لقد عاصرت سلطة إقليم العقبة منذ البدايات ورأيت الرؤساء تتقلب عليها كباقي مؤسسات الوطن الحبيب، وبعد وعند تعيين أي رئيس جديد أقوم بالمباركة له على تقلده المنصب، وكنت أزور العقبة والرؤساء المتعاقبين على مدار سنوات طويلة مراراً وتكراراً، وعندما كنت أذهب لمقابلة رؤساء السلطة يرتابني شعور من القلق وانني لست في مؤسسة مدنية على الإطلاق وكإنني أدخل لمقابلة مدير الأمن العام بل على العكس أكاد أجزم ان الأمر أهون بكثير من أن تدخل الى رئيس السلطة المحاط بمنظومة أمنية ترافقك كظلك منذ الدخول الى مبنى السلطة وصولاً الى مكتب الرئيس، وكعادة معظم المسؤولين المتحسسين من وسائل الإعلام والذين يؤمنون بأن الإعلام الأردني الخاص عندما يحضر لمقابلتهم قدموا من أجل منفعة مالية أو شخصية فيتم التعامل معهم من هذا المنطلق، وعند خروجي من مكاتب الرؤساء الفخمة، أحدث النفس وأقول لها إن الوطن ليس في مأمن، وبعدها قطعت عهداً على نفسي أن لا أابارك ولا أزور أي رئيس لسلطة العقبة لأنه سوف يكون كسابقيه يتغير ليتكيف مع المنصب الجديد.
الوحيد الذي لم أبارك له بالمنصب ولم أحاول التواصل معه معالي الدكتور هاني الملقي وكنت أعتقد أنه سيتغير وسوف يصبح كسابقيه على الرغم إنني عاصرته في الحياه المهنية منذ عام 1997 عندما كان وزيراً للصناعة والتجارة، وأعرف حقيقة الرجل وصفاته الجميلة التي تمتاز بالبساطة وحسن المعشر وحب العمل وثقافته الواسعة، وعزمة على التغيير والإصلاح ، لم أتواصل معه منذ تسلمه منصب رئيس سلطة العقبة ولم أبارك له بالمنصب ولم أحضر أي فعالية او نشاط للسلطة لأنني كنت أعتقد أنه سيكون كسابقيه، منهم من حَملَ أعباء كثيرة على كاهل السلطة بتعيينات حالت بينها وبين واجباتها ومنهم من يعجبك كلماته الرنانة ومنهم من وظف السلطة لمصلحته، إلى غير ذلك ممن فشلوا في قيادة المركب (وأعذروني في هذا التعبير الذي لم أجد بديلاً عنه) وكنت خلال فترة قيادة الدكتور هاني الملقي أتحسس أخبار السلطة عن بعد من خلال مجموعة الإصلاحات التي تم إجراءها والتواصل الحقيقي مع الجميع، والعمل بصمت كي تكون الإنجازات بحجم طموحات القيادة التي وضعت ثقتها به، إلى أن شائت الأقدار ان التقي بهذا الربان في أبو ظبي ودبي على مدار يومين متتاليين، رافضاً أن يحظر معه فتاة حسناء أو شاب وسيم لتقديم العقبة للعالم ويقوم هو بنفسه بالوقوف على المنصة لفترة طويلة يشرح عن العقبة الإقتصادية ويقدمها للعالم بأفضل صورة، بعقلية المبدع وبروح الإنسان وبقلب مليئ بحب الوطن وبمشاعر صادقة لا يرتابها رياء أو تصنع، يشرح ويستمع ويجيب في آن واحد، لله درك من ربان قدمت العقبة لنا بصورة جميلة وكأننا أول مرة نسمع عنها.
الوطن هو من يبارك لك اليوم على منصبك، والإنجازات هي التي تتحدث عنك، فهنيئاً للوطن بك يا ربان السفينته، فشكراً لك على إعادتك الأمل لنا، فاليوم لا نخجل أن نرفع القبعة أمام عظمة الإنجازات التي نطقت بها العقبة.
المصدر : https://wp.me/p70vFa-bYL