مجلة مال واعمال

نظرة على القطاع العقاري في دبي خلال 2017.. وبروز المشاريع الموجهة لذوي الدخل المحدود

-

29

تتضافر عوامل عدة تؤثر في القطاع العقاري في دبي خلال العام الجديد 2017، وتدفع المستثمرين إلى الحذر والتأني، بينما تدفع المطورين إلى التأقلم مع الأوضاع وطرح خيارات بديلة وطرح مشاريع تستقطب مستثمرين جددا يتكيفون مع الأوضاع الاقتصادية المختلفة.

وخلال العام 2016 شهد القطاع العقاري في دبي تحديات عدة، انعكست على أسعار الوحدات السكنية وإيجاراتها بالتراجع بنسب متباينة.

وتضافرت العديد من العوامل التي ضغطت على أسعار العقارات وإيجاراتها في دبي، من ضمنها الوضع الاقتصادي العالمي وتأثر دبي به، ولكن أبرز العوامل التي أثرت على القطاع العقاري هي:

– تراجع أسعار النفط الذي أدى لتراجع الإنفاق الحكومي سواء المحلي أو من قبل الدول المنتجة للنفط كالسعودية ودول الخليج وروسيا وغيرها.

– ارتفاع الدولار مقابل العملات الأخرى، حيث يرتبط الدرهم الإماراتي بسعر ثابت بالدولار، مع تراجع بعض العملات بشكل كبير (كالروبل الروسي).

– تأثّر قطاعات عدة بالمتغيرات الاقتصادية، مما انعكس بدوره على القطاع العقاري، كقطاع البنوك الذي أبدى تشددا في خطط التمويل والإقراض نتيجة تراجع السيولة، وقطاع المقاولات الذي تأثر بتراجع الإنفاق.

– إلغاء وظائف وتسريح موظفين وعمالة من عدد من المؤسسات والشركات الكبرى (وغيرها) ومنها عدد من البنوك وشركات مقاولات ونفط وغاز وغيرها.

– تسليم عدد من المشاريع العقارية خلال العام بالإضافة إلى تسليم عدد من المشاريع المتأخرة.

– حالة الترقب السائدة مع وجود إشارات إلى استمرار التراجع، الأمر الذي دفع ببعض المستثمرين إلى التأني في الشراء والاستثمار.

واتفقت شركات الاستشارات العقارية التي تصدر تقارير دورية عن القطاع العقاري في دبي، على تراجع الأسعار خلال 2016، بنسب مختلفة فيما بينها، كما أشارت إلى أن الإيجارات شهدت ضغوطا أيضا.

فعلى سبيل المثال قالت شركة “أستيكو” إن القطاع العقاري شهد تباطؤا خلال العام 2016 وتراجعا في أسعار البيع والتأجير، بعد أن تراجعت أسعار بيع الفلل بـ 11 % في 2015 ، وتراجعت أسعار الشقق بنسبة 8 % لنفس العام.

وقالت شركة “كلاتونز” مؤخرا إنها تتوقع أن قيم العقارات السكنية والإيجارات أنهت العام مع انخفاض بنسبة 10 %، وأن سوق العقارات السكنية في دبي ستبدأ بالاستقرار بحلول نهاية عام 2017.

كما أكدت شركة “جيه إل إل” تراجع أسعار المبيعات العقارية والإيجارات خلال 2016، مع توقعها تعافيها خلال العام 2017.

نظرة على القطاع العقاري في دبي 2017:

وكما ورد آنفا، فإن عددا من مراكز الأبحاث العقارية تتوقع تعافي القطاع العقاري في دبي خلال العام 2017، أو بنهايته.

وقد انتهى العام 2016 باتفاق منتجي النفط على خفض الإنتاج، وهو ما أثر إيجابيا على أسعار النفط التي تخطت مستوى 50 دولارا للبرميل واقتربت من مستويات 60 دولارا خلال الأسبوع الأول من 2017.

إلا أن آثار تعافي النفط على المالية العامة والإنفاق الحكومي وأداء الأعمال، وعلى القطاع العقاري تبعا لذلك، لن تظهر بسرعة، كما أنها تتوقف على مدى استمرارية هذا التعافي وزيادته.

وبشكل عام فإن عددا من المؤثرات ستعلب دورا في التحركات القطاع العقاري في دبي، ومنها ما هو متداخل مع مؤثرات العام 2016 الورادة أعلاه، وخلاصتها:

– مدى تعافي أسعار النفط وارتفاعها خلال العام 2017 بما يدعم الإنفاق الحكومي والقطاع البنكي وانتعاش السيولة والسداد وتراجع تسريح الموظفين ونحوه.

– حجم الوحدات السكنية التي تم تسليمها خلال العام 2016، حيث تؤثر في القطاع العقاري لا سيما في جانب التأجير، فقد ذكرت “أستيكو” أنها تتوقع دخول 22 ألف شقة و7700 فيلا للسوق في 2016، مع احتمال استمرار الضغوط على الإيجارات حتى 2017، حيث تمنح تلك الوحدات خيارات إضافية أمام المستأجرين، وأمام المشترين أيضا.

– عودة النشاط الاقتصادي ومدى نمو قطاع الأعمال وما يتبعه من دخول استثمارات وتراخيص عمل جديدة تستقطب موظفين جددا.

– إطلاق مشاريع جديدة والمضي قدما بالمشاريع التي تم إطلاقها مؤخرا، لا سيما فيما يتعلق بمشاريع “إكسبو 2020” خصوصا مع اقتراب موعده، حيث يفترض أن تكون جميع المشاريع التي تدعم “إكسبو” أو تتعلق به قد أطلقت خلال هذا العام بحد أقصى حتى تتمكن من الانتهاء قبل حلول موعده في 2020.

– الأجواء الجيوسياسية في المنطقة والعالم تلعب دورا في استقطاب الاستثمارات (والسياح)، وتؤثر بالتالي في القطاع العقاري.

وقد صرّح رئيس شركة “إعمار العقارية”، وهي أكبر الشركات العقارية في دبي، أن القطاع العقاري سيشهد بعض الضغوط خلال 2017، ويتجه إلى التوازن.

الاتجاه نحو المشاريع الموجهة لمحدودي الدخل:

ومن المتوقع أن تواصل شركات التطوير العقاري اتجاهها الذي ساد مؤخرا، بتطوير مشاريع عقارية موجهة لذوي الدخل المحدود والمتوسط، من الموظفين ونحوهم مع تقليص مشاريع العقارات الفاخرة، وسيصبح هذا الاتجاه سمة بارزة على ما يبدو خلال 2017.

ويدعم الوضع الاقتصادي العام والذي يتسم بالتقشف وتراجع التمويل والإنفاق، مع اقتناص الفرص والتوجه للزبائن القادرين على الدفع من موظفين ومقيمين، مع الرغبة بتقليل المخاطرة، والحصول على تمويل مستمر للمشاريع قيد الإنشاء من خلال البيع على الخارطة، هذا الاتجاه.

فقد كان مشروع “النبض” في دبي الجنوب والذي تم إطلاقه في أكتوبر 2016، مؤشرا على الإقبال على تلك المشاريع، بعد أن طرحت وحدات رخيصة التكلفة والسعر فيه وبدأت من 280 ألف درهم، وهو سعر لم يحصل في دبي منذ فترة طويلة، وشهدت إقبالا كبيرا.

كما بدا واضحا قيام عدد من شركات التطوير العقاري بطرح مشروعات تستهدف ذوي الدخل المتوسط والمحدود، ومنها وحدات عقارية بدفعات شهرية بنحو 4500 درهم، بالإضافة إلى عروض سعرية وأقساط ميسرة قد يتمكن من سدادها شريحة من الموظفين اعتمادا على كونها مقسّطة وبسيطة نسبيا، ولا تحتاج لتمويل بنكي، وقد تعتمد على المدخرات في أصعب الأحوال.

ويعمل عدد من المطورين لهذه الشريحة من المشاريع على إقناع المشترين بأن الشراء فيها أفضل من دفع الإيجار، حيث بالإمكان تملك وحدات سكنية بأقساط مقاربة لدفعات الإيجار.

كما انتشرت في السوق العقاري بعض العروض التي تسعى لجذب شريحة الدخل المتوسط لشراء العقارات المتوسطة، ومنها تقديم سيارة مع كل وحدة عقارية، وبأسعار تقل عن مليون درهم وبأقساط تمتد لنحو 5 سنوات.

كما أن عروض الوحدات العقارية الفاخرة والباهظة الثمن تقلصت في الآونة الأخيرة بشكل واضح، وأصبحت شبه مقصورة على بعض الشركات كإعمار العقارية التي تطور مشاريع في مناطق سياحية هامة تستدعي أن تكون وحداتها العقارية فاخرة ومرتفعة الثمن، كوسط مدينة دبي المجاور لبرج خليفة، وتستقطب هذه العقارات مستثمرين من أنحاء العالم يستهدفون الحصول على وحدة عقارية في أماكن راقية بدبي.

ولا بد من الإشارة إلى أن دبي تعتبر سوقا عقاريا هاما للكثير من المستثمرين، وبصرف النظر عن الأوضاع الاقتصادية المحلية أو الإقليمية، فإن دبي تستقطب مستثمرين في مجالات عدة ومنها القطاع العقاري بشكل دائم بسبب انفتاحها الكبير، وهو ما يوفر حدا أدنى من استمرارية الاستثمارات والمشاريع العقارية.

كما تم خلال العام الماضي إطلاق الكثير من المشاريع العقارية والسياحية، وفي بداية هذا العام تم إطلاق مشروع عقاري سياحي كبير وهو مشروع “دبي هاربور”، في مؤشر على استمرار النظرة الإيجابية الحكومية للاقتصاد عموما وللعقار أيضا.

كما تعتبر دبي وجهة للأثرياء والمستثمرين، وأيضا السياح من الطبقات الثرية والمتوسطة، لاسيما مع الأوضاع السائدة في المنطقة، بدعم من انفتاحها الكبير، وسهولة الدخول إليها والاستثمار فيها وإنشاء الأعمال الجديدة، فقد ذكر تقرير صادر عن “كلاتونز” في أبريل 2016 أن “أبوظبي ودبي والشارقة” تعتبر وجهات الاستثمار الأكثر تفضيلاً في المنطقة بالنسبة لأصحاب الثروات الكبرى في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث يخططون للاستثمار العقاري فيها.

وفي ظل بقاء المؤثرات الاقتصادية على حالها، واستبعاد حدوث هزات اقتصادية أو أزمات، فإن القطاع العقاري قد يتجه للاستقرار خلال هذا العام، أو العام القادم، وستكون التراجعات – إن حصلت – بنسب محدودة، لكن الأسعار لا تبدي مؤشرات نحو الارتفاع على الأقل خلال الأشهر الأولى من هذا العام.