مجلة مال واعمال

معمار دبي لوحات جمالية تعزف لحن الهوية وثراء التصاميم العصرية

-

image

لوحة جمالية متفردة في تكويناتها وثرائها ترسمها ملامح وتشكيلات المعمار في دبي، والتي راحت تتجسد في أرض الواقع بوتيرة سريعة ودقيقة ومحكمة في آن معاً، خلال العقود القليلة الماضية، مواكبة نهضة وتطور الإمارة على كافة الصعد، حيث شكلت وصاغت وجهاً ومظهراً جديداً لافتين لـ«دانة الدنيا» على مستوى العالم، يجمع، وبجانب فرادة العمارة التي تزاوج بين التراث المحلي والملمح العصري، كافة أنواع العمارة العالمية، لتغدو قصص فنون المعمار بهذا وها هنا، حكاية فنون وإبداعات تعكس، وبموازاة صون هوية المكان، مزيج ثقافات وفنون الحضارات المختلفة وتصهرها في بوتقة إبداعية متناغمة. وربما يتبدى هذا بجلاء في توليفة تكوينات قلب مدينة دبي المعمارية، وتأتي الأبراج في مقدمة مشاريع التنمية العمرانية، حيث شمخت فيها أبراج عديدة أوجدت روحاً ونبضاً متمايزين في المكان.

تعدد

يُشبِّه المعماري الأسطوري فرانك لويد رايت العمارة الجميلة بالشاعر الرائع؛ إذ إن الشاعر عليه أن يكون «مفسراً فريداً لوقته ويومه وعصره». ولسنوات عديدة كان يطلق على طوكيو حقل تجارب للهندسة المعمارية الشاعرية والحديثة. ولكن في مقابل ذلك تجد مدينة دبي من المدن المميزة التي لا يوجد مثيل لها على مستوى العالم، وأكثر ما يؤكد هذه الشخصية المميزة العدد الهائل من المباني ذات الطراز المعماري الحديث؛ فهي لا تزال معقل أطول مبنى وأطول فندق في العالم. ويؤكد المصمم المعماري جابر خليل أن إمارة دبي حرة نسبياً من قيود التاريخ والشكل بالمقارنة مع مدن في غرب أوروبا كما هي الحال في روسيا ودول عربية؛ فالمدينة مليئة بأشكال الهندسة المعمارية الحديثة متعددة الأوجه قد لا يتشابه حولها نصان.

تطور مستمر

إذاً كيف ستتطور مدينة دبي عمرانياً وهندسياً بعد خمسين سنة؟ وجواباً عن هذا يؤكد مهندسون معماريون في إمارة دبي، أن مدينة مثل دبي تتطور باستمرار، وهذا ما يعد واحداً من العوامل التي أدت إلى تنشيط مستمر في عملية إعادة البناء والتطوير في المدينة؛ حتى إنه يمكننا أن نجزم أنك لو تمشيت في المدينة لا بد وأن يلفت انتباهك النقلة في التصاميم الهندسية المعمارية على مراحلها المختلفة.

ففي ستينيات القرن الحادي والعشرين، جلبت العولمة معها العديد من التطورات، مثل المنازل العصرية والمجمعات السكنية، ولكن في الوقت نفسه، كان لها تأثير كبير على صناعة البناء والتشييد، وظهر ذلك في الاندفاع لتشييد مباني العلامات التجارية الفاخرة، مثل سلسلة فنادق هيلتون وحياة ومجموعة ريجنسي.

تنوّع

تبدي الصور الملتقطة لدبي في عقد الستينيات من القرن الـ20، كيف أنها ركزت على الاهتمام في معمارها بجانب الأبنية ذات التوجه الخاص بالحرص على احتواء أكبر قدر ممكن من البيئة العمرانية المحيطة، أي معمار بمضمون إنساني عملي في وجهته الغالبة، لتجنب النمط التجاري التقليدي للتصوير المعماري، فتجد لقطات من الأحياء السكنية في المدينة التي تمزج بين مناظر الشوارع والمباني الكلاسيكية القديمة. وبعدها، انتقلت نوعية وجودة المباني إلى المباني المعتدلة، وبدأ المهندسون المعماريون الذين عملوا سابقاً على وضع تصاميم لمبانٍ عامة يشاركون بفاعلية في مجال العقارات والأغراض التجارية. إلا أنه خلال فترة النمو الاقتصادي السريع، أصبحت دبي فرصة للمهندسين المعماريين الجريئين والمبدعين من مختلف أنحاء العالم، لإبراز إبداعاتهم في مشروعات متعددة، وذلك مثل «على سبيل المثال»: مناطق التسوق الجديدة، ومنطقة حي دبي للتصميم، وسيتي ووك.

وتحمل دبي خاصية مهمة تنسج بها علاقة خاصة مع روحية الإبداع المتنوع في المعمار، وقد لا يعرفها مرتادوها، وتتمثل بما تحمله من العديد من التداخلات الحسية التي تتدفق باستمرار؛ حيث تتنوع المشاهد المتناقضة، كالشوارع ذات الطابع التقليدي المليئة بالمحال التجارية والمباني الكلاسيكية على نمط البناء القديم الذي يعج بالمارة، كحي الفهيدي وحي الشّندغة. فيما الأمر الآخر الذي يلفت الانتباه التباين مع المباني المحيطة أو علاقة التصميم مع المرافق الحية كمحطة الحافلات أو المدارس، في حين أن بعض الأحياء السكنية تقبع خلف ناطحات السحاب.

والأمر المهم هو المباني ذات الأشكال الهندسية بأنواعها، والتي باتت بطريقة عصرية وجريئة تعبر عن الهوية الخاصة بكل مبنى، وفي الوقت نفسه تتوافق مع التطلعات الحكومية المستقبلية في التنافسية العالمية. فقد أصبحت عمارة الذكاء الاصطناعي والفضاء وجودة الحياة من أهم عناصر التصاميم الحديثة، والتي تشكل أبرز أولويات مشروعات الحكومة، وإن كانت هذه التصاميم الهندسية الجديدة تعلن عن إحداث نقلة في جعل دبي مدينة أكثر سهولة في السكن عن طريق مضاعفة المساحات المفتوحة وإتاحة الفرصة لزيادة السكان وتوفير استخدام أكبر لأوقات فراغهم، على اعتبار أن الشركات الدولية اليوم تستهدف المدن التي لديها، ليس فقط بيئات أعمال قوية، ولكن تلك التي لديها كذلك أنماط حياة محسنة: مساكن عالية الجودة، منشآت متنوعة ثقافياً وتجارياً، شبكة مواصلات خالية من التوتر، وبيئة طبيعية ثرية.