جاءت معظم نتائج شركات قطاع الإسمنت للربع الثالث “مخيّبة” وضاغطة على السوق المحلية السعودية، واضعةً المستثمرين في خانة الترقب والحذر لما ستؤول إليه نتائج القطاع في الربع الرابع على ضوء هبوط حاد في أرباح الشركات لامس 30 و40% في الربع الثالث من العام 2016 باستثناء شركتي “إسمنت العربية” و”إسمنت حائل السعودية” اللتين جاءت نتائجهما إيجابية.
وقد شهد مؤشر القطاع خسائر حادة بنحو 3% بعد سيطرة الصورة “السلبية” على نتائج شركات الإسمنت.
لا يختلف اثنان على أن تراجع مبيعات الإسمنت مع تراجع معدلات الطلب يشكل العامل المشترك بين جميع الشركات في مبرراتها لانخفاض الأرباح الفصلية.
إذ إن مبيعات الإسمنت قد تراجعت من 45.1% مليون طن في العام 2015 لتصل إلى 42.7 مليون طن في 2016، ما يشير إلى انخفاض معدل الطلب 5.4% في سبتمبر عن الفترة المماثلة من العام الماضي، حيث يرجع ذلك إلى انخفاض الإرساليات في معظم الشركات خلال شهر يونيو والربع الثالث.
في المقابل، يستمر مخزون الكلنكر في الارتفاع ليصل إلى ارتفاع “تاريخي” جديد عند 26.6 مليون طن، ما يشير إلى ارتفاع بنسبة 13.9% عن الربع المماثل من العام السابق، وذلك نتيجة ضعف الطلب وارتفاع نسبة الإنتاج إلى المبيعات.
لذا في مواجهة ارتفاع المخزون مقابل تراجع المبيعات، مع عدم لجوء الشركات إلى تخفيض مستويات إنتاجها، تظهر منافسة كبيرة في الحصول على حصة سوقية أكبر للشركات الصغيرة، ما يضغط على الشركات في تقديم خصومات في الأسعار، بحسب ما أكد محلل أبحاث الأسهم في “الأهلي كابيتال” محمد طمليه في حديث لـ”العربية”.
وتظهر الأرقام انخفاضا حادا في أسعار بيع الإسمنت من مستويات 235 ريالا للطن مع بداية هذا العام إلى 220 ريالا للطن، علماً أن السعر الأعلى لبيع الإسمنت هو 240 ريالا للطن.
ويرجع نائب رئيس شركة “سعودي سكوب” للدراسات والاستشارات المالية والاقتصادية عبد الله الربدي في حديث خاص لـ”العربية.نت” تراجع الطلب إلى عاملين أساسيين: تباطؤ قطاع الإنشاءات وتوقف العقود الحكومية، ما أثر سلباً على المقاولين الذين يشكلون زبائن شركات الإسمنت، إلى جانب تراجع قطاع التطوير العقاري، لاسيما مع ضعف طلبات شراء المساكن والشقق السكنية من قبل الأفراد في ظل ارتفاع التوقعات بانخفاض الأسعار.
أما العامل الثالث فيتمثل في ارتفاع تكلفة تمويل الشركات، إضافة إلى قرار رفع الدعم عن الطاقة الذي ساهم في الضغط على هوامش الربحية لشركات القطاع نظراً لارتفاع تكاليف الإنتاج.
وهنا يطرح السؤال نفسه: هل رفع الحظر عن تصدير الإسمنت ساهم في رفع كميات المبيعات أم أن الطلب في الأسواق الإقليمية مشابه للطلب المحلي في السوق السعودية؟
يؤكد طمليه أن رفع الحظر لم يحدث فرقاً نوعياً لأداء شركات الإسمنت لاسيما أن الأسواق الإقليمية تعاني بدورها من ضعف الطلب على أثر الأزمة الحالية، وبالتالي لم تقم أي من الشركات بتصدير الإسمنت باستثناء “إسمنت السعودية”، “إسمنت الشرقية” و”إسمنت الرياض” التي تصدر للبحرين عادة منذ مدة طويلة.
يتفق الربدي مع طمليه جملة وتفصيلاً، متوقعاً مزيداً من التراجع في مستويات الطلب بالربع الرابع، كذلك في الربعين الأول والثاني من العام 2017 حتى منتصف العام المقبل حيث سنشهد عودة لقطاع الإسمنت مرة أخرى .
ويحذر الربدي من ارتفاع إضافي لمستويات الإنتاج في الفترة المقبلة مع دخول شركتي “إسمنت أم القرى” و”المتحدة” خطوط الإنتاج التجاري خلال الربع الثالث، ما سيؤثر سلباً على نتائج الشركات في الربع الرابع نظراً لزيادة المخزون، لاسيما أن السعة الاستيعابية لهاتين الشركتين في الإنتاج تبلغ 4 ملايين طن ما يمثل حوالي 6% من إجمالي الطاقة الإنتاجية لقطاع الإسمنت السعودي.
“اليمامة”.. تعلن عدم توزيع الأرباح
غير أن الخسائر التي شهدتها شركة “إسمنت اليمامة” في أرباحها الفصلية، بنحو 41% إلى 56 مليون ريال في الربع الثالث مقابل 95.5 مليون ريال في الربع المماثل من 2015، شكلت محور نقاش المستثمرين خصوصاً بعدما أعلنت الشركة عدم توزيع أرباح نقدية على مساهمي الشركة عن الربع الثالث، وذلك بسبب البدء في تنفيذ مشروع المصنع الجديد وما يحتاجه من تمويل خلال هذه الفترة.
وتراجع إجمالي مبيعاتها المحلية إلى 355 ألف طن في سبتمبر 2016 مقارنة بـ 446 ألف طن في سبتمبر 2015 أي بانخفاض 20.4%.
انطلاقاً من إعلان “اليمامة” عدم توزيع الأرباح، برزت مخاوف حقيقية من أن تتخذ بقية الشركات المنحى عينه، بحسب وجهة نظر الربدي، تحسباً لضعف السيولة النقدية خلال الأشهر الستة المقبلة في حال التوسعة، بعدما كانت عوائد توزيعات الأرباح للمساهمين تشكل 6 إلى 7%.
الحصص السوقية لشركات الإسمنت السعودية وبحسب الدراسات التي اطلعت عليها “العربية.نت”، فقد توزعت الحصص السوقية لشركات الإسمنت السعودية عن شهر سبتمبر على نحو الآتي:
إسمنت الجنوبية (15%)، إسمنت السعودية (14%)، إسمنت ينبع (10%)، اليمامة (10%)، إسمنت القصيم (8%)، إسمنت العربية (7%)، إسمنت نجران (5%) ، إسمنت الشرقية (4%)، وشركات أخرى (27%).