وقال الدكتور بول ويتِّروولد، كبير المحللين الاقتصاديين في المجموعة: يتمثل الأمر اللافت في كون التركيبة السكانية تتيح لنا التمييز بين المناطق أو الدول، باعتبار أن تلك التي تشهد أعلى معدلات النمو السكاني منها، مرشحة أكثر من غيرها لتحقيق نمو اقتصادي. ويمكننا القول في هذا السياق إن الولايات المتحدة الأميركية تعتبر من الدول التي تتصدر تراجع معدلات النمو السكاني في المستقبل، بينما تتمتع المملكة العربية السعودية بمعدل نمو سكاني سنوي مرتفع يبلغ نحو 1.3%.
تبعة مالية
وأضاف: يتوجب على الدول مرتفعة النمو السكاني أن تتعامل مع ارتفاع معدل التبعية المالية للشباب العاطلين عن العمل من سكانها. وينطبق هذا الوضع بصفة خاصة على دول مجلس التعاون التي يتفاقم فيها معدل التبعية المالية بسبب ارتفاع أعداد سكانها الشباب وما يفرضه ذلك من ضغوط على السكان المنتجين في تلك الدول. وتتمثل المشكلة التي سوف يتوجب التعامل معها بحلول عام 2050 في حدوث انفجار في أعداد السكان الذين تبلغ أعمارهم 65 سنة وأكثر.
ففي الكويت مثلاً، بلغت نسبة السكان الذين تبلغ أعمارهم 65 سنة وأكثر 2.6 مرة مقارنة مع المجموعات السكانية التي تتراوح أعمار أفرادها بين 15 و64 سنة، وهي نسبة سوف تقترب من 20 مرة خلال 35 سنة.
إيجابية
ويتمثل السؤال الذي يطرح نفسه على مستوى الدول في معرفة ما إذا كانت الهجرة قادرة على تعويض تزايد أعداد السكان المسنّين. وكانت العديد من المنظمات الدولية أمثال منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية «OECD» قد أثبتت أن تزايد أعداد السكان المنتجين يعتبر أحد النتائج الإيجابية للهجرة. إلا أن الهجرة التي تبدو حلاً سهلاً إذا ما اكتفينا بجمع الأرقام، ولكن ذلك يتجاهل ضرورة إرساء علاقات اجتماعية تسير جنباً إلى جنب مع وصول المهاجرين.
ومن هنا تتضح لنا عدم واقعية الاعتقاد بأن الهجرة سوف تكون بمعدلات تكفي لضمان استقرار معدلات التبعية المالية. إضافة إلى ذلك، إذا ما تم اعتماد هذا الحل على مستوى الدول أو المناطق، فمن البديهي أنه لن يكفي لمعالجة مشكلة تراجع معدلات الولادات على المستوى العالمي.
أداة الهجرة
قال ويتِّروولد: من الواضح أن دول مجلس التعاون استخدمت أداة الهجرة على نطاق واسع؛ إذ إن عدد سكان السعودية على سبيل المثال يبلغ 28 مليون نسمة يشكل المهاجرون أكثر من 30% منهم. وفي ضوء بلوغ معدل السكان الذين تقل أعمارهم عن 25 سنة 47%، تتميز المملكة بكونها دولة تتمتع بتركيبة سكانية شابة وسريعة النمو. من ناحية أخرى، تعتبر الهجرة ومعدل الخصوبة المرتفع للمرأة السعودية، الذي تبلغ نسبته 2.1 طفل للمرأة الواحدة، من أبرز أسباب هذا النمو السكاني.