ما هواتينغ من حارس ليلي إلى أغنى رجل في الصين

رجال أعمال
30 نوفمبر 2019آخر تحديث : منذ 5 سنوات
ما هواتينغ من حارس ليلي إلى أغنى رجل في الصين

cch2 - مجلة مال واعمال

في الوقت الذي يحتفل فيه تطبيق “الإنستغرام” الشهير بوصول عدد مستخدميه إلى المليار شخص حول العالم، وقيامه بإطلاق خدمة جديدة هي “تلفزيون الإنستغرام”، هناك من سبق ذلك وتوصل إلى هذا الرقم الكبير منذ وقت سابق، وهو تطبيق “وي شات” لمالكه أثرى أثرياء الصين رائد الأعمال في التكنولوجيا ما هواتينغ الذي لا يتوقف عن عمل تكنولوجي محدد، بل يسعى دائما إلى التوسع والخوض في مجالات متعددة، بل أيضا يهتم كثيرا بالابتكار، وهذا يثبته على أرض الواقع من خلال شركته “تينسينت” التي تستحوذ على منتجات ناجحة، ولديها استثمارات واسعة وتقدم في كل عام ابتكارا جديدا في عالم التكنولوجيا، وهذه الشركة هي مالكة التطبيق المستخدم بشكل كبير في دول شرق آسيا “وي شات”.

درس هواتينغ البالغ من العمر 46 عاما هندسة البرمجيات في جامعة شينزين الواقعة في مدينة “كوانغدونغ” في جنوبي الصين، وتخرج منها سنة 1993، ليبدأ العمل فورا في عدة شركات مثل “روكسوان” للاتصالات، وفيها طبق هواتينغ المعلومات النظرية التي درسها بشكل عملي، ونمى خبراته ومعرفته في عالم الاتصالات الذي كان ينمو بشكل متسارع وخصوصا في الصين. وخلال تلك الفترة سافر إلى دول كثيرة للإشراف على إنشاء شركات اتصالات وتقديم مشورته في مجال تخصصه في البرمجيات.

بعد عمله في “روكسوان” لمدة تزيد عن ثلاثة أعوام، جاء الوقت للتقدم والتطور في المجال الوظيفي، فقد استطاع هواتينغ الالتحاق بشركة كبرى في الصين بمجال تطوير الاتصالات، وهناك ترأس قسم البحوث والتطوير الخاص بأنظمة الاتصال عبر الإنترنت.

بالطبع في ذلك الوقت، لم يكن هناك من وجود للتواصل سمعيا أو بصريا عبر الإنترنت، لذلك كان عمل هواتينغ مع فريقه للتأسيس لما وصلنا إليه نحن الآن من قدرات على التواصل المدهش عبر الشبكة العنقودية.

هواتينغ عاصر تطور الهواتف النقالة حتى قبل ظهورها، حيث عمل في قطاع أجهزة “بيجر” وهي الأجهزة الأولى المخصصة للنداء الآلي، وهو الاختراع الذي كان تطوره هو الجوال المتعارف عليه الآن.

رائد التقنيات والاقتصاد الصيني يبقي نفسه مرافقا للتطور الحاصل في عالم التكنولوجيا، لذلك كان سابقا لعصره في نواح عديدة، ويمكن القول إن مشروعه “وي شات” هو الأميز في مسيرته المهنية، حيث كان هواتينغ عرّابه منذ البداية، ورافق تأسيسه وتطويره خطوة بخطوة، وكان بمثابة نبع من المال المتدفق له، وهو من أهم أسباب دخوله في قائمة أثرياء العالم
رائد التقنيات والاقتصاد الصيني يبقي نفسه مرافقا للتطور الحاصل في عالم التكنولوجيا، لذلك كان سابقا لعصره في نواح عديدة، ويمكن القول إن مشروعه “وي شات” هو الأميز في مسيرته المهنية، حيث كان هواتينغ عرّابه منذ البداية، ورافق تأسيسه وتطويره خطوة بخطوة، وكان بمثابة نبع من المال المتدفق له، وهو من أهم أسباب دخوله في قائمة أثرياء العالم
العبقري ومنتصف الليل
عام 1998 كان مرحلة مفصلية في حياة هواتينغ، حينما اجتمع مع أربعة من زملائه في العمل، ليطرح عليهم فكرة تأسيس شركة خاصة بهم، والتخلص من دور “الموظف” الذي يحد من التطور حسب رأيه، طرح عليهم أن تعتمد الشركة بأرباحها من سوق الأسهم الذي كان مزدهرا آنذاك في الصين.

وكأي مشروع ناشئ وجد هواتينغ وزملاؤه صعوبات كبيرة في السنوات الأولى لمرحلة تأسيس شركتهم “تينسينت”، نظرا لقلة الموارد المادية وعدم وجود رأس المال الكافي. تضاعف حجم العمل، وأخذ هواتينغ على عاتقه الكثير من المهام وكان خير قدوة لرفاقه. كان يوصل نهاره بليله في العمل، مقسما وقته لعدة وظائف منها مصمم لموقع الشركة على الإنترنت، ومشاركا بأعمال التسويق، وصولا إلى منتصف الليل، حيث كان يتحول إلى حارس للشركة التي كانت في ذلك الوقت هي مكان العمل والسكن بالنسبة إليه، وكل ذلك في سبيل توفير النفقات للشركة الجديدة الناشئة والتي كان مجال عملها في البداية هو تقديم خدمات البريد الإلكتروني وخدمات الإنترنت.

وكان من أهم أعمال شركة هواتينغ بعد عام من التأسيس، إطلاق خدمة التراسل الفوري عبر الإنترنت، وكانت الأولى من نوعها في الصين وليس في العالم، لأن هناك من سبق ذلك في أميركا بإطلاق الخدمة ذاتها وهو الموقع الأميركي “أول” الذي اتهم هواتينغ بالتقليد وسرقة الفكرة، لكنه لم يهتم بذلك الاتهام ومضى قدما بخدمته التي حققت لشركته “تينسينت” قيمة سوقية عالية نظرا لاشتراك 5 ملايين شخص في الصين بالخدمة في العام الأول من إطلاقها.

تعاقد هواتينغ، بعدها، مع شركات الاتصالات في الصين لتقديم خدمة أخرى كانت رائجة جدا في بداية الألفية الجديدة وهي النغمات الصوتية للهواتف المتنقلة، التي حققت هي الأخرى أرباحا كبيرة لهواتينغ وجعلته يطور من إمكانيات “تينسينت” وعقد شراكات لتقديم منتجات مبتكرة ترضي رغبة العميل الصيني للعديد من شركات الكمبيوترات والجوالات.

التوسع بلا حدود
أهم أعمال شركة هواتينغ بعد عام واحد من تأسيسها، إطلاق خدمة التراسل الفوري عبر الإنترنت، وكانت الأولى من نوعها في الصين وليس في العالم، لأن هناك من سبقه في أميركا بإطلاق الخدمة ذاتها من خلال الموقع الأميركي “أول” الذي اتهم هواتينغ بالتقليد وسرقة الفكرة
أهم أعمال شركة هواتينغ بعد عام واحد من تأسيسها، إطلاق خدمة التراسل الفوري عبر الإنترنت، وكانت الأولى من نوعها في الصين وليس في العالم، لأن هناك من سبقه في أميركا بإطلاق الخدمة ذاتها من خلال الموقع الأميركي “أول” الذي اتهم هواتينغ بالتقليد وسرقة الفكرة
طرح هواتينغ أسهم شركته للاكتتاب العام في بورصة هونغ كونغ، أملا منه في التوسع أكثر في الأعمال، والحصول على المال للانطلاق بمشاريع كبيرة في مجال الألعاب الإلكترونية، وبالفعل استطاع تحقيق النمو بنسبة 60 بالمئة، وأصبح جاهزا لأي مشروع مهما كانت تكلفته المادية.

في كل الأوقات كان هواتينغ مرافقا للتطور الحاصل في عالم التكنولوجيا، وسابقا لعصره أيضا في نواح محددة، ويمكن القول إن مشروعه “وي شات” هو الأميز في مسيرته المهنية، حيث كان هواتينغ عرّابه منذ البداية، ورافق تأسيسه وتطويره خطوة بخطوة، وكان بمثابة نبع من المال المتدفق له، وهو من أهم أسباب دخوله في قائمة أثرياء العالم.

“وي شات” برنامج تواصل اجتماعي للمراسلة الحرة، كان إصداره الأول في عام 2011 وتم تطوير التطبيق مرات عدة، وبحلول عام 2016 أصبح أحد أكبر برامج المراسلة انتشارا من حيث المستخدمين النشطين، واعتبر واحدا من أقوى التطبيقات في العالم، كما كان سباقا لتوفير العديد من وسائل التواصل الفورية منها الدردشة النصية مع مجموعة متنوعة من الرموز التعبيرية والملصقات بالإضافة إلى الرسائل الصوتية.

يدعم “وي شات” الأشخاص الذين يرغبون في تسجيل حساباتهم كرسمية، والتي تمكنهم من التفاعل مع المشتركين وتزويدهم بالخدمات، موفرا ثلاثة أنواع من الحسابات الرسمية، هي حساب خدمة، حساب اشتراك وحساب مؤسسة.

ولا تقتصر خدمات “وي شات” على الرسائل فحسب، بل توفر أيضا شبكة تربط بين محركات البحث والتواصل الاجتماعي ومنصات الدفع الإلكتروني، وفي أوقات كثيرة كان التطبيق منافسا قويا لـ”واتساب” على الأقل في دول شرق آسيا.

“صراع العشائر” لعبة الملايين
هواتينغ يشغل منصب نائب مدير كونغرس الشعب المحلي، وهو موقع مرتبط بالحزب الشيوعي الحاكم بالصين، لكنه اختار أن يكون مفيدا للشعب أكثر من إرضاء نرجسيته السياسية
هواتينغ يشغل منصب نائب مدير كونغرس الشعب المحلي، وهو موقع مرتبط بالحزب الشيوعي الحاكم بالصين، لكنه اختار أن يكون مفيدا للشعب أكثر من إرضاء نرجسيته السياسية
تعاقد ما هواتينغ مع شركة “سوبر سل” المالكة للعبة “صراع العشائر” الشهيرة وذلك لتطويرها سنويا وتقديم برمجيات محدثة لتبقى رائجة في سوق الألعاب الإلكترونية على خلاف الكثير من الألعاب التي شهدت رواجا واختفت في ما بعد لانعدام التطور والابتكار.

هواتينغ جعل اللعبة تنطلق عالميا ويزداد عدد مستخدميها وتدخل إلى مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى الجانب المادي نجح في خلق مصدر للربح هام جدا ومتسارع النمو بالنسبة لشركته “تينسينت”، وهذا ما جعله يخوض أكثر في مجال الألعاب، حيث قدمت شركته لعبة قتالية شهيرة أيضا وهي “شرف الملوك” التي أرضت كثيرا شغف محبي الألعاب الإلكترونية، واستطاعت أن تكون في المرتبة الأولى لسنوات طويلة على الأقل في الصين.

وتشير تقارير اقتصادية في الصين إلى أن هواتينغ جنى أكثر من 10 مليارات دولار فقط من دخوله مجال الألعاب الإلكترونية، لتزداد ثروته بشكل كبير ومتنام العام تلو الآخر.

الصحافة الصينية أطلقت لقب المهر على هواتينغ، وذلك نسبة لاسم عائلته “بوني” التي تعني بالإنكليزية “المهر”، وهذا يعني أن رائد الأعمال الصيني هواتينغ يمتلك سرعة فائقة وقدرة على النمو والابتكار والتوسع، مقارنة بأصحاب الأموال في الصين، فقد تقدم عليهم جميعا وتربع على قائمة أغنياء الصين، مقارعا رجل الأعمال الصيني الشهير جاك ما مؤسس ومالك الموقع التسويقي الشهير “علي بابا”، حيث منذ خمسة أعوام وهما يتبادلان الأدوار باعتلاء عرش أثرى رجال الصين.

ولكن ومما لا شك فيه، فإن أوجه اختلاف كثيرة تبرز ما بين شخصيتي هواتينغ وجاك ما، فالأول يتصف بالحياء والخجل والابتعاد عن الأضواء، ومن النادر ظهوره بالمقابلات التلفزيونية أو الصحافية على عكس الثاني الذي يعشق الشهرة والأضواء والمشاركة في مؤتمرات عالمية، وكثيرا ما يتصف بكونه اجتماعيا ويشارك بالعديد من المقابلات الصحافية متحدثا الإنكليزية بطلاقة، لكن هواتينغ يملك أيضا أسبابا للتبجّح بالأخص مؤخرا، عندما تجاوزت قيمة شركته السوقية حاجز الـ500 مليار دولار، لتكون الشركة الصينية الأولى المحققة لهذا الرقم القياسي.

عمل هواتينغ بمنصب نائب مدير كونغرس الشعب المحلي، وهو حدث مرتبط بالحزب الشيوعي الحاكم بالصين، لكنه اختار أن يكون مفيدا للشعب أكثر من إرضاء نرجسيته السياسية، وهي التي نراها في الكثير من رجال الأعمال الناجحين حول العالم، وحبهم للدخول في معترك السياسة ونيل المناصب الكبيرة في دولهم، وأشهرهم الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي سعى طوال مسيرته المهنية للوصول إلى منصبه الرئاسي، وجند ثروته من أجل ذلك، لكن هواتينغ استغل منصبه لخدمة الفقراء، وهو الذي قطع وعدا منذ عامين بالتبرع بأكثر من ملياري دولار، على دفعات لعدد من القضايا الاجتماعية في الصين، من بينها الرعاية الصحية والتعليم، وهو الآن يحقق ذلك من خلال مؤسسته الخيرية.

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.