شهد سعر صرف الدولار في مصر، ارتفاعاً حاداً في السوق السوداء ليتجاوز سعره حاجز 11.5 جنيه للمرة الأولى في تاريخه، بسبب مضاربات بعض شركات الصيرفة.
ولم تنجح مساعي المصرف المركزي خلال الفترة الماضية، في السيطرة على الأوضاع سواء عبر شطب تصاريح 9 شركات صرافة من السوق المحلية، أو بتثبيت سعر صرف العملة عند 8.78 جنيه للدولار، أو من خلال المزادات الاستثنائية التي يطرحها أسبوعياً بقيمة 120 مليون دولار، لتزويد السوق بحاجاتها من العملة الصعبة وتغطية طلبات الزبائن والمستوردين للسلع الأساس.
وقال متعاملون في السوق السوداء في مصر، إن الدولار واصل قفزاته ليتخطى مستوى 11.50 جنيه، في وقت نفى محافظ «المركزي»، طارق عامر، وجود اتجاه رسمي لخفض جديد في قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية، بعد تردّد إشاعات من هذا النوع في إطار سعي الحكومة للحصول على قرض من «البنك الدولي».
وقال التاجر ماجد محروس، إن سعر الصرف يرتفع بسرعة منذ الأسبوع الماضي، بسبب وجود طلبات كثيرة من بعض المستوردين الذين أكدوا أن المصرف المركزي وعدهم بتوفير حاجاتهم من العملة لكنه لم يفعل بعد، وأضاف: «كميات الدولار المطلوبة في السوق كبيرة،» لافتاً إلى أن السعر يرتفع خلال ساعات ويختلف من محافظة إلى أخرى، مشيراً إلى ارتفاع الدولار في السوق الموازية الشهر الماضي إلى نحو 9.10 جنيه، ما يعني أن سعره زاد بنحو 2.5 جنيه خلال شهر، مطالباً بتدخل «البنك المركزي» أو الحكومة. وانتقد محروس دور الأجهزة المعنية التي تتجاهل ما يحدث في سوق الصرف.
وكان «المركزي» المصري خفض قيمة الجنيه إلى 8.85 جنيه للدولار من 7.73 جنيه في 14 آذار (مارس)، وأعلن أنه سيتبنى سعر صرف أكثر مرونة. ورفع لاحقاً سعر الجنيه قليلاً إلى 8.78 جنيه للدولار، لكن خبراء يقولون إن قيمة العملة المصرية مبالغ فيها.
واتهم أحد أصحاب شركات الصرافة، بعض الشركات بقيادة السوق إلى الارتفاع، وفقاً لخطة ممنهجة للوصول بسعر الدولار إلى 15 جنيهاً قبل شهر رمضان.
وأكد رئيس شعبة المستوردين في «غرفة القاهرة التجارية»، أحمد شيحة، أن هذه الأسعار لا تعبر عن الواقع، فالزيادة غير مبررة في ظل إنهاء معظم مستوردي المواد الغذائية تعاقداتهم منذ فترة، واقتصار عمليات البيع في السوق السوداء على طلبات محدودة من مستوردي المواد الأولية، وجدّد طلبه غلق شركات الصرافة لإضرارها بالاقتصاد.
ووصف أحد المستثمرين الوضع في سوق الصرف بالكارثي، معتبراً تحديد سعر الدولار وارتفاعه بعيداً من آليات العرض والطلب، وبمعرفة سماسرة، في مثابة تدمير متعمد للاقتصاد يستهدف إسقاط الدولة، مطالباً «المركزي» بالتدخل لإنقاذ الوضع من خلال آليات نقدية مختلفة عن أسلوب ضخ الدولار.
وأفاد متعاملون في السوق السوداء «الحياة»، بأن هناك توقعات بارتفاعات جديدة قد يتجاوز فيها الدولار حاجز الـ12 جنيهاً، إذا فشل المصرف المركزي في الحد من الارتفاعات، خصوصاً أنه استخدم كل الأدوات النقدية لإنقاذ العملة واستنفد الحلول كافة.
ويشكو كثر من المواطنين المضطرين للتعامل بالدولار عبر مواقع التواصل الاجتماعي، من عدم توافر العملة الأميركية في المصارف لتحويلها لأبنائهم الذين يدرسون في الخارج أو لعلاج أقاربهم، إضافة إلى أزمة المصانع الكبيرة التي لا تجد العملة لاستيراد مكوّنات الإنتاج. واعتبر أحدهم أن جنون السوق السوداء عائد إلى غياب القدرة على السيطرة على تجار المضاربة، وعدم ربط قرار خفض العملة بإجراءات تنشيط الصناعة وتشجيع السياحة.
وأشار مصدر في «البنك التجاري الدولي» الى نقص في الدولار، لكنه ليس في حجم الأزمة في السوق، موضحاً أن المضاربات تلعب دوراً مهماً في ارتفاع أسعار العملة في السوق السوداء.
وتعليقاً على قرار شطب بعض شركات الصرافة، كشف نائب محافظ البنك المركزي جمال نجم، أنه ثبت تلاعب تلك الشركات بسوق الصرف والمضاربة على الدولار، وأن قرار الشطب جاء بعد تكرار تلك الشركات ممارساتها الخاطئة، التي أدت إلى الإضرار بالاقتصاد الوطني وإحداث حال من الارتباك داخل القطاعات الاقتصادية.
وأوضح نجم أن القانون الحالي للمصرف المركزي يعطيه الحق في وقف شركات الصرافة أو سحب تراخيصها أو شطبها نهائياً، مضيفاً أن هناك ميلاً الى تشديد العقوبات لتشمل الأشخاص الطبيعيين في القانون الجديد للبنك المركزي، الذي يجري إعداده حالياً، ويتضمن عقوبات تصل إلى السجن.