في ثلاثينات القرن الماضي، استطاع عدد قليل من الشركات توفير الهواء البارد داخل مقصورة السيارة، وذلك عن طريق إضافة مبرّدات ضخمة لتلطيف الهواء.
وكان ذلك يتم بناء على طلب خاص من العميل ويتطلّب تعديلات ضخمة في السيارة من حيث توفير المساحة والطاقة الكهربائية اللازميتن له.
جاء الحدث الأكبر في 4 نوفمبر/تشرين الثاني من عام 1939، عندما أُقيم معرض السيارات الأربعون بمدينة شيكاغو الأميركية، وفيه كشفت شركة السيارات الفارهة “باكارد موتور كار” النقاب عن سيارتها الجديدة.
وقد شكّلت “موتور كار” ثورة في عالم السيارات؛ إذ كانت أول سيارة يأتي بها وحدة تكييف هواء من ضمن مكوناتها الأساسية ويعمل بنظامي التدفئة والتبريد، وكان من صنع “Bishop and Babcock B&B”، وسمّي وقتها “ملطف الجو”.
عمل التكييف وكيفية تشغيله
ومن الأمور الغريبة، التي صاحبت هذا التكييف، أنه كان يشْغل أكثر من نصف حقيبة السيارة خلف المقعد الخلفي. وكان الهواء البارد يصل إلى مقصورة الركاب من خلال القنوات التي ركبت بين المقاعد والنوافذ الخلفية.
ولتشغيل نظام التكييف، يفتح السائق غطاء مقدمة السيارة (البونيت/ الكبوت)، ويوصل “السير” المتصل بضاغط تكييف الهواء، والعكس عند إيقاف تشغيله؛ إذ يضطر السائق إلى إيقاف السيارة وإيقاف المحرك، ومن ثم فتح غطاء مقدمة السيارة وفصل “السير” المتصل بضاغط تكييف الهواء.
يتطلب تركيب وحدة التكييف زيارة مصنع ثانٍ للتثبيت بسبب اتصال وحدة التكييف بالمحرك.
وكان الهواء البارد يستمر في الخروج مع أي حركة، لعدم احتوائها على منظم للحرارة ذاتي (ثرموستات) وهذا كان من أبرز عيوبها، وتم التغلب عليه عن طريق التحكم اليدوي بإيقاف المروحة.
تكلفة تركيب التكييف
أتاحت باكارد تركيب هذا التكييف في السيارة بشكل اختياري مقابل 274 دولاراً، في الوقت الذي كان متوسط الدخل السنوي للمواطن الأميركي 1.368 دولار.
وعلى الرغم من ذلك، جاءت الرياح بما لا تشتهيه الشركة؛ إذ لم يُقبل الكثيرون عليه، رغم ضمان شركة باكارد عملية تركيب وحدة التكييف، ويفسر البعض ذلك ببدء الحرب العالمية الثانية في عام 1941 التي اضطرت الشركة إلى وقف إنتاج هذه السيارة.
كيف قدمت الصحف السيارة للجمهور؟
قُدِّمت هذه السيارة للجمهور في الصحافة، ليس فقط كسيارة من أجل الراحة؛ بل أيضاً من أجل الخصوصية، فقد أصبح بمقدورك أن تصل لوجهتك دون فتح نوافذ السيارة واستقبال الضوضاء من الخارج، مع الحصول على هواء منعش ومصفّىً بغض النظر عن حرارة الصيف أو برودة الشتاء.
وبعد خروج أول سيارة مكيفة للنور، استشرف مصنعو السيارات المستقبل، وتوقعوا أن يصبح التكييف أساسياً ضمن مكونات سيارة المستقبل الأساسية، وهي نبوءة أثبتت صحتها اليوم.
بداية شركة باكارد ووضعها الحالي
تأسست شركة باكارد الأميركية لتصنيع السيارات الفارهة بديترويت في ميتشيغان بالولايات المتحدة الأميركية عام 1899، وظلت “باكارد” السيارة المفضلة لدى الكثير من رؤساء الدول ونجوم السينما وقتها.
ورغم عراقتها، ما زالت “باكارد” محتفظة بنفسها كاسم معروف ومحبوب عالمياً كآخر السيارات الكلاسيكية الفاخرة التي عرفها العالم.
ووفق الموقع الرسمي للشركة، فإن أول سيارة أنتجتها الشركة كانت عام 1900، وآخر إنتاج للشركة كان عام 19555، وهو الذي تم تعديله في سيارة جديدة سميت “باكارد تويلف موديل 1999” بمحرك مصنوع من الألومنيوم ونظام دفع رباعي، وبيعت في مزاد في ميشيغان عام 2014.
ويقع حالياً مقر الشركة في ولاية أريزونا الأميركية، ومديرها وممثلها الحالي هو المهندس روي جيلكسون، الذي يعرض علامتها التجارية “باكارد” للبيع في الوقت الراهن و يطلب التواصل معه شخصياً عبر الايميل لأجل هذا الأمر.
المصدر : https://wp.me/p70vFa-h4n