عمان – 20آذار (بترا) – أصدر منتدى الاستراتيجيات الأردني ورقة سياسات تناولت أهمية تعزيز استقلالية الجامعات الأردنية الرسمية، مع تسليط الضوء على الجامعة الأردنية كنموذج للدراسة، بهدف تحسين جودة التعليم العالي وضمان استدامة الجامعات ماليًا وأكاديميًا وتعزيز تنافسيتها إقليميًا وعالميًا.
وأكدت الورقة أن استقلالية الجامعات عنصر جوهري في تطوير التعليم العالي، حيث تتيح للمؤسسات الأكاديمية اتخاذ قراراتها بحرية، ضمن إطار التوجهات الوطنية واستراتيجية التعليم، بما يعزز من حوكمة الجامعات ومرونتها الإدارية والمالية. وشددت الورقة على ضرورة وجود إدارة مستقلة وهيكل حوكمة فعّال لضمان قدرة الجامعات على التكيف مع المتغيرات والتحديات المستمرة.
واقع التعليم العالي في الأردن
أشارت الورقة إلى أن إجمالي عدد طلبة الجامعات الأردنية بلغ 475 ألف طالب وطالبة في العام الدراسي 2024/2025، ما يشكل 5% من إجمالي سكان المملكة. كما أوضحت أن نسبة عدد الطلبة إلى أعضاء هيئة التدريس تبلغ 36 طالبًا لكل أستاذ في الجامعات الرسمية و30 طالبًا في الجامعات الخاصة.
وفيما يتعلق بالتوزيع الجغرافي للطلبة، أفادت الورقة بأن 80% منهم يتركزون في مناطق الوسط والشمال، بينما تستوعب جامعات الجنوب النسبة المتبقية، ما أدى إلى تجاوز الطاقة الاستيعابية لبعض الجامعات في الشمال والوسط.
التحديات المالية التي تواجه الجامعات الرسمية
وكشفت الورقة عن أعباء مالية كبيرة تعاني منها الجامعات الرسمية، حيث بلغت مديونيتها الإجمالية 193.5 مليون دينار حتى نهاية عام 2023، في حين أن الذمم المالية المستحقة لها على الحكومات المتعاقبة وصلت إلى 173 مليون دينار لم يتم تسديدها بعد. كما أوضحت أن جامعة اليرموك وجامعة مؤتة تستحوذان على 63% من إجمالي المديونية.
ومن أبرز العوائق التي تحد من استقلالية الجامعات، وفقًا للورقة، هو اشتراط موافقة مجلس التعليم العالي على قرارات مجالس الجامعات، لا سيما فيما يتعلق بتحديد أعداد الطلبة، واستحداث البرامج الأكاديمية، وإبرام الاتفاقيات، وهو ما يعوق المرونة المؤسسية للجامعات.
الجامعة الأردنية كنموذج للدراسة
استعرضت الورقة الجامعة الأردنية كمثال على التقدم في التصنيفات العالمية، حيث أظهرت تقدمها في تصنيف QS World University Ranking 2025، لتصبح من بين أفضل 400 جامعة عالميًا (المرتبة 368)، والتاسعة عربيًا، والأولى محليًا.
وأوضحت الورقة أن الدعم الحكومي للجامعة الأردنية انخفض تدريجيًا خلال الفترة (2020-2024) حتى توقف تمامًا، ومع ذلك، تمكنت الجامعة من تحقيق وفورات مالية وتقليص العجز التراكمي. كما أن 91% من إيراداتها تأتي من الرسوم الجامعية، مما يبرز الحاجة الملحة لتنويع مصادر التمويل وتقليل الاعتماد على الرسوم.
وأشارت الورقة إلى أن نسبة الإنفاق على البحث العلمي ما زالت متواضعة، إذ لم تتجاوز 5.8% من إجمالي نفقات الجامعة عام 2024، في حين أن 90% من النفقات تذهب إلى الرواتب والتعويضات، مما يقلل من قدرة الجامعة على تطوير البحث والابتكار.
توصيات لتعزيز الاستقلالية المالية والإدارية
قدمت الورقة مقترحات لتنويع مصادر دخل الجامعات، من بينها:
تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص.
استحداث برامج أكاديمية مبتكرة.
إنشاء صناديق استثمارية ووقفية لدعم الاستدامة المالية.
التوسع في البحوث التطبيقية والاستشارات.
تطوير مشاريع تجارية وخدمية داخل الجامعات.
كما أوصى منتدى الاستراتيجيات الأردني بضرورة منح مجالس الأمناء صلاحيات أوسع في اتخاذ القرارات، وتعزيز الشفافية والحوكمة، إضافة إلى تمكين الكليات والأقسام الأكاديمية من إدارة شؤونها بمرونة أكبر، لضمان تطوير قطاع التعليم العالي وفق أفضل الممارسات العالمية.