مجلة مال واعمال

موسكو تلوح بـ «حرب اقتصادية» إذا شددت واشنطن عقوباتها

-

حذر رئيس الوزراء الروسي دميتري مدفيديف، من أن تشديد الولايات المتحدة عقوباتها ضد روسيا يمكن اعتباره بمثابة «إعلان حرب اقتصادية، يتحتم الرد عليها». جاءت تصريحاته في وقت استمر فيه تراجع سعر العملة الروسية أمام العملات الرئيسية، لليوم الثالث على التوالي، وذلك عقب إعلان الولايات المتحدة عن حزمة عقوبات جديدة ضد روسيا، على خلفية تحميلها المسؤولية عن استخدام مواد كيماوية في محاولة اغتيال الضابط السابق في الاستخبارات الروسية سيرغي سكريبال في بريطانيا.
وفي محاولة لكبح تقلبات الروبل، قلص «المركزي الروسي» حجم مشترياته من العملات الصعبة من السوق، أمس، حتى النصف، على أن يعدل مشترياته خلال الأيام اللاحقة، وفق ما تمليه ضرورات الوضع المالي. ولم تستبعد وزارة التنمية الاقتصادية الروسية تسارع وتيرة التضخم في النصف الثاني من العام نتيجة العقوبات الأميركية الأخيرة.
ومنذ الساعات الأولى من عمل بورصة موسكو، أمس، تراجع سعر العملة الروسية حتى 67.10 روبل أمام الدولار، و76.76 روبل أمام اليورو. وفي ساعات الظهيرة عوض الروبل بعض خسائره الصباحية، وارتفع حتى 66.79 روبل لكل دولار، و76.65 روبل لكل يورو، ليبقى مع ذلك عند مستويات متدينة مقارنة بسعره قبل الأزمة الحالية.
أما بورصة موسكو للأسهم المقومة بالروبل «MICEX»، فقد تراجع مؤشرها أمس بنسبة 1 في المائة، وانخفض مؤشر البورصة للأسهم المقومة بالدولار «RTS» بنسبة 2.4 في المائة. كما تراجعت قيمة أسهم عدد من الشركات الروسية، وكانت الخسارة الأكبر لشركة «ألروسا» الروسية العالمية لإنتاج الألماس، التي انخفضت قيمة أسهمها بنسبة 5 في المائة. وقال مشاركون في سوق المال الروسية، إن غياب الأخبار الإيجابية يبقي السوق تحت ضغط عامل التأثير السلبي الخارجي.
وأثار إعلان الولايات المتحدة عن حزمة العقوبات الجديدة استياء كبار المسؤولين الروس، الذين توقعوا تحولاً إيجابياً في العلاقات بين البلدين بعد قمة الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي دونالد ترمب في هلسنكي منتصف الشهر الماضي.
وقال رئيس الوزراء دميتري مدفيديف في تصريحات أمس: «إذا جرى أمر ما، من قبيل فرض حظر على نشاط المصارف (الروسية)، أو على التعامل بهذه العملة الصعبة أو تلك، فإن هذا الوضع يمكن وصفه وبشكل مباشر على أنه إعلان حرب اقتصادية (ضد روسيا). وسيتحتم الرد على تلك الحرب بالأدوات الاقتصادية، والسياسية، وعند الضرورة بأدوات أخرى، وهذا أمر يجب أن يفهمه الأميركيون»، وعبر عن قناعته بأن العقوبات، ومهما كان الهدف منها، فإنها «تشكل إلى حد بعيد قيوداً على الاقتصاد الروسي»، وقال إن العقوبات التي يتم فرضها منذ سنوات بعيدة «ترمي إلى إبعاد روسيا عن قائمة المنافسين الأقوياء على الساحة الدولية»، وأقر بأن أداة مثل العقوبات تؤثر لا شك بصورة سلبية على الاقتصاد الروسي والوضع في السوق.
من جانبه قال «المركزي الروسي»، في بيان، إن «زيادة تقلبات الروبل في الأيام الأخيرة، رد فعل طبيعي من جانب السوق على الأنباء حول عقوبات أميركية جديدة، وكذلك على خلفية التغيرات في أسواق المال العالمية». وقال في بيانه، أمس، إن حجم الأموال التي تم ضخها في السوق الأربعاء، بلغت نصف ما كان مقرراً، ولم تزد عن 8.4 مليار روبل روسي.
وكانت وزارة المالية الروسية أعلنت في وقت سابق عن أنها ستقوم خلال الفترة من 7 أغسطس (آب) وحتى 6 سبتمبر (أيلول) بضخ 383.2 مليار روبل لشراء العملات من السوق المحلية، بواقع 16.7 مليار دولار يومياً. وأكد «المركزي الروسي» أنه سيواصل تعديل قيمة المبالغ اليومية على المدى القريب، إلى أن تستقر السوق، ومن ثم سيعود إلى الشراء وفق الخطة اليومية المعلنة سابقاً.
وكما هي حال كل أزمة من هذا النوع، فإن نتائجها لن تقتصر على المرحلة الحالية، وإنما ستترك أثراً سلبياً على المدى البعيد، وهو أمر تدركه وزارة التنمية الاقتصادية الروسية، التي لم تستبعد إمكانية تسارع وتيرة التضخم بسبب هبوط الروبل الروسي. وفي تقرير شهري بعنوان «مشهد التضخم»، أشارت الوزارة إلى أن وتيرة التضخم السنوي في شهر يوليو (تموز) وصلت حتى 2.5 في المائة، بينما لم تتجاوز في شهر يونيو (حزيران) نسبة 2.3 في المائة.
وتوقعت أن تتسارع وتيرة التضخم خلال النصف الثاني من العام الحالي، لجملة أسباب، بينها هبوط قيمة الروبل الروسي، بسبب العقوبات الأميركية الجديدة، والتقلبات الجارية في السوق الروسية.