لم تكد أسعار النفط تلتقط أنفاسها للهبوط مجددا بعد تسجيل أكبر خسارة يومية في 30 عاما تبلغ 25% أول أمس الاثنين وذلك بفعل تفاقم أزمة انتشار فيروس كورونا وتعثر الاتفاق بين المنتجين في “أوبك+” على تمديد العمل بتخفيضات الإنتاج.
ولا تزال أسواق النفط تلقى بعض الضغوط مع وجود مخاوف متنامية من ضعف الطلب العالمي على النفط الخام واتساع حالة الركود والانكماش الدولي.
وتوقع مختصون ومحللون أن يؤدي انهيار أسعار النفط الخام بشكل حاد إلى إفلاس أكثر من نصف منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة بسبب صعوبة الاستمرار في تلك البيئة السعرية في ظل استمرار ارتفاع تكاليف الإنتاج، حيث تبلغ التكلفة الحدية للبرميل الصخري نحو 35 دولارا للبرميل، وهو ما يعني صعوبة استمرار الإنتاج بالمعطيات الحالية إلا لفترة شهور قليلة، بحسب صحيفة “الاقتصادية”.
وذكر المختصون أن مخاطر الركود تضرب كل المراكز الرئيسة للطلب في العالم ومنها منطقة اليورو التي تتجه نحو الركود الاقتصادي بحسب تأكيدات وزير المالية الفرنسي برونو لو ماير الذي دعا إلى استنفار جماعي للدفاع عن الاقتصاد الأوروبي، لافتين إلى وجود خسائر أخرى جمة في عدد الحفارات النفطية الأميركية مع بداية هذا الأسبوع العصيب.
وفى هذا الإطار قال سيفين شيميل مدير شركة “في جي اندستري” الألمانية إن رفع “أرامكو” لإمداداتها النفطية في داخل وخارج البلاد إلى 12.3 مليون برميل يوميا في أبريل يأتي كخطوة طبيعية بعد تعثر مد العمل بتخفيضات الإنتاج لتحالف “أوبك +” وإصرار روسيا على العودة إلى ضخ إمدادات واسعة.
وأضاف أن تحطم أسعار النفط الخام كان مفاجأة قاسية لكل أطراف الصناعة خاصة مع اشتداد أزمة تباطؤ الطلب جراء الانتشار السريع لفيروس كورونا الذي فاقم من الخسائر تعثر استمرار قيود الإنتاج، مشيرا إلى أن التقديرات تذهب إلى توقع إفلاس نحو 50%، من منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة.
من جانبه، أوضح روبين نوبل مدير شركة “أوكسيرا” الدولية للاستشارات، أن أسعار النفط استهلت الأسبوع على تهاوٍ قياسي 25%، تقريبا وهو أكبر انخفاض في الأسعار منذ عقود ما يعكس فداحة الأزمة في الأسواق وهو ما يتطلب سرعة من كبار الاقتصاديات العالمية في اتخاذ إجراءات تحفيزية لانتشال الاقتصاد العالمي خاصة من الولايات المتحدة والصين.
وأضاف أن الإدارة الأميركية تعمل حثيثا على التقليل من حجم الأزمة من خلال إجراءات تنشيطية ينفذها بنك الاحتياطي الفدرالي وآليات أخرى لتخفيض الضرائب وتنشيط الوظائف، لكن تبقى المشكلة عميقة في إيطاليا وهي من الاقتصادات الرئيسة في العالم حيث لا تزال مدن عديدة في شمال إيطاليا مغلقة.
من ناحيته، ذكر أندري جروس مدير قطاع آسيا في شركة “أم أم آيه سي” الألمانية للطاقة، أن الموقف الروسي المفاجئ الذي أنهي اتفاق تخفيضات الإنتاج في تحالف “أوبك +” أربك حسابات السوق وأوجد تخمة واسعة في إمدادات النفط الخام مقابل ضعف الطلب العالمي جراء انتشار فيروس كورونا، موضحا أن انهيار المحادثات أدى إلى انخفاض سعر خام غرب تكساس الوسيط إلى مستوى متدنٍ قياسي للأسعار.
وأوضح أن إعلان “أوبك” وروسيا أن جميع القيود المفروضة على الإنتاج ستنتهي بنهاية الشهر الجاري أوجد ضغوطا هبوطية حادة على الأسعار وليس معروفا إلى أي مدى ستستمر وهو ما جعل بعض المحللين يتوقعون أن يصل سعر النفط إلى 20 دولارا للبرميل في الأمد القصير.
بدورها، قالت جولميرا رازيفا كبير المحللين في المركز الاستراتيجي للطاقة في أذربيجان، إن “أوبك” واجهت الأزمة المالية العالمية في عام 2008 بتخفيضات إنتاجية مؤثرة، لكن الوضع الحالي يختلف مع وجود ضعف واسع في الطلب بلا تخفيضات إنتاجية اعتبارا من الشهر المقبل.
وأوضحت أنه حتى الآن فإن التوقعات تشير إلى أن صناعة النفط الأميركية قد تكون أكبر المتضررين حيث تخوض حاليا أزمة تاريخية ربما تكون أسوأ بكثير من الانهيار المالي في عام 2008 لأن السوق تواجه ضغوطا متضاعفة عبارة عن مزيج من العرض الهائل المتراكم بالتزامن مع صدمة انكماشية كبيرة في الطلب في الوقت نفسه.