تشير كافة التوقعات بأن النفط الخام سيبقى أهم مصدر للطاقة بالعالم حتى 2040 وسينمو الطلب عليه بسبب التوسع في الصناعات البتروكيماوية والحاجة إلى وقود لوسائل النقل المختلفة. ولقد أنتج العالم في عام 2016 حوالي 97 مليون برميل باليوم بزيادة 1.2 مليون برميل عن معدل عام 2015.
وتعتبر المملكة وروسيا وأميركا أهم ثلاثة دول بإنتاج النفط إذ وصل معدل الإنتاج اليومي لهذه الدول في عام 2016 كالتالي: المملكة 10.45 مليون برميل وروسيا 10.4 مليون برميل وأميركا 8.9 مليون برميل. وبالتالي فإن هذه الدول الثلاث قد أنتجت حوالي ثلث الإنتاج العالمي. وهذا يقتضي أن هذه الدول هي من يحدد مستقبل واتجاهات صناعة النفط. وتقدر احتياطيات روسيا وأميركا النفطية التقليدية المؤكدة مجتمعة بحوالي 158 مليار برميل بينما تصل احتياطيات المملكة لوحدها إلى 266 مليار برميل. وهذا يعطي للمملكة مكانة فريدة في عالم الطاقة مع استمرارها بإنتاج كميات كبيرة رغم مرور عشرات السنين.
المملكة
وصل معدل إنتاج المملكة للنفط فى عام 2000 إلى حوالي 9.2 مليون برميل باليوم والاستهلاك إلى حوالي 1.2 مليون برميل باليوم وبذلك وصلت صادرات المملكة النفطية في 2000 إلى 8 مليون برميل باليوم. وأما في 2016 فلقد وصل معدل إنتاج المملكة للنفط إلى 10.4 مليون برميل باليوم وهو من الأعلى بتاريخ المملكة (كمعدل إنتاج سنوي) استهلكت المملكة منه 2.45 مليون برميل باليوم وصدرت حوالي 7.6 مليون برميل خام باليوم. وكان أهم استهلاكها للنفط كوقود للنقل (بنزين وديزل) حوالي 1.3 مليون برميل والباقي لتوليد الطاقة الكهربائية. وهذا يعني أن صادرات المملكة البترولية في عام 2000 أعلى قليلا من 2016 رغم زيادة الإنتاج وذلك بسبب ارتفاع الاستهلاك المحلي الذي ارتفع بسبب زيادة السكان بحوالي 12 مليون نسمة في آخر 16 سنة بالإضافة إلى النهضة الحضارية التي تعيشها المملكة.
روسيا
ولقد أنتجت روسيا في 2000 حوالي 6.5 مليون برميل باليوم استهلكت منها 2.5 مليون برميل ولقد ارتفع انتاجها اليومي في 2016م إلى 10.4 مليون برميل وارتفع استهلاكها إلى 3.6 مليون برميل. وارتفعت صادرات روسيا النفطية إلى 5 مليون برميل كخام وحوالي 2 مليون برميل كمشتقات نفطية. وبهذا فلقد ارتفعت صادراتها النفطية من خام وغيره في آخر 16 سنة بحوالي 3 مليون برميل. والجدير بالذكر أن روسيا استهلكت يوميا فى 2016م حوالي 1.6 مليون برميل كبنزين وديزل وهو أعلى قليلا من استهلاك المملكة رغم زيادة سكان روسيا على سكان المملكة بحوالي 4.5 ضعف. ولكن يجب أن لا ننسى أن سكان روسيا انخفض في آخر 16 سنة بحوالي 4 مليون نسمة.
أميركا
وتعتبر أميركا المحرك الأول لصناعة النفط لأنها أكبر مستهلك له، ولقد وصل استهلاك أميركا اليومي للنفط فى عام 2000 إلى 19.7 مليون برميل وإنتاجها للنفط إلى 7.7 مليون برميل خام تقليدي فقط. وهذا يعنى أنها كانت تستورد كميات هائلة من النفط من دول أوبك وهو ما كان يساعد على دعم الأسعار خاصة قبل ظهور الصين كأكبر مستورد للنفط بالعالم. ورغم النمو بعدد سكانها، استطاعت أميركا خفض استهلاكها للنفط فى 2009 بحوالي مليون برميل باليوم حيث وصل الاستهلاك اليومي إلى 18.7 مليون برميل. ولكن في عام 2016 رفعت إنتاجها للنفط الى 8.9 مليون برميل بفضل تطويرها لتقنيات إنتاج الزيت الصخري. ويمكن القول: إن انخفاض أسعار النفط بالإضافة إلى الارتفاع الكبير بعدد السكان فى 2016 إلى 325 مليون نسمة قد رفع شهية أميركا لاستهلاك المزيد من النفط. ولقد رجع استهلاكها مرة أخرى إلى 19.7 مليون برميل منها حوالي 14 مليون برميل لوقودي البنزين والديزل.
المستورد الأكبر
كل الدلائل تشير إلى أن هذه الدول الثلاث بالإضافة للصين (المستورد الأكبر) هي المحرك الرئيس لصناعة النفط بالعالم. وعندما رفعت روسيا إنتاجها بحوالي 4 مليون برميل في آخر 15 سنة فقد أثرت كثيرا على العرض وعلى الأسعار، وحاليا تعتمد ثلث ميزانية روسيا على تصدير النفط والغاز. وأما تغير استهلاك أميركا للنفط وتغير إنتاجها للزيت الصخري وما يصاحب ذلك من تغير للمخزونات الأسبوعية فهو حاليا المؤشر الرئيس لأسعار النفط العالمية.
2040 والتوقعات
ولكن تبقى المملكة حجر الأساس لصناعة النفط في العالم بحكم امتلاكها لأكبر الاحتياطيات الموثقة والتقليدية وحفاظها على إنتاج مستقر رغم مرور عدة عقود وبل استطاعتها على رفع طاقتها الإنتاجية إلى 12.5 مليون برميل باليوم وهو ما يجعلها الضمان على استمرار تدفق النفط للعالم وبأسعار معقولة للمنتج وللمستهلك.
ولكن تواجه صناعة النفط حالياً عدة تحديات أهمها انخفاض الطلب في الدول الصناعية وظهور الزيت الصخري كمنافس أثبت قدرته على البقاء رغم انخفاض أسعار النفط، بالإضافة إلى نضوب كثير من الحقول ذات الكلفة المنخفضة. وهذا يعني أن صناعة النفط تتطلب استثمار مئات المليارات لاكتشاف وتجهيز حقول جديدة في واقع صعب يتمثل بانخفاض الأسعار. وهذا ينذر باحتمال تعرض بعض الدول المنتجة لسيناريو شبيه بفنزويلا والمكسيك الذين يشهدان انخفاضا كبيرا بإنتاج النفط بسبب نضوب بعض الحقول وعدم الاستثمار بحقول جديدة. وأما تطوير إنتاج النفط عالي الكلفة كغير التقليدي ومن الحقول القطبية والمياه العميقة فيعتمد بشكل رئيس على اتجاهات أسعار النفط المستقبلية وسماحها للشركات بالاستثمار الآمن لفترات زمنية طويلة.
وفي 2040 تتوقع كثير من مراكز الأبحاث أن تستمر المملكة بامتلاك أعلى طاقة إنتاجية للنفط عطفا على الاحتياطيات الهائلة وعلى الاستثمارات الجزيلة في صناعة النفط المحلية. ويتوقع أن تأتي أميركا ثانيا بإنتاج النفط في 2040 بسبب استغلالها لثرواتها من الزيت الصخري وسوف تأتي روسيا ثالثا كما يظهر الشكل.
المصدر : https://wp.me/p70vFa-j5C