تعيش الجزائر منذ أيام، على وقع جدل حاد بسبب إعلان الحكومة رغبتها في تعديل قانون القروض والنقد، الذي يحكم المنظومة المصرفية للبلاد، بغية تعويض هبوط عائدات النفط.
وصدرت قرارات سيادية بالسماح لبنك الجزائر (البنك المركزي)، بطباعة المزيد من الأوراق المالية، وسط مخاوف من تهاوي التمكن الشرائية وانفجار معدلات التضخم.
وبدا واضحاً، تأثر الجزائر من تراجع إيرادات النفط الخام على أداء الحكومة والمالية العامة، إذ تعد مبيعات الخام مصدر الدخل الرئيس.
وتراجع سعر برميل النفط، إلى حدود 54 دولاراً في الوقت الحالي، نزولاً من 120 دولارا منتصف 2014.
مراجعات مالية
وفي 4 أيلول/سبتمبر الجاري، أعلن رئيس الوزراء أحمد أويحي، عن مسعى للحكومة لمراجعة قانون القرض والنقد، الذي يحكم المنظومة المالية والمصرفية للبلاد منذ 1990.
ومن شأن المراجعة، بحسب أويحي فتح الباب أمام مصادر التمويل غير التقليدية المحلية في الاقتصاد الوطني (طباعة المزيد من النقد المحلي وإقراضه للمؤسسات العمومية)”.
وفي يونيو/ حزيران الماضي، حث الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، إلى “تمويل داخلي غير تقليدي” لتجنب اللجوء إلى الدين الخارجي، الذي لا يتجاوز حاليا 4 مليارات دولار.
وتتوقع الجزائر عجزا في الموازنة نسبته 8 بالمائة في 2017، انخفاضا من 15 بالمائة في 2016.
جدال متبادل
وتناولت وسائل إعلام جزائرية، مراجعة نظام الإقراض وطباعة المزيد من أوراق النقد المحلية، وتأثيره على زيـادة نسب التضخم لمستويات كبيرة.
ويدفع طباعة مزيد من النقد بكميات تحكم احتياطات البلاد من الذهب والنقد الأجنبي، إلى صعود نسب التضخم، ما يدفع القوة الشرائية إلى الهبوط.
وبهذا الخصوص يقول كمال رزيق، الخبير وأستاذ الاقتصاد بجامعة البليدة الحكومية، إن خيار التمويل البنكي للاقتصاد، يتضمن مخاطر جمة خاصة إذا تم طبع المزيد من الأوراق النقدية.
وذكر رزيق أن الطبع في الظروف المالية والاقتصادية الحالية للجزائر، ستكون له عواقب وخيمة على الوضع العام، خصوصا في ظل تدني قيمة الدينار (العملة الوطنية).
وتابع “طباعة النقد المحلي خطر في الوقت الحالي، مع تراجع قيمة العملة، بل قد يؤدي إلى انهيارها، وانهيار التمكن الشرائية للجزائريين والتهاب الأسعار”.
والأسبوع الجاري، أشار رئيس الوزراء، إلى أن “التمويل غير التقليدي (طباعة الدينار) لن يضعف الدينار (العملة الوطنية)، موضحا أن قيمة العملة تنخفض عندما تتراجع احتياطات البلاد من النقد الأجنبي”.
وذكر أن البلاد لا تعاني من مديونية خارجية، وهي حاليا لا تتعدى 20 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، “ما يجعل خزينة الدولة في وضع مريح للاستدانة”.
وأضاف “الدينار فقد ما بين 25 إلى 30 بالمائة من قيمته خلال السنوات الثلاث الأخيرة، دون أن تلجأ الحكومة للتمويل غير التقليدي (..) الأهم أن التمويل غير التقليدي (طباعة النقود) لن يذهب للقطاعات الاستهلاكية”.عبد الرحمن مبتول، وهو محلل اقتصادي ومستشار سابق لدى رئاسة الوزراء، يرى أن اللجوء لطباعة المزيد من الأوراق النقدية، لإقراض الحكومة، “أمر خطير، لكنه ممكن في حال تم توجيه الأموال للاستثمار المنتج”.
وأوضح مبتول أن اللجوء لطباعة المزيد من الأموال دون أن يكون لها مقابل اقتصادي فعلي على أرض الواقع، وإغراق السوق الوطنية بالمزيد من السيولة النقدية، سيدخل البلاد في دوامة تضخم برقمين”.
“هذه الوضعية، ستدفع بالمواطنين للبحث عن ملاذات آمنة لودائعهم المالية كشراء الذهب أو النقد الأجنبي، التي ستفقد قيمتها جراء الارتفاع الكبير للتضخم وتهاوي قيمة الدينار”، بحسب المحلل الاقتصادي.
وضعية صعبة
وتقول السلطات الجزائرية، إن البلاد خسرت أكثر من نصف مداخيلها من النقد الأجنبي التي هوت نزولا من 60 مليار دولار في 2014، إلى 27.5 مليار دولار نهاية العام الماضي.
وتحت ضغط الأزمة النفطية وتراجع مداخيل البلاد من النقد الأجنبي، أطلقت السلطات عملية استدانة داخلية في شكل سندات خزانة عام 2016، مكّنت من تحصيل أكثر من 5 مليارات دولار، بنسب فوائد بلغت 5 بالمائة.
وبفعل الأزمة، تقلصت احتياطات الجزائر من النقد الأجنبي، نزولا من 193 مليار دولار نهاية 2013، إلى 105 مليار دولار نهاية أغسطس/ آب الماضي وفق أرقام رسمية لبنك الجزائر (البنك المركزي).
المصدر : https://wp.me/p70vFa-lN3