أكد مختصون في الشؤون النفطية أن الموقف الروسي داعم لخفض الإنتاج والتفاهمات مع “أوبك” في تطور مستمر، خاصة أن آخر التصريحات الرسمية الصادرة عن الكرملين تؤكد أن البلاد حققت الحصة المستهدفة من الخفض وقدرها 300 ألف برميل في نهاية الشهر الماضي.
وفي هذا الإطار، قال سباستيان جرلاخ رئيس مجلس الأعمال الأوروبى، “إن الموقف الروسي داعم بقوة لتمديد خفض الإنتاج واتضح ذلك عندما قادت موسكو اتصالات مع عديد من دول الإنتاج من خارج “أوبك” لإقناعهم بجدوى خفض الإنتاج، كما أبدت التزاما جيدا وأوفت بموعد خفض الحصة المقررة عليها”.
وأضاف جرلاخ أن “روسيا ردت عمليا على الشكوك التي أحاطت بها مع بداية تطبيق الاتفاق في كانون الثاني (يناير) الماضي”، مشيرا إلى أن الوتيرة كانت أبطأ في روسيا، إلا أن هذا الأمر طبيعي نظرا لصعوبات إنتاجية وتقنية تواجه الإنتاج الروسي بشكل خاص، لكن هبوط إنتاجها حاليا إلى أقل من 11 مليون برميل يوميا سيساعد المنتجين في اجتماع هذا الشهر على التوافق بسهولة على مد العمل بتخفيضات الإنتاج مع وجود فرص أيضا لتوسعة الاتفاق وهو ما تدعمه روسيا بقوة.
من ناحيته، أوضح إيفيليو ستايلوف المستشار الاقتصادي البلغاري في فيينا، أن الاقتصاد الروسي يواجه صعوبات مركبة بسبب انخفاض أسعار النفط وفي نفس الوقت استمرار وتوسيع بعض العقوبات الاقتصادية، لكنه ما زال صامدا وقويا وقادرا على التغلب على تلك العقوبات.
وأشار ستايلوف إلى أن التعاون مع منظمة أوبك خيار استراتيجي لموسكو خاصة أن تعاون الجانبين ضرورة لمواجهة ما يسميه الاقتصاديون بطوفان الإنتاج الأمريكي الذي يضغط على الأسعار ويرهق الاستثمارات، كما يسعى الإنتاج الأمريكي خاصة من الغاز المسال إلى إزاحة الإمدادات الروسية في السوق الأوروبية، لكن التنافسية والتفوق يرجحا كفة الروس حتى الآن.
من جهتها، قالت نينا أنيجبوجو المحللة الروسية ومختصة التحكيم الاقتصادي، “إن التفاهمات السعودية الروسية تمثل رسالة طمأنة للسوق وتعزز فرص استعادة الاستقرار بشكل جيد خاصة أن مستويات الثقة وتبادل المعلومات والبيانات يزداد بين روسيا و”أوبك” وهو ما تمثل في نجاح منظومة اللجنة المشتركة لمراقبة خفض الإنتاج”.
وذكرت أنيجبوجو أن موسكو أدارت حوارا نجاحا على كل المستويات سواء مع دول “أوبك” أو على مستوى المنتجين المستقلين كما أجرت تفاهمات جيدة على مستوى شركات الطاقة الروسية نفسها ونجحت في إقناع الشركات باجراء التخفيضات على الرغم من صعوبة ذلك، حيث لا توجد شركة وطنية واحدة مهيمنة على الإنتاج مثل الحال في دول المنظمة، كما تغلبت على الصعوبات الفنية والتخزينية وتمكنت من إبطاء وتيرة الإنتاج بشكل متدرج وفعال، متوقعا أن تثمر هذه الجهود كثيرا من النتائج الإيجابية في النصف الثاني من العام الحالي.
وتوقعت المحللة الروسية أن يخرج اجتماع فيينا هذا الشهر بنتائج إيجابية ومؤثرة وبرسائل قوية تدعم الاستقرار وتقلل حالة المخاوف من تأثيرات طفرة الإنتاج الأمريكي.
إلى ذلك، أكد محمد باركيندو الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” أن سوق النفط تشهد حاليا تطورات إيجابية بشكل مطرد وأن السوق قطعت خطوات جيدة على طريق استعادة التوازن بسبب جهود التعاون المخلصة بين الدول المنتجة سواء في المنظمة أو خارجها من خلال اتفاق خفض الإنتاج المشترك، مشددا على أن السوق تشهد تدريجيا تراجع المخزونات، كما تغلب عليها في المرحلة الحالية عودة المشاعر الإيجابية.
وأضاف باركيندو – في تقرير حديث لمنظمة أوبك – أن “جميع المنتجين تعاونوا معا بشكل جيد من أجل استعادة حالة الثقة والتوافق سواء داخل منظمة أوبك أو مع الشركاء المستقلين وهو ما أسفرت عنه القرارات التاريخية التي اتخذت في نهاية العام الماضي لخفض المعروض النفطي العالمي بنحو 2 في المائة لاستعادة التوازن في السوق”، لافتا إلى أن بعض المنتجين جاء التزامهم أبعد مما كان متوقعا ونفذوا بإخلاص وبشكل طوعي تخفيضات الإنتاج بشكل متكامل في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي.
ونقل التقرير عن ألكسندر نوفاك وزير الطاقة الروسي تأكيده رضا بلاده عن شراكة التعاون مع منظمة أوبك، مشيرا إلى أن الدول غير الأعضاء في “أوبك” ملتزمة بشكل صارم بتنفيذ الاتفاق العالمي لضبط المعروض من إنتاج النفط.
وذكر التقرير أن روسيا أوفت بتعديل مستويات إنتاجها باجراء خفض قدره 300 ألف برميل يوميا في نهاية أبريل الماضي مشيرا إلى تفاؤله بوضع المخزونات النفطية العالمية التي من المتوقع أن تتقلص على نحو واسع بنهاية الربع الثاني من العام الحالي.
وأشار التقرير- نقلا عن نوفاك – إلى أن اجتماعات اللجنة المشتركة لمراقبة اتفاق خفض الإنتاج سعت بأقصى طاقاتها إلى التحقق بشكل موضوعي من وفاء الدول المشاركة في خفض الإنتاج بشكل كامل بكافة التزاماتها، مضيفا أن “كافة الجهود تصب حاليا في اتجاه استعادة حالة التوازن الصحي بين العرض والطلب في السوق النفطية إلى جانب الحفاظ على جاذبية الاستثمار في القطاع على المدى الطويل”.
ونوه التقرير بأن استعادة الاستقرار في السوق تتطلب أيضا مواجهة عمل المضاربين والحد من نشاطاتهم ومن استغلالهم تطورات السوق، مشددا على أن “أوبك” والمستقلين لديهم الطاقات البشرية المتميزة والفعالة لتحقيق هذا الهدف المهم.
ولفت التقرير إلى وجود تاريخ طويل من العلاقات الإيجابية بين كثير من دول الإنتاج سواء في آسيا أو إفريقيا بشكل خاص حيث تواجه هذه الدول تحديات مشتركة ومتماثلة، ما فرض عليهم تعزيز علاقات التعاون والتكامل للتغلب على تلك التحديات الاقتصادية الكبيرة خاصة التي طرأت على الاقتصاد العالمي في العقود الأخيرة.
ونوه بالحاجة إلى تبادل الخبرات بين الدول المنتجة في مجالات الطاقة المختلفة خاصة ما يتعلق بتطوير الموارد النفطية، مشيرا إلى أن قطاع النفط شهد في السنوات الأخيرة تطورات هائلة خاصة منذ مطلع القرن.
ونقل التقرير عن سفيرة أنجولا في فيينا وممثلها أمام المنظمات الدولية ماريا دي جوسس فيريرا التى زارت مقر “أوبك” أخيرا تأكيدها أن بلادها ستواصل دعم وتشجيع منظمة أوبك خاصة بعدما أقدمت على خطوات تاريخية ومؤثرة تستهدف قيادة السوق مرة أخرى إلى حالة الاستقرار والتوازن بعد إعلان التعاون المشترك مع المنتجين المستقلين في 10 كانون الأول (ديسمبر) الماضي من أجل خفض الإنتاج، المرشح لاستمرار العمل به حتى نهاية العام الحالي.
وبحسب التقرير فإن الشهر الحالي سيشهد فاعليات مهمة ومؤثرة في سوق النفط الخام حيث ستعقد اللجنة الوزارية الخماسية لمراقبة اتفاق خفض الإنتاج اجتماعها الثالث فى 24 من الشهر الجاري لاستعراض آخر وأحدث البيانات الخاصة بالمطابقة والتزام المنتجين بخفض الإنتاج وهي اللجنة التي تترأسها الكويت بالمشاركة مع روسيا وبعضوية فنزويلا والجزائر وسلطنة عمان.
وأشار التقرير إلى أنه في اليوم التالي سيعقد الاجتماع الوزاري رقم 172 لمنظمة “أوبك” بمشاركة المنتجين المستقلين المشاركين في اتفاق خفض الإنتاج بقيادة روسيا، لافتا إلى أن أبرز نتائج الاجتماع ستكون اتخاذ القرار المناسب بشأن مد العمل بتخفيضات الإنتاج لستة أشهر جديدة حتى نهاية العام الحالي.
وأفاد التقرير أن اللجنة الوزارية المعنية بمراقبة اتفاق خفض الإنتاج أعربت مرارا عن ارتياحها للتقدم المستمر في التزام المنتجين وإسراعهم لإجراء تعديلات الإنتاج الطوعية ما شجع جميع الدول المشاركة في الاتفاق على التنافس في تحقيق مستويات التزام أعلى وهو ما جعل نسبة الالتزام تقترب حاليا من المستوى المستهدف 100 في المائة.
واستعرض التقرير تفصيلا التقدم الذي حدث في التزامات خفض الإنتاج، مشيرا إلى أنه في شهر آذار (مارس) 2017 حققت دول منظمة أوبك والمنتجون المستقلون من خارج المنظمة مستوى مطابقة بلغ نحو 98 في المائة بزيادة قدرها 4 في المائة مقارنة بمستوى الالتزام في شباط (فبراير) الماضي، معتبرا هذا يدل على رغبة كبيرة من جميع البلدان المشاركة على مواصلة تعاونهما.
وذكر التقرير أن اللجنة الوزارية لمراقبة اتفاق خفض الإنتاج تلعب دورا مؤثرا في تقييم تطورات السوق وذلك منذ إنشائها في كانون الأول (ديسمبر) الماضي عقب إعلان التعاون المشترك بين دول “أوبك” و11 منتجا مستقلا لتقليص المعروض النفطي العالمي بنحو 1.8 مليون برميل يوميا.
ونوه التقرير بأن اللجنة تكثف جهودها من أجل التأكد من تضافر جهود المنتجين للإسراع في تحقيق الاستقرار في سوق النفط العالمية من خلال التحقق من التعديلات المتفق عليها والطوعية في الإنتاج، مشيرا إلى أن مد العمل بتخفيضات الإنتاج لستة أشهر جديدة يتوقف في الأساس على حالة العرض والطلب، بما في ذلك مستوى المخزونات العالمية.
من ناحية أخرى وفيما يخص أسعار النفط، فقد أغلقت أسعار النفط مرتفعة 1.5 في المائة متعافية من أدنى مستوى في خمسة أشهر بعد بيانات وظائف أمريكية جيدة وتطمينات من السعودية بأن روسيا مستعدة للمشاركة في تمديد اتفاق خفض الإمدادات مع “أوبك” لتخفيف التخمة في المعروض من الخام.
وبحسب “رويترز”، فقد ارتفعت العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت 72 سنتا أو ما يعادل 1.5 في المائة لتسجل 49.10 دولار للبرميل في التسوية بينما زاد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 70 سنتا أو ما يعادل 1.5 في المائة ليغلق عند 46.22 دولار للبرميل.
وبعد أن هبطا بنحو 5 في المائة يوم الخميس واصل الخامان التراجع حيث هوى خام غرب تكساس الوسيط في تعاملات الأسواق الخارجية إلى 43.76 دولار للبرميل، وهو أدنى مستوى منذ 15 تشرين الثاني (نوفمبر)، بينما نزل برنت إلى 46.64 دولار للبرميل، وهو أدنى مستوى منذ الـ 30 من الشهر ذاته.
وكانت مصادر من “أوبك” قد قالت “إن من المرجح أن تمدد المنظمة تحفيضات الإنتاج حين تجتمع في 25 أيار (مايو)” لكنها استبعدت تطبيق تخفيضات أكبر حجما.
وزادت الشركات الأمريكية عدد حفارات النفط للأسبوع السادس عشر على التوالي في استمرار لتعافي أنشطة الحفر المستمر منذ 12 شهرا على الرغم من أن وتيرة الزيادات تباطأت في الأسابيع الأخيرة مع بقاء أسعار الخام دون 50 دولارا للبرميل.
وقالت “بيكر هيوز” لخدمات الطاقة “إن الشركات أضافت ستة حفارات نفطية في الأسبوع المنتهي في الخامس من أيار (مايو) ليصل العدد الإجمالي إلى 703 حفارات، وهو الأكبر منذ نيسان (أبريل) 2015”.
وبينما يتجاوز هذا العدد مثلي ما كان عليه في الأسبوع المقابل قبل عام عندما كانت هناك 328 منصة عاملة فقط، تراجعت وتيرة الزيادة في الأسابيع الأربعة الماضية إلى أقل مستوى منذ الأسبوع المنتهي في العاشر من آذار (مارس).
ورغم الانخفاضات الأخيرة في الأسعار، ما زال المحللون يتوقعون أن تعزز شركات الطاقة الأمريكية إنفاقها على الحفر وتضخ مزيدا من النفط والغاز الطبيعي من حقول النفط الصخري في السنوات المقبلة وسط توقعات بارتفاع أسعار الطاقة في الأشهر المقبلة.
وبحسب بيانات اتحادية لقطاع الطاقة، فقد بلغ إنتاج الخام في الولايات المتحدة 9.3 مليون برميل يوميا في المتوسط في الأسبوع المنتهي في 28 نيسان (أبريل) وهو أعلى مستوى منذ آب (أغسطس) 2015.
المصدر : https://wp.me/p70vFa-jBs