تحتل مصر قائمة الدول الأكثر استيرادا للقمح في العالم ولسبع سنوات متصلة بكميات وصلت إلي10.5 مليون طن سنويا من إجمالي إستهلاكنا البالغ15 مليون طن. بمعدل175 كجم للفرد. هذه الكمية من استهلاك الفرد للقمح ليست.
هي الأعلي عالميا كما يدعي مسئولونا كعادتهم في تحميل المواطنين كل أخطاء إدارتهم للدولة حيث يبلغ استهلاك المواطن للقمح في المغرب220 كجم, ومن المعروف أنه كلما زاد الفقر وانخفضت مستويات المعيشة يزداد استهلاك الحبوب بمختلف أنواعها.. ولأن استهلاك الخبز نمط استهلاك مصري فإن استهلاك المواطن من الأرز في مصر لا يتجاوز50 كجم للفرد والمتوسط العالمي70, ولا يجد المواطن المصري شكرا علي ذلك ولكن فقط يتلقي اللوم الدائم عن استهلاك للقمح..
وللقمح سبعة مناشئ رئيسية نستورد منها وهي أمريكا وكندا وأستراليا وروسيا وفرنسا والأرجنتين وأكرانيا وينضم إليها بين الحين والآخر إنجلترا وكازاخستان ورومانيا والمجر ولكن في سنوات متباعدة. وللقمح الأمريكي ثلاث درجات للجودة عادة ما تستخدم درجتا الأولي والثانية في تصنيع الخبز والمخبوزات, في حين يقسم القمح الروسي إلي خمس درجات تستأثر روسيا بالدرجتين الأولي والثانية وأحيانا الثالثة لاستهلاك شعبها وتصدر أقماح الدرجات من الثالثة حتي الخامسة…!
تدني مستويات قمح الدرجات الثانية والثالثة هو الذي يدفع هيئة السلع التموينية لاستيراد كميات موازية كبيرة من أقماح غالية الثمن مثل القمح الصلد عالي العرق في العجين وهو المخصص لإنتاج المكرونة ومعه أيضا كميات أخري من القمح الأبيض وذلك لخلطهما مع الكميات الأكبر من أقماح الدرجة الثانية بهدف التغلب علي رداءة أصنافه وسيولتها ولتحسين مواصفات الرغيف.. كما نلجأ أيضا إلي خلط القمح المستورد بالقمح المصري عالي الجودة لتحسين مواصفات المستورد علي حساب المصري, لذلك كان قرار وزير التموين بحتمية الخلط مناصفة بين المصري والمستورد.. العلاج البسيط والسهل بدلا من الشكوي من التبديل والخلط ورداءة المواصفات هو التحول إلي استيراد أقماح الدرجة الأولي فقط والذي يستحقه الشعب المصري في زمن كرامة المصريين أولا, والتكاليف ستكون متساوية لما ننفقه فعليا في استيراد أقماح الدرجة الثانية ومعها الكميات الكبيرة من الأقماح المرتفعة الثمن الهارد والأبيض, وبالتالي سيكون متوسط الأسعار مساويا لأسعار استيراد أقماح الدرجة الأولي؟..
الأمر الأغرب في استيراد القمح والذي حاولت جاهدا تغييره ووجدت تمسكا غير مبرر به هو أن جميع مناقصات الشراء للقمح تكون بأسعار مواني الدول المصدرة فيما يعرف باسم( فوبfoB), بعيدا عن مسافة النقل إلينا وتكاليفها. ولتوضيح ذلك فيمكن لمورد القمح الأرجنتيني مثلا أن يعطي سعرا لمناقصة تصدير القمح إلينا تقل دولارين عن سعر القمح الفرنسي أو الأسترالي فترسي المناقصة رسميا عليه متناسين أن نقل الطن من الأرجنتين إلي مصر يستغرق28 يوما إبحارا وبسعر30 دولارا للطن, في حين يتكلف القمح الفرنسي أو الإسترالي عشرة دولارات فقط للشحن إلي مصر وفي مدة أقل من عشرة أيام إبحارا, وبذلك النظام الغبي نكون قد تكبدنا20 دولارا للطن زيادة في استيراد كل طن من القمح الأرجنتيني في الشحن مقابل تخفيض في سعر المناقصة مقداره دولاران فقط مع زمن أطول في الإبحار لا يضمن لنا مخزونا إستراتيجيا سريعا, فهل تحتاج منظومة استيراد القمح من الخارج وزراعته أيضا إلي إعادة نظر سريعة تقديرا للمواطن المصري؟؟..
المصدر : https://wp.me/p70vFa-1rs