مجلة مال واعمال

هل يبدد خطاب تنصيب ترامب خيبة أمل الأسواق؟

-

10

بدأ الأسبوع باستمرار ارتفاع الدولار الأمريكي، مع تلهف الأسواق لسماع أول خطاب عقب الانتخابات للرئيس المنتخب ترامب. وخاب أمل الأسواق؛ لعدم توفير المؤتمر الصحفي أي تفاصيل إضافية بالنسبة للسياسات المالية المحتملة التي تسبب تراجعاً كبيراً للدولار، وبالنسبة للمخاطر عموماً. كما جاء في التقرير الأسبوعي بنك الكويت الوطني.
أضاف التقرير أنه بالرغم من ذكر وجيز جداً «لضريبة كبيرة على الشركات التي تخرج من أمريكا» وأن برنامج أوباما للرعاية الصحية سيلغى وسيستبدل به برنامج آخر «في الوقت ذاته تقريباً»، فإن الأسواق إجمالاً شعرت بخيبة أمل من عدم التطرق إلى السياسة المالية بشكل خاص.
ويضيف التقرير أنه وفي خضمّ كل هذه الفوضى السياسية، اختارت الأسواق أن تتجاهل مجموعة أخرى من الأنباء المهمة حول التعليقات بشأن تقليص الميزانية الصادرة عن مجلس الاحتياط الفيدرالي والتعليقات الإيجابية لرئيسة المجلس، جانيت يلن. وبالفعل، كانت تعليقات يلن إيجابية بشكل كبير؛ إذ قالت، إن «البطالة قد بلغت الآن مستوى متدنياً، وإن سوق العمل قوي عموماً، ونمو الأجور قد بدأ في الارتفاع». وقالت يلن أيضاً، إن قانون دود – فرانك الخاص بإصلاحات سوق المال وحماية المستهلك قد قام «بتغييرات مهمة»، وإنها لا ترغب في رؤية «تراجع عنه».
وبالإضافة لذلك، ذكر رئيس مجلس احتياط فيلادلفيا، باتريك هاركر، أن المجلس يمكن أن يبدأ بالنظر في وقف إعادة استثمار الميزانية، ويبدأ لاحقاً في تقليص الميزانية، حين يصل سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية إلى 100 نقطة أساس.
وكرر رئيس مجلس احتياط سانت لويس، جيمس بولارد، بقوله: إن «اللجنة قد تكون في وضع أفضل، للسماح بإنهاء إعادة الاستثمار، أو لتقليص حجم الميزانية».
وأخيراً وليس آخراً، يتوقع رئيس مجلس احتياط شيكاغو، شارلز إيفانز، أن سياسات تحفيز الرئيس المنتخب دونالد ترامب «ستزيد النمو في السنتين القادمتين»، وأفاد أن واضعي السياسات «يتطلعون إلى تحسين ذلك، حين نرى فعلياً تقدماً في الاقتراحات، وترجيحاً في تنفيذها» ومع تبلور التحسنات في التوقع الاقتصادي، ستكون أمريكا بحاجة إلى «تسهيل أقل»، وقال أيضاً في بداية الشهر، إن إجراء رفع ثلاث مرات هذه السنة «ليس غير محتمل».
وفي الخلاصة، تم التداول بالدولار الأمريكي عند مستوى أقل في كافة القطاعات خلال الأسبوع، فيما واجهت الأسهم صعوبات في نطاق ضيق، مع استمرار الأسواق بالتركيز على التحركات السياسية للرئيس المنتخب الجديد.
مباحثات الخروج
وعلى الجانب الآخر من المحيط، تبقى السياسة أيضاً هي المحرك الرئيسي للاقتصاد. ففي بريطانيا، جددت رئيسة الوزراء، تريزا ماي، مخاوفها من خروج صعب من الاتحاد الأوروبي؛ إذ إنها تميل ضد إبقاء بريطانيا «لأجزاء صغيرة» من عضويتها في الاتحاد الأوروبي. وفسرت الأسواق هذه الكلمات كإشارة إلى أن رئيسة الوزراء تعطي السيطرة على حدود الدولة أولوية على النفاذ إلى السوق الأوروبية الموحدة. وكررت أنها «تميل إلى القول إن الناس الذين يفهمون الأمر خطأ هم أولئك الذين ينشرون أشياء تقول إني أتحدث عن خروج صعب من الاتحاد الأوروبي، أو أنه لا يمكن تجنب ذلك مطلقاً. أنا لا أقبل مصطلحات صعب وسهل بالنسبة للخروج من الاتحاد الأوروبي». وجاءت تعليقات رئيسة حكومة إسكتلندا، نيكولا ستورجون، لتضيف المزيد من التوتر بقولها، إنها لا «تخادع» حين تتحدث عن استفتاء ثانٍ على استقلال إسكتلندا.
وبالطريقة نفسها، تجاهلت الأسواق الأرقام الاقتصادية البريطانية بأفضل مما كان متوقعاً، مشيرة إلى أن الاقتصاد يستمر في أدائه الجيد نسبياً، على الرغم من عدم اليقين السياسي. وبالرغم من أن بيانات الإنتاج الصناعي والتصنيع والصادرات جاءت كلها فوق إجماع التوقعات، فقد استمر المستثمرون بتجنب الجنيه؛ بسبب المسار غير الواضح للحكومة بشأن المفاوضات الأوروبية.
الدولار
على صعيد العملات، بدأ الدولار الأسبوع متقلباً عند 102.24 وبلغ أدنى مستوى له منذ 25 يوماً عند 100.72، ثم تمكن من إنهاء الأسبوع عند 101.22.
وبدأ الجنيه الإسترليني الأسبوع عند 1.2266 وبلغ أدنى مستوى له مقابل الدولار عند 1.2036. ولكن الجنيه ارتفع مع صدور بيانات اقتصادية إيجابية، وتمكن من إنهاء الأسبوع عند 1.2180.
اليورو
وبالرغم من أن العديد من الانتخابات ستشكل خطراً في 2017، تمكن اليورو من استعادة بعض خسائره خلال الأسبوع. ولم يكن ارتفاع اليورو بسبب أحداث في منطقة اليورو، ولكن بسبب أحداث في أمريكا وبريطانيا. وبعد أن تمكن من بلوغ أعلى مستوى له عند 1.0684 لفترة قصيرة، أنهى اليورو الأسبوع عند 1.0647.
السلع
وعلى صعيد السلع، كانت هناك أنباء بأن السعودية قد خفضت إمدادات الخام لشهر فبراير/‏‏ شباط إلى مصافي تكرير في الهند وجنوب شرق آسيا، من أجل الالتزام بصفقة أوبك، ولكنها أبقت على معظم صادراتها إلى باقي آسيا على حالها للشهر الثاني، وذلك بحسب تقارير من الأسواق. وتراجعت أسعار النفط بشكل طفيف بعد أن قالت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، إنها تتوقع أن يرتفع إنتاج النفط الخام هذه السنة بمقدار 110,000 برميل ليصل إلى 9 ملايين برميل يومياً، مقارنة بسنة مضت بسبب ارتفاع أسعار النفط. وارتفع الذهب بسبب تراجع الدولار نحو مستوى 1,200$.
سوق العمل
ارتفع عدد الوظائف الجديدة بشكل هامشي من 5.45 مليون في أكتوبر/‏‏ تشرين الاول إلى 5.52 مليون في نوفمبر/‏‏ تشرين الثاني، وكان أقل من توقعات السوق البالغة 5.59 مليون. وعلى مدى الشهر، بقي معدل المستقيلين من وظائفهم عند 2.1% وبقي معدل المسرّحين من العمل على حاله عند 1.1%. ويشير المستوى المرتفع لعدد الوظائف الجديدة إلى أن ظروف سوق العمل تبقى قوية.
والدليل الآخر على قوة سوق العمل هو طلبات البطالة التي سجلت 247,000 هذا الأسبوع، أي أنها ارتفعت بواقع 10,000 عن مستوى الأسبوع السابق. ويسجل ذلك الأسبوع 97 على التوالي الذي تسجل فيه الطلبات الأولية قراءة دون 300,000، وهي القراءة الممتدة الأطول منذ 1970.
مبيعات التجزئة
وعلى صعيد مختلف، ارتفعت مبيعات التجزئة الأمريكية في ديسمبر/‏‏ كانون الأول، على خلفية ارتفاع الطلب على المركبات، لتقدم بذلك المزيد من الدلائل على أن الاقتصاد أنهى الربع الأخير بزخم إيجابي. وفي الشهر السابق، ارتفعت مبيعات التجزئة من نمو قليل بنسبة 0.2% في نوفمبر إلى 0.6%. وكان وراء ارتفاع المبيعات التسوق لعطلة أعياد ديسمبر، ما يعكس ثقة بعد الانتخابات وارتفاعاً قوياً في أجر السلعة. وارتفعت المبيعات، لكامل 2016، بنسبة 3.3%، لتتخطى بذلك نسبة ارتفاع السنة السابقة البالغة 2.3%.
مخزونات الجملة
ارتفعت الأرقام النهائية لمخزونات الجملة الأمريكية في نوفمبر بأكثر من المتوقع، لتسجل أكبر ارتفاع لها منذ سنتين، ولتشير إلى أن استثمار المخزون سيدعم مجدداً النمو الاقتصادي في الربع الأخير. فقد ارتفعت مخزونات الجملة بعد المراجعة لتظهر ارتفاعاً بنسبة 1.0% على أساس شهري عن نوفمبر. وكان ذلك هو الارتفاع الأكبر منذ نوفمبر 2014. وبالإضافة إلى ذلك، ارتفع مكون مخزونات الجملة الذي يحتسب في الناتج المحلي الإجمالي إلى 0.7% في نوفمبر.
أوروبا
انقلبت ثقة المستثمر إيجاباً بشكل مفاجئ، ما يعني المزيد من النمو المحتمل مستقبلاً في منطقة اليورو. وارتفع مؤشر منطقة اليورو بمقدار 8.2 نقطة، وبلغ أعلى قيمة له منذ أغسطس/‏‏ آب 2015، بارتفاعه من 10.0 في الشهر السابق إلى 18.2 هذا الشهر. وفي الوقت نفسه، يتوقع الاقتصاديون المزيد من الارتفاع الاقتصادي المحتمل لأوروبا الشرقية والنمسا؛ بسبب العلاقات القوية مع شرق أوروبا.
وبقي معدل البطالة في منطقة اليورو على حاله عند 9.8% في نوفمبر مقارنة بالشهر السابق، متماشياً مع توقعات إجماع السوق. وهذا هو أدنى معدل منذ يوليو/‏‏ تموز 2009، وتراجع عن معدل نوفمبر البالغ 10.5%. وارتفع معدل بطالة الشباب من 20.9% سابقاً إلى 21.2%، بالرغم من وجود تراجع صافٍ نسبته 21.8% قبل سنة. وبقيت البطالة الألمانية عند مستوى متدنٍّ قياسي نسبته4.1% وتراجع معدل البطالة الفرنسي من 9.7 % إلى 9.5%. وعلى عكس ذلك، ارتفع معدل البطالة الإيطالي من 11.8% إلى 11.9% مقارنة بارتفاعه بنسبة 11.5% قبل سنة مضت، الأمر الذي يبقي على القلق المحيط بالضعف الإيطالي الهيكلي.
التضخم الصيني
ارتفع تضخم المستهلك الصيني بوتيرة بطيئة، ولكن مستقرة، فيما تحسنت أسعار المنتج بحدة، ما يشير إلى تحسن الإنتاجية والنمو في الاقتصاد. فقد تقدم سعر المستهلك بنسبة2.1 % على أساس سنوي، بعد أن ارتفع بنسبة 2.3 % في نوفمبر. ولكن أسعار المنتج الصيني ارتفعت بأكبر قدر لها في ديسمبر منذ أكثر من خمس سنوات، مع ارتفاع أسعار الفحم وغيره من المواد الخام، ليضيف ذلك إلى التوقعات بأن التضخم العالمي قد يكون أقوى في 2017. فقد قفز مؤشر سعر المنتج بنسبة 5.5 % عن سنة مضت، وهو الارتفاع الأكبر منذ سبتمبر 2011، مقارنة بارتفاع نسبته 3.3% في نوفمبر.
الإنتاج التصنيعي
ارتفع الإنتاج التصنيعي البريطاني في نوفمبر بنسبة 1.3% على أساس شهري، أي أعلى بكثير من توقعات السوق البالغة 0.5%. وكان سبب ارتفاع الإنتاج ارتفاعاً في إنتاج المناجم والمحاجر، عقب نهاية فترة صيانة قطاع النفط والغاز وارتفاع في التصنيع. وارتفع مجموع الإنتاج الصناعي بنسبة 2.1% في نوفمبر، مشيراً إلى أن هذا القطاع سيسهم بشكل كبير في الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأخير.
ونسبة المعدل السنوي لنمو التصنيع حالياً هي 1.2%، ولكن مؤشر مديري الشراء متسق تاريخياً مع النمو السنوي البالغ حوالي 3% على أساس سنوي. ومن الأكيد أن تراجع الجنيه سيعزز التنافسية العالمية، وبالتالي يجب أن يكون داعماً لصادرات السلع المصنعة.
أسعار المساكن
ارتفعت أسعار المساكن البريطانية في الربع النهائي من العام بنسبة 2.5% عن الربع السابق. وارتفع المعدل السنوي للنمو، للشهر الثاني على التوالي، من 6.0 % في نوفمبر إلى 6.5 % في ديسمبر. ويتوقع أن يخف الطلب على الإسكان خلال 2017 بسبب تباطؤ النمو الاقتصادي، والضغط على التوظيف، وتخفيض القدرة الإنفاقية، إلى جانب القيود على القدرة على تحمل التكاليف.