“يييهاااو!” صيحات أطلقها مهندس الصواريخ وهو يقود بصعوبة شاحنة صالحة لكل التضاريس فوق صخور وقفار صحراء نيفادا.
هو يبدو بقبعته الكبيرة وشاربه كراعي بقر ممتطيا جواده فوق أراضيه.
أما الشخص الذي يرتدي سترة مبطنة برتقالية مستعارة، متأرجحا في الخلف، ويبدو أقل انتماء للمكان فهو أنا.
كنت أتوقع طقسا باردا، ولكن ليس هذا الصقيع الصحراوي المثير للقشعريرة، حيث وصلت درجة الحرارة إلى 6 وسط الضباب والأمطار.
وهذا الشخص المثير واسمه بروجان بامبروجان- نعم غيره، ولم أسأله لماذا – أخذني في جولة أولى بموقع مساحته 50 فدان (2. كيلومتر) من الصحراء سيصبح في العام المقبل المكان الذي يجري فيه اختبار مسار هايبرلوب.
هي أصلا فكرة إيلوم موسك رئيس تيسلا وسبيس إكس، وهي تمزج بين الطموح الهائل والخيال العلمي.
فالركاب والبضائع سيتم وضعهم في كبسولات تنطلق بسرعة فائقة من مدينة لأخرى، داخل أنابيب منخفضة الضغط فوق ركائز على الأرض. وقال بامبروجان وهو يصيح فوق محركه:”سيكون لدي سرعة قصوى تتجاوز 1.000 كيلومتر/ساعة (620 ميلا/ساعة) .”
وأضاف قائلا:”سوف نستخدم الوسائد الهوائية لتجنب المطبات في المسار، ومن ثم لا يشعر الناس بشئ غريب.”
وتجاوزت الشاحنة صخرة، وعبرت بجوار 20 أنبوبا ضخما موجودة بالفعل في الموقع، ووجدت أن ما يقلقني ليس التحدي الفني.
فأنا بالقطع واثق في مهارات تكنولوجيا هايبلرلوب التي توفرها شاركة مثل سبيس إكس.
ولكن ليس بوسعي تكوين رؤية بشأن ما إذا كنا سنرى خلال العقد القادم أو نحوه بدايات تحول جذري في المشهد، ولعل ذلك راجع لافتقادي طموح تفكير بعض داعمي ومديري هايبرلوب وثقتهم وصفاءهم .
قلت:”هذا أمر جلل. شكل جديد تماما للمواصلات. هل تعتقد أنه يمكن أن يتحقق؟”
أجاب بامبروجان:”بالطبع سيتحقق.”
ومضى يقول:”هذا هو أول جيل لم يشهد شكلا جديدا للمواصلات. فقد ظل الناس عبر السنين يشاهدون تطورات غيرت حياتهم.”
وتابع:”هناك حواجز كبيرة نحو تحقيق ذلك-فهل يريد الناس فعلا أن يوضعوا في أنبوب فارغ ويدفع بهم بسرعة 700/ساعة.”
لا يبدو ذلك مريحا.
فإلى جانب الوقت اللازم لرفع السرعة لـ700 ميل/ساعة ثم العودة لوضع السكون، فإنه لابد من وجود فجوة بين الكبسولات لتكون آمنة.
وأعتقد أن قلقي يتركز بشكل رئيسي على التكلفة.
فوضع أي شئ على أبراج أو ركائز سيكون مكلفا.
والتفكير في إقامة ذلك عبر كاليفورنيا يبدو بالنسبة لي مكلف جدا.
بالطبع، أود تحقيق ذلك وأن أكون مخطئا.
نعم، ولكن كل قفزة للأمام في عالم المواصلات كانت مكلفة.
وقد وفرت هايبرلوب للتكنولوجيا تمويلا قدره 37 مليون دولار (26 مليون جنيه إسترليني).
ولكن قدرت كلفة مسار الخط المبدئي المقترح بين لوس أنجلوس وسان فرانسيسكو بـ8 مليارات دولار (5.6 مليار جنيه إسترليني).
كما سيتطلب الكثير من عمليات الشراء من جانب أي حكومة معنية بإقامة هايبرلوب في بلادها.
وقال لي أحد المشاركين في التأسيس لاحقا: “الجانب التنظيمي هو المفتاح الرئيسي.” وليس شرفين بيشفار غريبا على عالم المواصلات فهو أحد داعمي مشروع أوبر الأوائل، ويقول إنه رغم أن المنظمين حاولوا إغلاق أوبر فإن الناس أجبروهم على إعادة فتحه ثانية، لأنهم يريدون مثل هذه الحلول.”
وقد حظي وضع تطبيق لسيارات الأجرة على البنية الأساسية الموجودة بالطبع بإقبال فوري من قبل الناس.
أما قطع آلاف الأميال في أنابيب بكلفة باهظة فقد لا يحظى بدعم شعبي كبير.
ومازالت، 37 مليون دولار كفيلة بشراء الكثير من الأنابيب.
والأنبوب الذي أقف داخله سيتم إيصاله بـ199 أنبوبا أخرى لتشكل في نهاية العام الجاري مسارا طوله 3 كيلومترات (1.9 ميل)، هو مسار الاختبار بصحراء نيفادا.
صحت أمام الكاميرا:”أهلا في هايبرلوب!.”
وتردد صدى صوتي عبر الأنبوب.
بدوت من أنصار المستقبل، وذلك يصنع محطات تليفزيونية عظيمة.
دعونا فقط نأمل في أن هايبرلوب ليس مجرد أنبوب أحلام.
المصدر : https://wp.me/p70vFa-9ut