مجلة مال واعمال

هل تتوصل الرياض إلى اتفاق مع موسكو حول تثبيت الإنتاج

-

Petroleum, arrow downشهدت الأسواق موجة من التفاؤل الحذر مع الاستعدادات لعقد محادثات بين أوبك وكبار منتجي العالم خارج المنظمة لمناقشة تثبيت محتمل لمستويات الإنتاج في الاجتماع المزمع عقده في أواخر سبتمبر في الجزائر.  إيلاف من لندن: ارتفعت العقود الآجلة للنفط الخام الخميس للجلسة السادسة على التوالي، وتجاوز برنت المستوى 50 دولارًا للمرة الأولى في ستة أسابيع، وجاء انتعاش أسعار النفط على خلفية تلميح السعودية أكبر منتج في منظمة البلدان المصدرة للبترول «أوبك» إلى أن المنظمة مستعدة للتوصل إلى اتفاق على تثبيت الإنتاج مع المنتجين غير الأعضاء، بمن فيهم روسيا.  يمنح نفوذًا قويًا يترقب خبراء النفط والمتعاملون والأسواق بعناية ما ستعلن عنه السعودية في هذا الشأن أو ما ستفعله في مجال الإنتاج. ومن الإشارات السعودية التي استلمت اهتمامًا كبيرًا في الأسواق هي رغبة السعودية في رفع الإنتاج في شهر أغسطس الحالي إلى مستويات قياسية جديدة، متجاوزة روسيا أكبر منتج للخام في العالم.  وحسب مصادر طاقة عالمية تبقى السعودية أكبر منتج نفطي في العالم، والسعودية فقط تستطيع التأثير المباشر على السوق، لأن ما يصدر من تصريحات من مسؤولين سعوديين تنعكس على الأسواق ارتفاعًا أوهبوطًا.  وأوضح وزير الطاقة السعودي خالد الفالح سبب الزيادة في الإنتاج، حيث عزا في بيان الزيادة إلى الطلب المحلي الموسمي وطلب عملاء في أرجاء العالم كميات إضافية من الخام. ونقلت وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس) عن الفالح قوله: «على الرغم من الشعور السائد في السوق البترولية حاليًا، لا يزال إنتاجنا من النفط الخام يشهد طلبًا قويًا في معظم أنحاء العالم، لا سيما وأن العرض من خارج منظمة أوبك قد شهد انخفاضًا سريعًا، مع زيادة حالات انقطاع الإمدادات في ظل المؤشرات القوية للطلب العالمي. ورقة تفاوض فمقدرة السعودية على رفع الإنتاج إلى مستويات غير مسبوقة أو تخفيضه تعطي المملكة ورقة قوية في المحادثات المقبلة بين أوبك والمنتجين من خارجها في الجزائر. وبلغ إنتاج المملكة في يونيو 10.55 مليون برميل يوميًا، وزاد إلى 10.67 مليون برميل يوميًا في يوليو، وهو أعلى مستوى في تاريخها، وهذا قد يرتفع إلى ما يقارب 11 مليون برميل يوميًا، مما سيفوق أقصى إنتاج روسي. وقالت الوكالة إن السعودية ضخت في السوق 10.75 مليون برميل يوميا من الخام في يوليو، وهو أعلى من إنتاجها الفعلي حيث سحبت كميات إضافية من مخزوناتها الضخمة. وكانت أسعار النفط الخام قد تهاوت إلى 27 دولارًا للبرميل في يناير، من نحو 115 دولارًا في منتصف 2014، مما خسف ميزانيات الدول المصدرة للخام على مستوى العالم، ومن بينها السعودية، التي سجلت عجزًا قياسيًا في الميزانية. وانهارت في أبريل محاولة سابقة لتجميد الإنتاج عند مستويات يناير، بعدما قالت السعودية في اللحظة الأخيرة إنها تريد من جميع المنتجين ومن بينهم إيران الانضمام إلى المبادرة. وهناك تكهنات بأن الموقف السعودي بدى الآن أكثر مرونة وبراغماتية تجاه ايران منذ تعيين الفالح وزيراللطاقة والصناعة والثروة المعدنية. خدمة مصلحة المنتجين لا شك ان اعضاء اوبك سيحاولون التوصل الى اتفاق مع المنتجين من خارج أوبك في الجزائر في الثامن والعشرين من الشهر المقبل، حيث ترغب أوبك في تحقيق أسعار أفضل، لكن الاتفاق على مستوى للتجميد يشكل العقبة الرئيسة أمام التوصل إلى اتفاق. وفي يناير حينما برزت للمرة الأولى فكرة تجميد الإنتاج كانت السعودية تنتج 10.2 مليون برميل يوميا. وألمحت روسيا التي كانت مستعدة في أبريل لتجميد الإنتاج في أول عمل منسق مع «أوبك» منذ 2001 – أيضًا إلى انها ستواصل زيادة الإنتاج. ويحوم إنتاج روسيا حاليا حول أعلى مستوياته على الإطلاق عند 10.85 مليون برميل يوميا. ويتوقع مسؤولون روس أن يرتفع مجددًا في العام المقبل. أما ايران ثالث أكبر منتج في «أوبك»، فقد زادت إنتاجها إلى 3.85 مليون برميل يوميًا الآن، من 3.37 مليون برميل يوميا في يناير، وكررت ايران موقفها الرافض للمشاركة في أي مبادرة للتجميد الا بعد أن يعود انتاجها الى مستويات قبل فرض العقوبات اي 4 ملايين برميل يوميا. مما لا شك فيه أن أعضاء اوبك يرغبون في تحقيق اسعار أعلى من المستويات الحالية المتأرجحة بين 45 و50 دولار للبرميل. ومن الجدير بالتذكير ان أعضاء أوبك اجتمعوا مع منتجين رئيسيين خارج المنظمة مثل روسيا في نيسان في الدوحة لمناقشة سبل خفض فائض الإنتاج. ولم تتمخض تلك اللقاءات عن أي تقدم ملموس وبالعكس فشلت تماما بسبب خلافات بين المملكة العربية السعودية وإيران. كما فشل أيضا اجتماع المنظمة في يونيو أيضا في التوصل إلى اتفاق لتجميد الانتاج او تقليصه، وارتفع إنتاج أوبك بعد ذلك إلى مستويات قياسية جديدة. مع هذه الخلفية غير المشجعة لماذا الآن نتوقع نجاحًا لمحادثات الشهر المقبل؟. لا بد من الاشارة الى تحركات الأسعار في الاسابيع القليلة الماضية والتي شهدت صعودًا يقارب 20 في المئة لتصل إلى أعلى مستوياتها منذ أوائل يوليوبعد ارتفاع وتيرة التوقعات المتفائلة بأن المنتجين الرئيسيين في منظمة «أوبك» وخارجها قد يتفقون في نهاية المطاف الى صيغة لتجميد الانتاج وعلاج التخمة في السوق.  ومن العقبات الرئيسة التي حالت دون التوصل الى اتفاق بتجميد الانتاج سابقا كانت التركيز على الحصص والمنافسة الشديدة للتمسك بحصص السوق والتضحية بالسعر، وهذ الصراع على الحصص قد يتجدد في الشهر المقبل، ومن ثم تكون النتيجة مخيبة للأمال، ونعود إلى المربع الأول. ومن هذه المنطلق ليس من المستغرب ان نسمع تعليقات تشير إلى سجل غير مشجع لتعاون المنتجين في الفترة الأخيرة، فمن الصعب الآن التعويل على اتفاق لتجميد الإنتاج في نهاية المطاف، ناهيك عن خفض الإنتاج الذي تشتد الحاجة إليه للمساعدة على إعادة التوازن إلى سوق النفط. ومن المؤكد ان الأسعار لن تقفز الى مستويات تقترب من 100 دولار الا بعد ان تتم ازالة التخمة من السوق، وهذا لن يحدث الا اذا تم كبح الانتاج وارتفاع وتيرة النمو الاقتصادي العالمي، الذي من شأنه ان يرف الطلب على النفط الخام. ومصدر القلق يتمحور حول تراكم المخزونات والفائض. تنبؤات وكالة الطاقة الدولية في هذا السياق تقول وكالة الطاقة الدولية التي تأخذ من باريس مقرًا لها، وتقدم المشورات الى الدول الصناعية المستوردة للنفط، ان معدل نمو الطلب العالمي على النفط سيتباطأ من 1.4 مليون برميل يوميا خلال عام 2016 الى 1.2 مليون برميل يوميا خلال عام 2017، وعزت الوكالة هذا التراجع الى المجهولية الاقتصادية.  كما تنبأت الوكالة ان أسواق النفط ستبدأ في التحسن في النصف الثاني من عام 2016، لكن ببطء، بسبب  تراجع نمو الطلب العالمي، وارتفاع إمدادات المعروض من خارج منظمة البلدان المصدرة للبترول «أوبك». كما توقعت الوكالة في تقريرها الشهري انخفاضا ملحوظا في مخزونات النفط العالمية في الشهور القليلة المقبلة، وهو ما سيساعد على تخفيف تخمة المعروض، المستمرة منذ عام 2014 بسبب نمو إمدادات الدول الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للبترول «أوبك» والمنتجين من خارج المنظومة. وتتوقع “أوبك” أن يكون الطلب على نفطها الخام في 2017 عند 33.01 مليون برميل يوميًا، في المتوسط، مما يشير إلى أن فائض المعروض قد يبلغ 100 ألف برميل يوميا إذا حافظت “أوبك” على استقرار الإنتاج. ومما لا جدل فيه ان الموقف السعودي سيبقى العنصر الأهم في المعادلة النفطية سواء نجحت محادثات الجزائر أم لا.