجولة الأولى  للمفاوضات الصينية – البريطانية بشأن هونغ كونغ مع رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارجريت تاتشر التي اشتهرت باسم «المرأة الحديدية» .
وكان دنغ قد تعهد بعدم تغيير نظام هونغ كونغ الرأسمالي لمدة 50 عاما بعد عودتها إلى الوطن الأم في عام 1997.
بالنسبة إلى عودة هونغ كونغ إلى وطنها الأم  في عام 1997، أصدرت مجلة « فورتشن « الأمريكية على غلافها  في يونيو عام 1995 مقالة تحت عنوان «وفاة هونغ كونغ» لتشويه فكرة «دولة واحدة بنظامين». لكنها نشرت مقالة أخرى برأي معاكس في الذكرى الـ 10 لعودة هونغ كونغ في عام 2007، معترفة بأنها كانت «على خطأ» .
صحيحا، كان الغربيون هؤلاء على خطأ حيال مسار نمو هونغ كونغ بعد عودتها، كما أخطأ بعض أهالي هونغ كونغ الذين هاجروا إلى دول أخرى ، وكان عددهم  أكثر من 50 ألف نسمة في كل عام قبل اليوم الأول من شهر يوليو عام 1997، حيث كانوا يظنون ان « نهاية الدنيا ستحل بهونغ كونغ».
وفي حقيقة الأمر ، ازدهر اقتصاد هونغ كونغ بشكل لم يشهده التاريخ بعد عودتها إلى الوطن الأم ، على الرغم  من الأزمة المالية الآسيوية في عام 1997 والأزمة المالية العالمية منذ عام 2008 .
بل تربعت بورصة هونغ كونغ التي تعد إحدى أكبر البورصات في العالم من حيث حجم التداول، على المركز الأول  لثلاثة  أعوام متتالية حتى عام 2011 في العالم من حيث حجم جمع رأس المال فيها من خلال عمليات الاكتتاب العام.
كما ارتفع الناتج المحلي الإجمالي بهونغ كونغ في السنوات الثماني الأخيرة بنسبة 5 بالمائة على أساس سنوي, ما يساوي ضعفي سرعة الزيادة للاقتصاديات العالمية الأخرى على نفس مستوى نمو الاقتصاد مثل هونغ كونغ.
الجدير بالذكر أن 18 مبنى من أعلى 20 ناطحة سحاب في هونغ كونغ قد تم بناؤها في أعقاب عودتها إلى الوطن الأم .
ونتيجة لكل ذلك، عاد عدد كبير من الذين كانوا قد هاجروا إلى الخارج، إلى مسقط رأسهم من جديد، بينما لم يبلغ عدد الذين يقررون مغادرة المنطقة لاسباب ما لم يبلغ سوى 7000 كل عام .
أكد الرئيس التنفيذي السابق لحكومة منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة دونالد تسانغ في تقرير العمل الأخير لولايته  في عام 2011 أن « جوهر القيمة لنا لم يشهد أي نوع  من التضعيف « منذ العودة .
وقد لخص علماء من مختلف المجالات لهونغ كونغ أن قيمة هونغ كونغ الجوهرية تتميز بخصائص مثل الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والإدارة وفقا للقانون والإنصاف والعدالة والنزاهة والشفافية والتعددية الثقافية واحترام الفرد والالتزام  بالأخلاق  المهنية.
قياسا إلى الحكم الاستعماري البريطاني في السابق، فالفرق مثلما بين الثريا والثرى ، اذ يتمتع أهالي هونغ كونغ حاليا بكثير من الحقوق السياسية، بما فيها انتخاب الرئيس التنفيذي، أكبر المسؤولين في المنطقة. وبفضل ذلك ، فاز ليونغ تشون – يينغ بمنصب الرئيس التنفيذي في الانتخابات للفترة الرابعة في تاريخ المنطقة منذ عودتها، وحقق «حلم هونغ كونغ» من ولد مجتهد بعائلة فقيرة إلى أهم المسؤولين في «لؤلؤة الشرق».
الجدير بالذكر أن اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني، البرلمان الصيني، وافق على قرار في عام 2007 لتنفيذ الانتخاب العام للرئيس التنفيذي في هونغ كونغ اعتبارا من عام 2017.
وفي يونيو 2010، وافق أكثر من ثلثي أعضاء المجلس التشريعي لمنطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة على مشروع الإصلاح  السياسي عام 2012، ما حدد طريق بناء الديمقراطية الجديدة للمنطقة في المستقبل