تضع دولة الإمارات العربية المتحدة التعليم في قمة سلّم أولوياتها، ما جعل نظامها التربوي أحدَ أكثر الأنظمة جودةً على مستوى المنطقة.
إنجاز عالمي لمفوضية الاعتماد الأكاديمي بـ”التعليم” الإماراتية
وفي موازنة التعليم لعام 2019، خصَّصت الإمارات 10.3 مليارات درهم، منها 6.7 مليار للتعليم العام، و3.6 للتعليم العالي والجامعي، أي بنسبة 17% من إجمالي الميزانية العامة، الأمر الذي يعدّ مؤشراً قوياً على اهتمام الدولة بتطوير التعليم.
4 جامعات ضمن الأفضل في آسيا
تجلَّت نتائج هذا الاهتمام واضحةً بتصنيف 4 جامعات من الإمارات ضمن أفضل 250 جامعة آسيوية، وفق أحدث تصنيف نشرته مؤسسة “تايمز”
وفي مدينة دبي، التي تمثّل مركزاً عالمياً للاقتصاد والتجارة والسياحة، يعدّ التعليم كذلك أحد عوامل الجذب الرئيسية، حيث تستقطب البيئة التحتية والتشريعية المتطورة كبرى الجامعات العالمية، حتى تؤسس لها فروعاً في دبي.
وأصبح هذا العامل جاذباً لعدد متزايد من الطلاب الدوليين، الذين يطمحون إلى الاستفادة من مزايا التعليم الراقي بجامعات دبي والعيش في الإمارة، لما توفّره من بيئة ثقافية متنوعة، وأنظمةِ إقامة وتأشيرات تواكب احتياجاتهم.
ويرى الدكتور حمد عبدالله الجسمي، أستاذ الهندسة المدنية، مساعد العميد لشؤون البحث العلمي والدراسات العليا في كلية الهندسة بجامعة الإمارات، أن دبي استطاعت في السنوات الأخيرة أن ترسِّخ مكانتها كمحطة معرفية عالمية.
وقال: “تضم دبي اليوم فروعاً لجامعات رائدة من دول مختلفة، مثل أمريكا وأستراليا وبريطانيا وروسيا والهند والنمسا، والتي اختارت دبي لقرب موقعها بين دول الشرق والغرب وجودة الحياة فيها، وكون الإمارات بلداً آمناً متسامحاً متعدد الثقافات، يوفر فرصاً استثمارية ووظيفية واعدة، ولذا تشير إحصاءات هيئة المعرفة والتنمية البشرية في الإمارة إلى نمو كبير بأعداد الطلبة المسجلين في مؤسسات التعليم العالي، بمعدل 64% بين سنة 2008 إلى 2017، وتشكّل نسبة الطلبة الدوليين منهم نحو 60%”.
ويعتبر هذا التقدُّم الذي تحرزه دبي كوجهة للمعرفة والثقافة عاملاً داعماً لتحقيق هدفها بالتحول نحو اقتصاد تنافسي معرفي ومتنوع.
وهو ركيزة أساسية في رؤيتها المستقبلية، إذ أكد الجسمي: “أعتقد أن هذا التقدُّم في استقطاب الطلبة الدوليين سيضع الدولة في المسار الصحيح نحو خلق اقتصاد تنافسي معرفي مبني على الابتكار، لا سيّما لو ركزت دبي في المرحلة المقبلة على جذب طلبة برامج الدكتوراه المتميزين، من خلال توفير منح دراسية، خصوصاً في جامعاتها الوطنية، كجامعة الإمارات وجامعة خليفة، وبهذا نحن متفائلون أنه باستطاعة الإمارات منافسة الدول العظمى في تبنّي الكفاءات والعقول النيّرة التي ستسهم في الارتقاء بالمنظومة المعرفية والابتكارية في الدولة”.
أكبر تجمع لفروع الجامعات الدولية
جودة فروع الجامعات الدولية في دبي، وخوض تجربة التعلم ضمن مجتمع يحظى بتنوع ثقافي فريد من نوعه، يعدان عاملي جذب للطلاب الدوليين كي يأتوا ويعيشوا في الإمارة التي تتصدّر باستمرار قائمات التنافسية الدولية في مجالات مختلفة.
وحسب تقرير “واقع التعليم العالي في دبي”، الذي أصدرته هيئة المعرفة والتنمية البشرية، في يونيو/حزيران 2019، أشارت الأرقام إلى أن عدد مؤسسات التعليم العالي بدبي بلغ 64 مؤسسة، وتبلغ نسبة التحاق الطلبة الدوليين بها 29%؛ حيث يدرس فيها 29989 طالباً وطالبة.
ومن هذا المنطلق تكون دبي حاضنةً لأكبر تجمع في العالم لفروع الجامعات الدولية، والتي يبلغ عددها 33 فرعاً، بينما يصل عدد الفروع في ماليزيا 16 فرعاً، وسنغافورة 14 فرعاً.
وتأتي معظم فروع مؤسسات التعليم العالي الدولية من 3 دول، هي: المملكة المتحدة وأستراليا والهند.
ويلفت تقرير “واقع التعليم العالي في دبي” إلى أنه في ظل النمو الاقتصادي والعمراني الذي شهدته الإمارة خلال السنوات الماضية، أسهمت فروع الجامعات الدولية في تحقيق نقلة نوعية حول تحفيز نمو قطاع التعليم العالي.
جامعات دبي.. مناطق حرة
وضمن رؤية الإمارات المتميزة للتعليم، التي تضعه أساساً لبناء قوة بشرية تتمتع بمهارات المستقبل، وحتى تكون الجامعات والمؤسسات التعليمية بها منارات علمية وكذلك اقتصادية، يجري العمل على “استراتيجية دبي للمناطق الجامعية الحرة” التي تركز على “وثيقة الخمسين”، بغية إنشاء مناطق اقتصادية وإبداعية متكاملة في الجامعات الوطنية والخاصة.
وذكر الخبير الاقتصادي، نائل الجوابرة، أن هذه الاستراتيجية ستؤدي إلى تخريج رواد أعمال ومبتكرين، إذ قال: “البند السادس من وثيقة الخمسين التي أصدرها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بتحويل الجامعات إلى مناطق اقتصادية وإبداعية حرة يسمح للطلاب بممارسة النشاط الاقتصادي والإبداعي، وهو ما يجعله ضمن منظومة التعلم والتخرج، وتكوين مناطق اقتصادية وإبداعية متكاملة تحيط بهذه الجامعات، والهدف ليس تخريج طلاب فقط، ولكن تخريج شركات وأرباب عمل ودمجهم بالسوق كمشاريع صغيرة ومتوسطة”.
وتسهم التسهيلات والقرارات التي أطلقتها الحكومة الإماراتية بما يخص “الإقامة الذهبية”، والتي تُمنَح لرواد الأعمال والمبتكرين والعلماء، في زيادة جاذبية الإمارات كحاضنة معرفية وعلمية، وهو ما يجعل كذلك سوق العمل في الدولة، المستفيد الأول من هذه المنظومة التعليمية المتطورة.
وأضاف الجوابرة: “تلتزم دبي بضمان تطبيق معايير تعليمية دولية عالية، وتتولى هيئة المعرفة والتنمية البشرية تصنيف جميع المؤسسات التعليمية والإشراف عليها، وسوق العمل هو المستفيد الأول من هذا القطاع، وذلك بوجود منظومة متكاملة تخدم الشراكة الاستراتيجية للرؤية الواضحة، مع وجود تنافسية عالمية بين الطلاب لدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية في دبي”.