عادة تكون ربحية 20 في المائة من الشركات هي المؤثرة في السوق والمحددة لاتجاهه، ويوجد في سوقنا نحو 154 شركة. وبالتالي فإن 31 شركة هي المؤثر الرئيس في سوقنا، ولكننا سنتناول 23 شركة لنتعرف على اتجاهات الربحية ومسببات الهبوط الحالي والتخوف. واتجاهات الربحية تؤثر عادة على تطلعات المتداولين في السوق ويتم ترجمة هذه التطلعات على الأسعار سواء صعودا أو هبوطا. وبالتالي تحسن التطلعات ناجم من نمو الربح وتحسنه، وتراجع التطلعات ناجم من تراجع الربح وهبوطه. ولعل النظر لهذه المجموعة من الشركات يجعلنا نفهم موطن التراجع ومسبباته من خلال النظر للمجموعة وللشركات. وبالتالي نفهم عمق التأثير ونجد الثغرات في أسلوب تسعير السوق عندما يتحكم اتجاه عام سلبي ويترك فرصا متاحة للاستفادة منها.
المتداولون أمام زخم المعلومات التي صدرت خلال الأيام الماضية والإحساس بأن هناك تراجعا في الربحية على المستوي الكلي جذب القطاعات المختلفة وأسعار أسهم الشركات إلى الأسفل دون تميز أو استثناء. في وقت كان هناك أساسا ضغط على السوق وعلى الشركات بفعل متغيرات عالمية، ما زاد من ضبابية الوضع ورفع مستوى التخوف بالرغم من قيام عدد كبير من الشركات بتوزيع أرباح لتأكيد جودة نتائجهم. ما يهمنا هنا هو الحديث عن الربحية وسنتطرق في تحليل آخر عن الربح الموزع والتدفق النقدي لتحديد جودة وقدرة الشركات على التوزيع الربحي.
المتغيرات المستخدمة صافي الربح هو المتغير الذي تم التركيز عليه واتجاهات النمو فيه سواء نصفيا أو ربعيا وذلك للفترة 2011 و2012 الربع الأول والربع الثاني. وتم أخذ أكبر 23 شركة كربح خلال الفترة 2012 منتصف العام. والملاحظ أن الشركات انتمت إلى عدة قطاعات هي البتروكيماويات والاتصالات والمصارف والأسمنت والزراعة والسياحة والعقار والطاقة. وهي ثمانية قطاعات من 15 قطاعا، ما يجعل التمثيل كبيرا هنا.
نتائج أكبر 23 شركة الجدول رقم (1) يوضح لنا أن أكبر 23 شركة سعودية حققت 21.827 مليار ريال في الربع الثاني من عام 2012. وأن هناك تراجعا في النمو بين المتحقق والربع المماثل من العام الماضي بلغ 7.58 في المائة، في حين أن السوق السعودية ككل حققت 24.65 مليار ريال متراجعة بنحو 6.17 في المائة. ومثلت أرباح 23 شركة نحو 88.55 في المائة من أرباح السوق، وبالتالي حققت 131 شركة 2.8 مليار ريال في الربع الثاني، والملاحظ أن الأهمية النسبية لهم تراجعت في الربع الثاني من 2012 مقارنة بالربع المماثل من 2011 بنحو 1.51 في المائة. نصفيا نجد أن هناك تحسنا، حيث حققت 23 شركة ربحا بلغ 43.458 مليار ريال وبنمو 1.62 في المائة في حين كانت الربحية النصفية للسوق في 2012 نحو 50.13 مليار ريال بنسبة نمو 3.49 في المائة. هناك تحسن ونمو في مناطق وشركات مقارنة بغيرها وليست النتائج تعكس اتجاها واحدا تنازليا.
والملاحظ أن التركيز كليا مهم ويساعد على توجيه المستثمر نحو الربحية وأهميتها في تكوين المحفظة. ولكن الكلية تحتم البناء على الجزئية من خلال عملية الاختيار للشركات ذات الربحية والنمو. 23 شركة الجدول رقم (2) يعكس نتائج أكبر 23 شركة ربحية سواء كانت نصفية أو ربعية مع معدلات النمو النصفية والربعية. مع ملاحظة أن المقارنة تتم هنا بالفترة المماثلة لعدة اعتبارات أهمها الموسمية. الشركات التي حققت نموا سلبيا ربعيا ست، أعلاها سلبية “سابك” و”ينساب” ثم “اليمامة”، وحققت 17 شركة نموا إيجابيا أعلاها “البلاد” و”صافولا” و”أسمنت السعودية”. وهنا يجب أن نلاحظ أن ارتفاع عدد كبير من الشركات ذات الربحية المرتفعة لم يدعم تغير وتحسن الإجمالي نظرا لثقل ربحية قطاع البتروكيماويات. وكان التحسن القوي في الشركات ذات الربحية المنخفضة مقارنة بالشركات السلبية النمو والربحية المرتفعة. نصفيا نجد أن النمو السلبي انحصر في أربع شركات (الربع الأول من العام الجاري ساهم في تحسن النتائج هنا) أعلاها “سابك” و”ينساب” والشركات الـ19 التي حققت نموا موجبا أعلاها نموا “بنك البلاد” ثم “أسمنت السعودية” ثم “صافولا”. نلاحظ التكرار في النتائج النصفية والنتائج الربعية لحجم التحسن، ما يعني أن هناك تحسنا على مدى الربعين في العام الجاري للشركات المشار إليها.
نصفيا حققت مجموعة الشركات نموا إيجابيا مقارنة بالنتائج الربعية. التركيز على حجم النمو واستمراريته وجودته يساعدنا على الحكم على آلية التسعير في السوق واحتمال الخطأ فيها. حيث نلاحظ إصرار بعض المحللين الماليين على أن السعر المستهدف لبعض الشركات استمر في مستواه دون تغير على الرغم من تراجع الربحية، نظرا لحجم ومعدل النمو المتوقع. وحسب الجدول ومن النتائج النصفية نجد أن هناك 12 شركة حققت نموا مضاعفا موجبا (double digit) أي أكثر من النصف. وربعيا نجد أن هناك ثمانية شركات حققت نموا مضاعفا موجبا. الوضع الذي يعزز أهمية الانتقاء والاختيار وتبديل المراكز عند بناء وتشكيل المحافظ لدعم الحفاظ على القيمة للمحفظة الاستثمارية.
مسك الختام بالرغم من أن السوق تراجعت ربحيتها ولكن على المستوى الجزئي، نجد أن هناك أداء متباينا في الشركات ونتيجة لحجم ربحية شركات محددة تراجع الكل وبقي الجزء متفردا في الأداء. لذلك البحث عن الفرص والنمو موجود بين الشركات، والاختيار عادة من خلال النظر للتدفق النقدي الحر وقدرة الشركات على توزيع واستمرار التوزيع للربح نتيجة لكون تدفقاتها النقدية متجددة. النتائج عكست بالتالي توفر الفرص والتدفق النقدي لمعرفة قوة الفرصة من عدمها.
*نقلا عن الاقتصادية