منتدى دافوس.. منصة اقتصادية لا تخفي بعدها السياسي

تحليل اقتصادي
19 يناير 2017آخر تحديث : منذ 7 سنوات
منتدى دافوس.. منصة اقتصادية لا تخفي بعدها السياسي
9

بدأ منتدى دافوس الاقتصادي في نسخته الـ 47، بمشاركة نحو ثلاثة آلاف مسؤول سياسي واقتصادي، أعماله يوم الثلاثاء الماضي، ويستمر لأربعة أيام، تنتهي غدًا الجمعة، موعد تسلّم الرئيس الأمريكي الجديد، دونالد ترامب، الرئاسة رسميًّا من سلفه الأمريكي باراك أوباما.

منتدى دافوس

المنتدى الاقتصادي العالمي هو منظمة دولية غير ربحية مستقلة منوط بها تطوير العالم عن طريق تشجيع الأعمال والسياسات والنواحي العلمية وكل القادة المجتمعيين من أجل تشكيل العالمية، وأيضًا الأجندات الإقليمية والصناعية. تأسس على يد أستاذ الأعمال كلاوس شواب عام 1971 في كولوجني التابعة لجنيف في سويسرا، كما افتتح في عام 2006 مكاتب إقليمية له في العاصمة الصينية بكين ونيويورك بالولايات المتحدة.

يضم المنتدى في عضويته ألفًا من كبرى شركات العالم والشركات متعددة الجنسيات “نستلة، نيكي، مايكروسوفت، بكتل”، وعادة ما تكون دورة رأس المال فيها أكبر من 5 مليارات دولار أمريكي، وهذه الشركات مصنفة ضمن أعلى الشركات في مجال عملها، وتلعب دور القيادة في صياغة مستقبل صناعتها والمنطقة التي تعمل بها.

الجانب السياسي في دافوس

ألقت التطورات السياسية الأخيرة بظلالها على المائدة الاقتصادية لدافوس، فتراجع الدور الأمريكي كقطب أوحد لرسم السياسة الدولية والاقتصادية للعالم مقابل انتهاء السبات الشتوي للدب الروسي وبزوغ التنين الصيني، تبدلات لم تكن لتمر مرور الكرام على هذا المؤتمر الاقتصادي الهام.

الصين الاشتراكية تدافع عن الليبرالية

الصراع بين بكين وواشنطن يتم بغلاف اقتصادي، لكن لا يختلف اثنان في أن مضمونه سياسي، فمن يملك الاقتصاد يملك القوة والسلطة معًا، ولا يساور واشنطن أدنى شكوك بأن الصين تسعى لانتزاع القطبية الأحادية منها، وهو الأمر الذي انعكس في أروقة دافوس، فالصين التي بنت اقتصادها على أساس اشتراكي في مرحلة ما بين (1949-1976)، وانفتحت بعدها على النظام الرأسمالي بعد عام 1978، تحاول اليوم الدفاع عن القيم الليبرالية التي كانت تعارضها في السابق من حيث المبدأ كقيم وليدة عن الأنظمة الرأسمالية، في الوقت الذي كانت تنظّر واشنطن لهذه القيم.

ويبدو أن الصين قررت أن تحارب الولايات المتحدة الأمريكية بنفس أسلحتها، خاصة أن الرئيس الأمريكي ترامب أعلن الحرب الاقتصادية على الصين ضمن برنامجه الانتخابي بتقليص السلع الصينية التي تدخل أمريكا، والترويج للسلع الأمريكية داخل الصين، فعمد إلى طرح فكرة جديدة في مناهضة للاقتصاد الصيني، فترامب الذي يتسلم مهامه في البيت الأبيض على رأس أكبر قوة اقتصادية في العالم، بنى نجاحه الانتخابي على أساس مناهضته للعولمة الليبرالية التي يعتبر أنها تفقد الولايات المتحدة الكثير من فرص التوظيف، وهنا لم يجد الرئيس الصيني شي جين بينج، الذي يشارك للمرة الأولى في المنتدى الاقتصادي، فرصة أنسب من منصة “دافوس” ليدافع دفاعًا صريحًا عن العولمة التي باتت مهددة من قبل ترامب، وهو الدفاع الذي يراه مراقبون مشروعًا إلى حد كبير، إذ إن بلاده هي أكثر الدول التي استفادت من العولمة في السنوات الماضية، والصين أكبر الرابحين من العولمة في القرن العشرين، والتي تشق اليوم “طرق حرير جديدًا”، تخشى من سياسات ترامب الاقتصادية، حيث وعد بالتخلي عن اتفاق التبادل الحر عبر الأطلسي، وإقامة حواجز جمركية مع جيرانه ومع الصين، كما انتقد منظمة التجارة العالمية، الأمر الذي دفع الرئيس الصيني لإخافة العالم من سياسات ترامب الانعزالية، ووصف الحماية التجارية بـ”حبس المرء نفسه في غرفة مظلمة، كي يحمي نفسه من الخطر، لكنه  في الوقت ذاته يحرم من النور والهواء”.

ويرى مراقبون أن التهديد الأخطر لهذا العام يكمن في نشوب حرب تجارية بين الولايات المتحدة والصين.

روسيا والولايات المتحدة

فصل آخر من فصول الصراع نشب بين موسكو وواشنطن في أروقة دافوس، ففي آخر كلمة له قبل ترك منصبه، وصف نائب الرئيس الأمريكي، جو بايدن، أمس، روسيا بأنها أكبر تهديد للنظام الليبرالي الدولي، وقال إنه يجب أن تعمل واشنطن مع أوروبا على مواجهة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وأضاف بايدن أن كل الأجهزة الأمنية في أمريكا وعددها ١٧ اتفقت على اتهام روسيا بهجمات إنترنت للتأثير على نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة.

علاقة واشنطن بموسكو تلقي بظلالها أيضًا على الجانب الأوروبي، فعهد أوباما قد لا يكون كعهد ترامب في العلاقة مع روسيا، والجميع يعلم أن أوروبا فترة أوباما اختارت السير على الخطى الأمريكية وتبني النهج التصعيدي، وهو الأمر الذي قد يربك حساباتها في حال قرار ترامب التقارب مع روسيا، وينبع الخوف الأوروبي حيال روسيا من عدة تصريحات أدلى بها ترامب، ومن توجيهه رسائل تصالحية للرئيس بوتين، وبدا كأنه يشجع على تفكك الاتحاد الأوروبي بإشادته بقرار بريطانيا الانسحاب من التكتل، وتكهن بأن المزيد من الدول قد تنسحب منه.

بايدن حاول بكلماته الحفاظ على الموقف الأوروبي العدائي لروسيا؛ في محاولة منه لإدامة هذه المواقف حتى بعد قدوم ترامب، حيث حذر مئات من الزعماء والمديرين التنفيذيين والمصرفيين المجتمعين في قاعة مؤتمرات كبيرة في بلدة دافوس السويسرية من أن بوتين سيحاول على الأرجح التأثير في الانتخابات التي ستجري هذا العام في أوروبا، «مثلما فعل» في الانتخابات الأمريكية.

الولايات المتحدة وفلسطين

قال وزير الخارجية الأمريكية، جون كيري، في كلمة ألقاها الثلاثاء الماضي أمام منتدى “دافوس” الاقتصادي، إن الضفة الغربية يجري التهامها ببطء ومنهجية من قبل إسرائيل التي تحتفظ بغالبية مساحتها لصالحها.

وتطرق كيري لامتناع الولايات المتحدة عن استخدام “الفيتو” ضد قرار مجلس الأمن الدولي المتعلق بالاستيطان، قائلًا إن بلاده امتنعت عن التصويت، وسمحت بتمرير القرار، لأنه يثير نقاشًا جديًّا وحقيقيًّا حول الموضوع.

السعودية وإيران

يبدو أن منتدى دافوس كان ساحة دسمة لتبادل الرسائل التي تخفي مضامين سياسية في محتواها بين الرياض وطهران، ويبدو أن إيران اعتمدت نبرة هادئة لمواجهة التشنج السعودي الذي ظهر في تصريحات وزير الخارجية، عادل الجبير، في دافوس، والذي هاجم الاتفاق النووي، واتهم إيران بدعم الإرهاب، في المقابل كان تصريحات نظيره الإيراني، جواد ظريف، أكثر مرونة ودبلوماسية، حيث قال “إن إيران والسعودية قادرتان على العمل معاً لإنهاء الصراعات في سوريا واليمن، بعد نجاحهما في التعاون بشأن اختيار رئيس للبنان العام الماضي”، وأضاف ظريف “لا أرى سببًا في أن تكون هناك سياسات عدائية بين إيران والسعودية، حقيقة يمكننا العمل معًا لإنهاء الأوضاع المأساوية لشعوب سوريا واليمن والبحرين وغيرها من دول المنطقة”، وفي سياق متصل اعتبر وزير الخارجية الإيراني أن نكتة القرن هي أن يعتبر وزير الخارجية السعودي أن إيران وراء “داعش”، في إشارة لمعلومات دبلوماسية أمريكية وتقارير إعلامية، ينسب فيها تمويل داعش للمملكة السعودية.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.