عُلم أن الجهات المالية التنظيمية السعودية تبذل مساعي حثيثة لاستيفاء متطلبات الترقية لمؤشر سندات فوتسي، الخاص بالسندات الحكومية في الأسواق الناشئة، التي ستقود في نهاية المطاف إلى جلب سيولة أجنبية لسوق الدخل الثابت المحلية.
تأتي التحركات السعودية في وقت ستجتمع فيه “لجان فوتسي راسل” الخميس المقبل، لتحديد مدى امتثال السوق المحلية المعايير الـ17 الخاصة بالمؤشر الدولي، حيث سيتم إضافة أدوات الدين السيادية المقومة بالعملة المحلية إليه، وذلك بعدما تم إضافة الإصدارات الحكومية بالعملات الصعبة لمؤشرات دولية خلال العام الماضي، بحسب ما ورد في صحيفة “الاقتصادية”.
وفي الوقت الذي تتحضر فيه “فوتسي راسل” بمراجعة سوق السندات الحكومية للسعودية خلال تصنيفها الدول ذات أدوات الدخل الثابت في الأيام المقبلة، تعول الجهات السعودية، المنخرطة بالمحادثات الحالية مع الجهة المالكة لمؤشر سندات الأسواق الناشئة، على خبراتها المتراكمة، التي اكتسبتها لموافاة متطلبات سوق الأسهم لمؤشرات “فوتسي راسل” ومؤشر “إم إس سي آي”.
وأكد مصدر موثوق على دراية بآلية إضافة الدول لمؤشرات السندات، أنه على الرغم من أن السعودية ليست حتى الآن ضمن قائمة الدول “تحت المراقبة ترقبا للترقية” هذا الشهر، إلا أن ذلك لا يمنع من حدوث تغيير في تصنيف السعودية، خلال اجتماع لجان فوتسي في وقت متأخر من الخميس المقبل.
واستعرض المصدر الخيارات المتوقعة، مضيفا “قد تشمل عدم حدوث تغير لتصنيف المملكة، أي على الجهات الحكومية العمل على موافاة متطلبات الترقية خلال الفترة المقبلة، حيث تتولى “فوتسي” نقل وجهات نظر مستثمري الدخل الثابت الأجانب المهتمين بالسوق السعودية، أو بالفعل يتم ترقية السعودية، عبر حصولها على تقييم 1، وهو الحد الأدنى، أو تقييم 2 وهو الحد الأعلى. عند ذلك تصبح مؤهلة لضمها لمؤشر فوتسي للسندات الحكومية في الأسواق الناشئة”.
وقال “عن الجدول الزمني لإضافة السعودية للمؤشر في حال استيفائها الحد الأدنى من المتطلبات، فقد تتفاوت بين خمسة وثمانية أشهر من تاريخ الإعلان الأولي للمستثمرين، بحسب ما هو معمول للدول الأخرى، وذلك من أجل إحاطة المستثمرين بقرب تغيير مراكز انكشافهم على الدول المشمولة بالمؤشر، وعليه فالإضافة للمؤشر ليست فورية”.
وإلى جانب السعودية، فهناك دولتان سيتم النظر في مسألة ترقيتهما للمؤشر بنهاية هذا الأسبوع، وهي فيتنام ونيجيريا.
وتستعرض وحدة التقارير الاقتصادية في الصحيفة التقدم الملحوظ للوفاء بمتطلبات كل معيار، فضلا عن التطرق لأبرز التحديات، التي يرجح أنها ستكون على طاولة لجان “فوتسي” خلال اجتماع الخميس من هذا الأسبوع.
تنافسية سوق الحفظ للسندات والصكوك
يدور المعيار الأول حول تنافسية سوق الحفظ للسندات والصكوك في السعودية عبر وجود تشريعات خاصة ومؤسسات مالية قادرة على تقديم خدمات الحفظ للأوراق المالية، إلا أنه من غير المعروف، بحسب رصد وحدة التقارير في صحيفة “الاقتصادية”، العدد الفعلي من الجهات المالية، التي تنشط في تخصص حفظ أدوات الدين.
التسوية الدولية
يرتبط المعيار الثاني بالتسوية الدولية، حيث يعد من أكثر المعايير تحديا، كونه يكمن في جانب التسويات وذلك عبر ربط “مراكز إيداع مركزية” دولية (مثل يورو كلير) وربطها بنظيرتها من السوق المحلية مثل مركز إيداع الأوراق المالية.
فمن أجل التيسير على المستثمر الأجنبي في الجانب الخاص بالتسويات لأدوات الدين (المقومة بالعملة المحلية) والمدرجة بتداول، فمن الضرورة بمكان ربط “مراكز إيداع مركزية” دولية (مثل يورو كلير) وربطها بنظيرتها من السوق المحلية، وذلك من أجل تمكين المستثمر الأجنبي من تسوية معاملات أسواق الدين خارج السوق المحلية، وتعد يوروكلير من أكبر شركات المقاصة في أوروبا.
نظام التسليم مقابل الدفع
ويتطلب المعيار الثالث وجود نظام التسليم مقابل الدفع، حيث تقوم “إيداع” بمقاصة وتسوية المعاملات في الأوراق المالية المبرمة في السوق المالية السعودية. وتعد المقاصة إجراء لحساب الالتزامات الناشئة عن المعاملات المبرمة في الأوراق المالية وإجراءات التحضير لتسوية هذه المعاملات عن طريق التحقق من توافر الأوراق المالية والنقدية المطلوبة، وتسوية المعاملات في الأوراق المالية المنفذة على أساس التسليم مقابل الدفع، ما يعني أن نقل الأوراق المالية على أساس المعاملات التجارية يتم من خلال التبادل المتزامن للأوراق المالية والنقدية.
تسعير أدوات الدين أثناء التداول
أما المعيار الرابع الخاص بمؤشر فوتسي للسندات الحكومية في الأسواق الناشئة فهو “تسعير أدوات الدين أثناء التداول”. وبحسب رصد وحدة التقارير الاقتصادية في الصحيفة، فهناك تحد يتمثل في معيار سلاسة العملية التسعيرية لأدوات الدين المتداولة وغير المتداولة، ولكن يمكن معالجته عبر التعاقد مع طرف ثالث كشركة ريفينيتيف (وحدة للمعلومات المالية تابعة تومسون رويترز وبلاكستون).
هيكلة أسواق الدين
يدور المعيار الخامس حول الاتفاقيات القانونية لأدوات الدين وهي في الغالب تتعلق بمستندات الإصدار المحلية. بينما المعيار السادس يتمثل في مستوى التداول والتعامل مع أدوات الدخل الثابت. وجميعهما أحرزت السعودية تقدما ملحوظا بهما.
وفي الوقت الذي تبلغ فيه أعداد شركات الوساطة المالية في سوق الأسهم السعودية 31 شركة، يتفاوت هذا الرقم مع سوق الصكوك والسندات، حيث إنه بعد الرجوع لكل شركات الوساطة، التي نفذت صفقات شراء وبيع في السوق الثانوية (لأسواق الدين السعودية) خلال ثلاثة أعوام يتضح أن أعداد شركات الوساطة، التي تم رصدها هي 14 شركة (من بينها خمس من صناع السوق).
رسوم الصفقات
يتعلق المعيار السابع برسوم الصفقات الخاصة بأسواق الدخل الثابت، حيث أجرت الجهات التنظيمية في السعودية إصلاحات في هذا الجانب خلال العام الماضي. ففي شهر نيسان (أبريل) 2019، تم الإعلان عن حزمة من الإصلاحات، التي طال انتظارها من قبل العاملين في أسواق الدخل الثابت في السعودية، حيث تم إعادة هيكلة المقابل المادي للخدمات المقدمة لجهات الإصدار والمتداولين.
سيولة بورصة أسواق الدين
المعيار الثامن يتعلق بسيولة بورصة أسواق الدين لدى “تداول”، التي تستمر في الارتفاع على أساس شهري. وغير معروف حتى الآن كيفية نظر لجان “فوتسي” لمسألة السيولة الإجمالية لما يتم تداوله من صفقات شبه يومية بالسوق، خصوصا عندما يتم مقارنتها بالأسواق الناشئة الأخرى.
ومن المنتظر أن يلامس إجمالي التداولات الثانوية خلال الأيام المقبلة حاجز الـ50 مليار ريال، وذلك بعد ظهور تطورات محلية ودولية تصب جميعها في تشجيع جذب السيولة الأجنبية نحو سوق أدوات الدخل الثابت في السعودية.
سوق الصرف الأجنبي
ويرتبط معياران آخران بسوق الصرف الأجنبي، وهما تحوط العملة وتوفر السيولة الخاصة بسوق الصرف الأجنبي وسهولة تحويل العملة. وأسهم وجود أكثر من 50 مصرفا استثماريا في السعودية وشركات وساطة بأسواق الدين المحلية في الامتثال لمعيار تسهيل دخول السيولة الأجنبية، التي تبحث عن خدمات “مقايضة العملات الأجنبية بالريال” ومنتجات التحوط ضمن سوق “الصرف الأجنبي” لتبادل العملات.
آلية دخول المستثمر الأجنبي
وكان آخر الإصلاحات، التي تمت أخيرا تتعلق بمسألة السماح للأجانب بالاستثمار المباشر في أدوات الدين، حيث يعلق المعيار الـ11 بآلية دخول المستثمر الأجنبي لبورصة أدوات الدخل الثابت المحلية لدى تداول.
ففي أيلول (سبتمبر) 2020، قرر مجلس هيئة السوق المالية، السماح للأجانب المقيمين وغير المقيمين بالاستثمار المباشر في أدوات الدين المدرجة وغير المدرجة. وتضمن قرار مجلس هيئة السوق المالية، السماح لجميع الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين الأجانب بالاستثمار المباشر في أدوات الدين.