تستفيد شركة مايكروسوفت من التكنولوجيا التي توفرها الغواصات، وتعمل مع رواد الطاقة البحرية من أجل تنفيذ المرحلة الثانية من عملية تطوير مراكز بيانات تحت سطح الأرض ذات اكتفاء ذاتي يمكنها تقديم خدمات سحابة سريعة إلى المدن الساحلية، مع توفيرها اتصالًا بالإنترنت لسنوات، حيث قامت الشركة اليوم بإرسال نموذج تجريبي لمركز بيانات بحجم حاوية شحن إلى أعماق البحر الاسكتلندي قبالة سواحل جزيرة أوركني، وذلك كجزء من جهود البحث الشاملة لجعل الإنترنت أكثر صداقة للبيئة عبر مشروع ناتيك.
وكانت عملاقة البرمجيات قد بدأت العمل على مشروع ناتيك Project Natick في عام 2013، وذلك بعد أن جذب اقتراح إنشاء مركز بيانات تحت الماء انتباه كبار المسؤولين في شركة مايكروسوفت، مما أدى لاحقًا إلى إنشاء نموذج أولي تم تجميعه في المحيط الهادئ قبالة ساحل كاليفورنيا في شهر أغسطس/آب 2015، حيث كانت الكبسولة، المسماة “ليونا فيلبوت” Leona Philpott على اسم شخصية من لعبة هالو Halo، بقياس 10×7 أقدام، وتواجدت تحت الماء على عمق 30 قدم لمدة خمسة أشهر.
وعملت مايكروسوفت على سحب وشحن هذه الكبسولة إلى ريدموند لتحليلها في نهاية عام 2015، وتحديد ما إذا كان بإمكانها توفير الطاقة عن طريق تبريد هذه المراكز في البحر، حيث عادةً ما تولد مراكز البيانات الكثير من الحرارة، ويحاول كبار المزودين نقلها إلى البلدان الأكثر برودة لتوفير فواتير الطاقة.
ويهدف مشروع ناتيك إلى فهم فوائد وجدوى وضع مراكز بيانات في قاع البحر، حيث تشكل مراكز البيانات العمود الفقري للإنترنت، ومع نمو الطلب على موارد مراكز البيانات عبر صناعة الحوسبة بشكل كبير، فإن الشركة تحتاج إلى حل لتخزين البيانات التي توفر السرعة التي يتوقعها الناس والحلول الأكثر استدامة بيئيًا، ويمكن لهذا المشروع أن يفتح آفاقًا واسعة لمراكز البيانات الجديدة التي يمكن نشرها بسرعة وبتكلفة زهيدة مع زيادة سرعة البيانات على طول المناطق الساحلية.
ويعتبر الغرض من وضع مركز البيانات تحت الماء هو خفض تكلفة الطاقة اللازمة لتبريد الخوادم، مع اختيار جزيرة أوركني Orkney Island كموقع بسبب انخفاض درجات حرارة البحر نسبيًا وتبعًا لكونها موطنًا لريادة أبحاث الطاقة المتجددة، على أن يجري إمداد مركز البيانات بالطاقة والكهرباء اللازمة من خلال التوربينات العاملة بواسطة المد والجزر ومحولات الطاقة المعتمدة على الأمواج، بحيث أن هذه الطاقة المولدة كافية لتشغيل عدة آلاف من أجهزة الحاسب الشخصية الاستهلاكية الراقية.
وقال بول ويلهاوس Paul Wheelhouse، وزير الطاقة الاسكتلندي “وفقا للبيئة التي توفرها سياساتنا الداعمة وسلسلة التوريد الماهرة ومواردنا وخبراتنا في الطاقة المتجددة، فإن اسكتلندا هي المكان المثالي للاستثمار في مشاريع مثل هذه، حيث أن مشروع مايكروسوفت يساعد على تعزيز مكانة اسكتلندا كدولة رائدة من حيث دعمها للأفكار والابتكارات الجديدة التي ستشكل المستقبل”.
وأوضح بين كاتلر Ben Cutler، الذي يرأس مشروع ناتيك “إنها نوع من التجارب المجنونة”، ويضيف أنه يمكن نشر مثل هذه المراكز المستقبلية في أقل من 90 يومًا، وفي حال نجاح مايكروسوفت في تجاربها، فإنها تتجه إلى وضع المزيد من مراكز البيانات في المسطحات المائية بالقرب من المدن الساحلية من أجل تحسين الوصول إلى الإنترنت للأشخاص الذين يعيشون بالقرب من الساحل.
ويشتمل مركز البيانات هذا على 864 خادمًا ومساحة تخزين تصل إلى 27.6 بيتابايت، بحيث تعتبر مساحة التخزين هذه كافية لحوالي 5 ملايين فيلم، ويعد أحد أكبر التحديات للمهندسين المشاركين في مشروع ناتيك هو بناء مركز بيانات لا يحتاج إلى صيانة أثناء التشغيل، حيث في حال حدوث أي مشكلة ينبغي إخراج المركز من تحت سطح البحر لإصلاحه، وأشارت مايكروسوفت إلى أنها ستعمل على مراقبة مركز بيانات أوركني خلال الاثني عشر شهرًا القادمة للحكم على الجدوى المستقبلية للمشروع.