بقلم :د.رعد دويس
تعد البواسير جزء طبيعي من القناة الشرجية وتوصف تشريحيا بأنها “وسائد” وعائية مليئة بالدم، وظيفتها هي الاسهام في اغلاق القناة الشرجية بالكامل بمساعدة عضلات الشرج لمنع التسريب الغازات والبراز السائل بشكل لا ارادي.
ولكن عندما تتضخم البواسير الطبيعية و تتدلى من الشرج ويصحبها أعراض كالنزيف، عندها تصبح “بواسير غير طبيعية” أو مريضة، وتحتاج الى علاج.
لماذا تحدث مشاكل في البواسير؟
في الوضع الطبيعي تتداخل بعض الألياف العضلية النابعة من عضلات المستقيم والشرج مع نسيج البواسير وتساهم في ابقاء البواسير معلقة في مكانها الطبيعي. وعندما يحدث تلف في هذه الألياف العضلية والنسيج الضام الداعمين للبواسير فانها تتدلى من مكانها الي الأسفل من خلال فتحة الشرج وتحتقن بالدم وتبدأ الأعراض بالظهور.
وما يسبب هذا الترهل هوالزيادة المتكررة والمزمنة في الضغط داخل المستقيم والبطن بشكل عام، كما يحدث عند التعنية والامساك المزمن والجلوس فترة طويلة في الحمام للتبرز مع الشد، وأيضا عوامل أخرى مثل الحمل والولادة والسعال المزمن والشد أثناء محاولات التبول عند مرضى تضخم البروستات والوقوف لفترات طويلة، كلها تساهم في ترهل و تضخم البواسير.
مدى انتشار البواسير
من الصعب معرفة المعدل الحقيقي ونسبة انتشار مشاكل البواسير، وذلك لأن الكثير من المرضى لا يذهبون للطبيب المختص بدافع الخجل، بل يبحثون عن العلاجات التي يمكن شراؤها بدون وصفة طبية، أو يستخدمون مستحضرات تجارية فاعليتها غير مثبته علميا. بالاضافة الى أن العديد من المرضى يعتبرون أن أي اعراض في منطقة الشرج هي بواسير! حتى لو لم تكن في حقيقة الأمر كذلك.
ولكن معظم الدراسات تبين أن البواسير تصيب 5% من الناس على الأقل، والفئة العمرية الأكثر تأثرا هي من الخامسة والأربعين حتى الخامسة والستين.
تصنيف البواسير
تقسم البواسير الى بواسير داخلية تتدلى من النصف الأعلى للقناة الشرجية، وبواسير خارجية تنشأ من النصف الأسفل للقناة الشرجية. ويؤثر هذا التصنيف على خيارات العلاج ايضا.
وتقسم البواسير الداخلية بدورها الى أربع درجات بناء على نسبة تدليها بعد عملية التبرز، بحيث تعتبر الدرجة الأولى هي بواسير تتدلى داخل قناة الشرج فقط ولا تخرج الى خارج الشرج، أما الدرجة الثانية فانها تتدلى خارج الشرج لكنها تعود لترتفع تلقائيا الى داخل القناة، بينما تحتاج الدرجة الثالثة الى دفعها يدويا لتدخل القناة الشرجية، أما الدرجة الرابعة فتشمل البواسير دائمة الخروج والتي لا يمكن اعادة ادخالها يدويا.
أعراض البواسير
الاحساس بكتلة لحمية تتدلى من الشرج بخاصة بعد التبرز هو العرض الأكثر شيوعا، يليه نزول بعض قطرات الدم الأحمر الفاتح مع نهاية التبرز أو ملاحظة الدم على المناديل الورقية، وأعراض اخرى مثل الحكة وبعض الافرازات.
مضاعفات البواسير
قد يتسبب نزيف البواسير المتكرر بفقر الدم أو الأنيميا، الأمر الذي يتطلب نقل الدم للمريض .
كما أن احتباس بواسير الدرجة الرابعة خارج الشرج لفترة طويلة يؤدي الى تورمها وانقطاع التروية الدموية عنها، مما يؤدي الى تقرحات والام شديدة. وقد تتخثر البواسير الخارجية مسببة انتفاخ أزرق داكن مؤلم جدا
كيفية تشخيص البواسير
يعتمد التشخيص بشكل رئيسي على تقييم المريض سريريا في العيادة عن طريق أخذ السيرة المريضة بالتفصيل والاستماع الى شكوى المريض، يتبعها الفحص السريري بالمنظار الشرجي. ولا نحتاج عادة الى صور شعاعية او فحوصات مخبرية لتأكيد التشخيص.
يتم فحص المريض بعد استلقائه على جانبه الأيسر وثني مفصل الورك بحيث تتحرك الركبتان باتجاه الصدر. يعتبر هذا الفحص فحصا سريعا وغير مؤلم .
علاج البواسير
يعتمد العلاج بشكل كبير على درجة البواسير وشدة الأعراض. ويعتبر العلاج التحفظي أساسيا لترهلات الدرجة الأولى ولكنه غير كافي وحده للدرجات الأخرى.
يشمل العلاج التحفظي علاج الامساك عن طريق الاكثار من شرب الماء و زيادة تناول الأطعمة المحتوية على الألياف مثل الخضار والفاكهة، وزيادة النشاط البدني، بالاضافة الى الملينات بأنواعها والتحاميل المحتوية على تركيبات ستيرويدية والأدوية القابضة للأوردة والتي تعمل على انكماش الباسور وتقليل احتمالية النزف وكميته.
خيارات العلاج للدرجة الثانية والثالثة تشمل:
الربط المطاطي rubber band ligation
الليزر LASER
التردد الحراري Radio-Frequency Ablation (RFA)
ربط الشرايين المغذية للباسور THD, HAL-RAR
تعليق البواسير Mucopexy, mucosuspension
تثبيت البواسير عن طريق استئصال الجزء السفلي من الشرج Hemorrhoidopexy, STARR, PPH
تعد هذه الاجراءات امنة نسبيا و ذات فاعلية كبيرة في علاج البواسير،وما يميزها عن العمليات التقليدية قلة الألم والنزيف والمضاعفات،والقدرة على العودة لممارسة النشاطات اليومية بشكل أسرع. وقد تكون سلبيتها الوحيدة هي زيادة التكاليف.
أما بخصوص بواسير الدرجة الرابعة فلا يوجد حل فعال لها سوى الاستئصال التقليدي Hemorrhoidectomy
يعتمد اختيار نوع العملية أو الاجراء الجراحي على عدة عوامل، منها حجم البواسير وعددها وطبيعة الأعراض ورغبة المريض الشخصية، بحيث يعرض عليه الطبيب المختص أنواع الاجراءات الأكثر ملائمة لوضعه والأكثر فاعلية لحالته ثم يختار المريض منها ما يناسبه.
د. رعــد دويـــس
الزمالة الايطالية في جراحة القولون والمستقيم والشرج
ماجستير متقدم في جراحة قاع الحوض – جامعة بيزا
البورد الأردني في الجراحة العامة
الاختصاص العالي في الجراحة العامة – جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية
أستاذ في كلية الطب – جامعة اليرموك
.