لماذا لم يرد في نظام الخدمة المدنية أي نص يسمح بمكافأة الموظف المتميز مادياً أومعنوياً؟؟
هذا سؤال ظل يبحث عن إجابة خلال سنين طويلة جداًَ دون أن يستطع أحد من المسؤولين أو المختصين تقديم الإجابة عن ما يحق لنا بتسميته قصوراً في حق الموظفين المتميزين من قبل نظامهم الوظيفي!!
فالملاحظ أن جميع موظفي الدولة العاملين على نظام الخدمة المدنية بكافة المراتب والاختصاصات لم يرد لهم في نظام الخدمة المدنية وجميع لوائحه التنفيذية أي مادة نظامية أو أي بند نظامي يسمح للوزير المختص أو لمدير القطاع وكل من هو في حكمهم لا يحق لهم جميعاً منح أي مكافأة مالية أو معنوية لأي موظف لقاء قيامه بأي أعمال جليلة لصالح الجهاز الذي يعمل فيه أو أي جهد لقاء المصلحة العامة إذا كانت هذه الأعمال أو هذه الجهود ليست من صميم عمله أو ليست من واجبه الوظيفي؟! فالوزير أو المسؤول لا يملك من الصلاحيات “النظامية” إصدار أي قرار إداري بصرف أي مكافأة مالية أو معنوية لأي موظف مبدع أو متفانٍ في عمله أو أي موظف متميز في عمله .
هذا يعتبر تبايناً كبيراً في ميزان العدالة الوظيفية بين التأديب والتكريم للموظفين إذ إننا نرى ونقرأ أن نظام الخدمة المدنية ولوائحه المتلاحقة أسهبت كثيراً وبتوسع في طرق معاقبة وتأديب الموظفين بنصوص وبأساليب وبعبارات شتى.. بينما نرى أن هذا النظام وهذه اللوائح أهملت كلياً الجانب الإيجابي للموظفين الأكفاء المتميزين في كل المراتب والاختصاصات في عموم أجهزة الدول وكيفية مكافآتهم.. لذلك لم يفرق هذا النظام بين الموظف المجد المبدع المخلص وبين الموظف الخامل الكسول!!
ومن يقول إنه ورد في نظام الخدمة المدنية مايضمن المكافأة للموظفين فإن هذا قول غير صحيح إطلاقاً .. فالمادة (2) الواردة في الفصل الرابع من نظام الخدمة المدنية ولوائحه التنفيذية والخاصة بالبدلات والمكافآت والتعويضات هي مادة تقضي بتقديم مكافآت وبدلات مالية مقابل تكليف الموظف بعمل إضافي إلى عمله الأساسي أو مقابل طبيعة عمل ولكنها لا تمنح المسؤول سواء الوزير أو الوكيل أو المدير تقديم أي مكافأة مالية أو معنوية لموظف أبدع أو قدم جهداً مميزاً في عمله أياً كان نوعه!!
وعلى الرغم أنه سبق أن ورد في نظام الخدمة المدنية المادة ” 27/18″ نص نظامي أجاز للوزير المختص منح الموظف الذي يبذل جهداً غير عادي أو يقدم خدمات ممتازة مكافأة مالية لا تتجاوز شهرين في السنة المالية الواحدة وفق ثلاثة شروط .. إلا أن هذه الصلاحية وهذه المكافأة للأسف ألغيت من النظام بقرار مجلس ” الوزراء الموقر ” رقم 101 الذي صدر بتاريخ 24/6/1405ه !!
ولو اطلع مسؤولو الخدمة المدنية في بلادنا على الأنظمة الأخرى ومثال ذلك أنظمة الخدمة العسكرية لتبين لهم أن نظام خدمة الأفراد العسكريين قد كفل بكل احترام وبكل تشجيع الأعمال الجليلة التي يقدمها الأخوة الزملاء العسكريون سواءً كانت لأعمال الأمن والسلامة أو غير ذلك من الأعمال وفق نص المادة (25) فقرة (أ) من ذلك النظام بمكافأة مالية لا تزيد على راتب ثلاثة أشهر بالإضافة إلى الأمور الأخرى المعنوية منها والوظيفية كالترقية الاستثنائية وغيرها ويندرج ذلك أيضاً في نظام خدمة الضباط الأعمال الجيدة وغير العادية التي يقدمها الضباط وتستحق المكافأة فقد منح هذا النظام الوزير صلاحية تقديم مكافأة مالية للضباط بما لا يزيد على راتب ثلاثة أشهر وذلك وفقاً لقرار مجلس الوزراء رقم (73) الصادر بتاريخ 22/6/1401 ولا يزال العمل سارياً بهذا النظام حتى تاريخه !!
ندرك أن شراكة موظفي الخدمة المدنية مع كافة إخوانهم العاملين في جميع قطاعات الدولة شراكة وطنية في جميع المهام والمسؤوليات والواجبات الوظيفية وهم جميعاً عاملون يعملون في جهاز الدولة الإداري بكافة اختصاصاته ومجالاته.. ومن هذا المبدأ كان من المفترض أن يكون التشجيع والتحفيز على الإبداع في العمل وتنمية شعور الإبداع وروح التميز وهذا لايتحقق إلا من خلال “التقدير” المعنوي الذي ينتظره الموظف المبدع والمخلص وهذا لا يتحقق للأسف “نظاماً” في نظام الخدمة المدنية لأن النظام لم يمنح أي صلاحيات لجميع المسؤولين لذلك نجد أن الكثير من المسؤولين يلجأ إلى طرق وأساليب أخرى منها مثلاً منح الموظف المبدع أو المجد أو المجتهد مكافأة خارج الدوام دون أن يعمل أو أن يمنحه انتداب لمدة معينة دون أن يباشر مهمة الانتداب.. وهذه الأساليب هي المجال الوحيد المتاح أمام المسؤول لتقدير جهود الموظفين من خلال الالتفاف على النظام وإيجاد طريقة تخدم الهدف!!
نتمنى من المسؤولين المعنيين في أجهزة الخدمة المدنية إنصاف الموظفين المبدعين والمخلصين وإعادة النظر في النظام ولوائحه وإيجاد مدخل نظامي لمكافأة هؤلاء المتميزين.. وهذا لن يتم إلا من خلال إقرار نصوص نظامية عاجلة تحقق هذا الهدف وهذا ما يتطلع إليه جميع الموظفين في القريب إن شاء الله !!
المصدر : https://wp.me/p70vFa-1MP