ليس من المعتاد أن تسمع فتاة تقول إن الضربة التي لا تكسرك تجعلك أقوى، لكن مع الفتاة المواطنة ميرة المهيري، والتي تعمل مهندس تفتيش في الهيئة الاتحادية للرقابة النووية.
فإن لغة الإصرار هي التي جعلت «لينكدإن» أكبر منصة للتواصل بين العاملين في العالم، تختارها لتمثلها في حملة «مشوارنا واحد» In It Together، والتي تهدف إلى معرفة ما يدفع الناس إلى اتخاذ خطوات إضافية في طريقهم إلى النجاح، ولماذا يعملون ليالي طويلة ويستيقظون في الصباح التالي بنفس الحماس؟ وتجيب ميرة عن هذا السؤال باقتباس من روبرت فروست «أمامي أميال لأقطعها قبل أن أخلد للنوم».
تمكين المرأة
وتقول: رغم أن المرأة تواجه أوضاعاً مختلفة حول العالم، أعتقد بأنها في الإمارات، لديها إمكانية الاستفادة من فرص متساوية، وتواجه منافسة عادلة وشريفة.
لأن دولة الإمارات تجاوزت مرحلة تمكين المرأة، «فنحن نمكن المجتمع عن طريق المرأة» مثل ما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله. وقد واجهت بالتأكيد بعض العقبات خلال رحلتي هنا، ولكن كوني شخصاً لا يهاب التحديات، أريد القول إنه بإمكان أي إنسان أن يحقق ما يطمح إليه إذا كان لديه ما يكفي من الرغبة والإصرار.
مسيرة مهنية
وتعتقد ميرة المهيري أنه يجب تشجيع مزيد من الشباب والشابات من الإمارات للعمل في مسيرة مهنية في اختصاصات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، وأن يحققوا طموحاتهم ويتجاوزوا القيود كافة لتحقيق التطلعات.
وحول طبيعة عملها في الهيئة الاتحادية للرقابة النووية النووية تقول: إن العمل في مجال الرقابة النووية هو بالطبع عمل ينطوي على الكثير من التحديات، فهذه الوظيفة تتطلب فهماً شاملاً ودقيقاً للنواحي العلمية والتكنولوجية المستخدمة في هذا المجال، وامتلاك عقلية تهتم بشكل دائم بالأمان والسلامة.
فرص التطور
وأضافت هناك تحدٍ آخر استغرقني بعض الوقت للتغلب عليه وهو التكيف مع بيئة العمل في الموقع. أتذكر أنه في مهمة التفتيش الأولى عام 2015، تعرضت لضربة شمس حادة، حيث أغمي عليّ ولم أستطع التحرك، لكن الضربة التي لا تكسرك تجعلك أقوى، ومنذ ذلك الوقت، قررت تبني نظرة إيجابية تجاه هذه التحديات ورؤية كل تجربة جديدة على أنها فرصة للتطور.
ومن يومها لم أنظر للوراء أبداً. فمثلاً، أكملت مؤخراً مناوبة وظيفية لمدة شهرين في موقع العمل خلال أشهر الصيف الحارة من دون أن أتعرض لأي انهيار جسدي،.
والفضل يعود إلى دعم زملائي وأعضاء فريق الإدارة العليا، والذين قدموا الدعم لي ولزميلاتي أيضاً وساعدونا على تطوير قدراتنا ومواهبنا. وأقول للفتيات اللواتي يتطلعن إلى العمل في هذا المجال: لا تترددن أبداً. لن يكون الأمر بسيطاً بالطبع، وسوف تواجهن الكثير من التحديات، لكني أضمن أن تستحق النتيجة هذا التعب.
وتتابع ميرة المهيري: نعيش في زمن يدرك فيه مزيد من الأفراد والمؤسسات أهمية أثر التنوع في بيئة العمل، ورغم أن اختصاصات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات يسيطر عليها الرجال بشكل عام، أسعى إلى توعية الشباب والشابات بأن الحدود والعوائق غير موجودة إذا كان هناك تصميم للتغلب عليها.
وثمة سوء فهم بأن هوياتنا وخلفياتنا الثقافية تجعل بعض الأهداف والطموحات غير قابلة للتحقيق، لذا أود أن أثبت للجميع بأن العمل الجاد والدؤوب سيؤدي إلى تحقيق الأهداف مهما بلغت. وبالنسبة لي أنا شابة في مقتبل العمر ولدي الحياة كلها أمامي، فلماذا عليّ أن أتوقف الآن؟ أعتقد أن هذه مجرد البداية بالنسبة لي.
اختيار
وعما دفعها لاختيار هذه المهنة، تقول: لطالما شكلت الرغبة بالتطور والنمو وتعلم المزيد حافزاً دائماً بالنسبة لي، وخلال طفولتي، علمتني والدتي كيف أحقق أقصى استفادة من الأوقات العصيبة، فهذه المهارات تشكل أدوات مهمة تساعد على بناء وصقل الشخصية وتجعل المرء أفضل وأقوى. وخير مثال على ذلك هو فترة دراستي في الجامعة واختياري للهندسة الميكانيكية والنووية كتخصص رئيسي.
في البداية، ساورتني كثير من الشكوك: أين سينتهي بي المطاف؟ وهل سأكون في مأمن؟ هل أريد حقاً أن أقدم على هذه الخطوة؟ لذلك، وبدافع من شغفي بالرياضيات والعلوم، وفضولي لرؤية المستقبل الذي ينتظرني، قررت أن أمضي قدماً، وها أنا اليوم وصلت إلى ما أنا عليه.
كسر الحواجز
وعما دفعها لقبول أن تنضم للشباب الإماراتي ضمن حملة لينكدإن «مشوارنا واحد» In It Together، قالت: كوني موظفة شابة في دولة الإمارات ولدي إصرار على كسر الحواجز وتحطيم القيود يسعدني أن أدعم هذه المبادرة وأن أتحدث عن تجربتي، وكلي أمل بأن نشجع الآخرين على إدراك ما يطمحون إليه،.
حيث تسعى لينكدإن إلى معرفة ما يحفز طموحات القوى العاملة العالمية، وتغيير النظرة التقليدية إلى «لينكدإن» على أنها مجرد منصة مخصصة لنوع معين من المستخدمين (موظفي المكاتب التقليديين)، كما تهدف أيضاً إلى توعية الناس بأن لينكدإن هي ليست فقط منصة للتواصل بين القوى العاملة العالمية ولكن مع الفرص أيضاً، .
وقد رافق إطلاق الحملة إعلان نتائج أحدث دراسة، والتي كشفت عن علاقة قوية بين النجاح والسعادة، وتأثير التنوع في مكان العمل، وتأثير المجتمع على الوظائف، من الزملاء في مكان العمل ورؤساء العمل إلى الموجهين والمنافسين، وكيف أن النجاح يعني أشياء مختلفة لأناس مختلفين، وأنه لا يوجد مقياس حقيقي للنجاح.
وقد تم إطلاق الحملة بدايةً في الولايات المتحدة، خلال حفل جوائز الغولدن غلوب، ثم تم إطلاقها في أنحاء العالم، لتصل إلى الهند والصين وسنغافورة والمملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا وأستراليا، والإمارات هي أول دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تشهد إطلاق الحملة بتاريخ 3 سبتمبر، ويشاركني فيها شخصان آخران هما سائد نصر، وهو خطاط عربي مستقل، وتيا كيرس، مدير العلاقات التجارية في شركة «كونتسنشيالي».
منصة
وحول رؤيتها لاستخدام لينكدإن كمنصة لإبداء آراء حول مختلف قضايا التوظيف ولإجراء حوارات مفيدة وبنّاءة. وكيف يساعد هذا الأمر الباحثين عن العمل في الإمارات.
وخاصة الشابات العاملات في اختصاصات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، تجيب: تستقطب لينكدإن الطلاب والباحثين عن عمل والمحترفين ذوي الخبرات، لذا فهي تتيح إمكانية التعلم والنمو وأعتقد بأن التعرف على هذه الحوارات يساعد الجميع على التعلم والتطور.
أفكار
قالت ميرة المهيري أن لينكدإن تشرف على إدارة أكبر شبكة احترافية في العالم، لذا فهي بمثابة بوتقة تجمع كافة الأفكار والآراء. ونرى بشكل متزايد بأن الأفراد والشركات ترغب في إطلاق حوارات بنّاءة، لذا أعتقد بأن هذا التوجه ممتاز ويشجع على تبادل الأفكار، ويتماشى مع ما توفره الإمارات من فرص ممتازة وعادلة للجميع بغض النظر عن الانتماء العرقي أو الجنس، وهذا الأمر واضح في بيئات الأعمال المتنوعة وفي مدى المواهب المتوفرة في القطاعات المختلفة.