لسنوات عديدة هيمنت الخلافات بين السعودية أكبر منتج للنفط في “أوبك” و”إيران” على المناقشات في قاعة المؤتمرات في المنظمة. لكن ما إن تمكن الطرفان من التوصل إلى حل وسط نادر يوم الأربعاء، حتى بزغت قوة كبرى ثالثة في “أوبك” وهي العراق.

فقد تجاوزت بغداد طهران لتصبح ثاني أكبر منتج للخام في التكتل منذ أعوام عديدة، إلا أنها ظلت بعيدة عن الأضواء داخل “أوبك”.

غير أن العراق أظهر موقفاً خارج سرب المباحثات التي أفضت إلى اتفاق حول تخيض الإنتاج في الجزائر، حيث أبلغ وزير النفط العراقي الجديد جبار علي اللعيبي نظيريه السعودي خالد الفالح والإيراني بيجن زنغنه أنه لا يحبذ فكرة وضع سقف للإنتاج مجدداً عند 32.5 مليون برميل يومياً، بحسب مصادر في المنظمة.

وينظر بعض أعضاء “أوبك” إلى إعادة العمل بسقف للإنتاج الذي جرى التخلي عنه قبل عام، باعتباره عاملاً حاسماً لمساعدة المنظمة على إدارة سوق متخمة بالمعروض ودعم الأسعار التي هبطت إلى أقل بكثير من احتياجات الميزانية لغالبية المنتجين.

لكن اللعيبي أبلغ الاجتماع بأن سقف الإنتاج الجديد ليس مناسبا لبغداد، نظرا لأن “أوبك لم تقدر إنتاج العراق حق قدره بعد أن قفز في السنوات الأخيرة”.

وقالت مصادر إن ذلك أعقبته حالة من الارتباك، وفقاً لما نقلته “رويترز”.

واختارت “أوبك” بعد مناقشات فرض سقف للإنتاج في نطاق 32.5-33 مليون برميل يومياً، فيما يبلغ إنتاج “أوبك” حاليا 33.24 مليون برميل يوميا.

وخرج وزراء دول “أوبك” من الاجتماع تعلو وجوههم البسمة مشيدين بأول اتفاق للمنظمة لخفض الإنتاج منذ 2008، إلا أن اللعيبي دعا لعقد لقاء صحافي منفصل ليشكو فيه من تقديرات “أوبك” لإنتاج العراق.

وقال للصحافيين إن تلك الأرقام لا تعبر عن الإنتاج الفعلي لبلاده، وإذا لم تتغير بحلول نوفمبر فلن يقبل العراق بذلك وسيطالب بحلول بديلة.

وذهب اللعيبي إلى أبعد من ذلك وطلب من صحافي من أرجوس ميديا – التي تستخدم أوبك بياناتها ضمن مصادر أخرى لحساب إنتاج الدول – أن يكشف عن المصادر التي تحصل منها أرجوس على تقديراتها.

وقال إن مصادر أرجوس غير مقبولة وإذا كان هناك اختلاف عن بيانات الحكومة فلن نسمح لأرجوس بالعمل في العراق.

ومن الآن وحتى نوفمبر عندما تعقد “أوبك” اجتماعها الرسمي، يتعين على المنظمة أن تتغلب على عقبات كبيرة للتوافق على قرار ملزم. ومن بين ذلك تحديد بعض الملامح على الأقل لحصة كل دولة للتأكد من قيام الأعضاء بالحد من فائض المعروض العالمي، والذي دفع الأسعار للهبوط بأكثر من النصف منذ 2014 إلى أقل من 50 دولاراً للبرميل.

وتصر إيران على زيادة إنتاجها إلى نحو أربعة ملايين برميل يومياً، مع خروجها من العقوبات الأوروبية، بينما تقترح السعودية تثبيت الإنتاج الإيراني عند 3.7 مليون برميل يوميا.

وتعرض الرياض خفض إنتاجها إلى 10.2 مليون برميل يوميا من 10.7 مليون برميل يوميا.

وحقق العراق زيادة كبيرة في الإنتاج في السنوات الماضية، وطلب من الشركات النفطية الكبرى مزيدا من الإنتاج، ليتجاوز خمسة ملايين برميل يوميا من 4.7 مليون برميل حاليا.

وقال مصدر مطلع على التفكير الإيراني إن التوصل إلى اتفاق يعد أمراً إيجابياً. وتابع: “لن يمنح أحد لأحد توصيلة مجانية. ستضع لجان فنية التفاصيل”.

وقال مايكل ويتنر رئيس البحوث لدى سوسيتيه جنرال: “سننتظر لنرى الكمية الفعلية من البراميل التي ستخرج من السوق. بالنسبة لي.. تتمثل أهمية الأمر في أنهم جلسوا في غرفة واحدة واتخذوا قرارا”.