قريباً، سيتمكَّن أكثر السجناء عنفاً وإزعاجاً في نيوزيلندا من السير على العشب الحقيقي، وأخذ حمامات الشمس، وممارسة رياضة اليوغا داخل زنازينهم، في أول سجن «إنساني» ستفتتحه البلاد للمجرمين الذين يشكلون خطراً أمنياً كبيراً.
انتهت أشغال بناء هذا السجن مؤخراً، بتكلفة بلغت 300 مليون دولار نيوزيلندي (204 ملايين دولار أميركي)، وهو يقع في ضواحي أوكلاند. وعندما سيتم افتتاح السجن، سيكون المرفق الوحيد المخصص للسجناء الذكور، الذين يشكلون خطراً أمنياً كبيراً في البلاد.
وحدة للصحة العقلية وليس قيداً للحرية
صُمم هذا السجن ليعمل بمثابة «وحدة للصحة العقلية» بحكم الأمر الواقع، نظراً لاستمرار ارتفاع عدد السجناء المرضى عقلياً.
وسجلت نيوزيلندا أحد أعلى معدلات المساجين في العالم المتقدم، حيث يمثل سكان ماوري أكثر من 50% من العدد الكلي للسجناء، في حين أنهم يمثلون 15% فقط من إجمالي عدد السكان، ناهيك عن أن حوالي 90% من السجناء يعانون من الأمراض العقلية أو الإدمان مدى الحياة.
سيحل سجن أوكلاند الشرقية جزئياً محل سجن بارموريمو، الذي يبلغ عمره أكثر من 50 سنة، والذي تم تصميمه وفق نموذج السجون الأميركية التي تحظى بحراسة مشدَّدة مثل ماريون وألكاتراز.
كما «يوفر ظروفاً معيشية لائقة وإنسانية»
وأفاد ضابط السجون المسؤول عن مكتب الاحتجاز، نيل بيلز لصحيفة The Guardian، أن «السجن الجديد يوفر ظروفاً معيشية لائقة وإنسانية» أكثر من السجن السابق، لأنه يهدف لإعادة تأهيل السجناء».
وأضاف المصدر ذاته أنه «نظراً لتنامي عدد السجناء في نيوزيلندا، اضطرت إدارة السجون إلى بناء منشأة يمكن أن تتعامل مع السجناء المرضى، حيث لا تتوفر أسرّة كافية في أجنحة مستشفيات المصحة العقلية في كثير من الأحيان، فضلاً عن أن قوائم الانتظار تظلّ طويلة».
كما أشار بيلز، الذي بدأ حياته المهنية في سجن «سترانج وايز» بعد أحداث الشغب سنة 1990، إلى أن «هذا السجن بُني لكي يفصل الموظفين العاملين هناك عن السجناء… وعلى الرغم من أننا نتعامل مع سجناء يظهرون سلوكاً شديد الصعوبة، إلا أن هذه المرافق لا تحتاج بالضرورة إلى الصرامة أو القمع».
تبدأ إعادة التأهيل والإدماج من لحظة الدخول الأولى
وتابع المصدر ذاته: «يجب أن تبدأ عملية إعادة التأهيل والإدماج في اللحظة التي يدخلون فيها السجن، لأنهم سيغادرون السجن. وفي حال لم يكن لدينا مرفق يمكننا من خلاله تنفيذ برامج جيدة، فمن غير المحتمل أن نسجل انخفاضاً في عدد السجناء، الذي نطمح إليه في نهاية المطاف».
يوفر سجن أوكلاند الشرقي الجديد مجموعةً من الخصائص الشفائية والعلاجية، وقد بني وفق نموذج السجون في الدول الاسكندنافية، وبلجيكا، وألمانيا. وستسمح حديقة نشر البذور للسجناء بتوسيخ أيديهم والاعتناء بالنباتات. أما الحديقة التي تقوم على استخدام الحواس، فتهدف إلى تهدئتهم وتحفيزهم، حيث توجد نباتات مثل الزعتر والنعناع، والعشب الحقيقي تحت أقدامهم.
والزنازين أكبر وبها غرف استحمام وتلفاز
إن الزنازين الموجودة في المبنى الجديد أكبر بنسبة 30%، حيث أصبحت مساحتها تصل إلى 9 أمتار مربعة، عوضاً عن 5.8 متر مربع، فضلاً عن أنها تحتوي على غرف استحمام وتلفزيونات خاصة. كما تسمح القضبان الأفقية بدلاً من الأعمدة العمودية للسجناء بالتمتع برؤية أفضل للعالم الطبيعي.
والمصمِّمون ودُّوا لو كانت تشبه صالات عرض متجر إيكيا للمفروشات
وأفادت أستاذة علم الجريمة في جامعة كينت، إيفون جوكس، التي عملت كمستشارة في أوكلاند الشرقية، بأن «المنشأة القديمة كانت «عارًا قومياً» و»السجن الأكثر قذارةً في أي مكان في العالم». وأضافت جوكس «أنها شعرت بخيبة أمل لعدم استخدام المزيد من الألوان في المساحات الداخلية للسجن الجديد، ولم يتم أخذ بعض مقترحات فريق التصميم بعين الاعتبار، التي تستدعي القيام بتغييرات جذرية على غرار جعل الزنازين تبدو وكأنها صالات عرض إيكيا».
المصدر : https://wp.me/p70vFa-rdu