حذر كبار المسؤولين الماليين في دول مجموعة الـ20، أمس، من أن قرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي (بريكست) يزيد المخاطر التي تهدد بزعزعة الاقتصاد العالمي، متعهدين اتخاذ «جميع أدوات السياسة» لتعزيز النمو.
وأفاد بيان المجموعة، الذي أعقب اجتماع مسؤولي البنك المركزي، أن نتيجة استفتاء يونيو «يضيف إلى حالة عدم الاستقرار في الاقتصاد العالمي».
غير أن وزراء المالية وحكام المصارف المركزية في الدول الـ20 حرصوا خلال اجتماعهم في نهاية الأسبوع، بمدينة شينغدو، جنوب غرب الصين، على توجيه رسالة مطمئنة.
وأكدوا في البيان الختامي للاجتماع أن دول الاتحاد الأوروبي «في موقع جيد» للتصدي «بصورة فعالة» لأي تبعات اقتصادية ومالية لقرار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وتابع أنه «بالنظر إلى التطورات الأخيرة، فإننا نجدد تأكيد تصميمنا على استخدام جميع أدوات السياسة النقدية والمالية والهيكلية، بشكل منفرد وجماعي لتحقيق هدفنا في تسجيل نمو مستدام ومتوازن وشامل»، مجدداً التعهد الذي قطعته المجموعة في اجتماعها في شنغهاي في فبراير، إلا أن البيان دعا إلى تحقيق «نمو شامل» لإشراك الدول التي لم تشهد ازدهاراً اقتصادياً.
وتتردد ألمانيا القوية مالياً بشكل خاص في المصادقة على استخدام الإنفاق الحكومي لدعم النمو، وتعتبر ذلك غير فعال.
وقال وزير الخزانة الأميركي، جاكوب ليو: «سيكون من الخطأ التردد في اختيار الأدوات المناسبة عندما يتعلق الأمر بالإصلاحات الهيكلية أو استخدام الفضاء المالي».
وألغت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستيان لاغارد ـ التي تواجه القضاء في فرنسا، بتهم التهاون في أداء مسؤولياتها عندما كانت وزيرة – مؤتمراً صحافياً عقب الاجتماع بحجة تضارب المواعيد. وقالت في بيان إن «النمو الفاتر خلال فترة ما بعد الأزمة مستمر، والإصلاحات الهيكلية مهمة بشكل خاص».
وفي مواجهة التهديدات المتزايدة، تراجعت المخاوف من تباطؤ النمو في الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، إلى الخلفية في اجتماع مجموعة الـ20.
وإضافة إلى مسألة «بريكست»، أوردت القمة عوامل أخرى تعقّد بيئة الاقتصاد العالمية، بينها «النزاعات الجيوسياسية والنزاعات والإرهاب وتدفق المهاجرين، لكن المشاركين قالوا إن قرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي تصدر الموضوعات التي تثير قلقاً والمطروحة على البحث في اجتماع شينغدو، لاسيما الأسئلة العالقة حول الشكل الذي ستتخذه علاقة بريطانيا بأوروبا بعد انفصالهما.
وأكد وزير المالية البريطاني، فيليب هاموند، للصحافيين أن الموضوع بحث بشكل مكثف، وقال «الواقع أنه ستستمر بعض الشكوك إلى حين انتهاء مفاوضاتنا مع الاتحاد الأوروبي».
وكان صندوق النقد الدولي خفض الثلاثاء توقعاته للنمو الاقتصادي العالمي لعامي 2016 و2017، محذراً من أن استمرار الغموض لفترة طويلة قد يؤدي إلى تباطؤ اقتصادي أكبر. وشدد الصندوق، الذي يتخذ مقراً له في واشنطن، في نهاية الأسبوع، أن «القسم الأكبر من (بريكست) لم يحصل بعد، ومن الواضح أن تسجيل تبعات أكثر سلبية هو احتمال وارد».
وأقر مسؤول كبير في الخزانة الأميركية، على هامش اجتماع مجموعة الـ20، بأنه «بالطبع لن تنجز المفاوضات خلال أسبوع ولا حتى خلال شهر، إنها آلية ستأخذ وقتاً أطول بكثير»، مضيفاً: «إذا ما تحول الأمر إلى مواجهة شديدة (بين الطرفين)، فسوف يؤدي الأمر إلى زعزع كبرى لثقة» الأطراف الاقتصاديين.
تضامن وتصميم
وهناك تحديات أخرى تهدد النمو العالمي، خصوصاً التباطؤ في الاقتصاد الصيني، وكذلك الهجمات الإرهابية ومحاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا.
وفي وقت سابق هذا الشهر، قتل 84 شخصاً في مدينة نيس الفرنسية، حين دهس فرنسي من أصل تونسي بشاحنته حشوداً في اليوم الوطني الفرنسي، في اعتداء من وحي تنظيم «داعش».
ومساء الجمعة قام ألماني ـ إيراني يعتقد أن ليس له علاقة بتنظيم «داعش» بإطلاق النار في مركز تجاري في مدينة ميونيخ ما أدى إلى مقتل تسعة أشخاص قبل أن ينتحر.
وجاء في بيان مجموعة الـ20 «ندين بأشد العبارات الممكنة الهجمات الإرهابية الأخيرة، ونؤكد مجدداً تضماننا وتصميمنا في المعركة ضد الإرهاب بكل أشكاله وأينما حصل». وتابع بيان مجموعة الـ20 أنه بمعزل عن المسألة البريطانية «لاتزال مخاطر شديدة قائمة».
وأوضح: «تبقى التقلبات في الوضع المالي شديدة، في حين لاتزال النزاعات الجيوسياسية والإرهاب وموجة المهاجرين، تزيد من تعقيد البيئة الاقتصادية»، واصفاً الانتعاش الاقتصادي بأنه «أضعف مما كنا نأمل». وشددت بلدان عدة ومنظمات مثل صندوق النقد الدولي على أن السياسات النقدية الشديدة الليونة التي تنتهجها كبرى المصارف المركزية غير كافية، داعية الدول إلى زيادة إنفاقها العام في حال توافرت الموارد لديها، من أجل دعم النمو الهش.
ودعا صندوق النقد الدولي بعض الدول، خصوصا ألمانيا والولايات المتحدة، إلى زيادة الإنفاق العام الذي كانت تعارضه برلين.
المصدر : https://wp.me/p70vFa-ef1