أوصت الجلسة الختامية لمنتدى حوار الطاقة 2016 بدعم وتبني طرق مختلفة في البحث العلمي وتعزيز ثقافة الابتكار وتوجيه الاستثمارات في مجال التقنية لدعم سبل التنمية الاقتصادية.
ونوه المشاركون في الجلسة الختامية وهم رئيس المركز المهندس سامر الأشقر، والدكتور منصور المنصور نائب رئيس المركز “للشؤون المالية والإدارية”، وديفيد هوبز رئيس الباحثين في المركز، بأهمية مشاركة القطاع الخاص وتوجيه استثماراته في الطاقة والتقنية لتحقيق التحول الاقتصادي الذي تسعى إليه المملكة وفق “رؤية 2030″، وهو ما يسعى إليه المركز.
كما سلط المشاركون في المنتدى الذي عقد في مركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية “كابسارك” على مدى يومين تحت عنوان “التحولات في الطاقة والاقتصاد”، الضوء على تجربة إصلاح منظومة الطاقة في الصين والهند، وأن تحقيق التحول الصناعي الاقتصادي يعتبر من التجارب الثرية في مجال الطاقة، حيث يمكن لدول الخليج الاستفادة منها من خلال التعاون المشترك لتعزيز أمن الطاقة والوصول لمصادر الطاقة المستدامة.
وبحث المشاركون أهمية تخطيط السياسات في قطاع النقل والعمل على الاستثمار في كفاءة الطاقة في هذا المجال، لأنه من أكثر القطاعات نموا وزيادة وتاثيرا في البيئة، مطالبين بتركيز الدراسة في حفظ الطاقة وفي إمدادتها بما يتناسب مع ازدياد حجم الطلب العالمي باستمرار.
وشدد المشاركون على ضرورة إيجاد جهة تشرف على تنمية المحتوى المحلي في المملكة، وإطلاق عدة برامج تركز على هذا المجال، مستشهدين ببرنامج “اكتفاء” التابع لشركة “أرامكو” السعودية ودوره في زيادة المحتوى المحلي في المملكة، حيث يستهدف الوصول إلى 70 في المائة في 2021، ورفع نسب توظيف السعوديين في قطاعي الغاز والطاقة.
واعتبر المشاركون أن وضع إجراءات لمواجهة التغير المناخي يعد من القواعد الأساسية للنجاح في هذا المجال، مضيفين أنه يتعين على كل دولة أن تضع نموذجا خاصا بها وبالظروف الاجتماعية، فلا توجد إجراءات أو خطة موحدة تناسب كل الدول، مؤكدين أن الغاز من أفضل البدائل للطاقة، ولكنه مرتبط بالسعر المناسب وسهولة التناول.
وأعرب المشاركون عن ثقتهم بقدرات مركز “كابسارك” ليصبح من المراكز المهمة والمتقدمة في أبحاث الطاقة، مضيفين أن التعاون الدولي في مجال البحث العلمي في مجال الطاقة سيكون له دور في الوصول لرفاهة المجتمعات ودعم سبل التنمية المستدامة.
وكان المشاركون في جلسة “تحولات الطاقة في الهند” خلال فعاليات اليوم الثاني من منتدى الطاقة أمس قد أكدوا أهمية الاستثمارات السعودية في الهند، وتعزيز الشراكة بين البلدين، خاصة أن الهند بحاجة إلى ضخ تلك الاستثمارات لدعم ملايين الفقراء والعاطلين في البلاد.
وتناولت الجلسة معاناة 200 مليون شخص حول العالم جراء عدم وصول الكهرباء والغاز، واستعرضت أربعة مؤشرات لأمن الطاقة تتمثل في وصول إمدادات الطاقة، والتكييف، والنقل، وصناعة الطاقة.
وأوضح المؤتمرون أن 40 في المائة من الشعب الهندي ليس لديهم القدرة على الطبخ إلا بالكيروسين والوسائل التقليدية، مما يزيد من ظاهرة تحدي التغير المناخي، حيث تعيش الغالبية العظمى من السكان على دخل أقل من 120 دولارا سنوياً.
أدار جلسة الأمس ديفيد هوبز رئيس قسم الأبحاث في “كابسارك” وشارك فيها كل من دكتور آجاي ماثور مدير عام مركز الطاقة ومصادرها في الهند والدكتور كيرتي باريخ رئيس مجلس إدارة منظمة الأبحاث المتقدمة وسياسات التنمية والدكتورة سونيا نارين المدير العام لمركز البيئة والعلوم في الهند وسونيف اهليوالي مستشار في إحدى مؤسسات الأبحاث في دلهي.
وشدد المشاركون على الحاجة إلى تعزيز التعاون في قطاع الغاز بين المملكة والهند، مبينين أهمية التوازن بين إيجاد مصادر طاقة متنوعة ومختلفة، ما يضمن وصول الطاقة لكل فرد في كوكب الأرض، وفي الوقت ذاته الالتزام بتطبيق إجراءات تحد من التلوث، وتسهم في الحد من ظاهرة التغير المناخي.
وأوضحت الجلسة أن الحكومة الهندية لا تريد أن تصبح أسعار الكهرباء وفقا للسوق، مشيرة إلى أن بعض الناس بدأوا في استخدام الكهرباء عبر المولدات، ودعت إلى توزيع عادل للكهرباء وخاصة على الفقراء.
وأشار المشاركون إلى أن الهند ستحتاج للغاز مع مرور الوقت؛ لأن الغاز سيكون أهم وقود لديها يلبي متطلبات مختلف الشرائح، متوقعين أن يزداد الطلب على النفط في الهند.
وتلتها جلسة “تحولات الطاقة في الصين” التي أدارها الدكتور جين يونج ساي رئيس مجلس إدارة مؤسسة التمويل الدولية وشارك فيها جيو ويي نائب مدير إدارة قطاع الكهرباء في وكالة الطاقة الوطنية، وهان وينكي المدير العام السابق لمركز أبحاث الطاقة في الصين، وجيانج أكسيوفينج نائب رئيس مؤسسة أبحاث التكنولوجيا والاقتصاد في الصين.
وأكد المشاركون على مستقبل الغاز الطبيعي كمورد مهم بديل عن النفط، مشيرين إلى ضرورة التعاون الدولي لتعزيز أمن الطاقة، مشيدين بدور مركز “كابسارك” بعقد الحوار الذي يناقش قضية حيوية، حيث تعتبر الطاقة عصب الحضارة الإنسانية المعاصرة.
وأوضح المشاركون أن الصين بحاجة إلى خطة للتحول من الفحم إلى الطاقة المتجددة، وإلى إدخال المزيد من الطاقة لاستخدامها في التدفئة بالشتاء، وربما يرتفع الطلب على الطاقة خلال السنوات الخمس المقبلة، وتوقعوا انخفاض الكهرباء المنتجة من الفحم، وإعطاء الأولوية للطاقة المائية والأحفورية.
وأضاف المشاركون أن الطاقة الناتجة عن الاحتراق ستمنع لأن كثيرا من المنشآت إن لم تجدد فستغلق، حيث يتوقع أن تستورد الصين المزيد من الغاز الذي سيسهم في نقل بكين من الطاقة القديمة إلى الحديثة.
وقال المشاركون إن الصين تستورد 60 في المائة من احتياجاتها البترولية، والسعودية ستبقى المزوّد الأكبر والأهم للصين من البترول، كما يمكن التعاون المستقبلي في مجالات النفط والبتروكيماويات.
من جهته، أكد المهندس أمين الناصر، الرئيس التنفيذي لـ “أرامكو” السعودية، أن مركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية “كابسارك”، سيسهم في زيادة تقنيات كفاءة الطاقة، وسيدعم التزام المملكة بتحقيق هدف الطاقة النظيفة، والوفاء بمتطلبات تغير المناخ، ووصفه بأنه مفتاح وضع سياسات الطاقة المستدامة والنظيفة في المملكة. وذكر الناصر أن الحقبة القادمة في صناعة النفط والغاز تستلزم الوفاء بمتطلبات التغير المناخي بالتوازي مع تلبية الطلب المتزايد من الطاقة للعالم، قائلاً: إن “أرامكو” تلتزم بتوفير إمدادات موثوقة من الطاقة للعالم تنتهج استراتيجيات فعالة ورائدة للحد من الانبعاثات الكربونية، وتسعى لتحويل تلك الانبعاثات إلى منتجات مفيدة ذات قيمة.
وأضاف الناصر: “أنه على الرغم من أن الطلب العالمي على الطاقة سيزداد بحسب تقديرات وكالة الطاقة الدولية، خلال الـ 25 سنة المقبلة بنسبة 25 في المائة عما هو عليه الآن، نتيجة ازدياد عدد سكان العالم، إلا أن نسبة نمو الانبعاثات ستنخفض إلى أقل من 14 في المائة بسبب زيادة تقنيات كفاءة الطاقة.
وأوضح الناصر، أن هناك تفاوتا كبيرا في استهلاك الطاقة بين الدول، ففي حين يبلغ المتوسط العالمي الحالي لكمية استهلاك الفرد 14 برميلا من النفط الخام المعادل في السنة، إلا أنه يبلغ في دولة كالولايات المتحدة 50 برميلا للفرد في السنة، بينما يبلغ في الهند خمسة براميل فقط للفرد في السنة.
ويرى الرئيس التنفيذي لـ “أرامكو” أن الأولوية التي يوليها العالم لقضية التغير المناخي ومساعي تنمية الطاقة المتجددة، تستدعي توافر بدائل جاهزة قادرة على تلبية الطلب المتزايد مع ضمان توافر عنصري الموثوقية والتكلفة الاقتصادية.
وشدد الناصر على ضرورة الاستثمار على المدى الطويل لتهيئة البنية التحتية العالمية لبدائل الطاقة، مشيرا إلى أن الحكمة والواقعية تحتم مواصلة تنفيذ استثمارات كافية خلال المستقبل المنظور في قطاع النفط والغاز.
وذكر الناصر، أن المملكة ملتزمة بتحقيق هدف الطاقة النظيفة، والوفاء بمتطلبات التغير المناخي، مستشهدا بمبادرة الميثان العالمية، ومبادرة مهمة الابتكار، والمنتدى الريادي لفصل الكربون وتخزينه، كأمثلة على مساهمة السعودية في الجهود العالمية للتصدي لمشكلة التغير المناخي والحد من الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري.