مجلة مال واعمال

ما سر هروب تريليون دولار من بريطانيا ؟

-

رغم أن انفصال المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي لم يتم حتى الآن، إلا أن آثاره السلبية بدأت في الظهور على قطاع الخدمات المالية، حيث حولت البنوك والشركات المالية الأخرى ما لا يقل عن 800 مليار جنيه إسترليني، (تريليون دولار تقريبا)، من أصولها إلى دول أخرى في الاتحاد الأوروبي بسبب خروج بريطانيا حسب تقرير لإيرنست آند يونج الإثنين.

وأسست العديد من البنوك مكاتب جديدة لها في أماكن أخرى من دول الاتحاد الأوروبي، لحماية عملياتها الإقليمية بعد قرار بريطانيا بالانسحاب من الاتحاد، وهو ما يعني أنه يتعين عليها أيضًا نقل أصول ضخمه لتوافق قوانين الاتحاد الأوروبي، وتنقل شركات أخرى أصولها لحماية العملاء من تقلبات السوق.

وقالت إيرنست آند يونج، إن الرقم يمثل حوالي 10٪ من إجمالي أصول القطاع المصرفي في المملكة المتحدة، وهو ما يعتبر “تقديرًا متحفظًا” لأن بعض البنوك لم تكشف بعد عن خططها.

وقال عمر علي رئيس الخدمات المالية في إيرنيست آند يونج: “أرقامنا تعكس فقط التحركات التي أعلنت، ونعلم أنه من وراء الكواليس، تستمر الشركات في التخطيط لسيناريو الانفصال بدون صفقة”.

وتضمن تقرير إيرنست آند يونج 222 مؤسسة من أكبر المؤسسات المالية البريطانية، ومن المقرر أن تغادر بريطانيا الاتحاد الأوروبي خلال 81 يومًا فقط، ولازالت رئيسة الوزراء، تيريزا ماي، بحاجة لكسب تأييد البرلمان البريطاني لاتفاق الانفصال الذي أبرمته مع أعضاء الاتحاد الأوروبي.

ومن المقرر أن يصوت البرلمان على الاتفاقية الأسبوع المقبل، وإذا صوت النواب ضد الاتفاق، سوف ترتفع احتمالية انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بدون صفقة، وقال بنك إنجلترا إن تداعيات هذا السيناريو ستكون أسوأ من الأزمة المالية في 2008.

وبالنسبة للمؤسسات المالية، سيكون خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق بمثابة “كابوس”، حيث ستتوقف اتفاقيات البلاد، وستتعرض البنوك لحالة من الفراغ القانوني، مما يعني أنها لن تكون قادرة على الاستمرار في القيام ببعض أعمالها.

وقال الاتحاد الأوروبي، إنه سيطبق بعض الخطوات لتجنب الانهيار التام، لكن خطته للطوارئ ليست سوى حل قصير الأجل، يهدف إلى حماية مصالحه الخاصة، وأضاف عمر علي: “شركات الخدمات المالية ليس أمامها خيار سوى الاستمرار في الاستعداد على الإنسحاب دون اتفاق”.

وأوضح تقرير إيرنست آند يونج، أن الشركات التي تتابعها وظفت بالفعل نحو 2000، في بلدان أخرى من الاتحاد الأوروبي بعد بريكست، وقام كل من دويتشه بنك، وجولدنمان ساكس، وسيتي بنك بنقل أجزاء من أعمالهم خارج المملكة المتحدة، وكانت دبلن ولكسمبورج وفرانكفورت وباريس أكثر الوجهات إقبالا.

وشكلت لندن العاصمة المالية لأوروبا بلا منازع منذ عقود، وتعد موطناً للمقر الدولي لعشرات البنوك العالمية، ويعمل بقطاع الخدمات المالية نحو 2.2 مليون شخص في جميع أنحاء البلاد، ويساهم القطاع بنسبة 12.5٪ من الناتج المحلي الإجمالي، كما يدر دخلاً ضريبياً قدره 72 مليار جنيه إسترليني (100 مليار دولار) سنوياً، وفقاً لشركة مدينة لندن.

ويعانى الاقتصاد البريطاني بالفعل من تداعيات”بريكست”، حيث ارتفع التضخم وانخفضت ثقة المستهلك، مما أضر بقطاع التجزئة في البلاد.

وانخفض الاستثمار التجاري بشكل كبير، بعد أن أوقفت الشركات خططها التوسعية بسبب عدم اليقين، وحذرت الشركات الصناعية، بما في ذلك إيرباص، من أنها قد تضطر إلى ترك المملكة المتحدة، إذا لم يتم التوصل لاتفاق “بريكست”.