محمد ستري: رؤية ملكية صنعت مسيرة رائدة للمغرب

سفير المملكةالمغربية في الأردن لمال وأعمال

محمد ستري: المملكة تحقق ارقاماً صعبة في مختلف القطاعات

إنّ نجاح أي دولة في تحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي لأفراد المجتمع لا ينحصر في الوصول إلى درجة معيّنة من الاكتفاء الذاتي والرّفاه الاجتماعي الداخلي، بل يأتي أيضا من جراء فتح الأبواب أمام الاستثمارات الأجنبية، وهذا ما يتطلب من الدولة وضع قرارات خاصّة لاختيار و توجيه هذه الاستثمارات، ومدى قدرة الأخيرة على تحقيق المنفعة الاقتصادية والاجتماعية، بالإضافة إلى رسم السياسات الملائمة وتهيئة المناخ المناسب لها, من هنا فقد زادت الأهمية عند الحكومات للعمل على جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتنمية العلاقات الاقتصادية والسياسية مع دول العالم ويأتي ذلك من خلال التواصل مع المستثمرين في مختلف القطاعات ..
فقد كان التواصل ولا يزال بمثابة الجسر الذي تعبر الثقافات من خلاله إلى باقي المجتمعات من حولها دون أي جواز؛ فهو يلعب دوراً كبيراً في خلق الحوار بين الشعوب المختلفة وتضييق الفجوة بين مختلف الحضارات والثقافات ويهيئ الظروف لإيجاد لغة عالمية مشتركة هي لغة المحبة والتسامح والسلام والمصالح المشتركة…ولعل أهم أدوات التواصل السفارات ودورها في تقريب وجهات النظر بين الأفراد والشعوب والدول.
وتعتبر عملية التعاون الاقتصادي بين الدول من أولويات السياسة الخارجية, حيث يعد أمر تحسين العلاقات التجارية والتعاون مع الاخر خطوة من خطوات التكامل الاقتصادي في ظل العولمة ومتطلبات التجارة الحرة.
وهو ما تقوم به السفارات والبعثات الاقتصادية في الخارج, وتعد المملكة المغربية من الدول التي تسير بخطى ثابتة نحو التطور والتميز في جميع المناحي الحياتية ومنها العلاقات الدبلوماسية التي اطلعنا على تجربة منها خلال زيارتنا للسفارة المغربية في عمان ولقاءنا مع سعادة السفير محمد ستري الذي ما وجدنا فيه الا الكرم والترحاب والفكر النير والمعلومة الدقيقة وهي قلما تجدها في الدبلوماسيين فهو رجل السياسة والثقافة والاقتصاد والإنسانية, يتمتع بفن التعامل مع الجميع، والرُقي في أسلوب المحاورة للوصول إلى الهدف المنشود, صاحب تجربّة فذّة، يمتلك القدرة على الإقناع، والتحليل، والتفكير البناء والمرن يتحلى بأخلاقيات المروءة الإنسانية جعلتني استرسل في حوار استمر لساعات طويلة وإليكم ما دار بيننا من حوار…

مال واعمال… من الواضح للجميع أن المملكة المغربية أصبحت وجهة جاذبة للاستثمار الدولي؛ ترى ما هي الحوافز والعوامل التي أهلت المغرب لاستقطاب المستثمرين من الخارج؟
محمد ستري… تعلمون أن المغرب يحتل مكانة مرموقة على الخارطة الاستثمارية العالمية كوجهة جاذبة للاستثمار الأجنبي، هذه المكانة لم تتحقق بمحض الصدفة، بل جاءت كتتويج لسياسة شمولية حرص جلالة الملك محمد السادس على إرسائها، وتشمل جميع النشاطات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فالمملكة المغربية تشهد استقرارا تاماً خلق بيئة وطينة مشجعة لتدفق روؤس الاموال الخارجية للاستثمار في المغرب.
وقد تعززت هذه البيئة بإصدار العديد من القوانين والتشريعات الاقتصادية والتي عززت مكانة المغرب على خارطة الاستثمار العالمي وجعلته قبلة للباحثين عن بيئة استثمارية ملائمة لنشاطاتهم الاقتصادية.
فالمغرب من أوائل البلدان التي سعت للانضمام للتكتلات الاقتصادية العالمية فهو عضو في منطقه التبادل الحر مع الاتحاد الاوروبي ومنظمة التجارة العالمية ومنطقة التجارة الحرة العربية الكبرى ومنطقة التجارة الحرة العربية المتوسطية (اتفاقية أكادير) إضافة الى الاتفاقيات الثنائية التي تربطة مع الدول على غرار تلك الموقعة مع الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا.
وتحضيرا لهذه الاستحقاقات الدولية والاقليمية الكبرى تم؛ كما قلت إقرار عدد من القوانين تهدف إلى تحسين الإطار العام للأعمال منها على سبيل المثال مدونة التجارة وقانون الشركات وقانون المحاكم التجارية وهذه القوانين وغيرها من شأنها أن تيسر تطبيق القانون الذي هو بمثابة ميثاق الاستثمار الذي جاء بمحفزات مغربية للمستثمرين في مجال الاعفاء من الضرائب والرسوم الجمركية والرسوم والضرائب المماثلة لفترة زمنية لا يستهان بها كما لا ننسى الإشارة الى قوانين لا تقل أهمية عنها في مجال البيئة الاستثمارية كقانون المنافسة ومنع الاحتكار وقانون حماية المستهلك ومدونة العمل؛ هذا فضلا عن سرعة التقاضي في القضايا المتعلقة بالاستثمار وسهولة حركة رؤوس الاموال للمستثمرين وغيرها من القضايا التي من شأنها حماية المستثمر وتوفير بيئة استثمارية تدعم نشاطه الاقتصادي، أضف الى ذلك مساهمة الدولة في جزء من النفقات المرتبطة بالاستثمار كدعم صندوق إنعاش الاستثمارات وكذلك في بعض النفقات لتنمية الاستثمار في قطاعات صناعية محددة وتطوير التكنولوجيات الحديثة، أيضا الإعفاء من بعض الرسوم الجمركية ومن الضريبة على القيمة المضافة عند الاستيراد..
وفي مسعى آخر لتحفيز الإستثمارات في المملكة، أعلنت وزارة الإقتصاد والمالية المغربية مؤخراً، عن إعفاء الشركات الصناعية الجديدة من ضريبة الشركات لمدة خمس سنوات، كإجراء يهدف إلى تشجيع الاستثمار في 24 قطاعا من بينها صناعة السيارات والطيران والمنسوجات والصناعات التحويلية والأغذية والصناعات الدوائية.
والأهم من كل هذا لا ننسى أن المغرب والحمد لله يتميز باستقرار سياسي وتجربة ديمقراطية رائدة وهذا في رأيي العامل الأهم لوجود مناخ استثماري مشجع.

استقرار سياسي وتجربة ديمقراطية رائدة تدعم المناخ الاستثماري

مال واعمال… ما هو حجم التبادل التجاري للمملكة المغربية مع العالم الخارجي؟
محمد ستري… يرتبط المغرب بعلاقات اقتصادية واتفاقيات تجارية مع مختلف دول العالم، وقد شهدت سنة 2017، ارتفاعا في حجم تجارة المغرب الخارجية، حيث ارتفعت الصادرات مقابل شبه استقرار في الواردات على الرغم من الزيادة الملحوظة في فاتورة الطاقة.
ووفق نفس النهج، عرفت تجارة المغرب الخارجية في النصف الأول من سنة 2018، ارتفاعا في الصادرات وزيادة نسبية في الواردات.

مال واعمال… هل يمكنكم تحديد قيمة العجز التجاري المغربي، وكيف يعمل المغرب على تداركه؟

محمد ستري… كما تعلمون؛ المغرب ليس بلدا بتروليا، وبالتالي تستأثر فاتورة الطاقة بنصيب أكبر من قيمة الواردات، لذا يتبنى المغرب سياسة طاقية من خلال مشاريع رائدة لتثمين الطاقات المتجددة التي أسس دعائمها جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، كإنجاز المشروع المندمج للطاقة الكهربائية الشمسية بقوة إجمالية تبلغ 2000 ميغاوات.

مال واعمال… إذا ما هي الفرص المتاحة لمنتجات المغرب سواء على مستوى الصادرات أو الأسواق التجارية الخارجية.. وكذلك ما هي إجراءات حماية السوق الوطنية لتقليص العجز في ميزان المدفوعات؟

محمد ستري…تعمل الحكومة المغربية جاهدة على تدارك العجز التجاري من خلال تنويع صادراتها والانفتاح على أسواق تصديرية جديدة بالإضافة إلى تلك التقليدية، وذلك من خلال إبرام عدد من اتفاقيات التبادل الحر، واستهداف عدد من الأسواق الواعدة لإنعاش الصادرات الوطنية خاصة في الدول الإفريقية، علما أن ثلثي المبادلات التجارية تجري خارج الأنظمة التفضيلية لاتفاقيات التبادل الحر، كذالك أشير إلى اعتماد المغرب المخطط الوطني لتنمية المبادلات البينية، ودعم المقاولات الوطنية وتأهيلها لترتقي إلى مستوى التنافسية الدولية، وكذلك اتخذ المغرب جملة إجراءات لحماية المنتوج الوطني فعمل على محاربة الإغراق والتقليد والتهريب والتصدي للمنافسة التجارية غير المشروعة، بفضل هذه الإجراءات وغيرها، استطاع المغرب أن يصدر عددا من المنتجات الصناعية، مثل السيارات والمنتجات المرتبطة بصناعة الطائرات، تليها صناعة الملابس والمنسوجات ثم الالكترونيات.

كما وتشهد مبيعات الفوسفات زيادة كبيرة، بالرغم من كون هذه المادة لم تعد المصدر الأول للعملة الأجنبية في المغرب كما كان عليه الحال منذ أكثر من عشرين عاماً، على الرغم من أن المملكة هي ثاني أكبر مصدر للفوسفات، وأكبر المنتجين عالميا، إضافة لعائدات المغرب خلال الفترة ذاتها، من قطاع السياحة وكذالك تحويلات المغاربة المقيمين في الخارج التي تشكل مصدر مهم للعملات الصعبة.

وأود أن أقف معكم على اهتمام المغرب الشديد بقطاع الطيران حيث يوجد العديد من المصانع التي تمثل كبرى الشركات العالمية كشركة ايرباص الفرنسية وبوينج الامريكية، وتركيزه على خطة واعدة للتسريع القطاع الصناعي بهدف تطوير نظم صناعية بيئية جديدة، وبالتالي اعتبار المغرب منصة صناعية لها قدرة تنافسية عالية بفضل المهندسين المغاربة الذين يمتلكون مهارات كبيرة وموارد بشرية مؤهلة قادرة مستقبلا على إنشاء نظام صناعي هندسي قوي متخصص يعتمد على الابتكار والأبحاث والتطوير.

مال واعمال… ما هي أبرز المشاريع الوطنية والأوراش الكبرى التي ركز عليها المغرب فيما يتعلق بالبنية التحتية؟

محمد ستري… تحسين الميزان التجاري وتنشيط

حركة التبادل التجاري يتطلب وجود بنية تحتية متينة والتي تعد شرطا لوجيستيا للربط البري والجوي والبحري مع الأسواق الدولية، لذا أولى المغرب أهمية كبيرة لمشاريع البنية التحتية وخصوصا ما يتعلق بقطاع النقل حيث صُنفت المملكة المغربية بثاني أكبر بلد إفريقي، على مستوى أطول الطرق السيارة بطول 1800 كيلومتر، وتتطلع في إطار المخطط الطرقي المسطر في أفق 2035 إلى انجاز 3400 كلم من الطرق السيارة و2100 من الطرق السريعة.

هذا وتسهم هذه الإنجازات في تقوية الاقتصاد الوطني من خلال الربط والتقريب بين المدن، كما تساهم في إنعاش القطاع السياحي عبر تنقل أيسر بين المدن المغربية من الشمال إلى الجنوب، إضافة إلى خلق فرص للعمل وتحريك عجلة الإستثمارات.

مال واعمال… تعتبر المملكة المغربية دولة أفريقة وعربية رائدة في مجال الإنشاءات السككية، هل يمكنكم إطلاعنا على التجربة المغربية بهذا الخصوص؟

محمد ستري… قام المكتب الوطني للسكك الحديدية بإنشاء استثمارات كبيرة جداً  لتطوير هذا القطاع وعصرنته، مما جعل المملكة المغربية في زمن قياسي تصبح أول دولة أفريقية في الربط السككي، حيث تتوفر على شبكة متطورة من السكك الحديدية الثنائية، وكذلك قطارات ذات مواصفات عالمية يتم استعمالها بيسر من قبل عدد هائل من الركاب عند تنقلهم بين مختلف مدن المملكة، كما تسهم هذه القطارات في نقل ملايين الأطنان من البضائع.

هذا ومن المقرر أن يتم خلال الوقت الراهن انطلاق رحلات القطار فائق السرعة المعروف اختصارا بـ”تي جي في” والذي أطلق عليه صاحب الجلالة اسم “البراق”، وهو الأول من نوعه في إفريقيا، حيث سيربط مدينة طنجة بالدار البيضاء، مرورا بالعاصمة الرباط، بسرعة 357 كيلومترا في الساعة، قاطعا مسافة 350 كلم بين المدينتين في زمن قياسي يقدر بحوالي ساعتين فقط.

الاولى افريقيا في مجال الربط السككي

مال واعمال… هل لكم أن تطلعونا على التجربة المغربية الرائدة في مجال الأجواء المفتوحة Open Space، والتي أهلت الأسطول الجوي المغربي لربط القارة الأفريقية بأوروربا وأمريكا وآسيا؟

محمد ستري… يعد القطاع النقل الجوي قطاعاً حيوياً في الدولة، فتحرير قطاع النقل الجوي مكن المغرب من استقطاب عدد كبير من شركات النقل الجوي، خاصة تلك ذات التكلفة المنخفضة، وتعززت هذه الدينامية عبر التوقيع على اتفاقية الأجواء المفتوحة مع الإتحاد الأوروبي عام 2006، فضلا عن تحرير نشاط الخدمات الأرضية المقدمة لشركات الطيران بالمطارات المغربية الدولية الرئيسية سنة 2012، مما أسفر عنه دخول شركات طيران جديدة للنقل الجوي.

وعلى المستوى التنظيمي قامت المملكة المغربية ببذل قصارى جهدها لملائمة القوانين الوطنية المنظمة لقطاعي النقل والملاحة الجوية مع التشريعات والنظم المعتمدة على المستوى الدولي، حيث أصدرت مدونة جديدة للطيران، ومخططا شموليا لتنمية المطارات، وعززت شراكتها وتعاونها مع مختلف المنظمات والهيئات العاملة في حقل الملاحة الجوية وإدارة المطارات.

وبفعل هذه الإجراءات شهدت الأجواء المغربية ارتفاعا ملحوظا في حركة الطيران، كما شهدت الخمس أشهر الأولى من السنة الجارية زيادة معتبرة في أعداد المسافرين الذي استعملوا المطارات المغربية.

مال واعمال… اذا أين السياحة من هذه الحركة النشطة في قطاع النقل الجوي؟

محمد ستري… عند الحديث عن المخططات السياحية (رؤية 2020 السياحية)، فإننا نطمح الى جعل المغرب ضمن الوجهات السياحية العالمية العشرين المفضلة لدى السياح في العالم، حيث أن هنالك لحمة قوية بين قطاعي السياحة والنقل الجوي وصلت الى ذروتها فكل يكمل الآخر لتحقيق الأهداف الموضوعة ضمن الاستراتيجيات الحكومة لتطوير القطاع السياحي من خلال الوقوف على احتياجاته ورعايته جل رعاية ووضع كافة التسهيلات التحفيزية لشركات الطيران لحثها على خلق خطوط جوية جديدة وتعزيز تواجد الخطوط القائمة في المطارات ذات الصبغة السياحية.

وتجسيدا للسياسة الافريقية للمملكة فقد أخذت القارة الافريقية مساحة كبيرة من اهتمام المغرب فجعلها جلالة الملك محمد السادس ضمن أولى اولوياته، حيث تقوم شركة الخطوط الملكية المغربية بتسيير رحلات يومية إلى 33 وجهة افريقية، مما جعل مطار محمد الخامس الدولي منصة دولية حيوية للطيران.

11 مليون سائح 2017 وهنالك نمو ملحوظ

مال واعمال… وماذا عن قطاع النقل البحري؟

محمد ستري… إن إطلالة المغرب على البحر الابيض والمحيط الاطلسي أوجد فيه شبكة من الموانئ مجهزة للنقل التجاري، وتعتبر أهم ركائز دعم عجلة الاقتصاد المغربي لما يستخدم فيها من حركة تصدير واستيراد من والى الخارج،  ونظراً لأهميتها فقد أولت الحكومة أهمية كبرى للاستثمار في قطاع الملاحة البحرية، ووضعت إستراتيجية تنظم العلاقة بين مكونات قطاع النقل البحري وفق خطط طموحة لرفع مكانته من أجل مواكبة تطور الاقتصاد الوطني، واستغلال فرص جديدة لتعزيز إدماج المغرب في بيئة العولمة، وتأهيل المغرب لربط أفضل مع مختلف شركائه وتسهيل مبادلاته التجارية.

كما تعتبر هذه الإستراتيجية إطارا مناسبا وشاملا لتطوير متساوٍ ومتكامل بين جميع موانئ المملكة، وتعد مرجعا مشتركا كذلك لجميع العاملين في هذا القطاع، حيث يضم المغرب عددا من الموانئ، منها ما هو مخصص للتجارة الخارجية، ومنها ما هو مخصص للصيد البحري سواء على المستوى المحلي أو الدولي  فضلا عن وجود موانئ ترفيهية، كما يعتبر المركب المينائي طنجة المتوسط مشروعا رائدا ساهم في إدماج المملكة ضمن الدول العشرين الأولى من حيث الربط الملاحي.

شبكة مواني متطورة يعززها موقع جغرافي فريد

مال واعمال… نادرة هي الدول التي تحظى بمثل ما يحظى به المغرب من موقع جغرافي وتنوع طبيعي، ويتطلع الكثير من العرب لزيارة المغرب؛ هل لكم أن تحدثونا عن مسيرة النجاح التي حققها المغرب في قطاع السياحة، الذي يشهد كل زائر لها بالجمال وكرم الضيافة؟

محمد ستري… أولا مرحبا بكم في بلدكم الثاني، فالمغرب والمغاربة كما تعلمون يشتهرون بالكرم والضيافة وحسن الاستقبال، أما بالنسبة لقطاع السياحة، الذي راهن عليه المغرب في مخططاته التنموية منذ عدة سنوات، واعتبره رافعة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، فله العديد من الآثار الإيجابية على المستوى الاجتماعي والاقتصادي.

 فالسياحة، تشكل ركنا أساسيا في الاقتصاد المغربي، إذ تساهم في دعم مسيرة التنمية، وتعد من بين أهم مصادر العملة الأجنبية للبلاد، كما أنها ثاني أهم موفر لفرص العمل.

وفي هذا الصدد، استقبل المغرب سنة 2017 أكثر من 11 مليون سائح أغلبهم من الاتحاد الأوروبي بإيرادات كبيرة، وذلك بفضل المنتوج السياحي المتنوع، والبنية السياحية المتميزة، وكرم الضيافة، فضلا عن الأمن والاستقرار الذي تنعم به المملكة.

كما شهدت  الخمس أشهر الأولى من السنة الجارية مؤشرات جيدة بخصوص القطاع السياحي، بارتفاع عدد الزائرين للمغرب، كما تحسن معدل عدد المبيتات بالفنادق.

هذا، ويراهن المغرب على أسواق جديدة، خصوصاً الصين وروسيا، وتعزيز رحلات النقل الجوي خصوصا الرحلات الداخلية مع الرهان على المجال المعلوماتي للترويج للوجهة المغربية.

وأود أن أشير فقط إلى مسألة دقيقة في هذا القطاع، وهي حرص المغرب على الاستثمار في السياحة دون الإخلال بالبيئة، وذلك في إطار ما بات يعرف بالسياحة المنخفضة الانبعاثاث والصديقة للبيئة.

نهضة صناعية شاملة …برؤية ملكية ثاقبة

مال واعمال… ما هو سر نجاح المغرب في قطاع الصناعة؟

محمد ستري… خيار التوجه للصناعة والتصنيع، كان خيارا وطنياً استراتيجياً ساهم في الإقلاع الاقتصادي واقتحام مجال كان حكراً على عدد من الدول المصنعة، من هنا بدأ المغرب في جني أولى ثمار الاستراتيجية التي اعتمدتها الحكومة سنة 2014 بتوجيه من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، بخصوص تسريع التنمية الصناعية، إذ نجح القطاع الصناعي في خلق آلاف فرص للعمل.

كما توفق في تحقيق العديد من الأهداف التي تضمنها مخطط تسريع التنمية الصناعية بفضل الجهود التي تقوم بها الدولة عبر صندوق التنمية الصناعية، الذي خصصت له موازنة كبيرة ويعمل على مواكبة مختلف القطاعات الصناعية بعقود برامج عمل واضحة.

مال وأعمال… ما هي أهم المنتجات الصناعية، ومجالات تسويقها؟

محمد ستري… يتصدر قطاع صناعة السيارات، قائمة أكثر المساهمين في خلق فرص العمل حسب الإحصاءات المعلنة، حيث ساهم في خلق الكثير من فرص العمل، يليه قطاع ترحيل الخدمات، ثم الصناعات الغذائية وقطاع النسيج وكذلك قطاع الصناعات التعدينية، وحل قطاعا البناء والطيران في آخر الترتيب.

من هنا تؤكد الحكومة المغربية على أن تنافسية الاقتصاد المغربي تتحسن سنة بعد أخرى، وسيستمر المغرب في كسب ثقة المزيد من المستثمرين سواء الأجانب أو المحليين، وذلك بفضل البنية التحتية الملائمة، المتمثلة في وجود موانئ للتصدير، مناطق حرة، توفير التكوين المهني، كل ذلك وأكثر جعل من المغرب أرضية للإنتاج والتصدير تجذب مستثمرين  وعلامات صناعية عالمية رائدة خاصة من فرنسا واليابان وإيطاليا والصين، إضافة إلى العلامات الألمانية المميزة.

مال واعمال… هل هناك قطاعات أخرى غير صناعة السيارات بالمغرب؟ 

محمد ستري… نعم,  فمن أهم القطاعات التي عرف آداؤها نموا ملحوظاً، قطاع الطاقة الشمسية والرياح، حيث يعتبر المغرب أكبر الدول في المنطقة استثماراً واستخداماً وتوليداً للطاقات النظيفة، وذلك بفضل الإستراتيجية التي حرص على تنفيذها جلالة الملك محمد السادس.

هذا ويعتبر مجمع نور للطاقة الشمسية في ورزازات من أكبر مشاريع الطاقة الشمسية في العالم الذي تتماشى مع المعايير الدولية، سواء على المستوى التكنولوجي أو البيئي، كما يشمل 4 مراحل، حيث تم وصل نور 1 بشبكة كهرباء المغرب عام 2016، ومن المخطط أن يتم إكمال نور 2 و3 و4 العام الجاري وترتبط بمنصة للبحث والتنمية تمتد على مساحة تزيد عن 150 هكتارا.

وعلاوة على توفير فرص العمل، فمن المنتظر أن تخفض محطة الطاقة الشمسية نور من انبعاثات الكربون سنوياً بنسبة كبيرة، وتساهم في تحقيق أهداف المغرب المتصلة بأمن الطاقة.

المغرب من اكبر الدول المستثمرة في الطاقة الشمسية

مال واعمال… اكتسب المغرب تجربة دولية فريدة من نوعها في تطوير صناعة الفوسفات، نتطلع حقيقة للوقوف على هذه التجربة؟

محمد ستري… لقد حقق قطاع الفوسفات نتائج مهمة، حيث عززت مجموعة المكتب الشريف للفوسفات موقعها الريادي عالميا سنة 2017، مسجلة نمواً قوياُ في رقم معاملاتها مقارنة مع سنة 2016، كما حققت نتائج كبيرة على مستوى جميع مراحل الإنتاج، وارتفع حجم مبيعات الفوسفات والأسمدة بنسبة ملحوظة مقارنة مع سنة 2016، وحافظت المجموعة على موقعها المتقدم في الحامض الفوسفوري كثاني أهم مزود لهذه المادة في آسيا، وذلك بحجم مبيعات مستقر مقارنة مع سنة 2016.

وفي نفس السياق، يتجه المغرب نحو إنجاز استثمارات  نوعية ومهمة، بهدف جذب مايقارب نصف الطلب العالمي الإضافي على الفوسفات ومشتقاته في العشرة أعوام المقبلة، وستغطي هذه الاستثمارات الفترة الممتدة بين 2018 و2027، بعدما أنجز المجمع الشريف للفوسفات استثمارات بملايير  الدولارات بين سنتي 2007 و 2008.

وبالنسبة للقطاعات التصديرية للمغرب، يعتقد الكثير أن صادرات الفوسفات والمنتوجات الزراعية يحتلان الصدارة، غير أن آخر المعطيات تؤكد تربع صناعة السيارات على مقدمة الترتيب بقيمة صادرات ناهزت ملايير الدولارات سنة 2017، جعلت المملكة تحتل الصدارة على صعيد القارة الإفريقية، ليكون أهم القطاعات المنتجة للقيمة المضافة بمساهمته في توفير آلاف مناصب الشغل.

هذا، ولا يجب إغفال القفزة الكبيرة التي عرفها قطاع النسيج، و كذلك التطور الكبير في صناعة الطيران، حيث نجح المغرب في جلب شركات رائدة لمدينة الدار البيضاء مثل ايرباص، بومبارديه وطاليس، وهو ما يعكس الجهود الكبيرة التي قامت بها المملكة المغربية لتأهيل وتنويع اقتصادها وللرفع من تنافسية مقاولاتها وخلق بيئة مشجعة عى جلب الاستثمار وانتاج الثروة وتوفير فرص العمل.

وبالحديث عن القطاع الفلاحي لابد من الاشارة إلى أن المغرب والاتحاد الأوروبي وقعا في 24 يوليو 2018 بالرباط، بالاحرف الأولى على اتفاق جديد للصيد البحري بين الجانبين، مما يمثل نهاية المفاوضات التي بدأت قبل بضعة أشهر، والتي تشمل رخصا للصيد بجميع سواحل المملكة من الشمال إلى الجنوب بالصحراء المغربية.

في النهاية أشكر سعادتكم، على هذا الحوار الغني بالمعلومات عن ما حققته المملكة المغربية الشقيقة من انجازات تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس وهي تنمية شاملة وإنجازات متميزة، كما لا يفوتني بهذه المناسبة أن أهنئكم والمملكة المغربية بمناسبة الذكرى 19 لتربع جلالة الملك محمد السادس على العرش.

المصدر : https://wp.me/p70vFa-rAy